المسلة:
2025-03-16@19:22:14 GMT

ترامب يفاوض إيران عبر الإمارات

تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT

ترامب يفاوض إيران عبر الإمارات

16 مارس، 2025

بغداد/المسلة:

ترامب يفاوض إيران عبر الإمارات.. من يُبدّد “الشروط المسبقة”؟

محمد صالح صدقيان

أعادت رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى القيادة الإيرانية والتي حملها المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الامارات أنور قرقاش إلى طهران، فتح صفحة جديدة من التفاوض الإيراني الأمريكي بشأن البرنامج النووي الإيراني وبقية القضايا العالقة بين البلدين.

حتى الآن لا توجد معلومات دقيقة عن مضمون الرسالة الأمريكية التي تسلمتها إيران يوم الأربعاء الماضي، لكن المصادر الإيرانية تتحدث عن لغة مختلفة للسلام في منطقة الشرق الأوسط استخدمتها الرسالة وإن كانت هذه المصادر تتحدث عن “شروط مسبقة للحوار” تضمنتها رسالة ترامب!

وتشي الأجواء الإيرانية بالارتياح لما تُسميها طهران “الخطوة الأميركية الأولی” في مسار المفاوضات، وبالتالي قرّرت إيران الرد علی رسالة ترامب “وهذه نقطة ايجابية، لأن أجواء طهران لا تشي بوجود إجماع على الرد والتعامل إيجاباً مع الرسالة الأميركية”، وتعتبر المصادر أن تصريحات المرشد الإيراني الأعلی الإمام علي خامنئي الأخيرة “كافية للرد علی أي رسالة تحمل شروطاً مسبقة، وهو الأمر الذي يُعارضه الإيرانيون الذين يطالبون بمفاوضات من دون شروط مسبقة لتحقيق الأهداف التي يتطلع إليها الجانبان”.

رسالة الرئيس ترامب خضعت للدراسة والبحث من قبل ثلاث لجان تابعة لمجلس الأمن القومي الأعلی؛ الأولی، لجنة خبراء؛ الثانية، لجنة اقتراح مضمون الرد؛ الثالثة، لجنة اتخاذ القرار النهائي قبل رفعه إلى مجلس الأمن القومي الأعلی الذي يرأسه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

وحسب مناخات طهران، ثمة اتجاهان في تقييم رسالة ترامب التي تزامنت مع فرض عقوبات أمريكية جديدة شملت هذه المرة وزير النفظ الإيراني محسن باكنجاد.

الاتجاه الأول يعتبر أن الرسالة الأميركية “تفتقد للجدية كونها تحتوي شروطاً مسبقة للدخول في المفاوضات وتصريحات المرشد الأعلی الأخيرة التي تزامنت مع وصول الرسالة كانت كافية لا بل حدّدت الموقف الإيراني بشكل كامل حيال المفاوضات التي يدعو إليها ترامب”.

أما الاتجاه الثاني فيعتبر أن الرسالة وإن كانت تتضمن شروطاً مسبقة “إلا أنها تضمنت لغة جديدة التزم بها الرئيس ترامب حيال السلام في منطقة الشرق الأوسط”، وتضيف المصادر أن هذه الشروط المسبقة التي تحدثت عنها الرسالة “يُمكن توضيحها في رد إيراني سيتم تضمينه روحية التعاطي الإيجابي مع الرسالة الأميركية وذلك بهدف رمي الكرة في ملعب ترامب، وفي هذه الحالة فإن واشنطن لها الخيار في قبول وجهة النظر الإيرانية أو رفضها”.

ما هي طبيعة “الشروط المسبقة” التي تضمنتها رسالة ترامب؟ تدعو واشنطن الإيرانيين إلى إعادة صياغة علاقاتهم مع حلفائهم في كل من لبنان والعراق واليمن، وهذه الدول (مع سوريا التي سقط نظامها السابق) تعتبرها طهران جزءاً من جبهة مواجهة موحدة مع الكيان الإسرائيلي؛ وجرت العادة أن يُردّد الإيرانيون أنهم رسموا خطوطاً حمراء للتعامل مع حلفائهم، بحيث لا أحد يُصادّر قرارهم أو يتحدث أحد بالنيابة عنهم أو يفاوض باسمهم، وهذا الأمر لمسه القريب والبعيد في التعامل الإيراني مع العديد من الملفات في المرحلة السابقة.

هذا الموقف المبدئي لا يمنع من القول إن طهران لم تحدد آلية واضحة حتى الآن في التعامل مع الشروط الأمريكية، فضلاً عن عدم وجود معلومات دقيقة حول المضمون النهائي للرد الإيراني لكن الأكيد أن طهران قرّرت الرد وإن كان المرشد قد صرّح أن ترامب لا يريد حل المسألة الإيرانية بقدر ما هو يريد تشديد العقوبات عليها.

وفي مسار مواز، احتضن قصر “دياويوتاي” غرب العاصمة الصينية بكين، اجتماعاً ثلاثياً صينياً إيرانياً روسياً علی مستوی معاوني وزراء خارجية الدول الثلاث وهم الروسي سيرغي ريابكوف؛ الصيني ما تشاو شو؛ الإيراني كاظم غريب آبادي، وذلك بهدف اتخاذ موقف موحد حيال العقوبات الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة علی إيران. نتائج الاجتماع الذي عقد أمس الأول (الجمعة) في بكين، “كانت مهمة جداً لإيران خصوصاً ما يتعلق بإدانة العقوبات الأمريكية والمطالبة برفعها؛ والتأكيد علی القرار الأممي رقم 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي؛ ودعم حق إيران بامتلاك الدورة الكاملة للتقنية النووية في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي الموقعة من قبل إيران.

هذا الموقف الثلاثي هدفه إقامة حائط صد بوجه موقف دول الترويكا الأوروبية التي دعت مجلس الأمن الدولي لمناقشة البرنامج النووي الإيراني في جلسة عقدت الخميس الفائت، برغم معارضة إيران التي انتقدت قرار عقد الجلسة واعتبرته “سابقة في تاريخ مجلس الأمن”..

واللافت للإنتباه أن كل هذه التطورات في الملف الإيراني حدثت خلال الأسبوع المنصرم، ما يؤشر علی حراك إيراني وإقليمي ودولي يتصل بإدارة المرحلة الانتقالية المقبلة مع الأخذ في الاعتبار الأحداث التي شهدتها ساحات كل من لبنان وفلسطين وسوريا.

تبقی الإشارة إلى أن تطوع دولة الإمارات للعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران وضعه مصدر إماراتي رفيع المستوی في “في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين ووقوف الإمارات بجانب إيران الجارة؛ والعمل معاً علی التهدئة وتجاوز المرحلة الصعبة جداً علی الجميع”.

ويبدو أن الخيار وقع علی دولة الإمارات بعدما تطوّعت عدد من الدول للدخول علی خط الوساطة مثل روسيا والسعودية وقطر والمنصة التقليدية لهذا العمل سلطنة عُمان. وهذا ما دفع دولة الإمارات إلی اختيار أنور قرقاش الذي يُمثّل رئيس الدولة محمد بن زايد لنقل رسالة ترامب. ومن المتوقع أن يقوم رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بحمل الرسالة الأخيرة للقيادة الإيرانية، إذا نجح الجانبان في تحريك المياه الراكدة بينهما، وذلك بما يُهيء الأرضية لاستئناف المفاوضات بين طهران وواشنطن في حال تطور مسار تبادل الرسائل بشكل ايجابي ولا سيما إذا نجح ترامب في ترميم حاجز عدم الثقة الكبير الموجود حالياً بينه وبين القيادة الإيرانية علی خلفية انسحابه من الاتفاق النووي في العام 2015 وفرض المزيد من العقوبات علی إيران كان آخرها في الأسبوع الماضي.

وحسب المصادر الإيرانية، “يجب أن يُدرك ترامب أن القيادة الإيرانية ليست الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي ولا أي رئيس أو زعيم آخر؛ إنها تختلف في المضمون وفي الشكل وفي التاريخ وفي الجغرافية؛ وما يستخدمه الرئيس ترامب من سلوك مع الآخرين لا يمكنه استخدامه مع القيادة الإيرانية. فلكل مقام مقال ولكل حادث حديث؛ والحكيم الذي ينجح في وضع الشيء في محله”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: القیادة الإیرانیة دولة الإمارات رسالة ترامب مجلس الأمن الذی ی

إقرأ أيضاً:

إيران الدولة الثوريّة تشدّ أحزمة المواجهة

 

حزمت “إيران الإسلاميّة ” موقفها، عزم قائدها على تدبّر الأمر متوكّلًا على ربّه، توسّط مشهدًا جامعًا لأركان الحكم، على يمينه قادة الأجهزة العسكريّة والأمنيّة، وعلى يساره رئيس الجمهوريّة ورؤساء المجالس والمؤسسات العليا الرسميّة؛ وبلسان الواثق من شعبه، ألقى فصل خطابه أمام العالم وأمام نزق “دونالد ترامب” بكلمته المدوّية “لا” للهيمنة الأمريكيّة وسياساتها الاستكباريّة وأساليبها الاستعلائيّة، بعدما أثبتت التجربة صوابيّة منطق عدم الثقة بالإدارة الأمريكيّة.
تدرك “إيران” اللحظة التاريخيّة جيّدًا، وتعي جدّيّة المخاطر وأهوالها، وتعرف بعمق ما يصيب مجتمعها من آثار عدوانيّة مستمرة منذ عقود عبر ضغوط اقتصاديّة قصوى عليها، لا سيّما بعد تمزيق “ترامب” الاتفاق النووي عام 2018، والافتعالات الدائمة لإضعافها من الداخل وتحريك موجات الفتن فيها، وتفرقة وحدتها وتشويه هويّتها وممارسة كافة أشكال الحرب النفسيّة والناعمة عليها؛ وإعاقة تقدّمها وعلاقاتها.
كما تعلم “طهران” علم اليقين ما أصاب “جبهة المقاومة” من فقد قادتها الكبار منذ كانون الثاني 2020 إلى نهاية العام 2024؛ وهي تراقب عن كثب التغيّرات الاستراتيجيّة في سوريا ولبنان وفلسطين والعراق واليمن، وتدرس نتائج الحرب العالميّة المتمادية للقضاء على المقاومة والانقلاب على الممانعة السياسيّة للإملاءات الأمريكيّة.
كما أن “طهران” لا تستهين بمسالك المملكة العربيّة السعوديّة نحو التطبيع، وأن ما رعته الصين من تسوية إيرانيّة-سعوديّة لا يعوّل على استمراره، رغم حرصها الأكيد على استقرار المنطقة، إذا ما أُطلقت الصافرة الأمريكيّة للإخلال بها.
تصغي “طهران” دون اضطراب إلى التهديدات المتكرّرة الموجّهة إليها. كما تقرأ بحكمة وشجاعة الرسائل الديبلوماسيّة والإعلاميّة. ويمكن إيراد تهديدين (أمريكيّ وإسرائيليّ) وتحذير (تركيّ)، لاستجلاء الواقع.
التهديد الأبرز، أعلنه “ترامب” واضعًا إيران بين خيارين “الاتفاق أم الحرب”، مستأنفًا عقوبات ولايته الأولى على صادرات النفط الإيرانية.
ينسب “ترامب” إلى “إيران” الضعف حاليًا، فيتحفّز لاتخاذ إجراءات حاسمة ضدّها، وفق ما أدلى به مستشار الأمن القومي مايك والتز (19 كانون الثاني/يناير 2025). حدّد شهرًا واحدًا أمام إيران للانصياع إلى مفاوضات شكلية تنتهي بإملاءاته على برنامجها النووي ثم يستلحقه بتقييد دورها في المنطقة والبحث حول صواريخها الباليستيّة.
فيما أعلنت القيادة المركزية الأمريكية هدف مناورتها مطلع آذار الجاري بمشاركة وحدة قاذفاتها الاستراتيجية في الشرق الأوسط “تعزيز التنسيق مع الشركاء الإقليميّين وإظهار قدراتها العسكرية”.
يساوق التهديد الأمريكيّ تحريض إسرائيلي قديم جديد على ضرب إيران، وقد أعلن “بنيامين نتنياهو” عشية الإعلان عن وقف إطلاق النار المزعوم في لبنان، أن السبب الأول لإعلانه هو التزامه بالأمن القومي وتركيز الجهود على مواجهة إيران ومنع طهران من تطوير سلاح نووي، مضيفًا أنه “لن يعطي المزيد من التفاصيل حول ذلك”. بينما أعلن رئيس أركانه الجديد “إيال زامير” أنّ عام 2025 سيركّز على الصراع في غزّة ومع الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة، وأنه سوف تتمّ إعادة هيكلة استراتيجية “الجيش” الإسرائيليّ للتعامل مع التهديد الإيرانيّ على وجه التحديد.
أما التحذير التركيّ لوزير الخارجية “هاكان فيدان، فإنّه يختلف نوعيًّا عما سبقه، لكونه لا يهدّد إيران ومقدّراتها وبرنامجها النوويّ، إنّما يتكامل مع الوعيدين الأمريكيّ-الإسرائيليّ، حاملًا لهجة استقواء ودلالات جديدة أمام الأحداث الجارية وموقعه منها، حيث بدا “كاتم أسرار أردوغان” واضحًا بالنزول عند رغبات الغرب وعدم التصدّي للتوسّع الإسرائيليّ إلا من بضعة تحفّظات كلاميّة، جازمًا في سعي أنقرة إلى ملء الفراغ وتصدّره في الساحة السوريّة على حساب الدور الإيراني الذي غالب إسقاط الدولة السورية وتفكيك وحدتها وانعدام استقرارها وانسلاخها من تاريخها وإيقاعها في فم التنين الأمريكيّ والاحتلال الإسرائيليّ وقطع طرق الإمداد على حركات المقاومة اللبنانيّة والفلسطينيّة.
يتضح أن ما يسمى بالمفاوضات التي يتم التداول حولها ما هي إلا خديعة بائسة لتشويش الرأي العام، وتصب لصالح الهيمنة الأمريكيّة وتستجيب لمعالجة الهواجس الأمنيّة الإسرائيليّة، ولإضعافها أمام منافسيها الإقليميّين، وليست من أجل حلّ المشكلات الإيرانيّة.
يمكن الجزم، بعدم رغبة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في إثارة مواجهة واسعة النطاق، خاصة أنّ تغيّر المشهد الجيوسياسي الراهن لا يبدو في مداه القصير لصالحها، قبل أن تستعيد حركات المقاومة عافيتها وقوّتها، وقبل أن يرسو المشهد السوري على أرضية مغايرة. إلّا أنّ “إيران الإسلاميّة” بكل تأكيد لن تقبل بالرضوخ لشروط “ترامب”، مما يرفع من احتمالية الصراع دون أن تتحدّد معالمه بوضوح.
تقتحم “طهران” مخاطر احتمالية الحرب عليها، بعدما نقضت الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) عهدها بالتعويض عن إنسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، وبعدما استنفد مسؤولها كافة الإجراءات والتدابير الديبلوماسيّة، واتبعت “أقصى درجات العقلانية”، وتحكّمت بردود أفعالها، وهي تشاهد حرب الإبادة في غزّة والجرائم الأمريكيّة الإسرائيليّة تصب جام حممها على لبنان واليمن والعراق وسورية، فاحتفظت لنفسها بحق الرد على العدوان الإسرائيليّ السافر داخل أراضيها في محافظات طهران وخوزستان وإيلام (26 تشرين الأوّل 2024م).
وتؤكّد “طهران” أن نهجها مستمر، كدولة ثوريّة تضبط مصالحها على مبادئها، وتسير ضمن حدّي درء الخطر وحفظ هويتها وسيادتها وكرامتها الوطنيّة والقوميّة والإسلاميّة؛ إلا إذا وضعت الحرب أثقالها فالسبيل الوحيد هو الدفاع والمواجهة.
باحث في الشؤون الإيرانيّة

مقالات مشابهة

  • آخر استعدادات منتخب الإمارات لمواجهة نظيره الإيراني
  • كيف تلقت إيران رسالة ترامب من الهجمات الأميركية على الحوثيين؟
  • أول تعليق من إيران على الهجمات الأمريكية ضد اليمن
  • وعيد وإدانة ورفض.. هكذا ردت إيران على "ضرب الحوثيين"
  • تكهنات وتحليلات حول رسالة واشنطن إلى طهران عبر أبو ظبي
  • العالم يحبس أنفاسه.. غياب التوصل لاتفاق جديد قبل 18 أكتوبر يدفع الأزمة النووية الإيرانية إلى سيناريو الحرب الشاملة
  • رسالة تكشف "اقتراحًا أميركياً" لإلغاء المساعدات إلى لبنان
  • إيران الدولة الثوريّة تشدّ أحزمة المواجهة
  • بعد تلقي رسالة ترامب.. إيران تتحدث عن "تقييم معمق"