قارئ للمشاهير وزملكاوي متعصب.. محطات في حياة الشيخ محمد عمران
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
في ليالي رمضان المباركة، حيث تصدح المآذن بتلاوات تبعث السكينة في القلوب، تتجلى أصوات القرّاء والمبتهلين الذين خلدوا أسماءهم في ذاكرة الزمن.
ومن بين هؤلاء العباقرة، يسطع نجم الشيخ محمد عمران، صاحب الحنجرة الذهبية التي جمعت بين فن التلاوة العذبة والإنشاد الديني.
نشأة محافظة وبشرى بالجنة.وُلد الشيخ محمد أحمد عمران في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 1944، بمدينة طهطا بمحافظة سوهاج، ونشأ في بيئة صعيدية محافظة، وفقد بصره في سن صغيرة، ورغم ذلك حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره على يد الشيخ محمود المصري، ثم أتقن أحكام التلاوة، وحصل على الإجازة من الشيخ محمود جنوط في مركز طما.
وكان محمد عمران في صغره طفلاً محباً للحياة، يميل إلى اللعب مثل أقرانه، لكنه كان يحمل في داخله بذرة الموهبة القرآنية، وكان معلمه الأول، الشيخ عبد الرحيم المصري، يدرك ذلك جيداً، فكان يأتي إلى داره ليطمئن على حفظه للقرآن.
وفي أحد الأيام، وجد الشيخ تلميذه الصغير يميل للهروب من جلسة الحفظ لممارسة اللعب، فناداه بحنان الأب قائلاً: "أتريد أن تهرب لتلعب، وأنت الذي سأدخل بك الجنة؟". النقشبندي.. الدليل الروحي
كان للشيخ سيد النقشبندي، المبتهل الكبير وصاحب الصوت الذي أسر القلوب، تأثير عميق في حياة الشيخ محمد عمران.
وعلى الرغم من أن النقشبندي وُلد في الغربية، إلا أنه استقر لفترة في طهطا بسوهاج، حيث التقى بعمران هناك، الذي كان حينها قد أتمّ حفظ القرآن الكريم، وصار صوته يجذب مسامع الجميع.
أدرك النقشبندي موهبة عمران الفريدة، ونصحه بضرورة الانتقال إلى القاهرة، حيث يمكن لصوته أن يصل إلى آفاق أوسع.
لم يتردد عمران في الاستجابة لهذا التوجيه، فانطلق إلى العاصمة وهو في الثانية عشرة من عمره، ليبدأ رحلته الحقيقية في عالم التلاوة والإنشاد، وليصبح لاحقاً واحدًا من أعمدة الابتهالات الدينية في مصر.
كان التحاق الشيخ محمد عمران بالإذاعة المصرية نقطة تحول كبيرة في مسيرته، ففي أوائل السبعينيات، اعتمدته الإذاعة المصرية كمبتهل وقارئ، وبدأ بصوته المميز في تقديم الموشحات الدينية والابتهالات التي أبدع في تلحينها كبار الملحنين.
كما لفت صوته أنظار كبار الموسيقيين، مثل حلمي أمين وسيد مكاوي ومحمد عبد الوهاب، الذين أشادوا بقدرته الفريدة على مزج التلاوة بالمقامات الموسيقية، ما جعل اسمه يتردد في أرجاء العالم العربي.
ومن خلال أثير الإذاعة، ذاع صيته ووصلت تلاواته وابتهالاته إلى ملايين المستمعين، فصار صوته جزءاً لا يُمحى من ذاكرة المصريين في المناسبات الدينية، وخاصة في شهر رمضان الكريم.
زملكاوي متعصب
بعيداً عن التلاوة والإنشاد، كان الشيخ محمد عمران زملكاوياً متعصباً، يحمل عضوية فخرية لنادي الزمالك، وكان شغفه بالفريق ينعكس حتى على تفاصيل حياته اليومية.
وفي إحدى المباريات الحاسمة بين الأهلي والزمالك، أخبر ابنه أن فوز الأهلي قد يساعده على التركيز في الامتحانات، لكن عندما تعادل الزمالك، لم يستطع إخفاء فرحته، مردداً: "ثانوية إيه وبتاع إيه.. دا الزمالك!".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتحاد سات وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني يوم الطفل الإماراتي غزة وإسرائيل الإمارات رمضان 2025 الشیخ محمد عمران
إقرأ أيضاً:
قيثارة السماء في شهر رمضان «الشيخ محمد رفعت»
يعتبر الشيخ محمد رفعت المولود بحي المغربلين بالقاهرة في التاسع من مايو 1882 من أحد أهم القراء البارزين في مصر والعالم العربي والإسلامي والملقب بالقارئ المعجزة أو بقيثارة السماء، حفظ القرآن صغيرا رغم إعاقته في بصره مبكرا، ودرس التجويد والقراءات وغيرها من علوم القرآن وحفظه بطرق مختلفة، ثم درس علم المقامات الموسيقية وعلوم التفسير في مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب بالقاهرة، ويعتبر أول من أقام مدرسة للتجويد القرآني في مصر وتميزت طريقته في الأداء عن غيره من مقرئي القرآن بقدرته على إظهار الصوت الخاشع أثناء التجويد وقدرته على تجسيد المعاني وإظهارها بالآيات وبخاصة في الآيات المتعلقة بقصص الأنبياء والأقوام السابقة كتجويده لسورة يوسف وسورة مريم التي عشق سماعها أقباط مصر قبل مسلميها ناهيك عن جماليات الأداء الجميل الروحاني الذي يحمل للمستمع الروائح الذكية لأجمل عطور الأرض، أو لجمال وروع خشخشة صوته التي تعطي الإيحاء لصدى المعادن النفيسة عند اصطدامها لدرجة أن سماه أحد المستمعين قديما وهو الحاج سليم إبراهيم رخا بقرية بني قريش بمحافظة الشرقية بالذهب المسموع وهو ما اشتهر به، وكان أداؤه ينقل خلاله كل جوارحه إلي المستمع فينفذ إلى وجدانه ويتملكه وينفذ لأعماقه فيعطيه من حلاوة القرآن والإيمان حتى يشعر الناس بأن هذا الصوت قادم من الجنة، كان يعطي كل حرف حقه وينتقل من آية لآية حسب المواقف معتمدا على المقامات الموسيقية المختلفة دون أن يشعر المستمع بذلك.
وقد تجلى ذلك في أدائه لصورة الرحمن، لقد كان رجلا خاشعا ويشع من قراءاته للقرآن النور الرباني وكأن الملائكة محاطة به أثناء حفلاته القرآنية فتعطيه القوة والبهاء وأذكى النفحات وعندما كان يقول صدق الله العظيم كانت الناس تتمنى لو ظل مستمرا في تلك القراءة. وعندما افتتحت الإذاعة المصرية كان هو أول من ساهم بقراءاته بسورة إنا فتحنا لك فتحا مبينا، وكان يقرأ لها على الهواء مباشرة القرآن الكريم وإقامة الآذان مما أثرى معه أرشيف الإذاعة المصرية التي أصبح رمزا لها ومتربعا عليها، حتى ذاع صيته ونفذ صوته واشتهر في جميع بلاد العالم وجاءته العروض المختلفة ولكنه كان يأبى بتواضع وكبرياء فجاء صوته للإذاعة المصرية نديا خاشعا وعشقته الجماهير وبخاصة في شهر رمضان وأنه كان خشوعا إلى الله في قراءته يلتمس الصدق في أدائه وكان يقرأ مرتين أسبوعيا يوم الثلاثاء ويوم الجمعة لمدة 45 دقيقة وكانت الدموع تنهمر من عينيه، وعند وفاته يوم 9 مايو نفس يوم مولده ولكن عام 1950 فقدت الأمة المصرية والإسلامية عمودا هاما من أعمدة مقرئي القرآن وتراثه الأدائي والفني الجميل حتى نقلت الإذاعة المصرية خبر وفاته بقولها وحسب موسوعة الويكيبديا " أيها المسلمون فقدنا اليوم عالما من أعلام الإسلام وقالت الإذاعة السورية في نعيها على لسان المفتي " مات المقرئ الذي وهب صوته للإسلام، وقال عنه الشيخ الشعراوي رحمه الله " إذا أردت أحكام التلاوة فعليك بالشيخ الحصري، وإذا أردت حلاوة الصوت فعليك بالشيخ عبد الباسط، وإذا أردت النفس الطويل فعليك بالشيخ مصطفى إسماعيل، وإذا أردتهم جمعيا فعليك بالشيخ محمد رفعت " وكان محل أحاديث وملتقى الشعراء والأدباء والفنانين والسياسيين والموسيقيين وأهل العلم والدين في مصر فقد قال عنه الموسيقار محمد عبد الوهاب بأن صوته ملائكي لأنه يأتي من السماء. ورغم مرور هذا الوقت الطويل على رحيله إلا أنه يظل عند المصريين مرتبط بالمظاهر والملامح الروحانية لشهر رمضان الكريم وتجلياته في التلاوة، وارتباط المستمعين بقراءاته لمدة أربعين دقيقة قبل المغرب عبر الإذاعة المصرية مع آذانه المحبب إلى الصائمين حتى ارتبط صوته عبر الأجيال بهذا الشهر ومازال سماع صوته محبب إلى الأجيال الشابة التي لم تعاصره وتشاهده، فتلك الأصوات المميزة لم تستطع السنوات الماضية أن تمحها لأن عند سماعها في مناسبات معينة تنتاب الذاكرة مشاعر دينية وروحانية معينة إضافة إلى توارد الخواطر الإيمانية والإنسانية والحياتية لذكريات عائلية واجتماعية مضت، ليظل هذا الشيخ الجليل متجليا ومتربعا على قلوب وعقول المصريين،
وليظل عبر الأزمنة العبقري الأول في الأداء، وكمظهر احتفاليا وشذا موسيقيا وسماعيا ودينيا لشهر رمضان الكريم، ومفخرة للمسلمين ودارسي علم الأداء والأصوات بعد أن أصبح من أكثر تلك المظاهر الفلكلورية للمصريين واحتفالهم بالشهر الكريم وغيرها من المناسبات الدينية واليومية لمواقيت العبادات وسماع القرآن.