لماذا يُسارع الأغنياء لمغادرة بريطانيا؟
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
لندن – على مدى عقود، ظلت بريطانيا وجهة مفضلة لأثرياء العالم، مستفيدة من نظام ضريبي يمنح المقيمين امتيازات تعفيهم من دفع الضرائب على أموالهم في الخارج، لكن مع اقتراب إلغاء هذا الامتياز، بدأ العديد منهم بحزم حقائبهم، ونقل رؤوس أموالهم إلى دول أخرى توفر أنظمة ضريبية أكثر مرونة.
مؤخرا، أقر البرلمان البريطاني قانونا يقضي بالتفكيك النهائي لنظام الإقامة الضريبية المعمول به منذ أكثر من 200 عام، وتعتزم حكومة حزب العمال إلغاءه اعتبارا من السادس من أبريل/نيسان المقبل، معتبرة أن هذا النظام يكرّس "الظلم الضريبي" لصالح الأثرياء.
لكن هذه الخطوة أثارت مخاوف في الأوساط الاقتصادية من انعكاساتها المحتملة على جاذبية بريطانيا الاستثمارية، خاصة أن القرار قد يحرم الخزانة العامة من إيرادات ضريبية مهمة، في وقت تسعى فيه البلاد إلى التعافي الاقتصادي.
ما نظام الإقامة الضريبية؟يسمح نظام الإقامة الضريبية للمقيمين في بريطانيا بالإعلان أن محل إقامتهم الدائم خارج البلاد، ما يعفيهم من دفع الضرائب على مداخيلهم الخارجية، بما في ذلك ضريبة الميراث على أصولهم في الخارج، مع الاكتفاء بدفع الضرائب على الأموال التي يتم جنيها داخل بريطانيا فقط.
هذا النظام، الذي يعود تاريخه لأكثر من قرنين، خضع لتعديلات عدة وكان مثار جدل بين الحكومات المتعاقبة، وقد ساهم في تعزيز الروابط بين النخبة الثرية البريطانية ومستعمراتها السابقة، كما شجّع العائلات الثرية على الاستقرار في بريطانيا مستفيدة من الإعفاءات الضريبية على ثرواتها الخارجية.
بعد عقود من العمل بهذا النظام، جاء قرار إلغائه ضمن خطة أعلنها وزير الخزانة السابق في حكومة حزب المحافظين جيرمي هانت، في مارس/آذار الماضي، ووفقا لهذه الخطة، سيُمنح الوافدون الجدد من الأثرياء إعفاء ضريبيا لمدة 4 سنوات على أرباحهم الأجنبية، قبل أن يبدأوا بدفع الضرائب على جميع مداخيلهم، سواء داخل بريطانيا أو خارجها، مثل أي مواطن عادي.
إعلانورغم أن حزب العمال تبنّى هذه الخطة، فإنه تعهّد خلال حملته الانتخابية بتطبيقها بشكل أكثر صرامة وتسريع تنفيذها، وبعد وصوله إلى السلطة في يوليو/تموز الماضي، أعلن عزمه إلغاء النظام دون تأخير، في خطوة وصفها بأنها إصلاح لـ"الفوضى الاقتصادية"، التي خلّفتها سياسات المحافظين خلال 14 عاما في الحكم.
وتؤكد الحكومة أنها تسعى إلى عدم المساس بالضرائب المفروضة على الطبقة الوسطى والعمال، مفضّلة تحميل الأثرياء نصيبهم العادل من العبء الضريبي عبر إنهاء ما تعتبره "تهربا ضريبيا" استمر لعقود.
كيف سيؤثر القرار على هجرة الأثرياء؟الإصرار على تطبيق الخطة بوتيرة سريعة زاد من المخاوف بشأن نزوح الأثرياء من بريطانيا إلى دول مجاورة توفر أنظمة ضريبية أقل تشددا، مثل فرنسا وإيطاليا واليونان وإسبانيا، مما قد يهدد مكانة بريطانيا كمركز مالي عالمي.
ووفقا لهيئة الإيرادات والجمارك البريطانية، استفاد نحو 74 ألف شخص من هذا النظام الضريبي بين عامي 2022 و2023، معظمهم من دول أوروبا الغربية والهند والولايات المتحدة، وتشير البيانات إلى تزايد أعداد المنتفعين القادمين من الصين ودول الاتحاد السوفياتي السابقة، حيث يستقر أغلبهم في لندن وضواحيها.
وتكشف صحيفة فايننشال تايمز أن عدد الأثرياء المغادرين لبريطانيا قد يصل إلى 10 آلاف و800 شخص في عام 2024، وهو ضعف العدد المسجّل في 2023، وتشير الصحيفة إلى أن الإيرادات الضريبية التي ستُفقد نتيجة هذا النزوح تعادل الضرائب المقتطعة من نصف مليون مواطن بريطاني من ذوي الدخل العادي، ما يثير قلق صُناع القرار.
وتظهر دراسة لمعهد آدم سميث أن كل شخص من الأثرياء الذين غادروا بريطانيا العام الماضي كان يفترض أن يدفع نحو 400 ألف جنيه إسترليني (517 ألف دولار) كضرائب سنوية، وهو ما يعادل مساهمة 50 شخصا من ذوي الدخل المتوسط.
إعلان كيف ردت الحكومة على الانتقادات؟وسط التحذيرات من التداعيات السلبية لإلغاء النظام الضريبي، أدخلت وزيرة المالية راشيل ريفز بعض التعديلات على خطتها، وأعلنت خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أن الحكومة ستقدم حوافز ضريبية للراغبين في نقل أصولهم الخارجية إلى بريطانيا، مع فترة انتقالية تمتد من سنتين إلى ثلاث سنوات بعد دخول القانون حيز التنفيذ.
لكن منتقدي السياسات المالية لحزب العمال يعتبرون هذه التعديلات محدودة التأثير، ولا تكفي لمنع نزوح رؤوس الأموال، ويشيرون إلى أن الثروة تغادر البلاد بسرعة في ظل انكماش الاقتصاد البريطاني واستمرار الأزمة الاقتصادية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الضرائب على هذا النظام
إقرأ أيضاً:
المتأخرات الضريبية.. تفاصيل مورد ضخم قادر على تقليص العجز الكلي
كشفت لجنة الخطة والموازنة أن حجم المتأخرات الضريبية وصل إلى 458 مليار جنيه بنسبة 70% من إجمالي مستحقات الدولة لدى الغير.
وأكدت أن تحصيل هذه المتأخرات كفيل بخفض العجز الكلي إلى 47 مليار جنيه بدلاً من 505 مليارات، ما يعكس أهمية تطوير آليات التحصيل الضريبي وتعزيز كفاءة الإدارة المالية.
وأكد الدكتور فخرى الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن صافي الدين العام بلغ 82,1% من إجمالي الناتج الإجمالي، مقارنة بنسبة 85% في العالم المالي السابق عليه مباشرة.
وقال الفقي خلال الجلسة العامة اليوم الأحد خلال عرض الحساب الختامي لموازنة الدولة للعام المالي 2023 /2024، إن ديون الحكومة المستحقة لدى الغير بلغت 659 مليار جنيه، وبلغت المتأخرات الضريبية 458 مليار جنيه، من إجمالي المستحقات الحكومية لدى الغير بنسبة 70%.
تحصيل هذه المتأخرات الضريبيةوأضاف رئيس خطة النواب: “تشير اللجنة إلى أن تحصيل هذه المتأخرات الضريبية، سيؤدي إلى أن ينخفض العجز الكلي للحساب الختامي الى 47 مليار جنيه بدلا من 505 مليارات جنيه”.
وأكد أحمد كجوك وزير المالية:" إنه في العام المالي2023/ 2024 أعدينا الموازنة في ظروف وانتهت في ظروف أخرى، حيث أعدت قبل سعر الصرف وارتفاع التضخم وأمور أخرى في العالم تغيرت خلال العام، ومع ذلك احتراما واهتماما بالمؤشرات المالية أنهينا العام المالي محققين فائض أولي كما استهدفناه فى الموازنة 2.5 % من الناتج المحلي في نهاية العام على الرغم من التحديات".