صحف إسرائيلية تحذر من حرب أهلية وتحول إسرائيل لدكتاتورية
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
استحوذ قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار على اهتمامات العديد من الكتاب والمحللين السياسيين والعسكريين في الصحف الإسرائيلية.
واعتبرت المقالات بمجموعها أن هذا القرار الذي سيعرض على الحكومة، إذا لم تنجح الالتماسات القضائية في وقفه، قد يتسبب في انقسامات داخلية وصفها البعض منهم بالحرب الأهلية، وسيعزز قبضة نتنياهو على الحكومة وأجهزتها، وقد أطلقوا تحذيرات من تحوّل إسرائيل إلى دكتاتورية.
المحلل العسكري المعروف ناحوم برنياع خلص في مقاله في صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن المواجهة بين نتنياهو وبار تقربنا من نوع من الحرب الأهلية.
ويقول برنياع في مطلع مقاله "المجتمع الإسرائيلي، من جنود الاحتياط على حدود غزة إلى قضاة المحكمة العليا والمعلقين الإعلاميين، منقسم في ظل النظام الحالي إلى مجموعتين: أولئك المقتنعون بأننا نعيش في عالم الحياة الطبيعية، كل شيء حدث بالفعل، وكل جنون له سابقة، وأولئك المقتنعون بأن نتنياهو وعصابته المحيطة به قد كسروا كل الأدوات. من الواضح أن رونين بار ينتمي إلى الفريق الثاني".
ويضيف "رونين بار رجل مثير للإعجاب، يتمتع بقدرات غير عادية. ربما كانت إسرائيل ستستفيد لو كان رئيسا للوزراء ولكن سعي نتنياهو لإقالته أطلق صراعا خطيرا يقربنا من نوع من الحرب الأهلية، في الوقت الحالي من دون سلاح، ولكننا وصلنا إلى مرحلة فقدان الثقة والعصيان في الأجهزة الأمنية".
إعلانوشكك برنياع في نجاح التمييز الذي اتخذه رئيس الشاباك بين ما أسماه المملكة (إسرائيل) والملك (رئيس الوزراء)، وقال إنه "في حالة الشاباك فإن هذا التمييز إشكالي لأن دور المنظمة هو حماية المملكة والملك والملكة والأمير".
وبينما تحدث عن اتساع الفجوة مؤخرا بين نتنياهو الذي يؤمن بوجود الدولة العميقة التي تتآمر عليه، وبار الذي بذل جهودا للترويج لصفقة تبادل الأسرى حتى تم استبعاده من فريق التفاوض، يرجح أن ينتهي النزاع بينهما بتعيين رئيس جديد للشاباك، معتبرا أن نتنياهو يريد أن يكرر تجربة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تكريس الولاء لشخصه في إسرائيل.
وختم المحلل العسكري مقاله بأن الإقالات اللاحقة لرئيس الشاباك ستكون بحق المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا ثم قاضي المحكمة العليا إسحاق عميت.
وقال "رئيس الوزراء فقد مكابحه وسيحكمنا كما يشاء، وستتبعه حكومة فاشلة".
نتنياهو يبني دكتاتوريةوبينما يشير بن كسبيت الكاتب السياسي البارز في مقاله بصحيفة معاريف إلى الدور الذي لعبه الوزير إيتمار بن غفير الذي رحب بقرار إقالة رونين بار، يؤكد أن القرار جاء بعد توترات طويلة الأمد مع نتنياهو على خلفية معارضة الشاباك لسياسة الحكومة، بما في ذلك التعامل مع العنف الذي يرتكبه المستوطنون في الضفة، والمخاوف من تداعيات ذلك على الأمن القومي لإسرائيل.
وسلط الضوء على تصريحات بن غفير عقب القرار، التي قال فيها "إن اليمين يجب أن يتعلم من الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب للقضاء على الدولة العميقة، والتصرف كديمقراطية، واستعادة ثقة الجمهور في الهيئات الأمنية والقضائية في دولة إسرائيل، وإن المدعي العام غالي بهاراف ميارا في خضم عملية عزل".
ولكن الكاتب، شن هجوما عنيفا على نتنياهو في مقال آخر بالصحيفة، محذرا من أن تصرفات نتنياهو ستحوّل إسرائيل إلى دكتاتورية.
إعلانوقال "الرجل في حالة شراهة. البصيرة التي عاد بها من زيارته الأخيرة للولايات المتحدة هي أنه مهما كان ما يفعله دونالد ترامب، يمكنه أن يفعل ما هو أفضل منه، فقد انفجر في اجتماع للمجلس الوزاري السياسي والأمني. وبدلا من الحديث عن الرهائن المحتجزين في أنفاق حماس، وعن الصفقة التي تعثرت ولا يتم تنفيذها، ألقى لهم "خطاب ولاء" مهامه بسيطة: أي شخص ليس مواليا شخصيا لنتنياهو لن يكون في الحكومة".
ويعلق على ذلك بالقول "هذه هي المرحلة الأخيرة في تحويل إسرائيل، التي كانت ذات يوم ديمقراطية برلمانية غربية، إلى دكتاتورية شرق أوسطية مظلمة، الولاء فيها للملك وليس للمملكة، ومن لا يقسم باسم الزوجة والابن والروح القدس يطير إلى الريح. الأمر بهذه البساطة".
ويضيف إن "نتنياهو قوّض كل الهيئات والمؤسسات والرموز الأخرى للمملكة الإسرائيلية المنهارة، ورغم أن مسؤوليته عن 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023) واضحة ومطلقة كرئيس للوزراء، فإنه لا يعتذر ولا يحني رأسه وغير مستعد للذهاب إلى الناخبين، كما يفعل أي زعيم آخر في العالم بعد مثل هذا الحدث، وهو غير مستعد لتشكيل لجنة تحقيق حكومية بأي تكوين من شأنه أن يتضمن كلمة قضاة".
ويمضي الكاتب في هجومه على نتنياهو، ويصفه بأنه "وحيد القرن في متجر خزف"، ويقول "نتنياهو لم يكن عاجزا لفترة طويلة فحسب، بل هو أم كل العاجزين. في جوهره، نتنياهو يشن هجوما مناعيا ذاتيا على البلد الذي يدعي أنه يرأسه، وذلك كجهاز مناعي يهاجم نفسه وسيتسبب قريبا جدا في انهيار الجسم".
ويختم بن كسبيت مقاله بدعوة الشارع الإسرائيلي للخروج للاحتجاج ضد حكومة نتنياهو، ويعتبر أن هذه الحكومة ليس لها شرعية أخلاقية، ويقول "لن تكون لدينا فرصة أخرى لإنقاذ هذا البلد. نحن في أيام مصيرية لا مثيل لها".
سيحرق البلاد
ويسير يوسي فيرتر الكاتب الشهير ومحلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس على خطى الكاتب بن كسبيت ليشنّ هجوما عنيفا على نتنياهو، ويحذر من أن نتنياهو يقود إسرائيل نحو الدكتاتورية التي ستحرق البلاد.
إعلانيقول فيرتر "لقد تمت كتابة إقالة رونين بار على الحائط بأحرف كبيرة، وذلك على وجه التحديد لأن ولاءه هو للدولة وقوانينها، وليس لرعيته. كل من يقف في طريق رئيس الوزراء نحو السلطة المطلقة، ويتجرأ على إظهار الاستقلال والحنكة السياسية والشجاعة، يتم إبعاده عن الطريق".
ويضيف "الديمقراطية وأمن الدولة وقوتها الوطنية ومستقبل الصهيونية في خطر لأن الحكومة اليوم يرأسها شخص فاسد ومفسد، مستهتر ومتهور، خطير، لم يتعلم الدروس من هجوم 7 أكتوبر، بل على العكس من ذلك شنّ هجومه على حراس البوابة، الذين يمنعونه من تحويل إسرائيل إلى دولة استبدادية ملكية قومية".
وعن تبرير نتنياهو إقالة رئيس الشاباك بانعدام الثقة فيه، يقول فيرتر "المشكلة ليست في الثقة، بل في الولاء. بار حارس البوابة، وبالتالي فإن ولاءه للدولة وقوانينها. وفي هذه الأيام، حيث يخيم الظلام الدامس على إسرائيل، تتعارض مصالح "الدولة" مع مصالح نتنياهو الشخصية، وكل من يقف في طريقه نحو السلطة المطلقة، وكل من يجرؤ على إظهار الاستقلالية وإقامة الدولة والشجاعة يُستبعد من الطريق: يوآف غالانت، وهرتسي هاليفي، والآن بار أيضًا. والمستشارة القانونية لرئيس الوزراء غالي بهاراف ميارا هي التالية، حيث ستناقش الحكومة يوم الأحد تصويتًا على سحب الثقة منها، كما يتجاهل الوزراء بازدراء رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت، لأن نتنياهو يريد أن يحدد من سيشارك في تعيين لجنة التحقيق الحكومية".
ولا ينسى الكاتب دعوة الجماهير والمؤسسات الأمنية للتحرك، ويقول "يجب على رؤساء المؤسسة الدفاعية خلال العقدين الماضيين أن يقولوا أيضا ما لم يقولوه حتى الآن، ويجب على الجمهور أن ينزل إلى الشوارع بأعداد كبيرة"، ويضيف "عندما يسقط الحصن في النهاية سوف ينظر الناس إلى الوراء ويندمون على عدم التصرف. هذا إنذار حقيقي. فشلت حماس وحزب الله في إخضاع دولة إسرائيل بفضل الجيش والشين بيت والموساد. نتنياهو يريد إكمال عملهم من الداخل. خطره أكبر من خطر الأعداء من الخارج".
إعلان محاولة السيطرة على الشاباكمن ناحيته يرى المحلل العسكري لصحيفة هآرتس أن نتنياهو يحاول من خلال قرار إقالة بار السيطرة على الشاباك من خلال تعيين شخص آخر مكانه موال له، ويعتبر أن مستقبل الديمقراطية في إسرائيل يعتمد على مكتب النائب العام والمحكمة العليا اللذين بيدهما وقف القرار، ويعتمد على صحوة الرأي العام.
ويقول هرئيل "بعد مرور ما يقرب من عام ونصف العام على هجوم 7 أكتوبر، لا يزال بنيامين نتنياهو على قيد الحياة. ولم يكتف بالنجاة فحسب، بل إنه أقال وزير الدفاع يوآف غالانت، في حين استقال رئيس الأركان هرتسي هاليفي بسببه، ويعتزم الآن أن يضم أيضا رئيس جهاز الشاباك رونين بار إلى القائمة".
ويرى المحلل العسكري أن نتنياهو يتصرف كما لو أنه لم يعد لديه ما يخسره من خلال تصعيد الصراع إلى حد الفوضى بما يخدم مصالحه، حيث سيتغلب قريبا على عقبة كبيرة في طريق إقرار الموازنة العامة للدولة قبل نهاية الشهر، معتبرا أن التصعيد ضد المؤسسة الأمنية وجهاز القضاء يصب في صالح شركائه في الصهيونية الدينية والحريديم.
وحسب هرئيل، فإن نتنياهو لن يكتفي بإبعاد بار عن طريقه، فإذا أدرك أن فرص نجاحه جيدة، فمن المرجح أن يحاول تنصيب شخص موال له في مكانه سوف ينفذ حرفيا جميع تعليمات رئيس الوزراء بغض النظر عن صحتها القانونية.
ويقول "إذا نجح نتنياهو في إقالة بار الآن فسوف يكون أقرب إلى الاستيلاء الكامل والخطير على جهاز الأمن العام (الشاباك)".
ولا يعول التقرير على نجاح دعوات قادة المعارضة والحركات الاحتجاجية للخروج والتظاهر ضد إقالة بار، لأنها -حسب قوله- لم تجتذب الحشود إلى الشوارع الليلة الماضية، ولكنه يعول في المقابل على الالتماسات من محامين وعسكريين سابقين إلى المحكمة العليا، مطالبين بمنع الإقالات.
ورغم أن جميع استطلاعات الرأي تشير إلى دعم شعبي واسع النطاق لاستقالة نتنياهو وإجراء الانتخابات المبكرة وتشكيل لجنة تحقيق حكومية، فإن هرئيل يرى أن رئيس الوزراء مصمم وغير مقيد بما يكفي لمحاولة إحباط كل التحركات ضده، فقد أبقاه صبره وحنكته في السلطة حتى يومنا هذا، على النقيض تماما من معظم التوقعات بعد 7 أكتوبر.
إعلانويختم مقاله بالقول "ويظل المجتمع الإسرائيلي يغلي كالضفدع في القدر، مستوى بعد الآخر. وبحلول الوقت الذي تستيقظ فيه، قد يكون نتنياهو قد استكمل تحركاته للسيطرة على السلطة، وحينها سيكون من الممكن الحديث عن الديمقراطية هنا في زمن الماضي".
مملكة نتنياهوونختم بمقال المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" آفي أشكنازي الذي قال إن قرار إقالة بار هو "خطوة على طريق تغيير طابع دولة إسرائيل وبناء الدكتاتورية الإسرائيلية".
وفيما يدعو جميع رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية إلى تقديم استقالاتهم لفشلهم في 7 أكتوبر، إلا أنه يقول "لا يمكن أن يكون رئيس الوزراء فوق كل شيء، وإنه لن يكون ملزما بتقديم تفسيرات، وإنه سيمنع تحقيقا حقيقيا من قبل لجنة تحقيق تحقّق بعمق في أكبر كارثة في تاريخ البلاد".
ويضيف "في بلد متحضر، كان على رئيس الوزراء أن يحل الحكومة، ويعيد تقديم نفسه للانتخابات أمام الجمهور، وإنشاء لجنة تحقيق حكومية، دون حيل ودوران. القرارات الأخيرة تقود إسرائيل إلى انقلاب بطبيعته الحكومية والمؤسسية، ويعرض حرية المواطنين الإسرائيليين للخطر، ويعرض حرية التعبير للخطر، ويجعل إسرائيل مكانا أقل جودة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان المحکمة العلیا المحلل العسکری رئیس الوزراء إسرائیل إلى أن نتنیاهو لجنة تحقیق رونین بار إقالة بار
إقرأ أيضاً:
5 أسئلة تشرح الأزمة بين نتنياهو ورئيس الشاباك
احتدمت الخلافات في الفترة الأخيرة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، إلى أن وصلت بقرار من رئيس الوزراء بإقالة رئيس الشاباك، مما أحدث هزة سياسية جديدة في الداخل الإسرائيلي.
وأعلن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي -مساء الأحد- أن نتنياهو التقى رئيس الشاباك رونين بار، وأبلغه بأنه سيطرح على الحكومة قرار إقالته، في حين أرجع نتنياهو قرار الإقالة إلى "انعدام ثقة مستمر ببار ازداد مع مرور الوقت".
من جانبه رفض رئيس الشاباك قرار الاستقالة واتهم نتنياهو بالفشل والإخفاق.
فكيف سينعكس ذلك على المشهد السياسي والأمني في إسرائيل بعد أن تواترت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض؟ وكيف تصاعدت الخلافات بين الطرفين؟
ما أسباب الخلافات بين نتنياهو وبار؟
احتدمت الخلافات في الفترة الأخيرة بين نتنياهو وبار، وخاصة بعدما انتقد رئيس الوزراء نتائج تحقيق أجراه الجهاز بشأن أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، معتبرا أنها "لا تجيب عن الأسئلة".
وأقر الشاباك الثلاثاء الماضي بفشله في تقييم قدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وألمح إلى مسؤولية نتنياهو عن "رسم سياسة فاشلة على مر السنين".
إعلانوبعد ذلك وجّه نتنياهو اتهاما -خلال مقابلة تلفزيونية- إلى رئيس الشاباك الحالي رونين بار والرئيس السابق للجهاز نداف أرغمان بمحاولة ابتزازه، وذلك بعدما قال الأخير إنه في حال انتهاك رئيس الوزراء للقانون سينشر "كل ما يعرفه".
وأصدر بار بيانا للرد على نتنياهو، جاء فيه أن "هذه اتهامات خطيرة ضد رئيس مؤسسة أمنية رسمية في إسرائيل".
وأضاف بيان للشاباك أن رئيس الجهاز رونين بار يكرس جل وقته للأمن وإعادة الأسرى والدفاع عن الديمقراطية، على حد وصفه.
وقد نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن الرئيس السابق لجهاز الشاباك أرغمان قوله إنه "إذا عمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد القانون سأكشف كل ما أعرفه".
في حين رفض نتنياهو ما وصفها بـ"التهديدات الإجرامية بأسلوب المافيا" وقال إنه سيفعل كل ما هو ضروري لضمان أمن مواطني إسرائيل.
ورد نتنياهو على أرغمان قائلا "لم يسبق بتاريخ إسرائيل أن هدد رئيس سابق لجهاز أمني رئيس وزراء في منصبه وابتزه على الهواء مباشرة".
وأضاف "هذه جريمة تضاف إلى حملة كاملة من الابتزاز والتهديد يقودها رئيس الشاباك الحالي"، معتبرا أن "الهدف الوحيد هو منعي من اتخاذ القرارات اللازمة لإصلاح جهاز الشاباك بعد فشله الذريع في 7 أكتوبر".
لماذا يرفض رئيس الشاباك الإقالة؟
وضع بار، شروطا لإنهاء خدماته مع تمسكه برفض الاستقالة، واتهم نتنياهو بالفشل والإخفاق.
وقال بار إنه سيبقى على رأس عمله إلى أن ينجز مهمة إعادة جميع الأسرى، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق مع جميع الأطراف، بما في ذلك السياسية والحكومية ورئيس الوزراء، واعتبرها ضرورة لأمن الجمهور.
وأضاف "إن مسؤوليتي الوطنية هي الدافع وراء قراري بالاستمرار في منصبي خلال الفترة القريبة، وذلك نظرا لاحتمال التصعيد، والتوتر الأمني الشديد، والإمكانية الواقعية لاستئناف القتال في قطاع غزة، حيث يلعب الشاباك دورا محوريا".
إعلانوأوضح بار أن إقالته ليست بسبب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأن التحقيقات بشأنها كشفت أن سياسات الحكومة خلال العام الماضي لها دور أساسي في الإخفاق، معتبرا أن طلبات نتنياهو بالولاء الشخصي تتناقض مع القانون والمصلحة العامة للدولة.
وقال إن من حق الجمهور معرفة ما الذي أدى إلى انهيار مفهوم الأمن في دولة إسرائيل، وأضاف أن التحقيق كشف عن تجاهل متعمد وطويل الأمد من المستوى السياسي لتحذيرات جهاز الشاباك.
هل من صلاحيات نتنياهو إقالة رئيس الشاباك؟
قالت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية غالي بهاراف ميارا في رسالة إلى رئيس الوزراء "لا يمكنك إقالة رئيس الشاباك رونين بارمن دون رأي قانوني منها"، وطالبت نتنياهو باطلاعها على قرار الإقالة قبل دخوله حيز التنفيذ.
وأشارت إلى أن أي قرار من هذا النوع يجب أن يخضع لمراجعة قانونية مسبقة.
وأكدت بهراف ميارا لصحيفة يديعوت أحرنوت، أن إقالة رئيس الشاباك تمثل سابقة خطيرة، وتنطوي على مخاطر قانونية، وقد تكون غير قانونية وتنطوي على تضارب في المصالح.
وأكد نائب المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية غيل ليمون، للصحيفة ذاتها، أن نتنياهو لا يستطيع إنهاء ولاية رئيس الشاباك قبل استيفاء الإجراءات القانونية المناسبة.
وشدد ليمون، على أن أي قرار من هذا النوع يجب أن يمر أولا بمراجعة قانونية حكومية قبل تقديمه إلى الحكومة للمصادقة عليه، وهو ما لم يحدث بعد.
وأشار إلى أن صلاحية إقالة رئيس الشاباك تعود إلى الحكومة بأكملها وليس إلى رئيس الوزراء وحده.
وشدد ليمون، على أن أي قرار إداري من هذا النوع يجب أن يكون مدعوما بأسباب موضوعية واضحة، تستند إلى حقائق راسخة، وخالية من أي دوافع سياسية أو شخصية.
كيف سينعكس ذلك على المشهد السياسي والأمني في إسرائيل؟
حذر محللون إسرائيليون، من أن قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقالة رئيس الشاباك ينذر بـحرب أهلية، كما حذروا، وفق وسائل إعلام عبرية، من أن نتنياهو يعمل على تدمير إسرائيل من الداخل، ويحولها إلى "دولة ديكتاتورية".
إعلانومساء الأحد، تظاهر عشرات الإسرائيليين وسط مدينة تل أبيب، رفضا لقرار إقالة بار.
وقال المحلل السياسي عماد أبو الحسن للجزيرة نت، إن من الواضح أن نتنياهو يحاول التخلص من خصومه ومعارضيه، ويستغل الأحداث التي جرت في السابع من أكتوبر ليلقي بالمسؤولية الكاملة على الجيش والأجهزة الأمنية.
وأضاف أنه في حال استمر المتظاهرون الرافضون لقرار إقالة رئيس الشاباك بالخروج إلى الشوارع بأعداد كبيرة، فإن ذلك قد يشكل ضغطا حقيقيا على نتنياهو ويضطر للعدول عن قراره، أو التوصل إلى حل وسطي بينه وبين بار.
وقال المحلل بصحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم بارنياع، إن المجتمع الإسرائيلي -من جنود الاحتياط على حدود غزة إلى قضاة المحكمة العليا والمعلقين الإعلاميين- منقسم في ظل النظام الحالي إلى مجموعتين.
وأوضح أن المجموعتين هما: "المقتنعون بأننا نعيش في عالم الحياة الطبيعية، كل شيء حدث بالفعل وكل جنون له سابقة، والمقتنعون بأن نتنياهو والعصابة المحيطة به كسروا كل الأدوات، ومن الواضح أن رونين بار ينتمي إلى الفريق الثاني"
واستدرك محذرا "لكن المواجهة بينهما خطيرة، وتقربنا من نوع من الحرب الأهلية حتى الآن بلا أسلحة، ولكننا وصلنا بالفعل إلى مرحلة فقدان الثقة والعصيان في الأجهزة الأمنية".
أما المحلل بصحيفة هآرتس الإسرائيلية يوسي فيرتر، فيقول إن نتنياهو يدمر إسرائيل من الداخل، ويتصرف بلا مسؤولية ويتخلى عن مواطنيه، ويُعرّض الديمقراطية والأمن القومي ومستقبل الصهيونية للخطر على حد تعبيره.
بدوره اعتبر المحلل العسكري بصحيفة معاريف آفي أشكنازي، أن "إسرائيل في طريقها لتصبح مملكة نتنياهو"، مضيفا أن "إقالة رئيس الشاباك قرار آخر في بناء الديكتاتورية الإسرائيلية"
وأضاف أن نتنياهو وحكومته ليسوا أقل مسؤولية عن فشل 7 أكتوبر من يوآف غالانت وهرتسي هاليفي وبار ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أهارون حلوة وقائد القيادة الجنوبية يارون فينكلمان وغيرهم كثيرون في المؤسسة الأمنية.
إعلان
من يؤيد ومن يعارض؟
رحب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير بقرار رئيس الحكومة إقالة بار، مضيفا "هذا ما كنت أطالب به منذ مدة طويلة".
كما اعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن استبدال بار "خطوة ضرورية وكان الأفضل له أن يتحمل المسؤولية عن خطأ رهيب أدى إلى أكبر كارثة في تاريخ إسرائيل، ويستقيل قبل أكثر من عام".
في المقابل، اعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد أن طريقة نتنياهو "المخزية" في إقالة رئيس الشاباك تشير إلى فقدانه السيطرة على أعصابه وانهيار القيم، وأن الإقالة في هذا الوقت "غير مسؤولة وتدل على عدم الاهتمام بمصير الرهائن". وأضاف أنه سيتم الطعن أمام المحكمة العليا في قرار إقالة بار.
وقال عضو مجلس الحرب السابق بيني غانتس إن إقالة رئيس الشاباك "انتهاك مباشر لأمن الدولة وتفكيك للوحدة في المجتمع الإسرائيلي لأسباب سياسية وشخصية".
في حين، قال رئيس حزب الديمقراطيين يائير غولان "حذرت منذ 9 سنوات من أن إسرائيل تنحدر نحو الدكتاتورية، الحكومة تريد أن تمنح نفسها الحق في فعل ما تشاء بناء على أوامر شخص فاسد، و نتنياهو يظن أنه حاكم أعلى يفعل ما يشاء".
كما عارض منتدى قطاع الأعمال ورؤساء كبريات الشركات الإسرائيلية إقالة رئيس الشاباك، وقال إن "آخر ما نحتاجه الآن معركة داخلية يقيل فيها نتنياهو رئيس الشاباك في ظل تضارب مصالح خطير".