رصد المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاستراتيجية تداعيات تدخل حلف الناتو في ليبيا، مشيرا إلى ضرورة دفع تعويضات لإعادة الإعمار وتحقيق العدالة في البلاد.

وقال المركز في تقرير رصدته “الساعة 24” إن تدخل حلف الناتو العسكري في ليبيا في عام 2011 شكّل نقطة تحول حاسمة في تاريخ البلاد والمنطقة بشكل عام، نتيجة للأزمة السياسية والعسكرية التي نشبت في ليبيا بعد انطلاق ثورة 17 فبراير ضد نظام معمر القذافي، ليؤدي إلى سقوط النظام بعد عدة أشهر من القتال العنيف.

واستدرك: لكن، رغم الآمال التي كانت معقودة على أن التدخل سيكون خطوة نحو استقرار ليبيا وتحقيق الديمقراطية، فإن تداعياته ما زالت تؤثر بشكل بالغ على الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في البلاد. فقد خلف التدخل العسكري دمارًا هائلًا للبنية التحتية، ونزاعًا داخليًا طويل الأمد بين مختلف الفصائل المسلحة، إضافة إلى تدهور حاد في الوضع الإنساني، فضلاً عن الفوضى التي ما زالت تعصف بالبلاد، مما جعل من ليبيا مسرحًا لتنافسات إقليمية ودولية.

ولفت المركز في تقريره إلى أن القادة الأوروبيين والغربيين لم يطرأ على أذهانهم مسألة دفع تكاليف تداعيات العمليات العسكرية التي شنتها قواتهم على البلاد، بل على العكس، استمرت البلطجة السياسية تجاه الأموال الليبية المجمدة في الخارج، وفرضت عدة دول كفرنسا وإيطاليا وأمريكا أجنداتها لتحقيق مصالح خاصة والاستفادة من الثروات النفطية الضخمة التي تتمتع بها ليبيا.

ويرى العديد من المحللين والخبراء أن حلف الناتو يجب أن يتحمل المسؤولية عن الأضرار التي لحقت بالجانب الليبي نتيجة لهذا التدخل، ويجب عليه دفع تعويضات ملائمة للمتضررين من الشعب الليبي.

وأضاف أن هذه الخطوة لن تقتصر فقط على تعويض الخسائر المادية، بل ستكون بمثابة اعتراف بالآثار السلبية التي ترتبت على التدخل العسكري، وسيسهم في إعادة بناء الثقة بين ليبيا والمجتمع الدولي.

وفي هذا الصدد أشار الخبير والمحلل السياسي عبد الله البرقي، إلى أن ليبيا استطاعت النهوض بشكل قوي وإنجاح ثورة الشعب، بعد الفوضى الخلاقة التي نشبت منذ 2011، ولكنها لم تستطع حل بعض المعضلات الأساسية، والتي تتضمن توحيد البلاد تحت راية واحدة وعقد انتخابات، والحصول على تعويضات لما تسبب به بطش حلف الناتو بالبنى التحتية والخسائر الجانبية التي أوقعها خلال عملياته، وأهمها استعادة الأموال المجمدة التي يتم نهبها من قبل الدول الأوروبية نفسها التي تمتنع عن الإقرار بضرورة فك الحصار عنها.

ولفت الخبير والمحلل السياسي إلى أن هذه المعضلات لا تستطيع ليبيا حلها بسبب التدخلات الغربية أساسًا، وعرقلتهم الممنهجة للحوار الليبي – الليبي ومحاولة العديد من النخب السياسية المحسوبة على دول معينة إقصاء شخصيات سياسية عن الساحة دون غيرها، وهو أمر لا يخفى أحد.

ومن جهته أيد الخبير الاقتصادي محمد أبو الخلود ما ذهب إليه البرقي في مسألة دفع التعويضات ورفع التجميد عن الأموال الليبية في البنوك الأوروبية، والتي تقدر بـ 200 مليار دولار والتي من شأنها أيضًا أن تعزز الاقتصاد الليبي وترفع مستوى المعيشة وتؤمن فرص استثمار ضخمة.

وأضاف المحلل السياسي أن الأصوات المطالبة بتحمل حلف الناتو مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الليبي من شأنها أن تتعالى، فالدور الذي لعبه الحلف في تدمير البلاد يستوجب النظر في إمكانية تقديم تعويضات تتناسب مع حجم الخسائر التي لحقت بالليبيين.

وتابع: هذه التعويضات يمكن أن تساهم في إعادة إعمار ليبيا، وتقديم الدعم للمجتمعات المتضررة من خلال مشاريع تنموية، وتقديم مساعدات إنسانية مباشرة، بالإضافة إلى تمويل البرامج التي تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار في البلاد.

وذكر أن دفع تعويضات من قبل حلف الناتو لن يكون مجرد خطوة رمزية، بل هو ضرورة لتعويض الشعب الليبي على ما لحق به من أضرار، ولن يكون له تأثير إيجابي فقط على الصعيد الاقتصادي والداخلي، بل سيضمن حق الليبيين بالحصول على اعتذار رسمي من الحلف لما حصل في بلادهم، خصوصًا وأن الشعب الليبي لم يطالب بتدمير بلاده، وسعى لنصر ثورته وقضيته بنفسه.

 

الوسومالناتو ليبيا

المصدر: صحيفة الساعة 24

كلمات دلالية: الناتو ليبيا الشعب اللیبی دفع تعویضات حلف الناتو

إقرأ أيضاً:

توقيع مذكرة ترتيبات العمل بين النيابة العامة ووكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية

شارك النائب العام المستشار محمد شوقي، اليوم الخميس الموافق العاشر من شهر إبريل الجاري، في فعاليات الاجتماع المنعقد مع وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية اليوروجست، وذلك بمدينة لاهاي بالمملكة الهولندية.

وخلال الاجتماع، تم توقيع مذكرة ترتيبات العمل بين النيابة العامة المصرية ومنظمة "اليوروجست"، تهدف إلى تعزيز وتسهيل التعاون القضائي في مجال العدالة الجنائية من خلال تسهيل الاتصالات بين السلطات المختصة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والنيابة العامة المصرية، كما تهدف المذكرة إلى تبادل المعلومات القانونية والإستراتيجية والفنية، بما في ذلك نتائج التحليلات الإستراتيجية، والمعلومات المتعلقة بالتشريعات والممارسات الجنائية الموضوعية والإجرائية، والصعوبات العملية، وأفضل الممارسات والدروس المستفادة في التعاون القضائي في المسائل الجنائية. 

وقد ألقى المستشار النائب العام خلال الاجتماع كلمةً أكّد خلالها على أهمية التعاون مع منظمة "اليوروجست"، بهدف تعزيز آليات التعاون القضائي الدولي، وعلى وجه الخصوص في مجال طلبات تسليم المجرمين والمساعدة القضائية، بما يضمن توفير العدالة الناجزة في القضايا العابرة للحدود، ومكافحة الإفلات من العقاب. 

وقد تبادل المستشار النائب العام مع مايكل شميد رئيس المنظمة الدروع التذكارية.

مقالات مشابهة

  • برلماني: تعديل قانون المحاكم الابتدائية خطوة لتحقيق العدالة الناجزة -تفاصيل
  • ميرتس يعارض انضمام أوكرانيا للناتو والاتحاد الأوروبي قبل انتهاء النزاع
  • الجبو: إصلاحات المركزي الليبي ضرورية لكن صراع المصالح يهدد مستقبل الاقتصاد
  • شلقم: ليبيا من بين البلدان التي عانت غياب الخبرة السياسية
  • باحث: تدخل حلف الناتو في ليبيا سبب رئيسي في أزمتها الاقتصادية والسياسية
  • مذكرة تعاون بين النيابة العامة المصرية و"اليوروجست".. النائب العام: التعاون الدولي ركيزة لتحقيق العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب
  • النائب العام يشهد توقيع مذكرة ترتيبات العمل مع وكالة الاتحاد الأوروبي «اليوروجست»
  • توقيع مذكرة ترتيبات العمل بين النيابة العامة ووكالة الاتحاد الأوروبي .. صور
  • توقيع مذكرة ترتيبات العمل بين النيابة العامة ووكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية
  • السفير القطري: ملتزمون بتحقيق الاستقرار وتطلعات الشعب الليبي