تُعد الحكايات الشعبية جزءًا لا يتجزأ من تراث أي أمة، إذ تعكس قيمها ومعتقداتها وطريقة تفكير شعبها عبر العصور. ومن بين الثقافات الغنية بالقصص والأساطير، تبرز الحكايات الكورية التي تحكي قصصًا عن الحكمة، الخير، الشر، والصراع بين الإنسان والطبيعة. في هذا السياق، يأتي كتاب "حكايات شعبية كورية"، الذي يقدّم مجموعة من القصص الكورية التقليدية مترجمة إلى العربية، ليكون جسرًا ثقافيًا ممتعًا بين الثقافة الكورية والقارئ العربي.

صدر هذا الكتاب عن منشورات ذات السلاسل، وهي دار نشر كويتية معروفة بإصداراتها المتميزة في مختلف المجالات الأدبية والثقافية. وقامت بترجمته إلى العربية فضة عبد العزيز المعيل، حيث عملت على نقل هذه القصص بأسلوب سلس يراعي روح النص الأصلي، مما يتيح للقارئ العربي فرصة الاستمتاع بالحكايات الكورية بطابعها الأصيل.

يضم الكتاب مجموعة من القصص الشعبية القصيرة التي تعكس روح الثقافة الكورية وتقاليدها العريقة. بعض هذه الحكايات تدور حول العلاقات الاجتماعية، بينما تركز أخرى على العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وبعضها يحمل طابعًا أسطوريًا يرتبط بالمعتقدات القديمة في كوريا. تتنوع الشخصيات في هذه القصص بين البشر والحيوانات والكائنات الخارقة للطبيعة، مما يجعلها ممتعة وغنية بالخيال. الحكايات الشعبية ليست مجرد قصص تروى للتسلية، بل تحمل في طياتها رسائل تربوية وأخلاقية تهدف إلى غرس القيم في نفوس الأجيال الجديدة. من خلال هذه الحكايات، يتعرف القارئ على المبادئ الأساسية التي يؤمن بها المجتمع الكوري، مثل احترام الكبار، أهمية العائلة، الإخلاص، والعمل الجاد. كما أن بعض الحكايات تقدم نقدًا اجتماعيًا ذكيًا يعكس التحولات التي مرت بها المجتمعات الكورية عبر التاريخ.

إن أردنا المقارنة بين الحكايات الشعبية الكورية والعمانية فتمثل الحكايات الشعبية الكورية والعمانية تراثًا غنيًا يعكس تقاليد ومعتقدات كل مجتمع. ومع ذلك، هناك بعض الفروقات والسمات المشتركة بينهما، حيث اذا تحدثنا عن الطابع الأخلاقي والتعليمي فالحكايات الكورية غالبًا ما تركز على أهمية الذكاء، الصبر، والعمل الجاد، بينما تتناول الحكايات العمانية دروسًا حول الشجاعة، الأمانة، والإيثار، مع ارتباط قوي بالموروث الديني والتقاليد العمانية. و عند وصف البيئة والسياق، تعكس الحكايات الكورية بيئة الغابات والجبال والعلاقات بين الإنسان والطبيعة، بينما تميل الحكايات العمانية إلى تصوير حياة البحر والصحراء، مما يعكس طبيعة الجغرافيا العمانية. أما بالنسبة للعناصر الأسطورية في الحكايات الكورية، فتلعب الكائنات الخارقة للطبيعة مثل الثعالب ذات الذيل التسعة (Gumiho) والتنانين أدوارًا بارزة، بينما في الحكايات العمانية، يظهر الجن، السحر، والحيوانات المتكلمة بشكل متكرر. واخيراً تشترك الحكايات في تقديم رسائل أخلاقية وتعليمية، لكن الحكايات العمانية غالبًا ما تعكس المجتمع القبلي وقيم الكرم والشجاعة، في حين تسلط الحكايات الكورية الضوء على احترام التقاليد والعلاقات الاجتماعية.

يعتبر هذا الكتاب إضافة قيمة إلى المكتبة العربية، إذ يفتح نافذة جديدة على الأدب الشعبي الآسيوي، الذي لا يحظى بالكثير من التغطية في العالم العربي مقارنة بالأدب الأوروبي أو الأمريكي. من خلال هذه الحكايات، يستطيع القارئ العربي فهم الجوانب الثقافية والفكرية للمجتمع الكوري، مما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب.

إضافةً إلى ذلك، فإن ترجمة هذا الكتاب إلى العربية تسهم في نشر الثقافة الكورية وتعريف العرب بها بعيدًا عن الصورة النمطية التي قد تقدمها وسائل الإعلام. فالقصص الشعبية تعكس الحياة اليومية والمعتقدات الحقيقية للمجتمع الكوري، مما يجعلها مصدرًا قيمًا لفهم هذه الثقافة بعمق. إذا كنت من محبي القصص الشعبية والأساطير، فإن هذا الكتاب سيأخذك في رحلة ممتعة عبر الزمن، حيث ستتعرف على شخصيات مثيرة وأحداث مشوقة تحمل معاني عميقة. كما أن أسلوب الترجمة البسيط والممتع يجعله مناسبًا للقراء من مختلف الأعمار، سواء كانوا باحثين عن المتعة الأدبية أو الراغبين في التعرف على الثقافة الكورية بطريقة غير تقليدية.

يمثل كتاب "حكايات شعبية كورية" إضافةً نوعيةً إلى مجال الترجمة الأدبية، حيث يتيح للقارئ العربي فرصة لاستكشاف عالم جديد من القصص والأساطير التي تعكس جوهر الثقافة الكورية. إنه ليس مجرد كتاب للقراءة، بل هو جسر يربط بين حضارتين، ويدعو القارئ إلى الغوص في عالم الخيال الشعبي الكوري الغني بالدروس والعبر. لذا، إذا كنت تبحث عن قراءة ممتعة تحمل في طياتها قيمًا إنسانية وثقافية، فإن هذا الكتاب هو الخيار الأمثل لك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحکایات الشعبیة الثقافة الکوریة هذا الکتاب

إقرأ أيضاً:

بجاية: توقف رجل و إمرأة تورطا في السرقة تحت طائلة التهديد بمالبو

تمكنت عناصر الأمن الحضري الخارجي ملبو التابع لأمن دائرة سوق الإثنين بولاية بجاية من توقيف رجل و إمرأة يبلغان من العمر 29 و 34 سنة تورطا في قضيتي تكوين جمعية أشرار و إنشاء محل لممارسة الدعارة. تفاصيل العملية جاءت بعد تسجيل شكوى لضحية مفادها تعرضه للسرقة تحت طائلة التهديد من قبل رجل و إمرأة بالجهة الساحلية لمدينة ملبو فور ذلك تنقلت عناصر الشرطة إلى عين المكان، أين تم توقيف المشتبه فيهما، وتحويلهما إلى مركز الشرطة لإستكمال التحقيق في قضية الحال، و بعد تكثيف التحريات تبين تورطهما في قضية إنشاء محل لممارسة الدعارة. وقد تم إنجاز ملف جزائي ضد المشتبه فيهما لأجل قضيتي تكوين جمعية أشرار لغرض إرتكاب جنح السرقة تحت طائلة التهديد مع توافر ظرف التعدد و إنشاء محل لممارسة الدعارة، وتم تقديمهما أمام نيابة خراطة المختصة إقليميا. وبعد إجراء المثول الفوري صدر ضد كل واحد منهما عقوبة ثلاث (03) سنوات حبس نافذة، وغرامة مالية قدرها 300000 دج نافذة مع الإيداع في الجلسة عن قضية السرقة، وعقوبة عام (01) حبس وغرامة مالية قدرها 100000 دج للمشتبه فيه الرئيسي عن قضية إنشاء محل لممارسة الدعارة.

مقالات مشابهة

  • بين دفتين لن تتكلم لغتي للأديب الناقد د. عبد الفتاح كيليطو
  • عاجل. تصادم بين طائرة عسكرية كورية جنوبية بدون طيار ومروحية ولا إصابات
  • مسافر يوثق ومضات البرق والأعاصير التي ضربت أمريكا‬⁩ من نافذة الطائرة .. فيديو
  • بجاية: توقف رجل و إمرأة تورطا في السرقة تحت طائلة التهديد بمالبو
  • الزينة التراثية الشعبية في رمضان بين الأمس وتقنيات اليوم
  • ليالي رمضان.. التراث والموسيقى والأدب في أمسيات صندوق التنمية الثقافية
  • احتفالًا بالمدينة العمانية
  • طائرات عسكرية روسية تدخل منطقة الدفاع الجوي الكورية الجنوبية
  • حكايات شهرزاد|| ويسألونك عن الزُهد (2)