من عُمان إلى المغرب: رمضان ذكرى لا تُنسى
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
حمود بن علي الطوقي
لرمضان في المغرب نكهة خاصة تجمع بين الروحانية العميقة والعادات العريقة التي تضفي على الشهر الكريم أجواءً فريدة لا تُنسى. عندما حللتُ في المغرب للدراسة بين عامي 1989 - 1993، وجدت نفسي أمام تجربة رمضانية مختلفة تمامًا عما عشته في عُمان. كان رمضان في المغرب يمزج بين العبادة والاحتفال بالحياة، حيث تنبض المدن بالحركة وتُضاء المساجد والأحياء بأجواء مُفعمة بالنشاط والتواصل الاجتماعي.
مع اقتراب موعد الإفطار، تزدحم الشوارع برواد الأسواق، وكنَّا، كطلبة، نلتقي غالبًا في الأسواق القديمة مثل سوق السويقة وسوق العكاري في الرباط؛ حيث نشتري التمور والفواكه والحلويات المغربية الشهيرة التي أصبحت جزءًا من مائدتنا اليومية. لم يكن الأمر مجرد تسوُّق؛ بل كان طقسًا يوميًا نمارسه بشغف، نستمتع فيه برائحة الخبز الطازج وأصوات الباعة التي تملأ الأزقة بالحياة. وكان كثير منَّا يفضل ممارسة رياضة المشي قبل الإفطار، سواء في أزقة أكدال أو في الغابة القريبة، في محاولة لاستقبال لحظات الإفطار بشهية مفتوحة وصفاء ذهني.
ومن الأجواء الجميلة التي عشناها في المغرب، متابعة الدروس الحسنية التي كانت تُبث يوميًا من القصر الملكي قبيل صلاة المغرب بحضور جلالة الملك الحسن الثاني، رحمه الله. كانت هذه الدروس التي يلقيها كبار العلماء والمفكرين من داخل المغرب وخارجه، تُضفي بُعدًا معرفيًا وروحانيًا على أجواء الشهر الفضيل، حيث تناولت مواضيع في الفقه والتفسير والسيرة النبوية، مما جعلها محطة مهمة لكل من يبحث عن غذاء للعقل والروح خلال رمضان.
وعندما يحين وقت الإفطار، كان للمائدة المغربية سحرها الخاص، حيث اعتدنا، كطلبة، تبادل الزيارات وتنظيم مواعيد الإفطار الجماعي، فلا يكاد يمر يوم دون أن نجتمع في بيت أحد الأصدقاء. كانت السفرة المغربية عامرة بأشهى الأطباق التقليدية، وعلى رأسها “الحريرة”، ذلك الحساء الدافئ الذي أصبح جزءًا من يومياتنا الرمضانية، يرافقه التمر والحليب و”الشباكية” المغطاة بالعسل، و”البريوات” المحشوة باللوز. وبعد الإفطار، كانت الشوارع تستعيد نشاطها، وكأن يومًا جديدًا قد بدأ، حيث يتوافد المصلين إلى المساجد لصلاة التراويح.
وحيث إن معظم الطلبة يسكنون حي أكدال، كان جامع بدر وجهتنا الأساسية لصلاة التراويح. كنا نرتدي في بعض الأوقات الجلابية المغربية وايضًا نرتدي الدشداشة العُمانية وصلاة التراويح شيئًا ما طويلة تمتد لأكثر من ساعة، وكانت المساجد تتبادل الائمة والقراء ومما يميز صلاة التروايح الدعاء الجماعي بين المصلين.
أما في السحور، فكان المغرب يتميز بتقليد “النفّار”، ذلك الرجل الذي يجوب الأزقة وهو ينفخ في بوقه التقليدي، ليوقظ الناس للسحور، في مشهد يعكس التراث المغربي العريق.
إلى جانب الأجواء الروحانية، كانت الأحياء المغربية تحتضن أمسيات وفعاليات رمضانية، من دروس علمية وجلسات الذكر إلى حفلات الإنشاد الديني، مما جعل رمضان في المغرب تجربة شاملة تجمع بين العبادة والثقافة والتواصل الاجتماعي. لقد كان رمضان هناك أكثر من مجرد صيام؛ بل كان حالة وجدانية وروحانية متكاملة؛ حيث تتداخل العادات والتقاليد مع الأجواء الإيمانية، لتصنع تجربة لا تُنسى، تظل محفورة في الذاكرة مهما مرّت السنوات.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الجبهة المغربية تنتفض وتدعو لمسيرات حاشدة رفضًا لرُسوّ سفن صهيونية بالمغرب
أصدرت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بلاغًا دعت فيه إلى تنظيم مسيرتين شعبيتين حاشدتين يوم الأحد 20 أفريل ، بكل من مدينتي الدار البيضاء وطنجة، احتجاجًا على سماح السلطات المغربية برسو سفن تابعة لشركة “ميرسك” في موانئ البلاد.
وأكدت الجبهة أن هذه السفن تحمل شحنة من المعدات العسكرية الخاصة بطائرات “F-35” المتجهة إلى قاعدة “نيفاتيم” التابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تستعملها في حربها على الشعب الفلسطيني، ووصفت الجبهة هذه الحرب بـ”النازية”، مشيرة إلى أنها تدخل في إطار إبادة جماعية وتطهير عرقي مستمرين منذ سنة ونصف، بشراكة كاملة مع الإمبريالية الأمريكية، على حد تعبير البلاغ.
وأضافت بيان الجبهة المغربية أن هذه الدعوة تأتي استمرارًا للمواقف الشعبية المغربية الرافضة للتطبيع، والتي تجسدت في تظاهرات ومسيرات حاشدة طيلة الفترة الماضية.
كما دعت الجبهة كافة فروعها ومناصري القضية الفلسطينية إلى مواصلة المبادرات الداعمة لنضال الشعب الفلسطيني، والمنددة بكل أشكال التطبيع التي تعتبرها “خيانة للقضية الفلسطينية وخطرًا داهمًا على الوطن”.
وختمت الجبهة بلاغها بالتأكيد على أن هذه المعركة النضالية ليست فقط للدفاع عن فلسطين، وإنما لحماية سيادة المغرب ورفض تحويل موانئه إلى منصات لخدمة آلة الحرب الإسرائيلية.