فايزة بنت سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

تشرَّفتُ خلال الفترة الماضية بالمشاركة في منتدى إقليمي رفيع المستوى، للتعريف بمبادئ الاتفاق العالمي للأمم المتحدة، والذي نظمته الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، وقد أثار إعجابي عمق المعاني والأهداف التي صيغت عند بلورة مبادئ هذا الاتفاق، الذي يستهدف تعزيز التنمية واستدامتها وبناء مجتمعات متعاضدة فيما بينها، لكن في المقابل، هالتني مفاجأة أن معظم المؤسسات والشركات ذات البصمة الجلية في مشاريع المسؤولية الاجتماعية، لم تكن على دراية كافية بهذا الاتفاق ومبادئه الرصينة؛ بل إن عددًا من الشركات لم تعلم عنه من قبل مُطلقًا!!

والمبادئ العشرة لهذا الاتفاق، الذي يندرج تحت المظلة الأممية، تهدف إلى "إدماج مجموعة من مبادئ المسؤولية البيئية والاجتماعية والأخلاقية في أنشطة الشركات في جميع أرجاء العالم"، وهو ما يعني أننا أمام منظومة متكاملة من المبادئ الساعية إلى تعظيم الاستفادة من مشروعات المسؤولية الاجتماعية، وليس فقط الارتكاز على مشاريع تنموية لا نسمع عنها بمجرد انتهاء يوم افتتاحها! وعندما نتأمل هذه المبادئ وما تتسم به من سمو وما تُعليه من قيم وأخلاقيات، يتضح- بما لا يدع مجالًا للشك- الدور الرائد لجهود المسؤولية الاجتماعية في نهضة المجتمعات، جنبًا إلى جنب مع الجهود الحكومية الأصيلة في هذا الصدد.

المبادئ تتمحور حول ضرورة أن تهتم الشركات بدعم واحترام حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا، والتأكد من أن الشركات ليست متواطئة في انتهاكات حقوق الإنسان، كما إنه يجب على الشركات أن تعمل على مكافحة الفساد بجميع أشكاله بما في ذلك الابتزاز والرشوة، وهذا بحسب الصياغة الرسمية للاتفاق.

الواقع يُشير إلى أن هناك القليل من المهتمين مُطلعين على المبادئ العشرة للاتفاق العالمي للأمم المتحدة، خاصة أنها تمثل دعوة أممية للشركات من أجل "... مواءمة استراتيجياتها وعملياتها مع عشرة مبادئ عالمية تتعلق بحقوق الإنسان، والعمل، والبيئة ومكافحة الفساد، واتخاذ الإجراءات التي تعزز الأهداف المجتمعية وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة"، والتي تعمل على إيجاد مشاريع مستدامة تشارك فيها المجتمعات، والآلآف من الشركات بمختلف القطاعات بالعالم.

ولذلك، وانطلاقًا من المسؤولية الوطنية والاجتماعية لجريدة الرؤية، فقد ارتأينا أن نقود جهدًا مُخلصًا من أجل ترسيخ المعرفة بهذه المبادئ، ونحن في ذلك نترجم التزامنا في "الرؤية" بتطبيق نهج "إعلام المبادرات" الذي يقوده بكل إخلاص رئيس تحرير جريدة الرؤية المكرم حاتم بن حمد الطائي. ومثل هذا الجهد يستهدف في المقام الأول التعريف بهذه المبادئ العشرة، ولذلك تنطلق الدورة الجدية للمنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية يومي 28 و29 أغسطس الجاري في صلالة، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار الموقر، من أجل تسليط الضوء على هذه المبادئ العشرة، وسط حضور رفيع المستوى من داخل سلطنة عُمان وخارجها، ما يُؤكد التزامنا في جريدة "الرؤية" بمواصلة الجهد لأداء الأدوار الإعلامية والاجتماعية المنوطة بنا.

والمنتدى الذي ينعقد بتنظيم من جريدة "الرؤية" وبالتعاون مع الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، تشارك فيه كوكبة من مديري مكاتب الأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، ونُخبة مُميزة من خبراء قطاع المسؤولية الاجتماعية بالوطن العربي، وسيتضمن برنامج العمل تنظيم ورش تدريبية متخصصة، الورشة الأولى تتناول تصميم برامج الاستثمار المجتمعي وقياس مؤشرات الأداء يقدمها الأستاذ الدكتور علي آل إبراهيم نائب رئيس الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، فيما تتطرق الورشة التدريبية الثانية إلى برنامج الاستثمار الاجتماعي في المنظمات ويقدمها سعادة المستشار فايز العمري رئيس المركز الأممي لخدمات المانحين بالشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية.

لقد قطع المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية، شوطًا كبيرًا على مدى السنوات الماضية، واستطاع أن يضع قدمًا راسخة في قطاع المسؤولية الاجتماعية؛ إذ بات منصة دولية تستقطب خبراء المجال من مختلف الدول، ومنارة مضيئة يهتدي بها العاملون في مشروعات المسؤولية الاجتماعية والشراكة، وكل ذلك بفضل الجهود الصادقة والمُخلصة التي يبذلها فريق العمل، ويسعى بكل جدٍ إلى الخروج بأفضل أداء.

وختامًا.. إنَّ المسؤولية الاجتماعية لم تعد فقط مشروعات تخدم المجتمعات المحلية وتنفذها الشركات؛ بل تحوّلت إلى نهج مُستدام يراعي المعايير الدولية ويلتزم بأفضل الممارسات وفق خطط استراتيجية، تتوازى في مساراتها مع خطط الحكومات، من أجل أن يعم الرخاء والازدهار شعوبنا قاطبةً.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: المسؤولیة الاجتماعیة من أجل

إقرأ أيضاً:

الفائزون بجائزة "مسقط تلهمنا" لـ"الرؤية": المسابقات تنمي مهارات المبدعين وتحفز على الابتكار

الرؤية- إيمان العويسية

أشاد الفائزون بجائزة "مسقط تلهمنا" للأفلام القصيرة بدور محافظة مسقط في دعم الإبداع وتطوير الأعمال الفنية، مشيرين إلى أنَّ الجائزة مثلت حافزا لتقديم المزيد من التميز والابتكار وتحقيق الإنجازات وتشجيع المواهب على استمرارية العطاء.

وهدفت المسابقة إلى إظهار جماليات وتضاريس مسقط من خلال تقديم أفلام قصيرة حول المعالم السياحية والثقافية، مما يسهم في تعزيز مكانة مسقط كوجهة سياحية عالمية وتعزيز صناعة الأفلام المحلية ودعم القطاع الإبداعي في عُمان.

واحتفلت محافظة مسقط بالفائزين في مسابقة "مسقط تلهمنا" للأفلام القصيرة تحت رعاية معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسقط، إذ فاز بالمركز الأول فيلم "مسقط جوهرُ الإلهام" للمخرجة سارة بنت عبدالله البلوشية، بينما جاء فيلم "عين السماء" للمخرجة رقية بنت عبدالله الزعابية في المركز الثاني، وفاز فيلم "الجوهرة العُمانية مسقط" للمخرج المهند بن هلال السريري بالمركز الثالث، وحصل على المركز الرابع فيلم "عامرة على مر الزمان" لمحمود بن حمدان الفزاري، والمركز الخامس كان من نصيب فيلم "اكتشف مسقط" لناصر بن عبدالله الهاشمي.  

وقالت سارة بنت عبدالله البلوشية مخرجة فيلم "مسقط جوهرُ الإلهام": "هدُفنا الأساسي ورسالتنا الأسمى من الفيلم هي التّركيز على مسقط العامِرة المُلهمة، وكيف هِي بجمالها الآسر تجذب الجميع لَها، كِيف تُلهِم الفنّان وتجعله ُ يرسم جمالية أماكنها التاريخية والسياحية، كَيف مسقط تلهم الموسيقي فيتغنّى بجمالها، وكيف تُلهِم المصوّر وتكون أساس لقطاته".

وأضافت: "المسابقة بحد ذاتها تعتبر أول تحدٍ لنا، وتغلبنا على عقبة الوقت كوننا طلبة جامعيين بفضل الله وبفضل الفريق المُتعاون والمحبّ للإنجاز والدّعم الخارجي من الأهل والأصدقاء، وأتطلع إلى أن تكون لنا بصمة في تطوير السينما العمانية والمشاركة في الفعاليات العالمية".

بدورها، أوضحت رقية بنت عبدالله الزعابية مخرجة فيلم "عين السماء"، أن الفكرة الرئيسية التي سعت لإيصالها من خلال الفيلم كانت تسليط الضوء على جمال مسقط من زاوية غير تقليدية، مبينة: "قمنا بالتصوير من السماء باستخدام طائرة هليكوبتر لإظهار تمازج الجبال الشامخة مع البحر والمناطق العمرانية الحديثة والتراثية مع التركيز على كيفية تناغم الطبيعة مما يعكس هوية مسقط الفريدة والجميلة".

وأشادت الزعابية بالتعاون المثمر بين أعضاء الفريق وتكامل خبراتهم المتنوعة، مشيرة إلى الدور الكبير الذي لعبته جمعية السينما العمانية من خلال تنظيم ورش تدريبية في التصوير والإخراج، مما ساهم في تعزيز مهارات المشاركين. وأعربت عن امتنانها لفريق الشرقية لخدمات الطيران على ترحيبهم بالفكرة وتعاونهم المثمر، إلى جانب جهود الكابتن وفريق الطيران الذين نسقوا الرحلات الجوية بكفاءة عالية مما أتاح فرصة تصوير مشاهد مبهرة عززت جودة الفيلم وأسهمت في نجاحه.

أما محمود بن حمدان الفزاري مخرج فيلم "عامرة على مر الزمان"، فأشار إلى أن فكرة الفلم ركزت على إظهار مسقط العامرة كحكاية متجددة عبر العصور تعكس التنوع الطبيعي والثقافي الذي يجمع عناصر الحياة، كما أن النجاح يكمن في طبيعة مسقط الحاضرة في كل زاوية مما تجعل المشاهد يعيش بين عبق التاريخ وجمال الحداثة.

وذكر الفزاري: "المسابقة كانت مهمة لتحفيز صناع الأفلام والتشجيع على الإبداع، وفتحت أمامنا فرصًا للتعلم والنمو، ونتطلع إلى المزيد من المسابقات تمثل قدرة الشاب العماني على الإبداع والتميز في الساحة السينمائية".

وقال الفزاري: "من بين التحديات التي واجهناها خلال المشاركة، كان الحصول على التصاريح اللازمة للتصوير في بعض المواقع، حيث تطلب الأمر إذنًا مسبقًا، مما أدى إلى بعض التأخير، كما أن الزحام في بعض الأماكن صعّب عملية التصوير ولكن كانت التجربة ملهمة ومثرية، حيث منحتني دافعًا قويًا لمواصلة الإبداع والتميز الفني في المستقبل".

وفي السياق، بيّن المهند بن هلال السريري فيلم "الجوهرة العُمانية مسقط"، أنَّ الفريق واجه عدة تحديات خلال التصوير مثل الحصول على التصاريح اللازمة للتصوير في مواقع مختلفة، وتنسيق جداول التصوير، مضيفاً: "كان من الصعب اختيار الزوايا واللقطات التي تعكس جمال مسقط بأفضل شكل، كون كل زاوية تعكس جمالاً ورونقاً أفضل، وجمال مسقط دفعني إلى بذل قصارى جهدي للتغلب على هذه التحديات وتقديم فيلم يليق بجمال المحافظة، وكان عامل النجاح الأكبر في إيصال الفكرة من خلال التركيز على جماليات الصورة والتصوير السينمائي الاحترافي في المشاهد والمناظر الطبيعية والتراثية لجذب انتباه الجمهور".

وأكد السريري أن تتويج الفيلم بإحدى المراكز الأولى حافز كبير له لمواصلة مسيرته في عالم الإخراج السينمائي، مبينا: "تزخر السينما العمانية بإمكانات هائلة، وأطمح أن أكون جزءاً من جيل يساهم في تطوير الصناعة السينمائية التي تعكس الهوية الوطنية والتراث المحلي".

بدوره، قال ناصر بن عبدالله الهاشمي مخرج فيلم "اكتشف مسقط": إنه سعى إلى إبراز الجوانب المختلفة لمسقط مثل الإبداع الفني والجمالي في هندستها المعمارية وأسواقها التقليدية، وكذلك الجوانب الثقافية والتراثية التي تعكس عمق المدينة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على مسقط كوجهة سياحية غنية بالقصص والتجارب التي تستحق الاستكشاف، والتأكيد على مكانتها كمدينة حضارة وتاريخ تشكل مزيجًا فريدًا من الأصالة والحداثة.

وأوضح الهاشمي: "التحدي كان في تقديم الفيلم بلغة بصرية تلامس مختلف الثقافات، ووجدنا أنَّ هذه فرصة لإظهار العزيمة والإصرار على تحقيق رؤية مميزة، وبفضل العمل الجاد وبذل الجهد في التصوير استطعنا نقل جمال مسقط بطريقة واضحة".





 

مقالات مشابهة

  • الإمارات تستعرض نهجها الريادي لترسيخ مبادئ وأهداف الاستدامة في السياحة والسفر
  • دافوس 2025 .. الإمارات تستعرض نهجها الريادي لترسيخ مبادئ وأهداف الاستدامة في السياحة والسفر
  • رئيس المجلس القومي تستعرض الرؤية المستقبلية لملف تمكين المرأة أمام الأمم المتحدة
  • دافوس 2025.. لطيفة بنت محمد تناقش مع هيلدا شواب تعزيز الابتكار العالمي وترسيخ النمو الشامل عبر ريادة الأعمال الاجتماعية
  • الأرصاد تحذر: شبورة كثيفة تحجب الرؤية على الطرق
  • هنو: لست ضد قصور الثقافة.. ولكن أي مؤسسة تحتاج إعادة تطوير الرؤية
  • 1.5 مليون مستفيد من مبادرات سمة في المسؤولية الاجتماعية.
  • تاريخ اختراع النظارات الطبية لتحسين الرؤية
  • الفائزون بجائزة "مسقط تلهمنا" لـ"الرؤية": المسابقات تنمي مهارات المبدعين وتحفز على الابتكار
  • الطقس.. 2 كم مدى الرؤية وشرطة أبوظبي تحذر من الهاتف والتصوير