موقع 24:
2025-04-13@17:22:07 GMT

الأم أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء

تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT

الأم أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء

الأم في الأدب العربي تمثل أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء، ونحن على مشارف احتفالات الوطن العربي بيوم الأم الذي يصادف في 21 مارس (آذار) من كل عام، بهذه المناسبة الجميلة يناقش موقع 24 حضور الأم في الأدب الحديث.

عيون الأمهات حصن الأدباء

ويرى الأدباء أنهم يتامى بالمعنى الاجتماعي والنفسي، ويحتاجون دائماً عيون الأمهات ليحصّنوا ذواتهم، في زمن تتعرّض فيه الذات البشرية للتشويه، وذات المبدع للصراع، أما في الشعر فالأم هي المحرّك الجيني للشعراء.


وعن حضور الأم في الأدب الحديث يقول الناقد والأكاديمي بجامعة الإمارات الدكتور شعبان بدير: "الأم في الأدب العربي تمثل أيقونة الإبداع ومصدر الإلهام للأدباء، حيث تجسد الحنان والتضحية والقيم النبيلة، استوحى منها الشعراء والكتاب رمزية عميقة تعبر عن الحب المطلق، والانتماء، والعطاء غير المشروط، ظهرت الأم في الشعر العربي القديم كمصدر للحكمة، بينما في الأدب الحديث أصبحت رمزاً للوطن والانتماء والهوية، ويعد شاعر النيل "حافظ إبراهيم" من أوائل الشعراء الذين ركّزوا على دور الأم في بناء المجتمع، وأبرز من سلطوا الضوء على مكانتها في العصر الحديث، كما في أبياته الخالدة:
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها
أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
واحتلت الأم في ديوان أمير الشعراء "أحمد شوقي" مكانة رفيعة، حيث صورها رمزاً للحب والحنان والتضحية، ففي العديد من قصائده، أشار إلى دورها في التربية وبناء الأجيال، متأثراً برؤيته الإصلاحية للمجتمع، ومن أبرز ما قاله عن الأم:
ولم أر للخلائق من مَحَلّ
يهذّبها كحِضن الأمهات
فيعكس تقديراً كبيراً للأم، مؤكداً أنها الأساس في غرس القيم والأخلاق، وأن تأثيرها يمتد ليشمل صلاح المجتمع كله، وها هو الشاعر التُّونسي "أبو القاسم الشّابي" يرسم صورة مشرقة للأم من خلال توظيف الخيال البديع، إذ يجعل من حضنها "حرماً سماويّ الجمال مقدساً"، فيرتقي بعاطفتها إلى مرتبة القداسة والطهر، يقول:
الأمُ تلثم طفلها وتضمه
 حرمٌ سماويّ الجمال مُقدس
 وبلغت الأم كذلك في شعر "نزار قبّاني" درجة "القدّيسين"، يقول:
صباح الخير يا قدّيستي الحلوه
مضى عامان يا أمي على الولد الذي أبحر
فيصوغ صورة للأم بقدسية مترفعة، حيث يناديها "قدِّيستي الحلوة"، فيضفي عليها طهر الملائكة وصفاء الروح، جاعلاً من حبها ملاذاً سماويّاً لا تبلغه يد النسيان".

ويضيف الدكتور بدير: "تحتل الأم مكانة محورية في العديد من الأعمال الروائية العالمية والعربية، حيث تجسد رمز الحنان، والتضحية، والقوة، وأحياناً المعاناة، ففي الروايات العالمية، نشير إلى أهم عمل روائي احتفى بالأم في صورتها الاستعارية الراقية، وهي رواية "الأم" لمكسيم غوركي التي تصور الأم كرمز للنضال والوعي الثوري، أما في الأدب العربي، تتنوع صورة الأم بين الحنان والتضحية والصراع، ما يعكس عمق دورها الإنساني والاجتماعي في الأدب، كما تجلى في العديد من روايات نجيب محفوظ، مثل "بداية ونهاية"، الذي جسّد دور الأم كركيزة للأسرة رغم المعاناة، وكذلك دور "أمينة" في ثلاثيته التي خلّد فيها الأم المصرية المثالية المعروفة بالصبر والمحافظة على تماسك أسرتها رغم النزعة الاستبدادية لزوجها.
وصور خيري شلبي الأم في رواية "الوتد" في شخصية الحاجة (فاطمة تعلبة)، التي تمثل دعامة صلبة للعائلة، تماماً كما يرمز إليه عنوان الرواية، يصورها الكاتب كأم قوية، متماسكة، وصاحبة سلطة معنوية، حيث تتحكم -بحكمة ودهاء- في شؤون أسرتها، محافظةً على تماسكها في وجه التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي ثلاثية الكاتب الجزائري "محمد ديب"، تتجلى صورة الأم كرمز للمعاناة والصبر والقوة والنضال في مواجهة قسوة الاستعمار والفقر، كذلك هي مصدر الحنان والأمان في عالم مليء بالحرمان.
وهكذا تبقى صورة الأم في الأدب العربي الحديث رمزاً خالداً للحنان والتضحية والصمود، تتجسد في شخصيات تجمع بين العاطفة والقوة، ومع تطور السرد الروائي، أصبحت الأم أكثر حضوراً كفاعل أساسي يعكس تحولات المجتمع، مما يؤكد مكانتها الملهمة في الإبداع الأدبي".

 وفي ذات السياق، يقول الأديب أنور الخطيب: "الأم هي نبض الحياة ولازمة الإبداع، وتكاد لا تخلو رواية أو قصيدة في الأدب الحديث من الأم، لأسباب كثيرة أولها أن أي عمل أدبي – روائي على وجه الدقة- لا يستقيم إلا بوجود شخصية الأم، مباشرة أو رمزاً أو تأويلاً، وثانيها، وهذا جانب سيكولوجي، أن الأدباء يتامى بالمعنى الاجتماعي والنفسي، ويحتاجون دائماً عيون الأمهات ليحصّنوا ذواتهم، في زمن تتعرّض في الذات البشرية للتشويه، وذات المبدع للصراع، أما في الشعر فالأم هي المحرّك الجيني للشعراء، وغالبا ما ينتقل الشعر من الخال وليس العم، وهذا ينطبق عليّ، إضافة إلى ذلك، وفي السياق ذاته، فإن الشاعر يبحث عن أمه في حبيبته، فأي مناجاة أو وصف أو مخاطبة تكون الأم هي المنطلق، وأنا هنا لا أتحدث عن عقدة أوديب".
وعن حضور الأم في أعماله الأدبية، يضيف الخطيب: "لا أختلف كثيراً عن توصيفي السابق وقد أزيد، أجمل قصائدي كانت عن الأم، ولا أحتاج إلى مناسبة لأكتب لها، وكما قلت، المبدعون يتامى وإن كانت الأمهات على قيد الحياة، وأنا كنت يتيما وتضاعف يتمي كأديب وإنسان بعد رحيل أمي، ولا أحد يملأ مكانها:
أمي.. كانت تعدّنا كل يوم مرتين/ مرةً في الصباح وأخرى في المساء/ بعد سبعين عاماً من الهباء/ لم يعد في البيت إلاّ حفنة من هواء/ وصوتها يمشي على عكازتين. أمي أنقذتني أكثر من مرة حين كنت (أعلَقُ) في أثناء كتابتي لرواياتي، أنقذتني في رواية "فتنة كارنيليان" حين كنا نتواصل يومياً لأطمئن عليها خلال حرب 2006 في لبنان، فأصبحتْ عصب الرواية، واستشرتها في النهاية واعتمدت رأيها التي تركتها مفتوحة لحساسية القرار، وأنقذتني مرة ثانية في روايتي الأخيرة "ناي على جسد"، حين استحضرت الأم ووجدت حضورها أكثر من ضروري في الرواية، بمعناها البيولوجي والأسطوري، فهي التي كان الروائي يلجأ إليها كلّما تأزّمت الأحداث وتمرّدت الشخوص، وهي التي كانت تنصت للجميع، بحضورها وغيابها وهذه هي الأم، في الرواية أو الحياة".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ثقافة وفنون فی الأدب العربی الأم هی

إقرأ أيضاً:

ترجمة مجموعة ليل قصير لإسحاق العجمي إلى اللغة الفارسية في إيران

طهران "العُمانية": صدرت عن دار "عبارت" للطباعة والنشر بالعاصمة الإيرانية طهران الترجمة الفارسية لمجموعة "ليل قصير" الشعرية للشاعر العُماني إسحاق العجمي تحت عنوان "شبی کوتاه".

وترجمت المجموعة الشعرية من نسختها العربية إلى اللغة الفارسية الكاتبة والروائية الإيرانية معصومة تميمي في 118 صفحة، وهو رابع إصدار من الأدب العُماني تقوم بترجمته إلى اللغة الفارسية.

وقالت الكاتبة والروائية الإيرانية معصومة تميمي، في حوار مع وكالة الأنباء العُمانية: إن مجموعة "ليل قصير" لفتت انتباهها منذ القراءة الأولى لما تحمله من عمق شعري ورمزية غنية حيث إن الشاعر إسحاق العجمي يستخدم الليل كرمز للتأملات الوجودية والتقلبات النفسية، ويغوص من خلاله في موضوعات الحب والنوستالجيا والعلاقات الإنسانية بطريقة تمس الروح.

وأضافت أن هذا البعد الإنساني والعالمي في القصائد هو ما دفعها لاختيارها الترجمة إلى الفارسية، حيث إن هذه التجربة الشعرية يمكن أن تلامس القارئ الفارسي أيضاً، وهناك جسراً مشتركاً من الأحاسيس والمعاني بين الثقافتين.

وأكدت على أن الشاعر يتميز في أعماله الأدبية برؤيةٍ فريدةٍ في الكتابة، حيث يعتبرها امتدادًا للماضي وجسرًا يربط الأزمنة، ما يجعلها بلا بداية أو نهاية محددة، كما تعكس كتاباته اهتمامًا بالقضايا الإنسانية المعاصرة، حيث يعبّر عن قلقه تجاه الأحداث العالمية ويطرح تساؤلات حول مفاهيم وقيم العصر الحديث وهذا التوجه يظهر جليًّا في مجموعاته الشعرية مثل "ليل قصير".

وأوضحت أن الفعاليات الثقافية الحديثة في ترجمة الأعمال العُمانية إلى الفارسية تظهر تزايدًا في اهتمام الجمهور الإيراني بالأدب العُماني، بما في ذلك الروايات والشعر، ما يسهم في توسيع دائرة قرّاء الأدب العُماني في إيران ويعزز التفاهم الثقافي بين الشعبين.

جديرٌ بالذكر أن الكاتبة والروائية الإيرانية معصومة تميمي هي أستاذة في جامعة الزهراء بالعاصمة الإيرانية طهران، وقامت بترجمة العديد من أعمال الروائيين العرب إلى اللغة الفارسية، كما قامت بترجمة رواية "تغريبة القافر" لزهران القاسمي و"انعكاس" لشريفة التوبية من الأدب العُماني، وأكدت أنها تعمل على ترجمة رواية "دفاتر فارهو" للكاتبة العُمانية ليلى عبدالله البلوشي.

مقالات مشابهة

  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «17»
  • أحمد سالم: الحديث عن تراجع زيزو كلام سوشيال ميديا..
  • الشركسي: الحديث عن موازنة موحدة هروب من أزمة الشرعية
  • منتخبا القدم واليد يسطران الإبداع في دورة الألعاب الشاطئية الخليجية
  • الأدب في خدمة العقيدة.. كيف وظف جابر قميحة الشعر للدفاع عن الإسلام؟
  • أبرز الكوارث الجوية: خمسة من أكثر حوادث تحطم المروحيات دموية في العصر الحديث
  • محمود حامد يكتب: معًا.. نفتح شبابيك الأمل
  • فيديو.. سقوط مسيرة "مجهولة" بالأردن ومصدر عسكري يتحدث
  • في يومه الثالث.. الأدب الكوردي يستقطب زوار معرض أربيل للكتاب (صور)
  • ترجمة مجموعة ليل قصير لإسحاق العجمي إلى اللغة الفارسية في إيران