صديق السيد البشير*
Siddigelbashir3@gmail.com
"كمْ قليلٌ من الناس يترك في كل شيء مذاق.”
(مظفر النواب)
قليل من الناس، من يترك في كل شيء مذاقا، ترك مظفر النواب مذاقا في الأدب على مختلف الصعد، لكن المعز محمد شريف، ترك مذاقا في فعل الخيرات والمسرات، لتلحقه الدعوات في الأيام المباركات أيام رحيله عن دنيانا الفانية، اسبغ الله على قبره شآبيب الرحمة والغفران.
قضى المعز سنوات عمره، ساعيا في قضاء حوائج الناس بمحبة وتجرد ونبل وإنسانية، ليدخل ضمن زمرة الذين إختصهم الله بقضاء حوائج الناس، الذين حببهم الله إلى الخير، وحبب الخير إليهم، أنهم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة.
المعز شريف أحد الذين قصدهم أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ، الإمام الشافعي في لوحة زاهية رسمها بالكلمات حين أنشد :
إِنَّ لِلَّهِ عِباداً فُطَنا
تَرَكوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا
نَظَروا فيها فَلَمّا عَلِموا
أَنَّها لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنا
جَعَلوها لُجَّةً وَاِتَّخَذوا
صالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا
وضع بصمتة مضيئة في كتاب الأعمال الإنسانية، سعيا بين مسح دمعات من وجوه الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والمتعففين، إلى جانب الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين ربطتهم به علاقة خاصة، مزينة بحميمية التواصل وجلائل الأعمال، ليستعيد بذلك تجارب البروفيسور فيصل محمد مكي محجوب عبدالحفيظ (رحمة الله عليهما) في (الصلات الطيبة)، النافذة البصرية المهمة المختصة بشريحة الأشخاص ذوي الإعاقة، التي بثت على شاشة تلفزيون السودان قبل سنوات خلت، ليتبعهم في ذات الدرب النبيل، عبدالله محمد الحسن من خلال برنامج (بنك الثواب)، كأن حالهم يقول : (وأينما زُرِعتَ فأثمِر).
ملأ المعز محمد شريف الدنيا وشغل الناس، حيا وميتا، ليشق نعيه الجميع من عارفي فضله، الذين بذلوا التدوينات، من صوتيات، ومرئيات، ونصوص، تلك التي تناولت سيرته الباذخة، عطاء ومنجزات، التي خاطبت الأسماع والأبصار والعقول، المبذولة على المنصات الرقمية المختلفة.
أصبح نموذجا يحتذى به في قضاء حوائج الناس بتجرد ونكران ذات، ليغادر _وفق كلمات هند عبدالمجيد _بهدوء في أيام مباركة من شهر رمضان الكريم، "المعز محمد شريف" هو الإنسانية و العطاء لأجل العطاء، ما جعله يسكن القلوب فبكته العيون فلتغشاك رحمة الله)، اللهم في جنات وعيون وزروع ومقام كريم يا رب العالمين.
*صحافي سوداني
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
سامحوني
كلام الناس
نورالدين مدني
لاحظت أنني أصبحت سريع الانفعال اتوتر لأتفه الأسباب، الأمر الذي جعلني أخطئ مع أولادي وأحفادي رغم أنهم أحاطوني بكل الحب الذي كنت افتقده في حياتي الخاصة بأستراليا الرحيبة.
إنني أدرك أسباب هذا التحول السلبي في سلوكي لأنني صدمت من التغير الكبير الذي لمسته (في القاهرة الجديدة) التي سادت في علاقاتها ومعاملاتها الجوانب المادية الجافة، لكن ذلك لا يبرر سلوكي الفظ تجاه الأقربين الذين ما حضرت للقاهرة الا للاطمئنان عليهم.
صحيح أن سطوة المادة سمة عالمية لا تقتصر على القاهرة دون غيرها من عواصم العالم، لكن ما وجدته في أستراليا الرحيبة من حياة كريمة ورعاية وخدمات افتقدتها فجأة في القاهرة.
لم اقصد المقارنة بين ما وجدته في أستراليا التي احتضنتني بعد أن ضاقت بي أرض السودان بما رحب وبين مصر التي لا ذنب لها فيما جرى من متغيرات ضاغطة أثرت في حياة الناس وسلوكهم المجتمعي، لكنني قصدت مراجعة نفسي بعدما شعرت بأنني تأثرت بهذه المتغيرات الضاغطة وأثرت سلباً في علاقاتي ومعاملتي مع من أحب.
أكتب هذا الإعتذار الخاص واتقدم بجزيل الشكر لأولادي وأحفادي وأهلي العالقين بمصر ولكل الذين تكبدوا مشاق الحضور من مناطق بعيدة لزيارتنا، والشكر موصول لزملاء المهنة من الصحفيين الذين شرفونا بالزيارة وحتى الذين حيونا من على البعد عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
بقيت لنا أيام معدودة في أم الدنيا التي ما زالت بخير رغم كل مظاهر القسوة التي شوهت سلوك بعض مواطنيها وبعض من تأثروا بالحياة فيها، أسأل الله عز وجل أن تزول أسباب معاناة السودانيين في الداخل و في جميع أنحاء العالم، وأن يسود السلام في بلادنا وفي العالم أجمع، وأن نسترد جميعنا عافيتنا النفسية والمجتمعية بلا منغصات أو مهددات أو ضغوط.
أرجوا أن تسامحوني على كل هفوة اقترفتها تجاهكم مهما صغرت أو كبرت، وأسأل الله أن يجمعنا على خير وفي خير، وأن يشملنا جميعاً بواسع رحمته وكريم رعايته أنه نعم المولى ونعم النصير.