بين آمال حكومة الكونغو الديمقراطية في الحصول على من يدعمها في محاربة المتمردين، ورغبة الولايات المتحدة وانفتاحها في الوصول إلى الثروات الأفريقية، برزت للعلن صفقة المعادن التي عرضتها حكومة فيلكس تشيكسدي على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ما صفقة المعادن؟

انتشر الحديث منذ أسابيع حول صفقة معادن مقابل دعم عسكري بين الكونغو الديمقراطية والولايات المتحدة ستمكن الأخيرة من الوصول إلى مواقع المعادن الكونغولية، مقابل المساعدة في دعم أمني يساعد حكومة كينشاسا في إعادة السيطرة على شرق البلاد الغني بالمعادن النادرة والذي تسيطر عليه حركة إم 23 المتمردة.

تسعى حكومة الكونغو للاتفاق مع أميركا لتأمين دعم عسكري لمواجهة المتمردين (رويترز)

وأكد المتحدث باسم الحكومة الكونغولية باتريك مويايا أن بلاده ترغب في تنويع شركائها، وإن كان المستثمرون الأميركيون يرغبون في القدوم فسيجدون فرصا واسعة أمامهم.

من جانبها، قالت الولايات المتحدة إنها منفتحة على مناقشة الشراكات في قطاع المعادن التي تتماشى أهدافها مع سياسية ترامب التي ترفع شعار "أميركا أولا".

ورغم أن المناقشات الأولية قد بدأت بالفعل بين الأطراف منذ أسابيع، فإن  التفاصيل المتعلقة بأهداف الصفقة ومضامينها لا تزال غير معلنة.

ما أهداف الصفقة؟

تعد الكونغو واحدة من أغنى بلدان العالم بمعادن الكولتان والنحاس والليثيوم التي تعتبر أساسية في التقنيات المتطورة للصناعات الدفاعية وتحويل الطاقة.

إعلان

ويعد الوصول إلى هذه المعادن أحد العوامل الرئيسية في استمرار التمرد في شرقي الكونغو الديمقراطية، إذ تقول تقارير الأمم المتحدة إن حركة إم 23 المدعومة من رواندا تفرض ضرائب كبيرة على أنشطة التعدين، وتجني من منجم واحد للكولتان بمنطقة روبايا شمال كيفو رسوما تصل إلى 800 ألف دولار شهريا.

ويتهم المتمردون بنهب المعادن وتهريبها عن طريق رواندا، الأمر الذي بات يدرّ أموالا كثيرة تستخدم في تغذية الصراعات.

منجم النحاس والكوبالت في جنوب الكونغو الديمقراطية (رويترز)

وتهدف الكونغو الديمقراطية من وراء الشراكة مع الولايات المتحدة إلى تأمين مناجم التعدين من النهب المستمر من طرف الحركات المتمردة.

كما تريد وضع حد للفوضى والاقتتال في مناطق الصراع، إذ بات تدهور الأوضاع الأمنية يهدد وحدة الدولة وسلامة أراضيها.

من جانبها، تسعى الولايات المتحدة إلى الاستفادة من الموارد المعدنية الهائلة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ووجود موطئ قدم في أفريقيا، ومزاحمة الصين التي تسيطر على حوالي 80% من عمليات التعدين في الكونغو.

متى بدأ مسار المفاوضات؟

في 22 فبراير/شباط الماضي، أجرى الرئيس الكونغولي فيلكس تشيكسدي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز قال فيها إنه عرض على الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا حصة من الثروة المعدنية الهائلة في بلاده مقابل التدخل والضغط على دولة رواندا التي تقف وراء المتمردين.

وقال تشيكسدي إن إدارة ترامب أبدت اهتماما بالحصول على صفقة يمكن أن تضمن لها تدفقا من المعادن الإستراتيجية والثمينة في جمهورية الكونغو.

رئيس الكونغو فيليكس تشيكسدي لا يمانع في منح أميركا مناجم مقابل تعاون أمني (رويترز)

وقالت الصحيفة الأميركية إن الحكومة في كينشاسا تعتقد أن الوصول إلى اتفاق مع الولايات المتحدة سيجلب للبلاد مكاسب مهمة تتعلق بالأمن والاستقرار.

إعلان

وجاءت مقابلة الرئيس تشيكسدي بعد يوم واحد من توجيه رسالة من عضو مجلس الشيوخ الكونغولي بيير كاندا إلى وزير الخارجية الأميركي يطلب فيها شراكة بين البلدين في مجال الثروة المعدنية.

وفي التاسع من مارس/آذار الجاري قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة أصبحت منفتحة على استكشاف شراكات في مجال المعادن الحيوية مع حكومة كينشاسا بعد أن اتصل عضو مجلس الشيوخ الكونغولي بعدة مسؤولين أميركيين عارضا الشراكة والاستثمار.

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة أن نائب رئيس الأركان الخاصة في الكونغو الديمقراطية زار واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر لبحث موضوع الشراكة بين البلدين.

ووفقا للبيانات والتصريحات المتبادلة فإن المفاوضات أفضت إلى الإقرار بأهمية الصفقة ويتم التباحث في كيفية تنفيذها.

ما بنود الاتفاق؟

وفقا لما نقلته الصحافة الأميركية حول محتوى رسالة عضو مجلس الشيوخ الكونغولي إلى وزير الخارجية الأميركي، فإن حكومة كينشاسا تقترح على إدارة ترامب الوصول إلى مواقع المعادن في المناطق الشرقية، والسماح لها بالسيطرة على أحد الموانئ في المياه الإقليمية ليكون مركزا للتخزين والتصدير.

وفي المقابل تقوم القوات الأميركية بتدريب وتجهيز القوات المسلحة الكونغولية على حماية طرق الإمداد بالمعادن من الجماعات المسلحة المدعومة من الخارج.

خريطة لجمهورية الكونغو الديمقراطي مطار غوما (الجزيرة)

ووفقا للرسالة المذكورة، فإن التعاون العسكري مع الولايات المتحدة يمكن أن يحل محل بعثة السلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، والتي تعتبرها الحكومة الكونغولية قوة غير فعالة.

ومؤخرا، نقلت وسائل إعلام أميركية أن ترامب يستعد لتعيين مبعوث خاص إلى منطقة البحيرات العظمى لدراسة بعض الملفات أهمها صفقة المعادن مع الكونغو.

ويرى مراقبون أن النقطة المتعلقة بوجود القوات الأميركية صعبة التحقق، لأنها تتعارض مع وعود الرئيس ترامب بعودة الجنود إلى الوطن.

إعلان هل توجد صعوبات أمام الصفقة؟

يبدو الوصول إلى اتفاق نهائي مع الولايات المتحدة بشأن استغلال الوصول إلى الثروة مقابل الحماية والدعم العسكري أمرا تعترضه صعوبات متعددة أهمها:

• أن الولايات المتحدة ليست لديها شركات تعدين تعمل حاليا في أرض الكونغو، وإذا أرادت البدء من جديد فقد تحتاج إلى الكثير من الوقت لتجهيز الوسائل اللوجستية حتى تتمكن من دخول ميدان المنافسة.

عمال في منجم للكولتان بالقرب من بلدة روبايا في شرق جمهورية الكونغو (رويترز)

• ليس للولايات المتحدة شركات مملوكة للحكومة تعمل في مجال التعدين مثل ما هو حال الشركات الصينية، وإذا أردت الكونغو أن تمنح امتيازات خاصة لإدارة ترامب سيتعين عليها البحث عن وسائل أخرى ربما تكون أكثر تعقيدا.

• أن معظم المناجم الغنية المكتشفة في شرق الكونغو تم منحها مسبقا لشركات خصوصية تهيمن الصين على أغلبها، وإذا أرادت الولايات المتحدة الدخول في المنافسة قد يتعين عليها القيام بعمليات مسوح واكتشافات جديدة، وهو ما يتطلب الكثير من الاستثمارات الضخمة التي لا تضمن نتائج كبيرة عند الوصول.

ومع كل تلك التحديات، فإن الولايات المتحدة قد تصل إلى أهدافها في شرق الكونغو الديمقراطية، إذ مولت سابقا مشروع طريق السكك الحديدية الرابط بين مناجم زامبيا وجنوب شرق الكونغو بميناء لوبيتو في دولة أنغولا، ويهدف إلى تعزيز الإمدادات الأميركية ومواجهة النفوذ الصيني.

ورغم الصعوبات، فإن المسؤولين الأميركيين والكونغوليين يبحثون عن إيجاد أرضية مشتركة للوصول إلى اتفاق نهائي، وذلك ما عبرت عنه المتحدثة باسم الرئاسة في الكونغو يوم الثلاثاء الماضي حيث قالت إن المفاوضات تسير في الطريق الصحيح، وننتظر حتى تنتهي ليتم الكشف عن محتواها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الکونغو الدیمقراطیة مع الولایات المتحدة حکومة الکونغو الوصول إلى فی شرق

إقرأ أيضاً:

تلغراف: على بريطانيا أن تفرض ضريبة بنسبة 145% على الوجبات السريعة الأميركية

نصحت صحيفة تلغراف الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات من شأنها حماية شعبها من تناول الأطعمة الضارة وحماية المنتج المحلي وفرض ضريبة بنسبة 145% على الوجبات السريعة المستوردة من الولايات المتحدة، وذلك ردا على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وفي تقرير لناقد الطعام وليام سيتويل، زعمت الصحيفة أن الأطعمة الأميركية تجعل البريطانيين بدناء وكسالى، وهذا يستدعي فرض ضرائب عليها إلى أقصى حد واستخدام إيراداتها لدعم الزراعة البريطانية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سوريا تحارب آخر شبكات التهريب المرتبطة بإيران وحزب اللهlist 2 of 2نخاف حتى من التنفس.. سكان من مالي يتحدثون عن فاغنرend of list

وأفادت أن السمنة أصبحت عبئا على الاقتصاد البريطاني أشد فداحة من الإرهاب، ذلك أن الطعام والشراب الذي يأتي الكثير منه من الولايات المتحدة ويستهلكه المواطنون، جعل من بريطانيا أمة من البدناء والكسالى.

قنابل فورية وغير مغذية

ووصف الناقد هذه المواد الاستهلاكية التي يتم تسويقها بألوان زاهية في التلفزيون عبر شخصيات محبوبة، بأنها قنابل فورية من حيث الملمس والنكهة، لكنها لا توفر التغذية الكافية.

وألقى سيتويل باللائمة على الولايات المتحدة في إنتاج أغذية مثل رقائق الإفطار تشيريوس وكوكو بوبس والمشروب الغازي كوكا كولا ووجبات تشيتوس الخفيفة، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.

وقال إن مهارات التسويق "الماكرة" والخصائص المسببة لإدمان الطعام، تجعل منع وصول هذه المنتجات إلى المتاجر والأسواق من الصعوبة بمكان.

إعلان تسمم جماعي اصطناعي

ونصح الكاتب القراء بأن يخبروا أصدقاءهم بألا يسمحوا لأطفالهم بتناول حبوب الإفطار الشهيرة، مضيفا أن الوقت قد حان للامتناع عن تناول ما أصبح تسمما جماعيا اصطناعيا.

وشدد على ضرورة أن يُظهر القادة البريطانيون قدرتهم على اتخاذ المواقف الصلبة في وجه الأوامر التنفيذية التي أصدرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء الماضي بفرض رسوم جمركية على واردات بلاده من دول العالم ومن بينها بريطانيا.

تشجيع الأكل الأفضل

وأوضح أنه بجرعة من ضبط النفس، ينبغي على هؤلاء القادة إدارة قدر متواضع من الحمائية لتشجيع الأكل الأفضل وتعزيز المنتجين البريطانيين. وهذا يعني، على سبيل المثال، التخلي عن نظام الحصص الجديدة المعفاة من الرسوم الجمركية على لحم الضأن النيوزيلندي.

وردا على التعريفة الجمركية التي فرضها ترامب بنسبة 10% على المنتجات البريطانية التي تدخل الولايات المتحدة، طالب سيتويل في تقريره بفرض ضريبة جمركية على المواد الغذائية الأميركية بنسبة 145% على غرار ما فعلت الصين.

ولا يرى الكاتب ضيرا إذا ارتفعت أسعار تلك المنتجات الغذائية، فمن وجهة نظره أن السموم ينبغي ألا تكون تكلفتها متيسرة شأنها شأن السجائر.

مقالات مشابهة

  • اتفاقية المعادن النادرة بين أوكرانيا وأميركا.. الثروات مقابل الدعم
  • الصين تدعو أميركا للامتثال للقانون الدولي بعد أنباء عن عزمها تخزين معادن
  • الصين تعلق تصدير معادن مهمة إلى الولايات المتحدة
  • الصين تعلق تصدير معادن مهمة إلى الولايات المتحدة والعالم مع تصاعد الحرب التجارية
  • تجدد الاشتباكات في مدينة غوما شرق الكونغو الديمقراطية
  • تلغراف: على بريطانيا أن تفرض ضريبة بنسبة 145% على الوجبات السريعة الأميركية
  • اتفاقية المعادن النادرة.. هكذا تسعى واشنطن لإخضاع أوكرانيا
  • صادرات الخدمات الأميركية تتضرر من رسوم ترامب على الصين
  • فايننشال تايمز: ترامب يخطط لتخزين معادن المحيط الهادي لمواجهة الصين
  • ترامب يخطط لتخزين معادن المحيط الهادي لمواجهة الصين