قتل نحو 11 شخصا وأصيب آخرون بجروح متفاوتة، إثر قصف تعرض له سوق شعبي أسبوعي في مالي غير بعيد من الحدود الموريتانية، وسط مخاوف من تدهور الأوضاع في المنطقة وموجة نزوح جديدة نحو موريتانيا.

ووقع الهجوم مساء الأحد في سوق محلي يعرف بـ"سوق اجدير" على بعد نحو 55 كيلومتر من مدينة "لرنب" داخل الأراضي المالية، ونحو 70 كيلومتر من مقاطعة انبيكت لحواش شرقي موريتانيا.



وخلف الهجوم نحو 11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا، جميعهم من المدنيين بينهم أطفال، فيما أظهرت صور وفيديوهات التقطتها هواتف بعض السكان المحليين، أشلاء الضحايا متناثرة.

ولا يعرف ما إذا كان الضحايا من جنسيات مالية أم موريتانية، حيث أن السوق يرتاده ماليون وموريتانيون، نظرا لوجوده بمنطقة مالية قريبة من الحدود الموريتانية.



ونقلت وسائل إعلام محلية عن سكان محليون قولهم، إنهم لاحظوا وجود مسيرة تحوم حول المكان مساء أمس، حيث غادر بعضهم السوق، قبل أن تقوم الطائرة المسيرة لاحقا بقصف المكان مما خلف قتلى وجرحى.


من نفذ الهجوم؟
وعلى الرغم من أن الحكومة المالية لم تعلن مسؤولية باماكو عن الهجوم، إلا أن مسيرات الجيش المالي نفذت في الفترة الأخيرة العديد من الهجمات في المنطقة الواقعة في إقليم أزواد المطالب بالانفصال عن الحكومة المركزية في العاصمة باماكو.

كما حملت "جبهة تحرير أزواد" المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي مسؤولية الهجوم، مؤكدة مقتل أكثر من 10 مدنيين وإصابة العشرات في الهجوم.

وقالت الحركة في بيان أرسلت نسخة منه لـ"عربي21" إن الضحايا بينهم نساء وأطفال، وإن المصابين بعضهم في حالات خطرة جدا، ووصفت الهجوم بـ"العمل الوحشي".

واعتبرت الحركة أن هذا الهجوم يمثل "جزءا من سلسلة من الضربات التي تستهدف السكان المدنيين"، مشيرة إلى أنه "في 13 من مارس الجاري استهدفت غارة جوية شاحنتين تحملان ملح الصخور المصدر الوحيد المتبقي للدخل لسكان المنطقة، مما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والإنساني لهذه الفئات السكانية الضعيفة".

وعبرت الحركة عن إدانتها بـ"أشد العبارات للجرائم المرتكبة ضد المدنيين"، داعية المجتمع الدولي إلى "تحمل مسؤولياته في مواجهة هذه الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني".


روسيا في دائرة الاتهام
وزودت روسيا على مدى السنوات الماضية الجيش المالي بمعدات عسكرية متنوعة بينها طائرات مقاتلة وسرب من الطائرات المسيرة، بالإضافة لعتاد عسكري متعددة.

وتتهم الحركات الأزوادية في شمال مالي، الحكومة المركزية في باماكو، بالاستعانة بخدمات مجموعة "فاغنر" الروسية الخاصة المثيرة للجدل، من أجل تنفيذ هجمات بمناطق الشمال المالي الذي تنشط في فيه العديد من التنظيمات المسلحة، فيما تنفي باماكو ذلك وتتحدث عن تعاون قديم بينها وروسيا.

وتتحدث تقارير غربية عن أن مرتزقة فاغنر الروس "يذبحون المدنيين ويحرقون القرى في منطقة شمال مالي،  ويؤججون أزمة لاجئين سريعة النمو".

ونقلت صحيفة واشنطن بوست في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، عن ماليين قولهم: "إن جنود فاغنر يشنون حملة عنف وحشي ضد سكان شمال مالي".

وتشير تقديرات مركز "مواقع النزاع المسلح وبيانات الأحداث" إلى مقتل ما لا يقل عن 925 مدنيا العام الماضي بهجمات شاركت فيها فاغنر، وفق تقرير الصحيفة.

معارك محتدمة
ومنذ نحو سنتين تحتدم المعارك في إقليم أزواد بالشمال المالي، بين الحركات الأزوادية (الطوارق) والجيش المالي مدعوما بقوات فاغنر، ما تسبب في موجة نزوح وصفت بغير المسبوقة نحو الأراضي الموريتانية.

ومن حين لآخر يعلن "الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي" (يضم عدة حركات من الطوارق والقبائل العربية) عن مهاجمة القوات المالية وقتل وإصابة بعض الجنود، فيما يتحدث الجيش المالي عن شن هجمات تستهدف من يصفهم بالمسلحين "الإرهابيين" في المنطقة.

واندلعت المواجهة القوية بين الجيش المالي والحركات الأزوادية، إثر سلسلة من الأحداث والتطورات، من بينها وقف الحكومة المالية العمل باتفاق الجزائر الموقع سنة 2014 ودخولها في تصعيد مع الجبهات الأزوادية، في محاولة منها لفرض سيطرتها على كامل إقليم أزواد ما تسبب في مواجهة مباشرة مع الحركات الأزوادية.

تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2014 استضافت الجزائر محادثات سلام بين الحركات السياسية والعسكرية الأزوادية والحكومة المالية، تـُوجت باتفاق سلام وُقع بالتزامن في مدينتي الجزائر العاصمة وباماكو (عاصمة مالي) يوم 15 أيار/ مايو 2015.

ونص الاتفاق على تخلي الأزواديين عن مطلب الانفصال عن مالي مقابل منحهم حكما ذاتيا موسع الصلاحيات، ودمج مقاتلي هذه الحركات في الجيش الوطني.

ووضع اتفاق الجزائر حدا لمعارك اشتعلت في 2012، إثر إعلان الحركات الأزوادية الاستقلال والانفصال عن مالي، بعد مشاركتها في معارك ضد الجيش الحكومي، وفي آب/ أغسطس عام 2023، أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي إنهاء العمل بهذا الاتفاق.

وقال بيان حينها صادر عن المتحدث باسم الحكومة المالية إن قرار إنهاء الاتفاق يعود إلى "التغير في مواقف بعض الجماعات الموقعة" على الاتفاق، وكذلك "الأعمال العدائية" من جانب الوسيط الرئيسي "الجزائر".


مرحلة جديدة من المواجهة
ويرى المحلل السياسي المتابع للشأن الأفريقي، أحمد محمد فال، أن الهجوم الذي تعرض له سوق شعبي شمال مالي أمس، مؤشر على دخول المواجهة بين الجيش المالي والحركات المسلحة في الشمال مرحلة جديدة.

وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن الجيش المالي كان يتفادى شن هجمات على الأسواق الشعبية التي تكون عادة مزدحمة بالمدنيين، مضيفا أن هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها الأسواق الشعبية.

وتوقع المتحدث أن يشن الجيش المالي خلال الفترة القادمة، المزيد من الضربات التي تستهدف مناطق الشمال المالي بهدف تسريع سيطرته على كامل إقليم أزواد الذي يطالب الطوارق بانفصاله عن مالي والذي يضم عدة مدن أبرزها مدينة تمبكتو التاريخية، بالإضافة إلى مدينتي كيدال وغاو.

وأشار أحمد محمد فال، إلى أن الهجمات على الأسواق الشعبية، ستكون لها انعكاسات كبيرة، مضيفا أن المزيد من اللاجئين الماليين سيتدفقون إلى الأراضي الموريتانية، خصوصا مخيم "امبره" شرقي موريتانيا الذي يستضيف نحو 120 ألف لاجئ مالي.

ويتكون سكان إقليم أزواد المطالب الانفصال من عرقيات الطوارق (هم غالبية السكان) والعرب والفلان والسونغاي. وتبلغ مساحة الإقليم 822 ألف كلم مربع أو ما يقارب الـ66 بالمئة من مساحة مالي الكلية البالغة مليونا و240 ألف كلم مربع.

وشكل الأزواديون سنة 1988 أول جبهة سياسية ذات نشاط عسكري عُرفت باسم "الحركة الشعبية لتحرير أزواد" إذ قادت تمردا عسكريا ضد باماكو سنة 1990، لكنها عانت بعد فترة قصيرة من أزمة داخلية انتهت بتفككها، وتحولها إلى عدة تشكيلات كان من أبرزها "الجبهة الشعبية لتحرير أزواد" و"الجيش الثوري لتحرير أزواد".

ومنذ استقلال مالي عن فرنسا 1960 يطالب سكان هذا الإقليم بالانفصال عن الجنوب المالي. وفي سبيل ذلك دخل الانفصاليون الطوارق منذ تسعينيات القرن الماضي في مواجهة دامية مع الجيش المالي، واستطاعوا في كثير من الأحيان السيطرة على بعض المناطق.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مالي قتلى أزواد الطائرات المسيرة الانفصال قتلى مالي أزواد الانفصال طائرات مسيرة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرکات الأزوادیة الحکومة المالیة الجیش المالی شمال مالی عن مالی إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجيش الأوكراني: روسيا أطلقت 170 مسيرة خلال الليل

عرضت قناة القاهرة الإخبارية خبرا عاجلا يفيد بأن الجيش الأوكراني، قال إن روسيا أطلقت 5 صواريخ باليستية و170 مسيرة خلال الليل.

روسيا تتوعد بمواصلة ضرب أهداف الجيش الأوكراني والمرتزقة الأجانبالجيش الأوكراني: روسيا أطلقت 149 مسيرة الليلة الماضيةالجيش الأوكراني: عملياتنا داخل منطقة كورسك الروسية مستمرةزيلينسكي: 277 أسيرا من الجيش الأوكراني عادوا في أحدث عملية لتبادل أسرى مع روسيا

أكد نائب وزير الاقتصاد الأوكراني، تاراس كاتشكا، أن اتفاقية المعادن المزمع توقيعها مع الولايات المتحدة لا تُعد "ردًا للجميل" مقابل الدعم الأمريكي الذي قُدم لكييف، كما وصفها الرئيس دونالد ترامب في وقت سابق، بل تُعد خطوة استثمارية تهدف إلى تمكين واشنطن من الاستفادة من دورها الدفاعي عبر قنوات اقتصادية، بحسب ما نقل عنه موقع "أكسيوس".

وأوضح كاتشكا أن الاتفاق "استشرافي"، ويقوم على لغة اقتصادية متوازنة تخدم مصالح الطرفين، مشددًا على أنها تتعلق بـ"الاستثمارات والاستثمارات والاستثمارات"، على حد وصفه.

وينص الاتفاق الجديد على إنشاء شراكة اقتصادية مستدامة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، تتيح لواشنطن وصولًا تفضيليًا إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة والنفط والغاز.

وتأتي هذه الخطوة بعد مفاوضات طويلة امتدت لأشهر، شهدت فيها العلاقات بعض التوتر، أبرزها أثناء زيارة الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن في فبراير الماضي، والتي تحولت إلى أزمة حالت دون التوقيع في ذلك الوقت.

وعادت المفاوضات إلى مسارها مجددًا بنص جديد بالكامل، بعد توقف دام لأسابيع.

طباعة شارك الجيش الأوكراني مسيرة روسيا

مقالات مشابهة

  • ملتقى الإعلام المالي يستعرض جهود تعزيز الوعي بالسياسات المالية
  • الحصيلة المالية للثلاثي الأول ..Ooredoo تحقق نتائج ايجابية في أدائها المالي
  • الجيش الأوكراني: روسيا أطلقت 170 مسيرة خلال الليل
  • المالية السورية: المحادثات مع صندوق النقد تمثل لحظة تاريخية لعودة دمشق للمجتمع المالي الدولي
  • جامعة أسيوط تستقبل وفدًا من وزارة المالية لمتابعة تطوير النظام المالي والتحول الرقمي
  • جعجع: لإقرار قانون الانتظام المالي والفجوة المالية في اسرع وقت
  • رئيس وزراء الهند يمنح الجيش حرية التحرك
  • وفد من وزارة المالية يلتقى المحافظ لمتابعة تطوير النظام المالي والتحول الرقمي بمحافظة أسيوط
  • الجيش السوداني: مقتل 41 مدنيا بقصف مدفعي للدعم السريع على الفاشر
  • النائب كنعان اطلع رئيس الجمهورية على نتائج زيارته واشنطن: الإصلاح المالي لا يكتمل دون معالجة الفجوة المالية