موقع 24:
2025-03-17@15:21:46 GMT

الأم أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء

تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT

الأم أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء

الأم في الأدب العربي تمثل أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء، ونحن على مشارف احتفالات الوطن العربي بيوم الأم الذي يصادف في 21 مارس (آذار) من كل عام، بهذه المناسبة الجميلة يناقش موقع 24 حضور الأم في الأدب الحديث.

عيون الأمهات حصن الأدباء

ويرى الأدباء أنهم يتامى بالمعنى الاجتماعي والنفسي، ويحتاجون دائماً عيون الأمهات ليحصّنوا ذواتهم، في زمن تتعرّض فيه الذات البشرية للتشويه، وذات المبدع للصراع، أما في الشعر فالأم هي المحرّك الجيني للشعراء.


وعن حضور الأم في الأدب الحديث يقول الناقد والأكاديمي بجامعة الإمارات الدكتور شعبان بدير: "الأم في الأدب العربي تمثل أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء، حيث تجسد الحنان والتضحية والقيم النبيلة، استوحى منها الشعراء والكتاب رمزية عميقة تعبر عن الحب المطلق، والانتماء، والعطاء غير المشروط، ظهرت الأم في الشعر العربي القديم كمصدر للحكمة، بينما في الأدب الحديث أصبحت رمزاً للوطن والانتماء والهوية، ويعد شاعر النيل "حافظ إبراهيم" من أوائل الشعراء الذين ركّزوا على دور الأم في بناء المجتمع، وأبرز من سلطوا الضوء على مكانتها في العصر الحديث، كما في أبياته الخالدة:
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها
أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
واحتلت الأم في ديوان أمير الشعراء "أحمد شوقي" مكانة رفيعة، حيث صورها رمزاً للحب والحنان والتضحية، ففي العديد من قصائده، أشار إلى دورها في التربية وبناء الأجيال، متأثراً برؤيته الإصلاحية للمجتمع، ومن أبرز ما قاله عن الأم:
ولم أر للخلائق من مَحَلّ
يهذّبها كحِضن الأمهات
فيعكس تقديراً كبيراً للأم، مؤكداً أنها الأساس في غرس القيم والأخلاق، وأن تأثيرها يمتد ليشمل صلاح المجتمع كله، وها هو الشاعر التُّونسي "أبو القاسم الشّابي" يرسم صورة مشرقة للأم من خلال توظيف الخيال البديع، إذ يجعل من حضنها "حرماً سماويّ الجمال مقدساً"، فيرتقي بعاطفتها إلى مرتبة القداسة والطهر، يقول:
الأمُ تلثم طفلها وتضمه
 حرمٌ سماويّ الجمال مُقدس
 وبلغت الأم كذلك في شعر "نزار قبّاني" درجة "القدّيسين"، يقول:
صباح الخير يا قدّيستي الحلوه
مضى عامان يا أمي على الولد الذي أبحر
فيصوغ صورة للأم بقدسية مترفعة، حيث يناديها "قدِّيستي الحلوة"، فيضفي عليها طهر الملائكة وصفاء الروح، جاعلاً من حبها ملاذاً سماويّاً لا تبلغه يد النسيان".

ويضيف الدكتور بدير: "تحتل الأم مكانة محورية في العديد من الأعمال الروائية العالمية والعربية، حيث تجسد رمز الحنان، والتضحية، والقوة، وأحياناً المعاناة، ففي الروايات العالمية، نشير إلى أهم عمل روائي احتفى بالأم في صورتها الاستعارية الراقية، وهي رواية "الأم" لمكسيم غوركي التي تصور الأم كرمز للنضال والوعي الثوري، أما في الأدب العربي، تتنوع صورة الأم بين الحنان والتضحية والصراع، ما يعكس عمق دورها الإنساني والاجتماعي في الأدب، كما تجلى في العديد من روايات نجيب محفوظ، مثل "بداية ونهاية"، الذي جسّد دور الأم كركيزة للأسرة رغم المعاناة، وكذلك دور "أمينة" في ثلاثيته التي خلّد فيها الأم المصرية المثالية المعروفة بالصبر والمحافظة على تماسك أسرتها رغم النزعة الاستبدادية لزوجها.
وصور خيري شلبي الأم في رواية "الوتد" في شخصية الحاجة (فاطمة تعلبة)، التي تمثل دعامة صلبة للعائلة، تماماً كما يرمز إليه عنوان الرواية، يصورها الكاتب كأم قوية، متماسكة، وصاحبة سلطة معنوية، حيث تتحكم -بحكمة ودهاء- في شؤون أسرتها، محافظةً على تماسكها في وجه التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي ثلاثية الكاتب الجزائري "محمد ديب"، تتجلى صورة الأم كرمز للمعاناة والصبر والقوة والنضال في مواجهة قسوة الاستعمار والفقر، كذلك هي مصدر الحنان والأمان في عالم مليء بالحرمان.
وهكذا تبقى صورة الأم في الأدب العربي الحديث رمزاً خالداً للحنان والتضحية والصمود، تتجسد في شخصيات تجمع بين العاطفة والقوة، ومع تطور السرد الروائي، أصبحت الأم أكثر حضوراً كفاعل أساسي يعكس تحولات المجتمع، مما يؤكد مكانتها الملهمة في الإبداع الأدبي".

 وفي ذات السياق، يقول الأديب أنور الخطيب: "الأم هي نبض الحياة ولازمة الإبداع، وتكاد لا تخلو رواية أو قصيدة في الأدب الحديث من الأم، لأسباب كثيرة أولها أن أي عمل أدبي – روائي على وجه الدقة- لا يستقيم إلا بوجود شخصية الأم، مباشرة أو رمزاً أو تأويلاً، وثانيها، وهذا جانب سيكولوجي، أن الأدباء يتامى بالمعنى الاجتماعي والنفسي، ويحتاجون دائماً عيون الأمهات ليحصّنوا ذواتهم، في زمن تتعرّض في الذات البشرية للتشويه، وذات المبدع للصراع، أما في الشعر فالأم هي المحرّك الجيني للشعراء، وغالبا ما ينتقل الشعر من الخال وليس العم، وهذا ينطبق عليّ، إضافة إلى ذلك، وفي السياق ذاته، فإن الشاعر يبحث عن أمه في حبيبته، فأي مناجاة أو وصف أو مخاطبة تكون الأم هي المنطلق، وأنا هنا لا أتحدث عن عقدة أوديب".
وعن حضور الأم في أعماله الأدبية، يضيف الخطيب: "لا أختلف كثيراً عن توصيفي السابق وقد أزيد، أجمل قصائدي كانت عن الأم، ولا أحتاج إلى مناسبة لأكتب لها، وكما قلت، المبدعون يتامى وإن كانت الأمهات على قيد الحياة، وأنا كنت يتيما وتضاعف يتمي كأديب وإنسان بعد رحيل أمي، ولا أحد يملأ مكانها:
أمي.. كانت تعدّنا كل يوم مرتين/ مرةً في الصباح وأخرى في المساء/ بعد سبعين عاماً من الهباء/ لم يعد في البيت إلاّ حفنة من هواء/ وصوتها يمشي على عكازتين. أمي أنقذتني أكثر من مرة حين كنت (أعلَقُ) في أثناء كتابتي لرواياتي، أنقذتني في رواية "فتنة كارنيليان" حين كنا نتواصل يومياً لأطمئن عليها خلال حرب 2006 في لبنان، فأصبحتْ عصب الرواية، واستشرتها في النهاية واعتمدت رأيها التي تركتها مفتوحة لحساسية القرار، وأنقذتني مرة ثانية في روايتي الأخيرة "ناي على جسد"، حين استحضرت الأم ووجدت حضورها أكثر من ضروري في الرواية، بمعناها البيولوجي والأسطوري، فهي التي كان الروائي يلجأ إليها كلّما تأزّمت الأحداث وتمرّدت الشخوص، وهي التي كانت تنصت للجميع، بحضورها وغيابها وهذه هي الأم، في الرواية أو الحياة".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ثقافة وفنون فی الأدب العربی الأم هی

إقرأ أيضاً:

بول فون هايس .. لماذا فاز بجائزة نوبل في الأدب؟

يصادف اليوم ذكرى ميلاد الأديب الألماني بول فون هايس (1830-1914) ويعد واحدًا من أبرز الأسماء الأدبية في القرن التاسع عشر، حيث اشتهر بإسهاماته في القصة القصيرة والرواية والشعر والمسرح.

 في عام 1910، حصل على جائزة نوبل في الأدب، ليكون بذلك أول كاتب ألماني ينال هذه الجائزة، وهو تكريم أثار اهتمام الأوساط الأدبية في ذلك الوقت. 

مسيرته الأدبية وأبرز أعماله

بدأ بول فون هايس مسيرته الأدبية ككاتب قصص قصيرة وشاعر، لكنه سرعان ما برز كواحد من رواد القصة القصيرة الحديثة في أوروبا. 

كان ينتمي إلى المدرسة الكلاسيكية الجديدة، حيث تأثر بأدباء مثل غوته وشيلر، وسعى إلى تقديم أدب يجمع بين الجمال الفني والعمق الفكري. 

من أشهر أعماله رواية “آندريا دلفين” (Andrea Delfin)، التي استلهمها من التاريخ الإيطالي، إلى جانب مجموعة كبيرة من القصص القصيرة التي عرفت بأسلوبها الأنيق وتصويرها العاطفي العميق، كما كتب مسرحيات وأعمالًا شعرية أثرت في الأدب الألماني خلال القرن التاسع عشر.

لماذا حصل على جائزة نوبل؟

عندما أعلنت الأكاديمية السويدية فوزه بجائزة نوبل في الأدب عام 1910، جاء في حيثيات الجائزة أنها منحت له “تقديرًا لإبداعه الأدبي المثالي”. فاز فون هايس بالجائزة بسبب:

• إسهاماته في تطوير القصة القصيرة: كان من أوائل الكتاب الذين جعلوا القصة القصيرة فنًا مستقلًا، حيث طور بنيتها السردية وجعلها أكثر تكثيفًا وتأثيرًا.

• أسلوبه الأدبي الراقي: تميزت أعماله بلغة قوية وأسلوب متوازن يجمع بين الدقة اللغوية والوضوح السردي، مما جعله نموذجًا للكتابة الكلاسيكية الجديدة.

• تأثيره على الأدب الألماني: ساعد في نقل الأدب الألماني إلى مرحلة أكثر نضجًا، حيث قدم نصوصًا تعكس القيم الإنسانية والبعد الفلسفي للحياة.

• عمقه الإنساني والفكري: تميزت كتاباته بتناول قضايا الحب، والصراع النفسي، والأخلاق، مع تصوير شخصيات واقعية تعكس تعقيدات النفس البشرية.

تأثير الجائزة على مكانته الأدبية

رغم أن الجائزة عززت مكانة بول فون هايس كأحد كبار الأدباء في عصره، إلا أن تأثيره تراجع في العقود اللاحقة مقارنة بأدباء ألمان آخرين مثل توماس مان أو هيرمان هيسه. 

يعود ذلك جزئيًا إلى تغير الأذواق الأدبية وتحول الاهتمام نحو مدارس أدبية أكثر حداثة مثل الواقعية والحداثة الأدبية، في حين ظل أسلوب فون هايس أقرب إلى النزعة الكلاسيكية


 

مقالات مشابهة

  • على قد الإيد.. أفكار هدايا عيد الأم 2025
  • ما معنى الحديث القدسي إلا الصوم فإنه لي.. وبم اصطفى الله رمضان؟
  • وزير الأوقاف: المرأة المصرية رمز للعطاء والفداء والتضحية
  • وزير الأوقاف: المرأة المصرية رمز للعطاء والتضحية على مستوى الأسرة والمجتمع
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • «التجديف الحديث» يشارك في «الكونغرس العالمي»
  • بول فون هايس .. لماذا فاز بجائزة نوبل في الأدب؟
  • «أحمد عمر هاشم»: حب آل البيت من أصول الإيمان ومصدر للنور والتقوى
  • إفطارهم فى الجنة.. عمر منازع شهيد خلد اسمه فى سماء الشجاعة والتضحية