الجزيرة:
2025-03-17@12:20:26 GMT

مقامرة ترامب التي ستضع الدولار في خطر

تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT

مقامرة ترامب التي ستضع الدولار في خطر

الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب تنطلق بتغييرات جذرية

بدأت الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب بعاصفة من التغييرات في المشهد السياسي داخل واشنطن العاصمة، وفي علاقات الولايات المتحدة مع العالم. فالتخلي السريع عن الوضع الراهن، بدءًا من فرض تعريفات جمركية أكبر على كندا، الحليف الأكثر ولاءً للولايات المتحدة، مقارنةً بالصين، وطرح إمكانية احتلال غزة، إلى التهديد بضم غرينلاند، والسعي للتواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، تُعدّ أمرًا ساحقًا، ومتعمدًا كذلك.

التعريفات الجمركية وتأثيرها طويل الأمد

قد لا تكون التعريفات الجمركية التي يفرضها ترامب أكثر خطوات سياسته الخارجية إثارة للدهشة في ولايته الثانية، لكنها قد تكون الأكثر تأثيرًا على المدى الطويل.

وكغيرها من سياساته التي تجذب العناوين الرئيسية، فإن خطة التعريفات الجمركية تأتي ضمن خطته الأوسع لإعادة تشكيل الاقتصاد الأميركي.

ويصرّ ترامب على أنه سيفرض تعريفات على أوروبا والصين وجميع الشركاء التجاريين الآخرين للولايات المتحدة؛ بهدف إعادة التصنيع إلى الداخل، وتحقيق شعاره الشهير: "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى".

انعكاسات التعريفات الجمركية على الدولار الأميركي

لكن في هذه الحالة، من غير المرجح أن يحقق ترامب أهدافه بعيدة المدى؛ بسبب التأثير غير المقصود الذي ستتركه هذه التعريفات على الدولار الأميركي. فتكاليف التصنيع في الولايات المتحدة أعلى بكثير مما هي عليه حتى في أوروبا، ناهيك عن آسيا، وبالتالي فإن التأثير الفوري لفرض التعريفات الجمركية، والتهديد بفرض المزيد، سيؤدي إلى رفع توقعات التضخم، ويبدأ دورة جديدة من قوة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى.

إعلان

ورغم أنه قد يبدو أن الدولار الأقوى سيحدّ من التضخم، فإن التعريفات الجمركية وتوقعاتها تضيف تكاليف إضافية للتجارة، مما يقلل من هذه الفائدة المحتملة.

بالإضافة إلى ذلك، أوقف مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي دورة خفض أسعار الفائدة، بينما تواصل البنوك المركزية الأخرى، مثل بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي، خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو في مواجهة التهديدات التجارية. ومع ذلك، فإن هيمنة الدولار على النظام النقدي العالمي، تعني أن التوقعات بعوائد أعلى على الأصول الأميركية ستعزز قوة الدولار أكثر.

امتياز "الدولار المفرط" في خطر

لطالما أدى الطلب العالمي على الدولار الأميركي إلى جعله الصادر الرئيسي للولايات المتحدة، وهو ما مكّن واشنطن من تشغيل عجوزات تجارية ومالية دون تأثير سلبي كبير على الاقتصاد. وقد أدرك ترامب تدريجيًا أهمية حماية هذا النظام، مهددًا بفرض تعريفات بنسبة 100٪ وإجراءات أخرى ضد الدول التي تسعى إلى فك الارتباط بالدولار والانضمام إلى منظمة "بريكس" المدعومة من روسيا والصين.

يرى ترامب أن مهمته لا تقتصر فقط على إعادة هيكلة السياسة المالية لدعم التصنيع المحلي، بل تشمل أيضًا وضع قواعد جديدة للنظام النقدي الدولي.

باختصار، يريد الرئيس الأميركي أن يضمن أن الدولار يمكن أن يتداول بقيمة أضعف مقارنة بالعملات الأخرى، دون أن يفقد مركزيته، خاصةً بالنسبة للأوراق المالية الحكومية الأميركية، في النظام النقدي العالمي.

إمكانية التوصل إلى اتفاقيات استقرار الدولار

أثار هذا الوضع نقاشًا حول ما إذا كانت إدارة ترامب تسعى إلى التوصل إلى اتفاقيات جديدة لاستقرار الدولار مع الحكومات الأخرى وبنوكها المركزية، على غرار اتفاق "بلازا" و"اللوفر" في الثمانينيات. وبالفعل، أصبح الحديث عن محاولة ترامب التوصل إلى ما يسمى بـ"اتفاق مارا لاغو" موضوعًا متكررًا بين الاقتصاديين.

لكن من غير المرجح أن يكون تحقيق مثل هذه الاتفاقية سهلًا، إذ إن الوضع اليوم يختلف عن اتفاقيات الثمانينيات، التي ركزت على اليابان، حيث رأت الولايات المتحدة حينها أن ضعف الين يمثل تهديدًا لمصالحها، وعملت على تصحيحه.

إعلان

لم يكن هذا تحديًا كبيرًا، نظرًا لأن طوكيو كانت -ولا تزال- حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة. أما الصين، فهي ليست كذلك بأي شكل من الأشكال، وهي أقل اهتمامًا بالمفاوضات، إذ تشير إلى آثار اتفاقيات الثمانينيات على اليابان، حيث أدى ارتفاع قيمة الين إلى ما يعرف بـ"العقود الضائعة"، كسبب رئيسي لعدم رغبتها في رفع قيمة عملتها مقابل الدولار.

ترامب يستخدم النظام النقدي العالمي كأداة ضغط

يبدي ترامب استعدادًا لاستخدام النظام النقدي العالمي كسلاح لتحقيق تنازلات وأهداف طويلة الأمد، حتى لو لم تكن مرتبطة بالتجارة. حتى أقرب حلفاء الولايات المتحدة يجب أن يكونوا مستعدين لمواجهة تهديدات تتجاوز التعريفات الجمركية.

وقد كان هذا واضحًا في تهديده بفرض "عقوبات مالية ومصرفية وخزانة" على كولومبيا في أواخر يناير/ كانون الثاني إذا لم تقبل طائرات عسكرية أميركية تحمل المرحلين، وهي خطوات تُستخدم عادةً ضد الدول المارقة مثل كوريا الشمالية وإيران وروسيا.

هل ستؤدي سياسة ترامب إلى انهيار هيمنة الدولار؟

قد تكون هذه التهديدات أشد تدميرًا اقتصاديًا من التعريفات الجمركية؛ نظرًا لمركزية الدولار الأميركي وأوراقه المالية الحكومية والنظام المالي الأوسع في الاقتصاد العالمي.

لكن استعداد ترامب لاستخدام هذه الأدوات ضد الحلفاء يعني أنه لن يكون لديه أمل في دخول مفاوضات مع الصين بدعم اقتصادي من حلفائه.

وستحاول بكين والدول الداعمة لتقويض النظام القائم على الدولار استغلال هذه الثغرات، إذ إن تفكيك هذا النظام يعد هدفًا أهم بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى من إضعاف حلف الناتو.

يحاول ترامب إعادة هيكلة النظام النقدي الدولي لصالح الولايات المتحدة، لكن تحركاته تشير إلى أنه لا يدرك تمامًا تعقيدات هذا النظام. وهذا ما بدا جليًا عندما تحدث عن مستويات الإنفاق في الناتو خلال زيارته لإسبانيا بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، حيث أخطأ في تصنيفها كعضو في مجموعة "بريكس".

إعلان

النظام النقدي القائم على الدولار لم يكن أميركيًا بالكامل، بل نشأ إلى حد كبير في أوروبا، حيث بدأت البنوك في إصدار القروض بالدولار في الخمسينيات؛ لتلبية الاحتياجات التمويلية الإقليمية.

وعليه، فإن تقويض ترامب وحدة السياسة الخارجية بين الولايات المتحدة وأوروبا، تحت شعار "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، قد ينتهي به الأمر إلى الإضرار بالنظام المالي القائم على الدولار، الذي ساهم في تعزيز القوة الأميركية لعقود.

الفرق بين "بريكس" والدول الأوروبية

الفرق الرئيسي بين دول مجموعة "بريكس" والدول الأوروبية مثل إسبانيا، هو أن معظم أعضاء "بريكس" هم من الدول التي تحقق فائضًا تجاريًا عالميًا، حيث تصدّر أكثر مما تستورد، كما أنها تفرض قيودًا رأسمالية كبيرة.

أما في أوروبا، فالقوة التجارية ليست كافية لدعم مستويات الإنفاق الحكومي في معظم دول الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة، ولا حتى في اليابان التي تفوق نسبة دينها إلى الناتج المحلي الإجمالي أي اقتصاد رئيسي آخر.

وبالتالي، فإن هؤلاء الحلفاء التاريخيين هم المقترضون الرئيسيون في أسواق رأس المال الدولية، بينما تسعى الدول ذات الفوائض، مثل الصين، إلى استثمار أموالها في هذه الدول.

ترامب يخاطر بتدمير النظام المالي العالمي

تحركات ترامب، مثل التعريفات الجمركية والتهديدات بضم أراضٍ تابعة لحلفاء الولايات المتحدة، تُضعف هذا النظام. كما أن تهديداته الجيوسياسية لإعادة تشكيل النظام النقدي قد تستهدف بكين، لكنها تهدد أيضًا بتفكيك التحالف السياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين.

إذا نجح ترامب في تحقيق رؤيته، فقد يؤدي ذلك إلى بعض المكاسب للصناعة الأميركية، إذ سيؤدي نمو قطاع التصنيع الذي يمثل حاليًا 10.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى تعزيز دعم قاعدته الانتخابية.

لكن المخاطرة تكمن في أنه، أثناء محاولته تحقيق ذلك، قد يتسبب في انهيار النظام القائم على الدولار الأميركي، مما سيكون له تأثير مدمر على الاقتصاد الأميركي، حيث سيؤدي إلى تضخم حاد وركود اقتصادي عميق.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان النظام النقدی العالمی على الدولار الأمیرکی التعریفات الجمرکیة للولایات المتحدة الولایات المتحدة هذا النظام النظام ا

إقرأ أيضاً:

ترامب والجدلية الرأسمالية

وصف الأيديولوجيات والأنماط:

الأيديولوجيا: لا تعريف  مستقرا لها، لكني أعرفها بأنها مجموعة من التفاعلات في الفكر لحالة مثالية لما يطرح كنمط حياة، لكنها لا تشكل نمطا لأنها بأفهام متعددة أغلبها ذهني لا واقع لها وتدخل بدافع غريزة وتأثير واقع بشكل سلبي كنتيجة لفاعلية غرائز آخرين كالتدين وحب السيادة أو التملك. فهي تصور فكرة أو فكر لكن بلا قراءة للواقع بشكل صحيح واستنباط ما يلائمه.

والأيديولوجيا عندما تكون منبثقة عن فكر مستورد أو فكر ليس فيه فهم لآلياته أو إنتاجه لآليات تدير الواقع فهي كقالب يشوه المجتمع ولا يحسنه لإدخاله في القالب، ومثال ذلك تحويل الليبرالية أو الديمقراطية إلى أيديولوجيا وهي آليات تحتاج تحسين، ولم تتحسن أو تتطور فأصابها الفساد لتشرع لوجود الفساد وهيمنته، أو الصالح وتجربته، ومن الخطأ معاملتها كفكر لأنها بلا جذر، كذلك التعامل مع فكر حضاري كالإسلام بفهم عبر العصور وليس مستقى في معالجته للواقع من استقراء الواقع، فهذا سيخلق حالة غريزية من التدين شوهاء، إما تعصب خارج الحياة أو نفاق من أجل الحاجات والغرائز، وهذه حالة معاكسة هي الاستقرار عند الجذور بلا إنبات جديد.

النظام لا يتجزأ

أما النظام الذي نتحدث عن واقعه وهو الرأسمالي، فهو نظام اقتصادي أحاط نفسه بآليات حماية ليستقر المجتمع وتحدد تلك الآليات مساره في التعبير عن الضيق أو معاناة فشل النظام أو سلوكيات ما، لكن لا تثير فوضى قاتلة للمدنية فهو نمط حياة في ظل قيمة النفعية وما تتطلب من سلوك في المعاملات البينية ومعاملات السوق، وهذه تشكل نمط حياة ضعيف أمام الصراعات الداخلية إن أثيرت؛ غير أن نظامه الاقتصادي يتطور إلى حد كبير إنما سيحتاج دوما إلى الموارد الخارجية وهذا مهم جدا فهمه، وهنا تنشأ أيديولوجيات في التعامل مع الخارج وغالبا ما يكون التعامل لا إنسانية فيه، وهو منسجم تماما مع أساس الدولة الحديثة التاريخي التي قامت مع الثورة الصناعية والانتشار كقوى إرغام واستخدام واحتلال من اجل المواد الخام..

هذا النظام كلي مترابط الحلقات لا يطبق كوصفة اقتصادية لبلد من أناس يكرهون النظام الاشتراكي أو حلا لمشكلة وضعها طفيلي، فهذا سيزيد الطين بلة ويسحق المواطن، لأن هنالك نظما داخلية نشأت في التطبيق تعالج إخفاق النظرية، فعندما تقوم بالعلاج وعندك ضمان صحي أي متعامل مع آليات النظام فكلفة العملية التي تحتاج إلى 3000 دولار ربما تدفع منها 300 فقط، لأن هنالك عملية حسابية تمر بين عدة جهات ومؤسسات نشأت بالتجربة والممارسة، أما من يريد الحل كوصفة متجزئة فان المواطن الذي يعالج في النظام الاشتراكي بدولارين أو خمسة سيسدد 3000 دولار قد لا يملكها لأن الرواتب والعائدات والقدرة الشرائية والسوق مختلف، كذلك السياسية كالإتيان بنظام الانتخابات ولكن بنفسية التغلب والسلطة وليس برامج العمل في الوعود الانتخابية، فتجد أن النائب البرلماني أو رئيس الدولة يتكرر انتخابه عدة دورات وهو يطرح لائحة تتراكم فيها الإخفاقات.

ترامب جيل التقادم:

الرأسماليون الأوائل تبنوا النظام وطوروه لخلق جو استثماري متمدن يتعاظم فيه الطلب والحاجة والعمل، تقارب المسافة بالاتصالات، وتحول العالم إلى بُقع اصطدام حضاري نتيجة الهجرة والفرار من الظلم إلى حيث تتوقع الحرية والعدل. وتشوه الأفكار الراحلة والمستقبلة عن أصلها خلق جيلا مؤدلجا لا يحمل فكرا صافيا، فبالتالي أتت الأيديولوجيا بلا فلسفتها، على نظم لم تصمم لاختلاف فكري وإنما اختلاف رأي في التنفيذ وهو أمر مختلف.

وهنا أخذت الليبرالية نفسها تضيق باستيعاب الجميع، فانتقلت من حالة كلاسيكية ليبرالية 1825 إلى حالة اجتماعية 1929. في الكساد أوجد ديكينز بعد الحرب الثانية إلى الليبرالية الاجتماعية، لغاية السبعينات وبتوحش الشركات ليتحول إلى الحديثة منذ الثمانينات في القرن الماضي من كارتر أنها متوحشة تقلل من نفوذ المخالف ومؤسسات المجتمع المدني، واليوم ترامب يمثل وجها مرتدا متطرفا إلى الكلاسيكية المتجددة حسب تفكيره، وينافس الوجه الآخر الذي يمثله بايدن الذي يتدخل في الحياة الخاصة نسبيا، وهو أظهر سلبية في تفكك المجتمع، لكن الأمر ليس بوجهين أيديولوجيين فقط لتنظيم نمط حياة.

النظام الجديد ضخم مشكلة الاقتصاد، ومع التطور التقني، قلل فرص العمل مع زيادة في السكان، فترى أن الفشل ينسب للمهاجرين بينما الأمر ببساطة هو شيء في طبيعة النظام ما زال يسير رغم أنه فشل بداية القرن الحالي لكن لا بديل بفقدان البديل الإسلامي الذي ليس جاهزا، لكن الشركات الآن أخذت مع ترامب في دورته الثانية تبدي تمكنا إضافة إلى توجهه الطائفي مماهيا التوجه هذا عند الروس القيصري، لكن أمريكا بلا تاريخ فعاد إلى الليبرالية الكلاسيكية وبرأسمالية اشد توحشا.

أوروبا الضعيفة:

أوروبا ليست ضعيفة لافتقارها القوة، وإنما ركنت إلى أمريكا فضعفت إرادتها بقيادة مبادرة أو حرب، وهي تعاني من سلبيات الليبرالية الحديثة، والمفاوض الأوروبي وارث للإمبريالية فهو يأخذ من أمريكا أكثر مما يعطي، وأمريكا تعاني بشكل مباشر من فشل النظام الرأسمالي وطموح الشركات الذي بات كالثعبان الذي التقم ذيله، فترامب أتى للحكم بأناس مؤدلجين أكثر من كونهم خبراء، وهنا نقطة مهمة، ففرضه للضرائب ورفع سقف مطالبه بلا دليل والتعامل بعدوانية وفرض الإرادة وليس التفاوض سيحفز الآخرين إلى قرارات عدمية واللاعودة وهذا سيزيد التضخم ورفع الأسعار في البلد وتلكؤ الصناعات التكاملية وربما ارتفاع للبطالة وقد يصل إلى الإفلاس، وهو ما ستوصله له أوروبا كرد بتعطيل اتفاقاته الخارجية أو وضع العقبات أمامها، والشركات لن تصد السقوط إن حصل لأنها أصلا تحتاج إلى رقابة لن تكون مع ترامب حليفها لذا فهذه فقاعات صوت غالبا.

مع هذا، الناظر لسياسات ترامب في تعامله مع الرسميات بارتداء الزي فقط، إلا أنه لا يعطي قيمة لمن يراه بلا قيمة. وهذه نقطة حساسة يعقبها ظلم وربما ارتداد على مصالح الولايات المتحدة، وأحيانا تنفع عندما يعلم أن من يجلس معه مجرد إنسان تافه بلا قيم فيمرر مصلحته بإظهاره أمام نفسه ثم فرض ما يريد عليه. ويحترم عدوه القوي لدرجة الصداقة، ولا يتعامل من خلال منظور غير الربح وما يحصل عليه، وكل من يقف أمام هذا يهمل النظر برد فعله بلا تحليل أو توضيح، فيستجيب المهتز الضعيف ويتعامل مع القوي وفق صيغ متعددة.

لذا، فحلفاؤه ينبغي لهم دوما عند دخول ساحته يتأكدون أن هنالك مخارج هروب متعددة، فهو نفسه يفكر ببعدين بُعد الحرب العالمية من ضمنها لهذا يفكر في بنما وجرينلاند ذات الحكم تتبع لمملكة الدنمارك، ثم يفكر بغزة كاستثمار على دماء الناس. وهذا ليس تناقضا، فلم يقل أحد إن الرأسمالية والدولة الحديثة إنسانية أو ذات قيم أخلاقية، إن كنت كريما فهم سيعتبرونه استجابة للضغط لدرجة أن ترامب قال "سأذهب إذا دفعتم تريليون دولار لشركات أمريكية موزعة على مدى أربع سنوات"، بينما كان طموحه نصف هذا المبلغ، لكن كرم الملوك وسعه تعبيرا عن الكرم وحسن النية، فتمدد ونسبه لنفسه باعتباره إذعانا، تكبرا ولم يشكر الكرم، وهذا طبيعي لاختلاف الثقافات التي لا يأخذها قادة الأمة بالاعتبار.

مقالات مشابهة

  • رسالة صارمة من ترامب: لا نية لتخفيف الرسوم الجمركية
  • وزير الخزانة الأميركي: "لا ضمانات" بعدم حدوث ركود اقتصادي
  • وزير الخزانة الأميركي: لا ضمانات لعدم حدوث ركود اقتصادي
  • ترامب يجمد الإعلام الأميركي الموجه لروسيا والصين وكوريا الشمالية
  • صفقة ترامب للمعادن.. هل يتجه للتكنولجيا الخضراء التي يسخر منها؟
  • كيف يفكر ترامب في موضوع الرسوم الجمركية؟
  • الشيوخ الأميركي يوافق على مشروع قانون لتجنب الإغلاق الحكومي
  • «الشيوخ الأميركي» يوافق على مشروع قانون لتجنب الإغلاق الحكومي
  • ترامب والجدلية الرأسمالية