لجريدة عمان:
2025-04-13@13:21:34 GMT

نجم الجدي

تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT

نجم الجدي

لطالما كان للنجوم حضور قوي فـي الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها فـي القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى فـي سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدميها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها فـي السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

•• واليوم نتحدث عن نجم ثابت فـي السماء وهو النجم الذي سمته العرب «الجدي» وكانت القبائل العربية تسميه نجم «القبلة» لأنه كان يستخدم لتحديد اتجاه الشمال بدقة، لأنه نجم ثابت نسبيا فـي السماء الشمالية، ولذلك أطلق عليه نجم القطب الشمالي، وهذا النجم يقع فـي كوكبة الدب الأصغر، ولأن هذا النجم ثابت فـي السماء فلذلك لم يعتمد عليه العرب كثرا فـي تحديد المواسم الزراعية والفصول، كونه لا يتحرك كثيرا، ولكن القبائل العربية جعلته أحد أشهر النجوم كونه يخبرهم بالاتجاهات بكل سهولة ويسر، واستعان به كذلك البحارة العرب.

•وكان العرب يشبهونه بالجدي الصغير، فلذلك أطلقوا عليه هذه التسمية، وكانوا يتعرفون عليه فـي السماء من خلال أنهم كانوا يستخدمون نجوم الدب الأكبر المعروفة عندهم بـ«بنات نعش» للإشارة إلى نجم الجدي، فكانوا يتتبعون النجمين الأخيرين فـي مجموعة الدب الأكبر وهما نجمي الدبة والمراق، ثم يمدون خطا وهميا منهما ليصلوا إلى نجم الجدي.

•وإذا أتينا إلى خصائصه الفلكية التي أثبتها العلم الحديث فإننا نجد أن هذا النجم هو نجم عملاق مقارنة بشمسنا، فمن حيث الحجم قطره أكبر 37.5 مرة تقريبًا من قطر الشمس، أما من حيث الحرارة فتبلغ درجة حرارة سطح نجم الجدي حوالي 6000 كلفن، وهي قريبة جدًا من درجة حرارة الشمس التي تبلغ 5778 كلفن، وهو يبعد عن الأرض حوالي 433 سنة ضوئية.

•وقد ذكر هذا النجم كثيرا فـي الشعر العربي، فنجد أن الشاعر الجاهلي المهلهل بن ربيعة قد ذكره فـي قصائده فقال:•••كَأَنَّ الْجَدْيَ جَدْيَ بَناتِ نَعْشٍ

•يَكُبُّ عَلَى الْيَدَينِ بِمُستَدِيرِ

•وَتَخْبُو الشعْرَيَانِ إِلى سهَيْلٍ

•يَلُوحُ كَقمَّةِ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ

••وورد ذكر هذا النجم فـي الشعر العماني فهذا الشاعر الغشري يذكر هذا النجم فـيقول:

••وإنَّ له الميزانَ يتلوه عقْرَبٌ

•ويتْلوه قَوسٌ والمجادِلُ أفكَلُ

•ومن بعده فصل الشتاءِ وإنَّمَا

•به الشمسُ بُرْجَ الجدْي تأوِي وتَنْزِلُ

••وأما الشاعر اللواح الخروصي فـيقول فـي قصيدة رثائية:

••سقى قبرك المزن نهلا وعلا

•بنوء الثريا ونوء الجدي

•وجاد قبورا حواليك صارت

•جوارك من ازكويّ زكي

• وأما الملاح العماني أحمد بن ماجد فقد ذكر هذا النجم فـي منظومته الفلكية فقال:

••لأَنَّ دائماً له انقضا

• ومثلُهُم ميخ الجُدَيِّ أَيضا

•وغايةُ الميلِ إلى المغيبِ

• إِذا استَقَلَّ الهقع يا حبيبي

••ونجد الشاعر العباسي أبو تمام الطائي يقول فـي هذا النجم:

••نَجما هُدىً هَذاكَ نَجمُ الجَديِ إِن

• حارَ الدَليلُ وَذاكَ نَجمُ الفَرقَدِ

•هَذا سنانٌ زاغِبِيٌّ فـي الوَغى

• وَكَأَنَّما هَذا ذُبابُ مُهَنَّدِ

••وهذا الشاعر الأموي ذو الرمة المشهور بالحب والغزل يقول فـي أحد قصائده الغزلية ذاكرا هذا النجم ويقرنه بنجم النسر فـيقول:

••تَزَاوَرْنَ عَنْ قُرَّانَ عَمْداً وَمَنْ بِهِ

• مِنَ النَّاسِ وَازْوَرَّتْ سرَاهُنَّ عَنْ حَجْرِ

•فَأَصْبَحْنَ بِالحَوْمَانِ يَجْعَلْنَ وِجْهَةً

• لِأَعْنَاقِهِنَّ الجَدْيَ أَوْ مَطْلَعَ النَّسْرِ

••كما أن الشاعر العباسي أبو العلاء المعري ذكر هذا النجم فـي لزومياته وقرنه مع نجم الأسد فقال:

••قَد أَهبِطُ الرَودَةَ الزَهراءَ عارِيَةً

•سدّى لَها الغَيثُ نسجا فَالنَباتُ سَدِ

•تُمسي لشقائِق فـيها وَهيَ قانِيَةٌ

•مِمّا سقاها رُعافُ الجَديِ وَالأَسَدِ

••أما الفـيلسوف محيي الدين بن عربي الذي عاش فـي الزمن الأيوبي فقد ذكر هذا النجم فـي أحد قصائده فقال:

••إلى السرطانِ من أسد تراه

• بسنبلةٍ لميزانِ الهويّ

•وعقربٍ صدغه يرمي بقوسِ

• من النيران من أجلِ الجدي

••ومن الذين ذكروا هذا النجم فـي قصائدهم الشاعر العباسي ابن نباته السعدي الذي يقول:

•خَطَتْ سمْنَانَ ليس لها دَليلٌ

••ولا عَلَمٌ يلوحُ ولا مَنَارُ

•تُراعى الجَدْيَ غُرتُها سَنَاهُ

•وضوءُ الفرقدينِ لها عِذَارُ

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فـی السماء نجم الجدی

إقرأ أيضاً:

محمود حامد يكتب: معًا.. نفتح شبابيك الأمل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق مصر مسكونة بالمبدعين.. ويفخر بهم كل باحث عن المتعة الذهنية 

 .. ونواصل ما كنا قد بدأناه حين وعدنا بفتح صفحات «البوابة» للمبدعين فى أرجاء المعمورة، بما يمثلونه من روح مصر الطيبة وعبيرها الشذى وعبقها التاريخى، فلقد كان الإبداع وما يزال وسوف يظل عنصرًا أساسيًا ومبهرًا ضمن منظومة القوة الناعمة المصرية، ترفع رأسها فى إباءٍ وشمم: نعم، هنا مصر الباقية بأبنائها وإبداعاتهم وإنتاجهم الذى يفخر به كل محبٍ لهذا الوطن وكل عاشق للحرف وكل باحث عن المتعة الذهنية والراحة النفسية.

لقد ثبت بالفعل ما سبق أن أكدنا عليه بأن الشباب مسكونون بروح الإبداع ويبحثون عمن يرعى موهبتهم ويفجر طاقاتهم ويفتح لهم نافذة تضيء الحياة بألوان الفرح والتفاؤل والانتصار للجمال.

فالإبداع قيمة عالية تحتاج إلى نفض الخوف والثقة بالنفس وعدم التردد.. فليس مثل الإبداع شىء يسهم فى تغيير النظرة السلبية التي تجعل الإنسان ينكفىء على ذاته ويتقوقع داخل نفسه وينسحب من الحياة.. ولعل المبدع بمجرد الانتهاء من كتابة إبداعه، شعرًا أو قصة أو خلاف ذلك، يشعر دائمًا بسعادة لا يضاهيها شىء فى كل هذا الكون، وهو يحقق ذاته فى لحظة من أجمل لحظات التوازن الانفِعالي والتوافق النفسي، بعد أن نجح فى خلق قيمة جديدة من خلال استخدام الخيال.

وإذا كان عددنا السابق عن الإبداع والمبدعين، فى ٢٨ ديسمبر الماضى، قد خصصناه للشباب من الجنسين فى بداية مشوارهم الإبداعى، فإننا فى هذا العدد نستطيع أن نقول إننا حاولنا الجمع بين الحسنيين: إبداع من يبدأون خطواتهم الأولى مع إبداع كثيرين تحققوا وساروا على طريق من سبقوهم، وصدرت لهم أعمال كثيرة منشورة، لكنهم للأسف يعانون من وصمة سخيفة اسمها «الأقاليم»، فلا نراهم إلا نادرًا ضمن الصخب القاهرى، سواء على شاشات الفضائيات أو على صفحات الصحف، رغم التميز الذى يغلف أعمالهم ورغم الجوائز التى حصدوها، وهى مسألة تحتاج إلى أن نتوقف أمامها كثيرًا، وتحتاج بحثًا دقيقًا فى هذه المعادلة غير العادلة. 

فالأقاليم تثبت دائمًا أن «مصر ولادة» تذخر بمن يستحقون الاحتفاء بهم ووضعهم فى قلب دائرة الضوء، فقد تجمعت لدينا أعمال عديدة تتنوع بين شعر العامية والفصحى والقصة القصيرة، حتى أننا قررنا أن نتبع هذا العدد بعدد تالٍ يوم السبت المقبل، نستكمل فيه نشر ما وصلنا.. ويشمل العدد المقبل أدباء وشعراء من محافظات بنى سويف والمنيا وقنا والأقصر وغيرها من المحافظات.. ومن المهم أن نتوجه بالشكر لكبار المبدعين الذين شاركوا معنا فى تحكيم واختيار الأعمال المنشورة، ونخص بالشكر الشاعر الكبير والروائى سمير الأمير، وكذلك الشاعر الكبير جمال حراجى، وكلاهما غنى عن التعريف، ونأمل أن نتمكن من إجراء حوارات صحفية معهما حول رحلتهما الإبداعية ورؤية كلٍ منهما للأجيال الحالية من المبدعين وما يواجهونه من مشكلات وسبل تذليلها.

وفى سبيل ما نسعى إليه، تطلق «البوابة» ورشة للإبداع مع المبدعين نناقش خلالها أعمالهم بحضور نخبة من كبار النقاد.. نفتح من خلالها شبابيك الأمل لدى الشباب، ونساعدهم على التحرك فوق أرضٍ ثابتة بدلًا من الغوص فى رمال متحركة. وسوف تستمر «البوابة» فى تبنى كل موهبة تسعى لإثبات وجودها فى سماء الإبداع، ولن تتوقف المؤسسة عن اهتمامها بالمبدعين، ونحاول دائمًا أن نقول لكل مبدع كما ذكرنا من قبل: «تستطيع أن تصنع مجدك.. معًا، نضيء العالم».

مقالات مشابهة

  • برج الجدي .. حظك اليوم الأحد 13 أبريل 2025 .. تجنب السلوك العدواني
  • التراث الشعري في مرايا المبدعين الشباب
  • قصور الثقافة تحتفي بسيرة وإبداع الشاعر رفعت سلام بالقليوبية
  • برج الجدي.. توقعات الأبراج وحظك اليوم السبت 12 أبريل 2025
  • عرض مبهر .. ماذا سيحدث فى السماء مساء اليوم؟
  • برج الجدي حظك اليوم السبت 12 أبريل 2025.. التزم بما وعدت
  • محمود حامد يكتب: معًا.. نفتح شبابيك الأمل
  • لوحة سماوية ساحرة.. المريخ يصطف مع نجمي بولوكس وكاستور الليلة
  • هوت مروحيتهم من السماء.. مقتل رئيس تنفيذي بشركة سيمنز وعائلته بنيويورك
  • المسند يكشف عن أفضل وقت لمراقبة السماء والتعرف على النجوم