منذ 60 عاماً كانت لحظة الميلاد، انتقلت من ضيق موجات الأثير إلى رحابة الشاشة الفضية، وكانت بمثابة اللحظة التاريخية التى دخلت فيها الدراما المصرية مرحلة جديدة تناسب تقنيات البث التليفزيونى من خلال تقديم أول مسلسل تليفزيونى «هارب من الأيام» للمخرج نور الدمرداش، لتكون تلك التجربة الأولى التى فتحت الباب بعدها لمجموعة كبيرة من أعمال درامية كونت القوة الناعمة لمصر فى الوطن العربى والعالم أجمع.

موضوعات اجتماعية فى لوحات فنية تتحدى الزمن رسمت تاريخاً طويلاً يؤكد ريادة الفن والدراما المصرية فى الوطن العربى، حتى أصبحت اللهجة المصرية هى الأكثر شيوعاً وفهماً فى الدول العربية من الخليج إلى المغرب العربى، وبجانب كونها أداة فعّالة من أدوات القوة الناعمة لعبت الدراما المصرية دورا مهما في التوثيق المجتمعى لمصر على مدار أكثر من 60 عاماً، أو كما وصفتها الكاتبة عزة أحمد هيكل صاحبة «موسوعة الدراما التليفزيونية» بـ«جبرتى العصر الحديث» حيث أرّخت للتغيّرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، التى مرت على المجتمع المصرى خلال تلك العقود الستة.

كان عام 1962 نقطة البداية للدراما التليفزيونية بشكلها المتعارف عليه، وما قبلها كان مجرد سهرات درامية، وشهد العام تقديم تجربتين، الأولى «هارب من الأيام» للمخرج نور الدمرداش، التى شاركت فى بطولتها مجموعة كبيرة من النجوم، وكانت مأخوذة عن رواية للكاتب ثروت أباظة، والعام نفسه صدر مسلسل «لمن نحيا» إخراج حسين كمال، من بطولة سهير البابلى.

وكانت الدراما التليفزيونية نقطة تحول فارق من سيطرة الإذاعة على النصوص الدرامية، ليُعيد عدد من المخرجين تقديم المسلسلات الإذاعية الناجحة كمسلسلات تليفزيونية، وبدأت الأعمال الدرامية تشهد تطوراً فى مستوى الكتابة والتنفيذ والصورة، مما يجعلها تليق بالوسيط الجديد.

وفى العام التالى 1963 ارتفع عدد المسلسلات إلى ما يقرب من 6 أعمال، بخلاف السهرات الدرامية، وتربّع المخرج نور الدمرداش على عرش الدراما التليفزيونية، مقدماً مجموعة من التجارب البارزة خلال الستينات والسبعينات حتى عُرف بلقب «ملك الفيديو»، كما ظهر عدد من الأسماء الجديدة فى ذلك الوقت، من بينها المخرج الكبير إبراهيم الصحن، ومحمد فاضل، وإبراهيم الشقنقيرى، وعادل صادق، ويحيى العلمى، وتطورت حلقات المسلسلات من السبعينات إلى 13 و15 حلقة، ومن بعدها إلى 20 حلقة.

فى الثمانينات دخلت الدراما التليفزيونية مرحلة جديدة، حيث بدأت تعكس التغيّرات الاجتماعية التى طرأت على المجتمع المصرى، حيث لم تكن الدراما بمعزل عن السياق الاجتماعى، حيث أصبحت تلتفت إلى أزمات المجتمع وتناقشها، وتروّج لمبادئ وقيم هذا المجتمع أو تسعى لإلغاء بعض السلبيات والمفاهيم المرفوضة، وتم تقديم خلال تلك الفترة مجموعة كبيرة من الأعمال المهمة ذات الطابع الاجتماعى، خاصة بعدما انتقل نجوم السينما إلى الدراما التليفزيونية.

ومن هذه الأعمال «أبنائى الأعزاء.. شكراً» بطولة عبدالمنعم مدبولى، بجانب مجموعة من النجوم الشباب فى ذلك الوقت: يحيى الفخرانى، صلاح السعدنى، فاروق الفيشاوى، آثار الحكيم، ومحمود الجندى، و«هند والدكتور نعمان» بطولة النجم كمال الشناوى، و«هو وهى»، الذى كان التجربة الوحيدة للنجمة سعاد حسنى فى الدراما التليفزيونية، وشارك أمامها فى البطولة أحمد زكى، و«زينب والعرش» و«رحلة السيد أبوالعلا البشرى» للنجم محمود مرسى.

ومع النصف الثانى من الثمانينات بدأت الدراما تخرج إلى أنواع أوسع، منها الدراما البوليسية، ولا تقتصر على الدراما الاجتماعية فقط، ويعتبر الكثير من المؤرخين فترة الثمانينات والتسعينات هى العهد الذهبى للدراما المصرية، فكانت الكتابة نقطة القوة فى الدراما، وقدم الكتاب فى أعمالهم الدرامية تجارب متكاملة، وكان هناك عدد من الشخصيات التى كان لها دور كبير فى ترسيخ الدراما المصرية، على رأسهم الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، الذى نجح فى خلق شخصيات نابضة حية من واقع المجتمع المصرى، وبها شىء من الجاذبية، ليرتبط به المشاهد على مدار عقود طويلة، لتظل أعماله بمثابة أيقونات، من بينها: «الشهد والدموع»، و«ليالى الحلمية»، و«الراية البيضا»، و«ضمير أبلة حكمت»، و«أرابيسك».

شهدت الفترة نفسها عدداً من الأسماء البارزة فى التأليف، منها محمد جلال عبدالقوى، صاحب «المال والبنون»، و«نصف ربيع الآخر»، و«حياة الجوهرى»، ويسرى الجندى بـ«على الزيبق»، و«شارع المواردى»، و«السيرة الهلالية»، ومحمد صفاء عامر بـ«ذئاب الجبل»، و«حلم الجنوبى».

وشهدت الدراما المصرية تقديم مجموعة كبيرة من الأعمال المأخوذة عن أصل روائى، منها أعمال أديب نوبل نجيب محفوظ: «حديث الصباح والمساء»، و«قشتمر»، و«الثلاثية» بالإضافة إلى «خان الخليلى»، وكان للدراما الوطنية مساحة محفوظة على المائدة الدرامية حيث قدم الفنان محمود عبدالعزيز ملحمة «رأفت الهجان» على مدار 3 أجزاء، بينما قدم الفنان عادل إمام شخصية الجاسوس المصرى جمعة الشوان فى مسلسل «دموع فى عيون وقحة»، بجانب مجموعة من التجارب فى الدراما الدينية والتاريخية، منها «محمد رسول الله» بأجزائه، و«عمر بن عبدالعزيز»، و«رجل الأقدار»، و«هارون الرشيد» التى قدمها الفنان الراحل نور الشريف.

وحظيت مسلسلات السير الذاتية باهتمام كبير على مدار تاريخ الدراما المصرية، من أبرزها مسلسل «الأيام» الذى جسّد من خلاله النجم الراحل أحمد زكى سيرة الأديب طه حسين، و«رفاعة الطهطاوى» الذى تناول سيرة العالم الكبير، بالإضافة إلى مسلسل «أم كلثوم»، و«إمام الدعاة» عن حياة الشيخ محمد متولى الشعراوى، الذى قدّمه الفنان حسن يوسف.

وفى الألفية الجديدة شهدت الدراما التليفزيونية تغييرات لتواكب التغييرات المجتمعية، التى طرأت على المجتمع، وكان لها دور كبير فى تشكيل الوعى والوجدان وإرساء قيم مجتمعية مهمة، والتصدى لممارسات خاطئة من خلال مخاطبة الفكر والتوعية، كان من بينها إدمان المخدرات والزواج العرفى بين الشباب وعمالة الأطفال وغيرها من القضايا المهمة.

ونجحت الشركة «المتحدة» للخدمات الإعلامية فى النهوض بالدراما المصرية بعد الوعكة التى تعرّضت لها، وأعادت الريادة للدراما والفن المصرى ووضعته على المسار الصحيح، وضبط الساحة الدرامية من خلال استراتيجية واسعة للتطوير على أكثر من جانب، وأصبحت الدراما موجودة على شاشات التليفزيون على مدار العام، ولا تقتصر على الموسم الرمضانى، مما خلق حالة واسعة من التنوع والتكامل فى المحتوى بالشكل الذى يخدم المتلقى.

وقدّمت «المتحدة» فى السنوات الأخيرة عدداً من التجارب المهمة، منها سلسلة «الاختيار» للمخرج بيتر ميمى، التى تعتبر وثيقة مصوّرة للأجيال المقبلة، بعدما ألقى الضوء على البطولات الخفية وتضحيات رجال الجيش والشرطة المصرية، فى مواجهة الأخطار، التى هدّدت البلاد والقضاء على شبح الإرهاب الأسود، وكواليس تلك المرحلة التى تعتبر الأخطر فى تاريخ مصر الحديث، بجانب عدد من الأعمال الأخرى، منها «الكتيبة 101»، و«العائدون» و«حرب».

كما أعادت الدراما العائلية مرة أخرى فى عدد من الأعمال التى حازت إعجاب الجمهور، منها «أبو العروسة»، «عائلة زيزو»، «العيلة دى» وغيرها من الأعمال، وشهد موسم الدراما الرمضانية الماضى عدداً من الملامح المهمة، كما تمت إعادة الاعتماد على الروايات وتحويلها إلى أعمال درامية، بالإضافة إلى تقديم الدراما الدينية والتاريخية من خلال مسلسل «رسالة الإمام»، الذى حقق نجاحاً كبيراً على المستوى الجماهيرى والنقدى وقت عرضه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مهرجان القاهرة للدراما الدراما المصریة مجموعة کبیرة من من الأعمال على مدار من خلال عدد من

إقرأ أيضاً:

هل تصل لــ40 درجة ؟| مفاجأة بشأن طقس الأيام المقبلة.. إيه الحكاية؟

تكثر تساؤلات المواطنين خاصة خلال فصل الشتاء، عن معرفة آخر مستجدات الطقس بشكل يومي، نظرًا لتغيراته المفاجئة وتأثيره المباشر على حياتهم اليومية.

 ستصل الى 33 

تواصل الموجة الحارة تأثيرها على مختلف أنحاء البلاد، حيث شهدت مصر ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة خلال الأيام الماضية، مما أدى إلى تسجيل درجات حرارة قياسية في عدة مناطق، بينما تستمر في الارتفاع حتى  الثلاثاء المقبل.

كشفت الدكتورة منار غانم، عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن البلاد تشهد حاليًا موجة حارة مفاجئة نتيجة التأثر بكتل هوائية قادمة من شبه الجزيرة العربية، إلى جانب امتداد مرتفع جوي في طبقات الجو العليا، مما يؤدي إلى طقس مشمس وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة خلال ساعات النهار.

وأوضحت غانم، خلال تصريحات إعلامية أن درجات الحرارة العظمى على القاهرة الكبرى تتجاوز 30 درجة مئوية، ومن المتوقع أن تصل إلى 33 درجة يومي الأحد والإثنين المقبلين، وهي ذروة هذه الموجة، كما تتراوح درجات الحرارة في السواحل الشمالية بين 28 و30 درجة، بينما تسجل محافظات الصعيد مستويات أعلى تصل إلى 35 و36 درجة مئوية في الجنوب.

وأضافت منار غانم أن الطقس خلال الليل سيشهد ارتفاعًا طفيفًا في درجات الحرارة الصغرى، حيث تتراوح بين 18 و19 درجة مئوية في القاهرة الكبرى، وبين 15 و16 درجة في محافظات الصعيد، مع استمرار الشعور ببعض البرودة خلال ساعات الليل المتأخرة.

وأكدت أن هذه الموجة الحارة ستستمر حتى منتصف الأسبوع المقبل، وتحديدًا حتى يوم الثلاثاء، قبل أن تعاود درجات الحرارة الانخفاض التدريجي، مشددة على أن البرودة لن تكون بنفس شدة موجات الشتاء، ومع ذلك يُنصح بعدم التخفيف الكامل للملابس، خاصة خلال فترات الليل والصباح الباكر، لتجنب نزلات البرد.

وأشارت غانم إلى أن الشبورة المائية ستكون من الظواهر الجوية المؤثرة خلال هذه الفترة، خاصة في الساعات المتأخرة من الليل حتى الثامنة صباحًا، مما قد يؤدي إلى انخفاض في الرؤية الأفقية على بعض الطرق الزراعية والسريعة والقريبة من المسطحات المائية.

 أول موجة صيفية مبكرة في مصر 

 كشف الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ، أن الموجة الحارة الحالية تعد أول موجة صيفية مبكرة في مصر هذا العام، حيث شهدت البلاد ارتفاعًا في درجات الحرارة بمقدار 10 درجات عن المعدل الطبيعي. 

ووفقًا لتوقعات الأرصاد، ستبلغ ذروة الموجة الحارة يوم الاثنين 17 مارس 2025، حيث تسجل درجات الحرارة مستويات قياسية تصل إلى 35 درجة مئوية في الوجه البحري، وتتجاوز 37 درجة في محافظات الصعيد.

وأوضح فهيم أن الموجة الحارة ستبدأ في الانحسار التدريجي اعتبارًا من يوم الثلاثاء 18 مارس 2025، حيث ستنخفض درجات الحرارة بمعدل يتراوح بين 8 إلى 10 درجات مئوية، لتعود إلى معدلاتها الطبيعية بحلول السبت 22 مارس 2025، خاصة في محافظات الصعيد التي كانت الأكثر تأثرًا.

وحسب هيئة الأرصاد الجوية، فإن الأجواء الحارة ستستمر حتى نهاية الأسبوع الجاري، ولكن مع تغير في طبيعة الكتل الهوائية المؤثرة على البلاد، سيبدأ الطقس في الاعتدال تدريجيًا مع دخول فصل الربيع رسميًا في 20 مارس 2025.

وأكدت الأرصاد أن الانخفاض في درجات الحرارة سيكون واضحًا خلال ساعات الليل والصباح الباكر، وهو ما يستدعي توخي الحذر في تخفيف الملابس.

وأرجع خبراء الأرصاد الجوية أسباب هذه الموجة الحارة إلى تأثر البلاد بمرتفع جوي في طبقات الجو العليا، مما أدى إلى زيادة ساعات سطوع الشمس وارتفاع درجات الحرارة بشكل غير معتاد لهذا التوقيت من العام. 

و تلعب الكتل الهوائية القادمة من صحراء شبه الجزيرة العربية دورًا في رفع درجات الحرارة، وهو ما جعل بعض المناطق تسجل درجات حرارة أعلى من المعتاد بمقدار 5 إلى 6 درجات مئوية.

ومن المتوقع أن تشهد مصر موجات حارة أخرى خلال الفترة القادمة، خاصة مع اقتراب فصل الربيع الذي يبدأ بعد أيام الذي يتميز بتقلبات مناخية حادة. 

وأشارت هيئة الأرصاد إلى أن التغيرات المناخية العالمية تلعب دورًا رئيسيًا في حدوث موجات حارة مبكرة، وقد يتكرر هذا النمط المناخي خلال الأشهر المقبلة.

وأكدت هيئة الأرصاد الجوية أن انتهاء الموجة الحارة في مصر سيكون تدريجيًا، حيث تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض ابتداءً من منتصف الأسبوع المقبل. 

ونصحت المواطنين بعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس لفترات طويلة، وضرورة شرب كميات كافية من المياه لتجنب آثار الإجهاد الحراري، بالإضافة إلى تجنب تخفيف الملابس بشكل مبالغ فيه، نظرًا لاحتمالية عودة الأجواء الباردة خلال الفترات الليلية والصباح الباكر.

ومع انتهاء الموجة الحارة، يتوقع أن يشهد الطقس حالة من الاستقرار النسبي، مع استمرار التغيرات المناخية المفاجئة التي قد تؤدي إلى انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة. 

مقالات مشابهة

  • ليلى عز العرب: صناع الدراما بيعتبروا شهر رمضان هو الوقت الأمثل لعرض مسلسلاتهم
  • الصعيد.. و"ناسه"
  • وظائف شاغرة لدى الخطوط السعودية للشحن
  • تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة إحسان الترك
  • رحل في هدوء.. الفنان إحسان يترك مسيرة فنية حافلة في السينما المصرية
  • المصرية لشباب الأعمال: إطلاق هوية جديدة لدعم سيدات وشباب الأعمال
  • الجمعية المصرية لشباب الأعمال تحتفل باليوبيل الفضي وتطلق هوية جديدة لدعم رواد الأعمال
  • من "طريق إجباري" إلى تطور الدراما اليمنية: التحديات والفرص في الإنتاج الفني (تقرير)
  • هل تصل لــ40 درجة ؟| مفاجأة بشأن طقس الأيام المقبلة.. إيه الحكاية؟
  • اللواء أركان حرب محمد أبو الفتوح جاب الله يكشف مراحل نشأة وتطور قوات الصاعقة المصرية