نظام ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
نشر موقع " شيناري إيكونومتشي" تقريرا سلّط فيه الضوء على فشل النماذج الاقتصادية التقليدية "دي إس جي إي" في التنبؤ بالأزمات المالية، إذ تفترض أن البنوك المركزية تتحكم في المعروض النقدي، بينما الواقع يُظهر أن 90% من الأموال تُخلق عبر القروض البنكية الخاصة، ممّا يجعل النظام المالي أكثر هشاشة وأقل قدرة على الاستجابة للصدمات.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن النماذج الاقتصادية التقليدية تفترض، وجود نظام نقدي تسيطر فيه البنوك المركزية بشكل كامل على عرض النقود من خلال أدوات مثل أسعار الفائدة، وإن هذه الفرضية ليس لها أي أساس من الصحة، إذ أن العرض النقدي الإجمالي اليوم هو بنسبة 90% نتيجة لنشاط الإقراض الذي تقوم به البنوك الخاصة، وهو مستقل تقريبًا عن البنك المركزي.
ومع ذلك، من خلال دمج النماذج الاقتصادية التقليدية مع المستجدات في مجال العملة المالية التي أنشأتها المبادرة الاقتصادية الإيطالية للإصلاح النظام النقدي مونيطا بوزيتيفا من خلال ساير (النظام المتكامل للادخار الحكومي)، سيأخذ النظام النقدي شكلًا مختلفًا جذريًا:
1- سيتم إنشاء النظام المتكامل للادخار الحكومي"ساير" مباشرة من قبل الدولة، دون أي ديون مرتبطة به. وهذا الإصدار النقدي سيؤدي تدريجيًا بمرور الوقت إلى تقليل آلية إنشاء النقود القائمة على الدين، والتي تميز النظام المصرفي الحالي.
2- لن يكون النظام المصرفي التقليدي بعد الآن هو الجهة التي تنشئ الغالبية العظمى من النقود الموجودة في النظام الاقتصادي من خلال الائتمان، بل سيعمل في منافسة مع ساير الذي يتم إنشاؤه من قبل الدولة.
وأوضح الموقع أنه لدمج "ساير" في النماذج الاقتصادية التقليدية، سيكون من الضروري إعادة تصميم آلية الإصدار المباشر للنقود: إدخال عنصر "الدولة" كوكيل اقتصادي يقوم بإصدار النقود وفقًا لاحتياجات الاقتصاد، دون توليد ديون. ويتطلب ذلك إعادة صياغة معادلات عرض النقود بحيث تعكس الواقع بشكل أكثر دقة.
إن إعداد آلية إدارة لساير يتم تمثيلها كوحدة تنظم عرض النقود استنادًا إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل الرفاهية العادلة والمستدامة "بي إي إس"، ومستويات التوظيف، والتضخم، كي تعمل كأداة استقرار تلقائي.
وأشار الموقع أنه في النماذج الاقتصادية التقليدية، تعكس معادلات التوازن المالي للوكلاء الاقتصاديين (الأسر، الشركات، الدولة) التفاعلات بين الادخار والاستثمار والديون، ومع إدخال ساير ومونيطا بوزيتيفا سيتوجب إعادة النظر في هذه المعادلات مع الأخذ في الاعتبار ما يلي:
1- التأثير على الدين العام: من خلال إصدار ساير، ستقوم الدولة تدريجيًا بتقليل إصدار السندات الحكومية في السوق، مما سيؤدي إلى تغيير جذري في ديناميكيات وإدارة الموازنة العامة.
2- إدخال متغير جديد عبر ساير: يوفّر ساير آلية حقيقية لحماية الادخار الخاص، وفقًا لما ينص عليه الدستور الإيطالي في المادة 47، من خلال عزله عن التقلبات والمضاربات السوقية. هذا المتغير سيؤثر بشكل مباشر على قرارات الإنفاق العام وإعادة التوزيع، ليصبح عنصرًا أساسيًا في استقرار الاقتصاد.
في النماذج الجديدة للنماذج الاقتصادية التقليدية سيكون من الضروري تحليل التأثيرات التي ستنتج عن السياسات الاقتصادية الجديدة المستندة إلى عمل ساير، خاصة في حالة حدوث صدمات اقتصادية.
في الواقع، في حالة:
صدمة في الطلب: إذا حدث انخفاض في الطلب الكلي، يمكن لساير تنشيط استثمارات عامة جديدة لتحفيز الاقتصاد، مما يساهم في تخفيف الآثار السلبية لهذه الصدمة.
سياسات مالية مضادة للدورات الاقتصادية: يتيح ساير اختبار سياسات مالية تلقائية تقلل من الحاجة إلى التدخلات الاستثنائية، مما يحسن سرعة الاستجابة الاقتصادية.
التحكم في التضخم والانكماش: يمكن ضبط عرض النقود مباشرة عبر ساير لدراسة تأثيره على التضخم واستقرار الأسعار، مما يوفر رؤى جديدة حول إدارة السياسة النقدية.
أزمة الائتمان: في حال حدوث انخفاض في الإقراض للقطاع الخاص، يمكن لساير أن يتيح تقديم قروض جديدة مباشرة به، أو استخدامه كضمان للحصول على تمويل من النظام المصرفي التقليدي.
وذكر الموقع أن دمج ساير في النماذج الاقتصادية التقليدية سيفتح المجال أمام عمليات محاكاة وسيناريوهات جديدة، يمكنها أن تُبرز الإمكانات الهائلة لهذه الأداة. فهي تتيح لكل دولة إمكانية اتباع سياسة اقتصادية مستقلة، بعيدًا عن القيود والتدخلات الخارجية.
من خلال ساير وتبنّي الرفاهية العادلة والمستدامة، سيصبح النظام الاقتصادي:
أكثر استقرارًا: حيث ستنخفض كمية الائتمان المصرفي داخل النظام، مما يقلل من مخاطر الأزمات المالية.
أكثر كفاءة من حيث النمو المتوازن والمستدام: وذلك بفضل تفضيل الإنفاق على الاستثمارات بدلًا من الإنفاق الذي يؤدي فقط إلى الاستهلاك أو المضاربات.
أكثر تجانسًا: إذ سيساهم في تصحيح الفجوات الاجتماعية الكبيرة التي تفاقمت خلال الأربعين عامًا الماضية، مما يجعل النمو الاقتصادي أكثر عدالة وشمولية.
وبذلك يُعد دمج النظام المتكامل للادخار الحكومي (ساير) في النماذج الاقتصادية التقليدية فرصة مثيرة لاستكشاف آثار نظام نقدي بديل قائم على مونيطا بوزيتيفا.
واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن هذا يتطلب مراجعة جذرية للأسس النظرية للنماذج الاقتصادية التقليدية وتكييف هياكلها بحيث تستوعب مفاهيم جوهرية، مثل الإصدار المباشر للنقود من قبل الدولة دون توليد ديون. ومع ذلك، فإن هذا الجهد سيفتح المجال لنقاش تقني معمّق حول الإمكانات الحقيقية للنقدية الضريبية وكيفية تفاعلها مع النظام الاقتصادي ككل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الاقتصادية الادخار اقتصاد امريكا أوروبا ادخار المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عرض النقود من خلال
إقرأ أيضاً:
أكاديمية أنور قرقاش تطلق تقرير الدبلوماسية الاقتصادية للدولة 2024-2025
أبوظبي-وام
أعلنت أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية الإطلاق الرسمي لتقرير «الدبلوماسية الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة 2024-2025»، حيث يهدف التقرير إلى تعميق الفهم بالدور المحوري للدبلوماسية الاقتصادية باعتبارها ركيزة استراتيجية للسياسة الخارجية للدولة.
وتم إطلاق التقرير خلال فعالية رفيعة المستوى في مقر الأكاديمية، وذلك بحضور الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، وأحمد بن علي الصايغ، وزير الدولة، ونيكولاي ملادينوف، المدير العام لأكاديمية أنورقرقاش الدبلوماسية، والدكتور محمد إبراهيم الظاهري، نائب المدير العام للأكاديمية، إلى جانب عدد من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية وأعضاء الهيئة التدريسية.
وسلط التقرير الضوء على كيفية توظيف الدولة لأدوات التجارة والمساعدات والاستثمار لبناء شراكات عالمية فاعلة، وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، كما يستعرض التقرير الإنجازات الدبلوماسية والتنظيمية البارزة التي حققتها دولة الإمارات خلال عام 2024، مؤكداً تنامي نفوذها الاقتصادي على الساحة الدولية، ومرسخاً مكانتها كشريك استراتيجي في رسم ملامح الاقتصاد العالمي الجديد.
كما يضم التقرير التطورات المحلية، والقضايا الاقتصادية الدولية المطروحة على الساحة العالمية، مما يجعل هذا التقرير ذا أهمية دولية للقراء من مختلف أنحاء العالم.
وتناول التقرير الذي استعرضه د. أحمد رشاد، الأستاذ المساعد في أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، عدداً من المحاور الرئيسية، من أبرزها التوقعات الاقتصادية العالمية، والاتجاهات المستقبلية للدبلوماسية الاقتصادية، كما شدّد التقرير على الأهمية الاستراتيجية لإعلان أبوظبي الوزاري الصادر عن منظمة التجارة العالمية، مؤكداً التزام دولة الإمارات الراسخ بدعم منظومة التجارة العالمية، والمساهمة في صياغة السياسات الاقتصادية الدولية بما يعزز التنمية المستدامة والازدهار المشترك.
وقال ثاني الزيودي، إن دولة الإمارات نقطة التقاء لطرق التجارة العالمية، وتواصل الانفتاح على العالم تنفيذاً للرؤية الاستشرافية لقيادتها الرشيدة، موضحاً أنه خلال العقود الخمسة الماضية منذ تأسيس الدولة جاء نموها الاقتصادي القياسي مدعوماً بالتعاون البناء مع المجتمع الدولي، ويعد توسيع شبكة الشركاء التجاريين للدولة مع أسواق ذات أهمية استراتيجية على خريطة التجارة العالمية أحد مرتكزات استراتيجية النمو الاقتصادي المستقبلي للدولة وفقاً لرؤية (نحن الإمارات 2031) مع منح الأولوية لتحفيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الاستراتيجي في الصناعات التي تركز على المستقبل، وجذب المواهب العالمية والاحتفاظ بها.
وأضاف بأن دولة الإمارات تعد حالياً جسراً رئيسياً بين الشرق والغرب؛ يسهل تدفقات رؤوس الأموال ويدعم مشاركة الاقتصادات الناشئة في سلاسل التوريد العالمية، مؤكداً أن تقرير الدبلوماسية الاقتصادية لدولة الإمارات، يعكس المكانة المتنامية للدولة على الساحة العالمية، مع التركيز على الفوائد المتبادلة لتعزيز التعاون الدولي الثنائي والجماعي عبر الحدود.
ومن جانبه، قال أحمد الصايغ، إن دور دولة الإمارات في تشكيل اقتصاد عالمي مرن؛ ينبع من نهجها الاستباقي في العلاقات الدولية، ومن خلال المشاركة الفاعلة في الأطر الاقتصادية العالمية المتطورة، حيث تواصل الدولة ترسيخ مكانتها كشريك فاعل في تعزيز الشراكات المتوازنة والشاملة.
وأكد الصايغ أن الدبلوماسية الحديثة لا تتوقف عند توقيع الاتفاقيات التجارية، بل تتمحور حول بناء تحالفات استراتيجية تُلهم الابتكار، وتعزز القدرة على التكيّف، وتضمن تحقيق الازدهار المستدام.
بدوره، أوضح نيكولاي ملادينوف، المدير العام للأكاديمية، أن الدبلوماسية الاقتصادية تمكّن الدول من صياغة علاقاتها الدولية من خلال الابتكار، والتعاون، والاستشراف الاستراتيجي، بما يعكس نهج دولة الإمارات في التزامها الراسخ ببناء نمو اقتصادي شامل، وتأسيس شراكات فعّالة تُعزز مكانتها كلاعب عالمي موثوق وطموح.