واشنطن- تطبيقا لمبدأ "السلام من خلال القوة"، أجمع مسؤولون أميركيون على أن هجمات بلادهم ضد جماعة أنصار الله الحوثيين باليمن تأتي لتحقيق السلام ومعالجة فشل إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وعجزها عن وقف تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر.

وفي حين أن هجمات الحوثيين على السفن لم تستأنف حتى الآن، حتى بعد تعقد سير مفاوضات تمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ذكر الحوثيون الأسبوع الماضي أنهم أسقطوا طائرة دون طيار أميركية من طراز "إم كيو 9 ريبر" فوق البحر الأحمر.

كما ذكر بيان للحوثيين أنهم سيستهدفون أي سفن تنتهك الحظر المفروض على مرور السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر وبحر العرب وباب المندب وخليج عدن حال معاودة إسرائيل لعدوانها على قطاع غزة، وهو ما دفع بالكثير شركات الشحن الدولي عدم إرسال سفنها إلى البحر الأحمر.

ورد مسؤول عسكري أميركي على هذا التطور بالقول إن تعهد الحوثيين باستئناف الهجمات على الملاحة حفز على تجدد العمل العسكري الأميركي ضد الحوثيين.

أهداف ثلاثة

وأشارت تقارير أميركية إلى 3 أهداف سعت إدارة الرئيس دونالد ترامب لتحقيقها من وراء شن موجة من الهجمات الصاروخية والجوية على أهداف متعددة داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.

إعلان

ويمكن تلخيص هذه الأهداف على النحو التالي:

تدمير قاذفات الصواريخ الحوثية التي كانت تتحرك من مناطق جبلية إلى مناطق ساحلية، وهو ما اعتبرته إدارة ترامب استعدادا لشن هجمات جديدة على السفن المارة من مضيق المندب والبحر الأحمر أحد أهم الأهداف العاجلة. استهدفت الهجمات لبعض قيادة جماعة الحوثيين التي اختبأت على مدار أكثر من عام بعد بدء الجماعة هجماتها في البحر الأحمر وإسرائيل. ترسل الضربات رسالة إلى إيران مفادها أنها يمكن أن تكون التالية، واستخدمت إدارة ترامب في هجماتها قوة نيران أكبر مما سبق واستخدمتها إدارة جو بايدن في هجماتها على الحوثيين على مدار العام الماضي. السلام من خلال القوة

وفي حديث لشبكة فوكس، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، إن إدارة ترامب تبعث برسالة واضحة للحوثيين بعدم التساهل أو السماح بشن هجمات على السفن العابرة في البحر الأحمر، محذرا إيران من التدخل في هذا الشأن.

وقال هيغسيث "عاد عصر السلام من خلال القوة، هذه الحملة تدور حول حرية الملاحة واستعادة الردع، في اللحظة التي يقول فيها الحوثيون سنتوقف عن إطلاق النار على سفنكم، سنتوقف عن إطلاق النار على طائراتكم دون طيار، ستنتهي هذه الحملة، لكن حتى ذلك الحين، سيكون الأمر لا هوادة فيه".

وبدوره، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لبرنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي إس"، إنه "خلال الأشهر الـ18 الماضية، ضرب الحوثيون أو هاجموا سفنا بحرية عسكرية أميركية 174 مرة، وهاجموا 145 مرة سفن الشحن التجاري، لذلك، هم مجموعة من عصابات القراصنة لديهم أسلحة دقيقة موجهة مضادة السفن في أحد أهم ممرات الشحن في العالم، هذا لا يمكن له أن يستمر".

سياسة الضغوط القصوى

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، أن "الهجمات على الحوثيين قصد بها أن تكون رسالة إلى إيران أكثر من كونها تهدف لوقف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر".

إعلان

وقال بهجت "لقد توقف الحوثيون عن مهاجمة السفن منذ أن اتفقت حركة حماس وإسرائيل على وقف إطلاق النار، صحيح أنهم هددوا باستئناف الهجمات إذا لم يصمد وقف إطلاق النار، لكن هذا لم يحدث بعد".

ووضع الخبير في الشؤون الإيرانية "الهجمات في إطار التفاعلات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن"، وقال إنه "قبل بضعة أيام، بعث ترامب برسالة إلى المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، ويظهر التردد الإيراني من التفاوض مع واشنطن تحت التهديدات والترهيب، من هنا يبدو أن الهجوم على الحوثيين كان يهدف إلى إظهار أن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام القوة".

وأضاف أنه من غير المرجح أن يردع هذا الهجوم إيران، إلا أنه يبدو أن ترامب يسعى في فترة ما قبل التفاوض، إلى الحصول على بعض النفوذ وإخافة الإيرانيين.

ومن جانبه، قال ترامب إن الضربات كانت أيضا رسالة إلى إيران مفادها أنها بحاجة إلى وقف الدعم لجماعة الحوثيين على الفور.

وكتب ترامب على منصة "تروث سوشيال" (Truth Social) "إذا هددت إيران الولايات المتحدة، ستحملك أميركا المسؤولية الكاملة ولن نكون لطيفين حيال ذلك".

أما خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون في واشنطن باربرا سلافين، فقالت للجزيرة نت إنها تعتبر ما جرى "أكثر من صورة الضغط الأقصى التي يستخدمها ترامب ضد إيران"، مشككة في أن يكون لهذه الهجمات تأثير كبير على الإيرانيين.

وأضافت سلافين أن الحوثيين يقاتلون إلى الأبد وسيستمرون في ذلك، "إذا اعتقد ترامب أن هذا يجعل الولايات المتحدة تبدو قوية، فعليه أن يحاول أن يكون أكثر صرامة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلاف ذلك فالهجمات لا تعد أكثر من محاولة لتشتيت الانتباه بعيدا عن روسيا".

حروب لا تنتهي

يذكر أن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أكد أن بلاده لا تهدف للتورط في حروب لا تنتهي في الشرق الأوسط، وهو ما لم يتوقف ترامب عن تكراره من خلال مهاجمة سجل إدارات البيت الأبيض، الجمهورية والديمقراطية، لتدخلها العسكري في العراق وأفغانستان لما يقرب من الـ20 عاما.

إعلان

وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا قد قصفت في السابق المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن لكن عملية يوم السبت نفذتها الولايات المتحدة وحدها، وكانت هذه أول ضربة على الحوثيين في ظل إدارة ترامب الثانية.

وتتهم واشنطن إيران منذ فترة طويلة بتقديم مساعدات عسكرية للحوثيين وصادرت البحرية الأميركية أجزاء صواريخ إيرانية الصنع وأسلحة أخرى قالت إنها كانت متجهة إلى جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء وشمال البلاد، وهو ما تنفيه إيران.

وجاءت هذه الهجمات بعد أسبوعين من إرسال ترامب رسالة إلى المرشد الأعلى في إيران يعرض فيها مسارا لاستئناف المحادثات الثنائية بين البلدين حول تقدم البرنامج النووي الإيراني، وهو ما ترفضه إيران حتى الآن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الولایات المتحدة فی البحر الأحمر على الحوثیین إطلاق النار إدارة ترامب هجمات على على السفن رسالة إلى من خلال أکثر من وهو ما

إقرأ أيضاً:

اعترافات أمريكية متتالية: ترامب يُقر بتطور الصواريخ اليمنية وقائد البحرية يعلن المأزق في البحر الأحمر

يمانيون../
في مؤشر على تفاقم الأزمة العسكرية والسياسية التي تواجهها الولايات المتحدة في البحر الأحمر، أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفشل العدوان الأمريكي على اليمن، معترفاً بشكل مباشر بتطور القدرات العسكرية اليمنية، وواصفاً ما تصنعه صنعاء من صواريخ بأنه “متقدم ومتقن”.

تصريح ترامب الذي نقلته مجلة نيوزويك الأمريكية جاء في وقت حساس، إذ قال حرفياً: “اليمنيون يصنعون الصواريخ بالفعل، لم يخطر ببال أحد. إنهم يصنعون الصواريخ، وهي متطورة للغاية ومتينة للغاية. إنها تكنولوجيا متطورة وهم أقوياء جداً.”

هذا الاعتراف يُعد تحولاً لافتاً في الخطاب الأمريكي الذي لطالما روج لنجاح الغارات الجوية في تحجيم قدرات صنعاء. لكن الإحاطات السرية المقدمة للبنتاغون كشفت خلاف ذلك، حيث أكدت فشل القوات الأمريكية في تدمير الترسانة اليمنية، وهو ما وضع البيت الأبيض في موقف محرج أمام الداخل الأمريكي وحلفائه الغربيين.

وفي تقرير موسع لصحيفة نيويورك تايمز، نقلت الصحيفة عن مصادر من داخل الكونغرس أن هناك خشية كبيرة من أن تؤدي الحرب في اليمن إلى استنزاف الأسلحة الاستراتيجية الأمريكية، خصوصاً تلك التي كان يُفترض أن تُخصص لردع الصين في منطقة المحيط الهادئ. وقد بدأ البنتاغون فعلياً بإعادة تقييم توزيع ترسانته العسكرية في ظل الحاجة الطارئة لتعزيز الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط لمواجهة تصاعد العمليات اليمنية.

في الوقت نفسه، نُقل عن مسؤولين عسكريين أمريكيين أن نجاح الولايات المتحدة في تدمير الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية محدود جداً، رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على بدء العدوان المباشر ضد اليمن.

أما على صعيد القيادة البحرية، فقد كشفت قناة فوكس نيوز عن تصريحات صادمة لقائد البحرية الأمريكية الذي اعترف بفشل الاستراتيجية المتبعة حتى الآن، قائلاً إن استخدام صواريخ أمريكية باهظة الثمن لاعتراض طائرات مسيرة يمنية زهيدة الكلفة كان “خاطئاً وغير فعال”. وأضاف القائد بأن القوات البحرية تواجه مأزقاً حقيقياً في البحر الأحمر، مشيراً إلى الحاجة لإيجاد حلول دفاعية مبتكرة وأقل كلفة.

وأكد أن استمرار هذا الصراع قد يؤدي إلى نقص حاد في الذخائر، داعياً إلى رفع مستوى الإنتاج العسكري الأمريكي بما يتناسب مع حجم التحديات الجديدة.

هذه التطورات تأتي في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة أزمة داخلية تتعلق بشرعية الحرب على اليمن، لا سيما وأن العدوان تم دون موافقة من الكونغرس، في مخالفة واضحة للدستور الأمريكي. وقد لاقى ذلك انتقادات متزايدة في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، التي رأت في الحرب على اليمن خدمة مباشرة للكيان الصهيوني، خاصة وأن العمليات اليمنية في البحر الأحمر جاءت رداً مباشراً على المجازر الصهيونية المرتكبة بحق المدنيين في غزة.

وتكشف تقارير استخباراتية أمريكية أن الحافز الرئيسي لتصعيد إدارة ترامب ضد اليمن ليس فقط الدفاع عن مصالح الملاحة، بل تلبية لصفقة سياسية سرية مع قادة الكيان الصهيوني، تقضي بدعم ترمب في تعديل الدستور الأمريكي بما يسمح له بخوض الانتخابات الرئاسية مجدداً عام 2028، في مقابل خوض حروب بالوكالة عن الكيان ودعمه عسكرياً بلا حدود.

هذا الانكشاف السياسي والعسكري المتزامن يأتي في ظل تغيرات عميقة يشهدها النظام العالمي، حيث تتزايد الأصوات المطالبة بعالم متعدد الأقطاب، وترتفع كلفة الهيمنة الأمريكية في كل من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وفيما تتحرك الصين وروسيا لبناء تحالفات استراتيجية تضعف من النفوذ الأمريكي، تقف واشنطن اليوم في البحر الأحمر أمام معادلة يمنية جديدة تقلب موازين الردع، وتعيد الاعتبار إلى محور المقاومة في وقت خذل فيه النظام الرسمي العربي القضية الفلسطينية بشكل لم يسبق له مثيل.

وفي مقابل صمت عربي رسمي مخز، تواصل صنعاء تأكيد حضورها الفاعل في معادلة الإقليم، من خلال عمليات نوعية أربكت تحالف العدوان، وفرضت على الأمريكي التفكير مرتين قبل الاستمرار في مغامراته العسكرية، التي قد تكون شرارة النهاية لحلمه الإمبراطوري المتآكل.

هل ترغب أن نرفق مع التقرير فقرة تحليلية عن مستقبل الدور الأمريكي في المنطقة في ضوء هذه الاعترافات؟

قراءة في مستقبل الدور الأمريكي في المنطقة
تعكس الاعترافات الأمريكية الأخيرة من أعلى مستويات السلطة، بدءًا من الرئيس ترامب وصولاً إلى القيادات العسكرية، حالة من التراجع الاستراتيجي الواضح في قدرة واشنطن على فرض هيمنتها التقليدية في المنطقة. فالعجز أمام الصواريخ اليمنية، والتكلفة الباهظة التي تدفعها القوات الأمريكية في البحر الأحمر دون نتائج ملموسة، لا يشير فقط إلى فشل عسكري، بل إلى بداية أفول المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط.

فالمعادلة التي لطالما حكمت المنطقة لعقود، والقائمة على الردع الأمريكي والاحتواء العسكري السريع لأي تهديد لمصالح واشنطن أو حلفائها، تبدو اليوم غير فعّالة أمام فاعلين جدد يصنعون أسلحتهم بأنفسهم، ويخوضون مواجهات مفتوحة بإرادة مستقلة ودافع أخلاقي وإنساني نابع من الانتصار للقضية الفلسطينية.

إن ما يحدث اليوم في البحر الأحمر هو أكثر من مجرد مواجهة عسكرية محدودة، بل هو تعبير صارخ عن انتقال مركز الثقل في معادلة القوة. اليمن، بقواه الوطنية والمستقلة، يفرض واقعًا جديدًا لم تشهده المنطقة منذ عقود، ويبعث برسائل عميقة إلى شعوبها قبل حكامها: أن السيادة لا تُمنح، بل تُنتزع بإرادة المواجهة.

في المقابل، يبدو أن رهان أمريكا على أنظمة عربية تابعة وممولة لم يعد كافيًا لضمان تفوقها. بل إن هذا التبعية المطلقة من قبل بعض الأنظمة الخليجية التي تكفلت بتمويل الحرب على اليمن، لم تُنقذ واشنطن من الورطة، بل عمّقت المأزق الأخلاقي والسياسي الذي تواجهه أمام شعوب العالم.

ومع استمرار العمليات اليمنية وتوسعها، وتزايد السخط الداخلي الأمريكي على كلفة هذه الحروب، فإن المشروع الأمريكي يبدو مهددًا ليس فقط في البحر الأحمر، بل في كامل جغرافيا الهيمنة التقليدية، مما يُنذر بولادة نظام عالمي جديد تتراجع فيه أحادية القطبية لصالح قوى ناشئة تملك قرارها وتحدد أهدافها بعيداً عن الهيمنة الأمريكية الصهيونية.

مقالات مشابهة

  • غارات أميركية عنيفة على مواقع للحوثيين في اليمن
  • ضربات أمريكية جديدة تدك مواقع للحوثيين في الحديدة ومأرب الجوف
  • ينافي المزاعم الامريكية.. ارتفاع حركة سفن الشحن التجاري في البحر الأحمر
  • ترامب يحذر الحوثيين مجددا.. الوقت قد حان للحوثيين للاختباء الآن
  • «سنتكوم»: مزاعم «الحوثيين» بضرب حاملة «ترومان» ادعاءات فارغة
  • اعترافات أمريكية متتالية: ترامب يُقر بتطور الصواريخ اليمنية وقائد البحرية يعلن المأزق في البحر الأحمر
  • حرب اليمن تعمق الانقسام داخل الكونغرس الأمريكي
  • معهد دولي مقره لندن يكشف للحوثيين والعالم حقيقة صواريخ الحوثيين وأين تم صناعتها ؟.
  • واشنطن تكشف حقيقة تعرض حاملة الطائرات الأمريكية ''ترومان'' لهجمات الحوثيين
  • معهد دولي: صواريخ الحوثيين.. هل صنعت باليمن أم إيران؟ (ترجمة خاصة)