البلاد – جدة
في مشهد جديد يعكس المكانة الدولية المرموقة للمملكة العربية السعودية، أجرى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اتصالًا هاتفيًا مع فخامة الرئيس فلاديمير بوتين، رئيس روسيا الاتحادية؛ لمناقشة تطورات الأزمة الأوكرانية، واستعراض جهود المملكة الرامية إلى تعزيز الحلول الدبلوماسية، وتحقيق الاستقرار الدولي.


وخلال الاتصال، أعرب الرئيس الروسي عن شكره وتقديره العميقين للمملكة على دورها الفاعل، ومساعيها الحميدة في تسهيل الحوار بين الأطراف المعنية بالأزمة الأوكرانية، مؤكدًا أن جهودها تعكس التزامها الراسخ بتعزيز الأمن والاستقرار الدولي. وتأتي هذه الإشادة امتدادًا لسجل طويل من المبادرات السعودية، التي أسهمت في حل العديد من الأزمات الإقليمية والدولية، انطلاقًا من نهجها القائم على الحوار والتفاوض؛ كوسيلة أساسية لتسوية النزاعات.
ونجحت السعودية، بقيادة سمو ولي العهد، في ترسيخ دورها؛ كوسيط موثوق بين القوى العالمية المتنازعة، وهو ما برز بشكل واضح في الأزمة الأوكرانية، حيث أصبحت الرياض نقطة التقاء رئيسية لقادة الدول الكبرى؛ بما في ذلك الولايات المتحدة، وروسيا، وأوكرانيا، في مساعيهم لإيجاد حلول سلمية للأزمة. ويعود هذا الدور المتنامي إلى عدة عوامل؛ أبرزها: النهج المتوازن في العلاقات الدولية، حيث تحافظ المملكة على علاقات متينة مع مختلف القوى العالمية، ما يجعلها قادرة على التواصل الفعّال مع جميع الأطراف، فضلاً عن المصداقية والثقة الدولية؛ إذ تحظى القيادة السعودية، بثقة كبرى العواصم العالمية نظرًا لمواقفها الحيادية، وحرصها على حلول مستدامة للنزاعات. كما يعد الموقع الجيوسياسي للمملكة وثقلها الاقتصادي في سوق الطاقة العالمي عاملاً مؤثرًا؛ يمنحها القدرة على ممارسة دور الوساطة بفعالية.
ولم تكن الأزمة الأوكرانية أول اختبار لنجاح الدبلوماسية السعودية؛ إذ سبق أن لعبت المملكة دورًا محوريًا في عدة ملفات دولية؛ مثل الوساطة في تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والإصرار على حفظ حق الشعب الفلسطيني، عبر حل الدولتين لتكون فلسطين دولة مستقلة في حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتعزيز جهود التهدئة في السودان، والمساهمة في تخفيف التوترات الإقليمية عبر مبادرات دبلوماسية فعّالة.
وفي هذا السياق، أكدت المملكة، على لسان سمو ولي العهد، أن الحل السياسي للأزمة الأوكرانية يظل هو الخيار الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار، مشددة على استمرارها في التواصل مع كافة الأطراف المعنية؛ لضمان تقدم المفاوضات والوصول إلى تسوية عادلة.
وتحوّلت الرياض في السنوات الأخيرة إلى مركز دبلوماسي عالمي، حيث باتت قبلة للقادة والمسؤولين الباحثين عن حلول توافقية للأزمات الدولية. وتعكس إشادة الرئيس الروسي بجهود المملكة مدى الثقة المتزايدة بها؛ كقوة مؤثرة في النظام العالمي الجديد. ويعكس هذا التطور الدور المتنامي للمملكة ليس فقط كقوة اقتصادية، بل كطرف فاعل يسهم في إعادة تشكيل المشهد السياسي العالمي، مستندة إلى رؤية 2030، التي وضعها سمو ولي العهد، والتي تعزز من مكانة المملكة؛ كشريك أساس في تحقيق السلام والاستقرار الدوليين. ويشير نجاح المملكة في إدارة الأزمات السياسية بحنكة ودبلوماسية، تحولها إلى قوة ناعمة مؤثرة؛ تمتلك القدرة على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة. ويظل التزامها بالحلول السلمية والدبلوماسية نهجًا راسخًا؛ يعزز من موقعها كدولة محورية في صياغة مستقبل أكثر استقرارًا للعالم.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: ولی العهد

إقرأ أيضاً:

الإمارات وأميركا.. رؤى مشتركة للسلام والاستقرار

 شعبان بلال وأحمد شعبان وأحمد عاطف وعبد الله أبو ضيف (القاهرة) 

أخبار ذات صلة «إكسبو دبي»: عام المجتمع بوصلة نحو مستقبل أفضل مجالس وزارة الداخلية الرمضانية تناقش «ثقافة الأسرة الآمنة»

ترتبط الإمارات والولايات المتحدة، بعلاقات صداقة تاريخية وشراكة استراتيجية تستند إلى مواقف وسياسات مشتركة ومتقاربة وتوافق في الرؤى لتعزيز الأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة العربية والعالم، وأكد دبلوماسيون ومحللون سياسيون وخبراء في العلاقات الدولية، قوة ومتانة علاقة الصداقة التاريخية بين البلدين، وأن هذه العلاقة استراتيجية وممتدة ومتشعبة، وتغطي المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والفضاء وقضايا المناخ والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.
وأكدوا لـ «الاتحاد»، بمناسبة زيارة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، إلى الولايات المتحدة الأميركية، اليوم الاثنين، أهمية الزيارة؛ لأنها تشكل مرحلة في غاية الأهمية في العلاقات والشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، وتأتي في توقيت مهم في ظل التطورات الإقليمية والعالمية.
وقال تشارلز باومان، المحلل السياسي الأميركي، بمناسبة زيارة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، إلى الولايات المتحدة، إن تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط هدف مشترك بين البلدين، حيث يعملان سوياً من خلال مبادرات دبلوماسية ومشاريع تنموية تسهم في تحقيق الاستقرار. 
وتابع: «العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة شراكة شاملة مبنية على المصالح المشتركة، والالتزام بتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ومن خلال التعاون الدائم بين البلدين، تواصل الإمارات تأكيد دورها قوة دبلوماسية فاعلة تسعى إلى بناء مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً للمنطقة والعالم».
من جانبها، قالت نورهان شرارة، الباحثة السياسية، إن الإمارات شريك استراتيجي فاعل وموثوق للولايات المتحدة في المنطقة، حيث تربط البلدين علاقات دبلوماسية متينة تعود لعقود من التعاون والتنسيق المشترك، مؤكدة أن الشراكة الإماراتية الأميركية ركيزة أساسية لضمان الاستقرار والتقدم في المنطقة. وأضافت أن التعاون يظهر في تنسيق الجهود لحل العديد من القضايا الإقليمية.
الاستقرار والتسامح
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، الدكتور نبيل ميخائيل، إن التعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية يمثل شراكة دائمة وناجحة، تتكيف بفاعلية مع التغيرات المستمرة في العالم، وإن التعاون الإماراتي- الأميركي يمتد إلى المجالات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
بدوره، أكد مدير مركز بروكسل للدراسات، رمضان أبو جزر، أن العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة تميزت بالاستقرار والتطور، حيث تعد الإمارات شريكاً استراتيجياً رئيسياً في تعزيز الأمن الإقليمي، وساهمت بشكل كبير في استقرار المنطقة، من خلال تعاونها الوثيق مع الولايات المتحدة.
إحلال السلام
ذكر الأستاذ بمعهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي بجامعة لوباتشيفسكي الروسية، الدكتور عمرو الديب، أن هناك علاقات قوية ومتينة بين الدولتين، مشيراً إلى أن الإمارات تعد من أهم الدول في المنطقة العربية والعالم في مجال الطاقة، وتتميز بالتأثير المعنوي والقوة الناعمة في المنطقة العربية والشرق الأوسط والتي لا يستهان بها.
وقال الديب لـ«الاتحاد»، إن الزيارة تأتي في وقت مهم جداً على المستويين الدولي والإقليمي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وتؤكد أن الإمارات تتعاون مع الجميع، ودبلوماسيتها وسياستها الخارجية منفتحة، مؤكداً أن العلاقات الإماراتية مع الولايات المتحدة مبنية على المصالح الحقيقية والاحترام المتبادل.
مصالح مشتركة
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية، ومدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور محمد صادق إسماعيل، إن العلاقات بين الإمارات وأميركا، ترقى إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مشيراً إلى أن هناك محطات تاريخية في العلاقات بينهما منذ تأسيس الاتحاد.
وشدد أستاذ العلوم السياسية لـ«الاتحاد»، على أهمية المجال الاقتصادي في العلاقات بين الإمارات وأميركا، لافتاً إلى وجود معدلات تبادل تجاري قوية بين البلدين، واستثمارات مشتركة كبيرة، باعتبار الإمارات سوقاً كبيراً جداً في منطقة الشرق الأوسط، وأن الولايات المتحدة تريد فتح مجالات أكبر للتبادل التجاري والشراكة الاستراتيجية الكبيرة في المجال الاقتصادي مع الإمارات.
نمو متزايد
قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، إن العلاقات الإماراتية الأميركية، تشهد نمواً متزايداً، حيث تتلاقى المصالح المشتركة للدولتين الصديقتين على المستويات والقطاعات كافة الاقتصادية والسياسية المختلفة. وأشاد، في تصريح لـ«الاتحاد»، بأهمية الزيارة، مؤكداً أنها ستضيف للزخم الذي تشهده العلاقات الإماراتية الأميركية القائمة منذ أكثر من 50 عاماً، والتي اتسمت دائماً بالتفاهم والتعاون والشراكة الاستراتيجية الكفيلة بالحفاظ على حالة الاستقرار في المنطقة.
العمل المناخي
ذكر خبير العلاقات الدولية الدكتور أيمن سمير، أن العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين الدولتين، جعلت أميركا تنظر إلى الإمارات باعتبارها محور السلام والاستقرار في المنطقة العربية والشرق الأوسط والعالم، من خلال جهد ونشاط الدولة الداعم للسلام والاستقرار، والقائم دائماً على فكرة خلق المساحات المشتركة بين الدول والأطراف المتصارعة داخلياً.
 وقال سمير، لـ«الاتحاد»، إن السياسة الخارجية الأميركية تنظر إلى مجموعة من الدول، باعتبارها ركائز للاستقرار في العالم، وتعتبر الإمارات إحدى هذه الدول التي تشكل قوة للسلام والاستقرار، مضيفاً: «لذلك كثيراً ما تعتمد أميركا كدولة عظمى على الجهد والعمل والدبلوماسية الإماراتية في تثبيت قيم السلام وحل الصراعات والخلافات والحروب».
تعاون تكنولوجي
يرى رومان لو ديلي، الباحث في مجال العلاقات الدولية، أن الشراكة التكنولوجية بين الإمارات والولايات المتحدة تسهم في تطوير البنية التحتية التقنية، وتعزز النمو الرقمي في الإمارات، مرجعاً ذلك إلى كون الإمارات بيئة مواتية للاستثمار في المشاريع التكنولوجية، خاصة في مجالات تطوير البرمجيات والأمن السيبراني.
حلول ابتكارية
أكد ماركو فيلوفيتش، الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي، أن التعاون بين الإمارات وأميركا في هذا المجال يمثل جزءاً رئيسياً من شراكة استراتيجية أوسع بدأت في عام 2010، وتم تعزيزها في 2017، ولا تزال تتطور باستمرار خلال السنوات الأخيرة.
وأشار فيلوفيتش إلى أن هذا التعاون يسهم في تطوير حلول ابتكارية تعود بالفائدة على المجتمعات في كلتا الدولتين، مشدداً على أهمية الاستفادة من الخبرات الأميركية في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، كون الولايات المتحدة رائدة عالمياً في هذا المجال، لا سيما في استخدامه لتحسين العمليات الحكومية، الأمن السيبراني، والخدمات العامة.
وأوضح أن الحكومتين الإماراتية والأميركية تتبادلان المعرفة في استخدامات الذكاء الاصطناعي، في ظل تصاعد التنافس التكنولوجي العالمي؛ بهدف تحسين تقديم الخدمات الحكومية ورفع كفاءة القطاعات العامة، مثل أنظمة الرعاية الصحية الذكية، إجراءات الإدارة الحكومية، وتعزيز الأمن الداخلي، مما يسهم في تسهيل حياة المواطنين في كلا البلدين.

مقالات مشابهة

  • ولي العهد ورئيسة وزراء إيطاليا يبحثان المستجدات الدولية
  • الإمارات وأميركا.. رؤى مشتركة للسلام والاستقرار
  • خريطة العمارة السعودية.. مكاسب اقتصادية وحفاظ على الإرث الثري للمملكة
  • ولي العهد يُطلق خريطة العمارة السعودية تشمل 19 طرازًا معماريًا مستوحى من الخصائص الجغرافية والثقافية للمملكة
  • ولي العهد يُطلق خريطة العمارة السعودية
  • سمو ولي العهد يطلق خريطة العمارة السعودية تشمل 19 طرازًا معماريًا مستوحى من الخصائص الجغرافية والثقافية للمملكة
  • ولي العهد يُطلِق خريطة العِمَارَة السعودية
  • مجموعة السبع تشيد بالمباحثات الأمريكية الأوكرانية في المملكة
  • "مجلس الكنائس العالمي يدعو للمشاركة بندوة حول دور الدين في الشؤون الدولية"