مخاوف من اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد.. كيف ستؤثر على الاقتصاد العالمي؟
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
أكد تقرير نشره موقع "دايلي إيكونومي" على أنّ اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد، قد يسبب كارثة على الاقتصاد العالمي، مخلفا عواقب وخيمة تؤثر سلبًا على جميع الأطراف.
وقال التقرير، إنّ الرئيس دونالد ترامب نفّذ وعوده الانتخابية أخيرًا بفرض تعريفات جمركية شاملة، ما يعكس تحولا جذريا نحو سياسات الحماية الاقتصادية، موضحا أنه أعلن عن فرض تعريفات بنسبة 25 بالمئة على الواردات من كندا والمكسيك، و10 بالمئة على الصين.
وشدد على أن فرص التوصل إلى اتفاق قد انتهت. ولم يتوقف ترامب عند هذا الحد، بل وسّع نطاق التعريفات لتشمل نسبة 25 بالمئة على منتجات الصلب والألمنيوم الأوروبية ودول أخرى، مهددًا حلفاء آخرين بإجراءات مماثلة.
وبيّن التقرير، أن "رد الفعل ظهر بشكل فوري؛ حيث ردت كندا بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على المنتجات الأمريكية، واتخذت خطوات تصعيدية، مثل سحب الخمور الأمريكية من الأسواق، وتهديدها بقطع الكهرباء عن الولايات المتحدة. وهذا التصعيد دفع الرئيس ترامب إلى التفكير في مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم الكنديين".
في الوقت ذاته، ردت الصين والاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على منتجات أمريكية مثل الملابس والويسكي. وردًا على ذلك، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية ضخمة تصل إلى 200 بالمئة على النبيذ والشمبانيا الأوروبيين، ما ينذر بتصعيد أكبر للتوترات التجارية.
ووفق الموقع، فإن الاقتصاديين وقادة الأعمال يرون أن هذه السياسات قد تسفر عن ارتفاع ملحوظ في الأسعار، واضطرابات في سلاسل التوريد، وردود فعل انتقامية من الأطراف المتضررة. ومثل هذه التفاعلات قد تُفضي إلى اندلاع حرب تجارية شاملة، مع ما يترتب على ذلك من اضطرابات اقتصادية واسعة النطاق على المستوى العالمي.
وأشار الموقع إلى أنه يرغم ادعاء ترامب أن الرسوم الجمركية تُحمّل الدول الأجنبية التكاليف، إلا أن الواقع يكشف أنها تُثقل كاهل الأسر الأمريكية؛ حيث تُشير الدراسات إلى أن هذه الحواجز التجارية قد تؤدي إلى زيادة نفقات الأسر بمعدل يتراوح بين 2600 و3900 دولار سنويًا، مع ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة تصل إلى 2.8 بالمئة. ومن اللافت أن الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط تتحمل العبء الأكبر، ما يجعل هذه السياسة ذات تأثير رجعي وضار على الفئات الأكثر ضعفًا.
ومن بين أكثر الادعاءات إثارة للدهشة التي قدمها ترامب هو أن الرسوم الجمركية قد تسهم في خفض أسعار البقالة، لكن الواقع يعكس صورة مغايرة تمامًا، فالولايات المتحدة تعتمد بصورة كبيرة على الواردات لتلبية احتياجاتها من 55 بالمئة من الفواكه الطازجة، و32 بالمئة من الخضراوات الطازجة، و94 بالمئة من المأكولات البحرية.
تنوع الخيارات الغذائية
وأفاد الموقع بأن هذه الواردات تضمن تنوع الخيارات الغذائية واستقرار الأسعار على مدار العام. ومع فرض رسوم جمركية جديدة، سيصبح الوصول إلى هذه المنتجات أكثر صعوبة، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقليل الخيارات المتاحة. والرسوم الجمركية الحالية على لحوم البقر والمأكولات البحرية والسكر تزيد بالفعل من التكاليف، ومع إضافة مزيد من التكاليف سيتفاقم الوضع تفاقمًا أكبر.
ويزعم ترامب أن الرسوم الجمركية تحمي الشركات والمزارعين الأمريكيين، لكن الوقائع التاريخية تشير إلى عكس ذلك. فخلال ولايته الأولى، تسببت الرسوم الجمركية على السلع الصينية في أضرار كبيرة للمستهلكين والمزارعين الأمريكيين. وأدت الإجراءات الانتقامية من الشركاء التجاريين إلى انخفاض مبيعات المزارع إلى الصين بأكثر من 50 بالمئة، وزيادة حالات إفلاس المزارع بنسبة 20 بالمئة، وهذا الانهيار دفع الحكومة إلى تقديم عمليات إنقاذ بمليارات الدولارات.
وذكر الموقع أنه بالإضافة إلى ذلك؛ تؤدي الرسوم الجمركية الأمريكية إلى رفع تكاليف الإنتاج على الشركات المصنعة. ففرض رسوم بنسبة 25 بالمئة على الواردات من المكسيك وكندا سيزيد من تكاليف الإنتاج بصورة كبيرة، وقد يرفع أسعار السيارات بما يصل إلى 3000 دولار، ويخفض أرباح الأسهم بنسبة تصل إلى 50 بالمئة لشركات مثل جنرال موتورز وستيلانتس، و25 بالمئة لشركة فورد. وهذه السياسات قد تعطل سلاسل التوريد، وتحد من الابتكار، وتؤدي إلى فقدان الوظائف.
وتشير دراسة حديثة إلى أن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الوسيطة -وهي مكونات أساسية تُستخدم في التصنيع المحلي- تُضعف القدرة التنافسية للشركات الأمريكية من خلال زيادة تكاليف الإنتاج. وحتى مع إعفاء المنتجات النهائية لحماية الفئات ذات الدخل المنخفض، فإن ارتفاع تكاليف المدخلات يُثقل كاهل الشركات، التي غالبًا ما تنقل هذه التكاليف إلى المستهلكين.
وشدد الموقع على أن الأدلة واضحة؛ فالرسوم الجمركية لا تدعم الصناعات الأمريكية، بل تُضعفها. فهي تؤدي إلى تضخم الأسعار، وتحد من المنافسة، وتُضعف العلاقات التجارية الدولية. ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية في عام 2021، فإن إلغاء الرسوم الجمركية على الواردات الزراعية قد يُحسن رفاهية المستهلك الأمريكي بمقدار 3.5 مليارات دولار سنويًا. كما خلصت دراسة أجراها معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن الرسوم الجمركية المقترحة قد ترفع الأسعار بنسبة 2 بالمئة وتُخفض النمو الاقتصادي الأمريكي بأكثر من 1 بالمئة بحلول عام 2026.
ونوه الموقع إلى لن تقتصر تداعيات أجندة ترامب الحمائية على الأسر الأمريكية فحسب، بل ستمتد لتُرهق التحالفات الدولية وتُعيق النمو الاقتصادي العالمي، فقد وصفه الاتحاد الأوروبي بـ"صين مصغرة" وتهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على السلع الأوروبية قد يُفاقم من الأزمة الاقتصادية في ألمانيا، خاصة في قطاع السيارات الذي يُعد العمود الفقري لاقتصادها. ومع وجود 780 ألف وظيفة مهددة بسبب تراجع الأرباح والمنافسة المتزايدة من السيارات الكهربائية الصينية، تواجه الصناعة الألمانية تحديات هائلة.
تخفيض نمو التجارة العالمية
إن استمرار الحرب التجارية لمدة طويلة قد يُلحق أضرارًا جسيمة بالاقتصاد العالمي. ويُحذر المحللون من أن هذه الحرب قد تُخفض نمو التجارة العالمية بمقدار 2.4 نقطة مئوية، وتُهدد صادرات بقيمة 510 مليارات دولار، وتُقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يصل إلى 2.3 نقطة مئوية. ستكون العواقب وخيمة وتؤثر سلبًا على جميع الأطراف.
وبحسب الموقع؛ فالتاريخ يُؤكد أن ازدهار الأمم يعتمد على الانفتاح، لا العزلة. ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية وازدياد الدعوات إلى "تفكيك العولمة"، تُخاطر الولايات المتحدة بالوقوع في فخ أخطاء الماضي؛ حيث إن التوجه نحو السياسة الحمائية سيُضعف الاقتصاد الأمريكي ويُعرقل النمو الاقتصادي على مستوى العالم.
ومن إحدى القضايا النادرة التي يُجمع عليها خبراء الاقتصاد أن التجارة الحرة تُعد محركاً للابتكار ومصدراً رئيسياً لتحقيق فوائد ملموسة للمستهلكين. فمن خلال توسيع الخيارات المتاحة، وتعزيز التنافسية، وتسريع وتيرة التطور التكنولوجي، لعبت التجارة الحرة دورًا كبيرًا في تحفيز النمو الاقتصادي. في المقابل، تُظهر التجارب أن السياسات الحمائية - كفرض الرسوم الجمركية والحواجز التجارية - تؤدي حتمًا إلى زيادة الأسعار، وتراجع الكفاءة، وتقليص فرص العمل.
على الرغم من وعود التجديد الاقتصادي، فإن السياسات الجمركية التي يتبناها ترامب قد تُلحق أضرارًا تفوق فوائدها، ما يؤدي إلى الركود بدلًا من الانتعاش، بينما العودة إلى التجارة الحرة، بدءًا من الإلغاء الأحادي للرسوم الجمركية، يمكن أن تُعيد القدرة التنافسية، وتُخفّض تكاليف المستهلك، وتُصلح العلاقات التجارية الدولية المتوترة.
واختتم الموقع بالقول إنه لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد، ينبغي للولايات المتحدة مقاومة إغراء السياسة الحمائية، فالطريق إلى النمو المستدام والازدهار الدائم يكمن في الانفتاح الاقتصادي، لا في العزلة، ولقد أثبتت التجارة الحرة عبر التاريخ أنها ركيزة أساسية لاقتصاد عالمي أكثر ديناميكية وترابطًا.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار أن الرسوم الجمرکیة بفرض رسوم جمرکیة النمو الاقتصادی التجارة الحرة على الواردات بالمئة على جمرکیة على بنسبة 2 إلى أن أن هذه
إقرأ أيضاً:
كيف رد الاتحاد الأوروبي وكندا على حرب ترامب ضدهم في الرسوم الجمركية؟
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا يسلط الضوء على تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وكل من الاتحاد الأوروبي وكندا.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الاتحاد الأوروبي وكندا ردا الأربعاء على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصلب والألومنيوم بفرض رسوم جمركية على منتجات بمليارات الدولارات، محذرين من اتخاذ المزيد من الإجراءات.
وقال الاتحاد الأوروبي إن رده سيستهدف حوالي 28 مليار دولار من الصادرات الأمريكية، بينما أعلنت كندا عن رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على ما يقرب من 20.7 مليار دولار من السلع الأمريكية.
وكانت الولايات المتحدة قد قررت رفع الرسوم الجمركية على الواردات العالمية من الصلب والألومنيوم إلى 25 بالمئة، في أحدث إجراء ضمن حملة ترامب المستمرة لإعادة تشكيل علاقة أمريكا التجارية مع بقية دول العالم.
وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن أسفها الشديد لهذا الإجراء، مؤكدة أنها ومسؤولين أوروبيين آخرين ما زالوا مستعدين للتفاوض.
من جانبه، قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلان إن الحكومة الكندية تتبع نهج "الدولار مقابل الدولار"، ردًا على الزيادة التي أقرها ترامب على رسوم الصلب والألومنيوم.
ومن المنتظر أن تؤثر الرسوم الجمركية الجديدة التي ستفرضها كندا على ما 8.7 مليار دولار من منتجات الصلب، و2.08 مليار دولار من منتجات الألومنيوم، و9.85 مليار دولار من السلع الأمريكية الأخرى.
الضغط على إدارة ترامب
وذكرت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي فرض خلال فترة رئاسة ترامب الأولى رسوما جمركية موجهة لتحقيق أقصى قدر من التأثير السياسي، مستهدفًا الصناعات الأمريكية التي تسيطر عليها تقليديا قيادات الحزب الجمهوري.
وأضافت أن دول الاتحاد الأوروبي خططت خلال الفترة الماضية للرد بأفضل طريقة ممكنة على إجراءات ترامب، مع علمها أن الحرب التجارية ستضر بالجانبين وتعرقل مساعي الوصول إلى اتفاق مع إدارة ترامب.
وأكد الاتحاد الأوروبي أن التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة - التي تستهدف المنتجات التي تحتوي على الصلب والألومنيوم - ستؤثر على حوالي 28 مليار دولار من صادرات الاتحاد الأوروبي، مضيفا أنه يعتزم الرد بشكل متناسب.
وقالت المفوضية الأوروبية إن الاتحاد سيعيد فرض رسوم جمركية تعود إلى فترة ولاية ترامب الأولى، ابتداءً من الأول من نيسان/ أبريل.
وأوضح الاتحاد أنه سيفرض رسومًا على منتجات جديدة تزيد قيمتها عن 19 مليار دولار، وسيقوم المسؤولون بالتشاور خلال أسبوعين لوضع اللمسات الأخيرة على القائمة، بهدف فرض الرسوم الجديدة الشهر المقبل على السلع المقترحة، ومنها الأجهزة المنزلية ولحوم الأبقار والدواجن.
وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الاتحاد يحاول ضرب الولايات المتحدة في قطاعات مهمة، وأضاف أن الهدف الآخر هو دفع الشركات الأمريكية إلى الضغط على إدارة ترامب لإلغاء الرسوم.
وقد أوضح القادة الأوروبيون أنهم يفضلون التفاوض وإقناع ترامب بالتخلي عن الرسوم الجمركية، معبرين عن أملهم في أن تحفز إجراءات الاتحاد الأوروبي الجديدة فرص التوصل إلى اتفاق.
فترة صعبة
أشارت الصحيفة إلى أن هذه الرسوم الجمركية تأتي في وقت صعب بالنسبة لاقتصادات الاتحاد الأوروبي، الذي تعد الولايات المتحدة أكبر سوق لصادراته، حيث تعاني أقوى اقتصادات أوروبا من تباطؤ النمو، وتستعد الشركات حاليا لاحتمال نشوب حرب تجارية طويلة الأمد.
وحسب الصحيفة، فإن الاتحاد الأوروبي لم يتفاجأ بإجراءات ترامب، وكان قد أنشأ مجموعة عمل يُطلق عليها بشكل غير رسمي "فريق عمل ترامب"، تقوم منذ السنة الماضية على وضع استراتيجية للتعامل مع ترامب في حال فوزه بالرئاسة، وتركز على السيناريوهات المحتملة على صعيد المبادلات التجارية.
ويقول دبلوماسيون إن مسؤولي الاتحاد الأوروبي واجهوا صعوبات في ترتيب اجتماعات مع بعض نظرائهم الأميركيين، وفي تحديد الأطراف التي يمكن الضغط عليها داخل الإدارة الحالية، نظراً لحالة عدم اليقين بشأن كيفية اتخاذ القرارات الأميركية.
استياء في البرازيل
أضافت الصحيفة أن حرب الرسوم الجمركية التي يشنها ترامب أدت إلى اضطراب العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وعدة دول أخرى، بينها البرازيل.
وقالت واشنطن بوست إن المسؤولين في البرازيل عبروا عن استيائهم من أنباء فرض رسوم جمركية على الصلب البرازيلي. وتعد الولايات المتحدة أكبر سوق خارجي لقطاع الصلب في البلاد، حيث بلغت الصادرات 3.4 مليون طن من ألواح الصلب سنة 2024، وفقًا لمعهد الصلب البرازيلي.
وفي حديثه في مصنع للسيارات جنوب شرق البرازيل، قال الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إن ترامب لن يخيفه.
من جانبه، قال وزير المالية البرازيلي، فرناندو حداد، إن بلاده ليست مستعدة حاليا للرد برسوم جمركية.
واعتبر حداد أن قطاع الصلب البرازيلي لا ينافس صناعة الصلب الأمريكية، بل يتكامل معها، مضيفا أن البرازيل ستحاول في الوقت الحالي التفاوض على طريقة للخروج من الأزمة.