شخصيات إسلامية.. أم المؤمنين جويرية بنت الحارث
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
السيدة جويرية بنت الحارث، رضي الله عنها، هي أم المؤمنين السيدة جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية المصطلقيَّة رضي الله عنها، كانت تحت ابن عم لها، يقال له: مسافع بن صفوان المصطلقي، وقُتل في يوم المريسيع، ثم غزا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قومها بني المصطلق، فكانت من جُملة السَّبي، ووقعت في سهم ثابت بن قيس رضي الله عنه، ففي الحديث أنَّ السيدة عائشة أمَّ المؤمنين رضي الله عنها قالت: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ -أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ- وَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا.
وروى ابن سعد في «الطبقات» (8/ 118، ط. دار صادر). أنه لما وقعت جويرية بنت الحارث في السبي، جاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن ابنتي لا يُسبى مثلها، فأنا أكرم من ذاك، فخلِّ سبيلها، فقال: «أَرَأَيْتَ إِنْ خَيَّرْنَاهَا أَلَيْسَ قَدْ أَحْسَنَّا»، قال: بلى، وأدّيت ما عليك، فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا، فقالت: فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فتزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في السنة الخامسة للهجرة، وكان عمرها إذ ذاك عشرين سنة، وكان من ثمار هذا الزواج المبارك فِكاك المسلمين لأسراهم من قومها.
وغيَّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اسمها، فعن ابن عباس قال: كان اسم جويرية بنت الحارث برة، فحوَّل النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسمها، فسماها جويرية. رواه الإمام أحمد في «مسنده» (5/ 77).
وكانت رضي الله عنها ذات صبرٍ وعبادة، كثيرة الذكر لله عز وجل، ولعلَّنا نستطيع أن نلمس ذلك من خلال الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ مَرَّ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ مَرَّ النَّبِيُّ بِهَا قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالَ لَهَا: «مَا زِلْتِ عَلَى حَالِكِ» فَقَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهَا: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ» رواه الترمذي (5/ 556).
توفيت أم المؤمنين السيدة جُويرية رضي الله عنها في المدينة المنورة سنة خمسين هجرية، وقيل: توفيت سنة سبع وخمسين للهجرة، وعمرها 65 سنة، فرضي الله عنها، وعن أمهات المؤمنين أجمعين.
عظة
قال حبيب العابد- رحمه الله: «دخلت البصرة، فإذا أسواقها مغلقة! قلت: أعندكم عيد لا أعرفه؟ قالوا: لا، ولكن الحسن البصري في المسجد يعِظُ الناس». أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: رمضان النبی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنها آله وس ل ى الله ع س ب ح ان ک ل م ات
إقرأ أيضاً:
خطبة الجمعة من المسجد الحرام
ألقى الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله -عز وجل- فطاعته أجلّ نعمة، وتقواه أعظم عصمة.
وقال: “إن الإيمان قول باللسان، وعمل بالأركان، وعقد بالجنان. وأكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا الموطؤون أكنافًا الذين يألفون ويؤلفون، فالإسلام جاء لتحقيق أنبل القيم، وأفضل السمات، فهو يجمع ولا يفرق، ويبنى ولا يهدم.. دين بُني على اليسر والسهولة والرفق.
والسماحة خلق عظيم، ولعظم مكانتها قرنها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصبر، وجعلها دلالة من دلائل الإيمان، فالصبر يحمل على ترك ما نهي عنه، والسماحة تحمل على فعل ما أمر به، وتجمع بين طيب النفس، وحبّ الخير للناس، فهي اليسر والمساهلة، واللين والتيسير في المعاملة، طلبًا لمرضاة الله تبارك وتعالى. فالسماحة ملتنا وشرعنا، وديننا ومنهجنا، بها بعث النبي -صلى الله عليه وسلم إلينا.
ولفت النظر إلى أن من صور ومظاهر السماحة المسامحة في البيع والشراء، والاقتضاء والإحسان في الأخذ والعطاء، فلا يغالي في الربح عند بيعه، ولا يماطل ويظلم البائع عند شرائه، وإذا طالب غيره بحقه لم يشتد عليه ويظلمه، وفي هذا تيسير ورفق بالناس، وباب عظيم لجلب البركة. وما كان الرفق في شيء إلا زانه.
وأكد الشيخ ماهر المعيقلي أن من اتصف بخلق السماحة سمت روحه وزكت نفسه ورقت أخلاقه وأورثته سماحته سماحة الخلق والخالق، وعلى هذا الخلق من السماحة في المعاملة كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وأوضح فضيلته أن الحياة لا تصير سعيدة ولا النفوس مطمئنة إلا بالتغاضي والمسامحة والعفو والمساهلة، إذ الكمال في بني آدم محال، والخطأ والزلل فيهم طبع وحال، فمن يسّر على مسلم في الدنيا يسّر الله عليه يوم القيامة. ومن السماحة إقالة من ندم في بيعه أو شرائه، والإقالة: هي التراجع عن البيع أو الشراء. ومن السماحة إنظار المعسر الذي لا يجد وفاء لدينه، لعل الله أن ييسر له سببًا فيسد دينه، أو التصدق عليه به أو ببعضه، ووعد سبحانه المُنْظِر بالثواب العظيم والأجر.
ورأى فضيلته أن العاقل يغتنم الفضائل، فإن لها أوقاتًا قلائل وربما لا تعود، والسماحة منزلة سامية، لا يوفق لها إلا ذو حظ عظيم.
وأبان إمام وخطيب المسجد الحرام أن السماحة طيب في النفس وانشراح في الصدر، ولين في الجانب، وطلاقة في الوجه، وصدق في التعامل، ورحمة بالخلق، فالمسلم سمح هين لين يغض الطرف عن الزلات ويعفو عن الإساءات، وكلما كان المرء أقرب إلى السماحة كان أقرب إلى عفو ربه ورحمته، وأبعد عن ناره وعذابه.
وأكد فضيلته أن الحث على الإنظار والمسامحة لا يعني التساهل في أخذ أموال الناس بالباطل أو عدم سدادها أو التحايل، فمن قصد ذلك فقد عرض نفسه للمهالك، ووصف -صلى الله عليه وسلم- من ماطل في سداد ما عليه وهو قادر على الوفاء به بالظالم الآثم، قال- صلى الله عليه وسلَّم -: “مَطْلُ الْغَنِي ظُلْم”.
وحذر الشيخ ماهر المعيقلي المسلمين من التساهل في أموال الناس، فإن الميت قد يحبس عن الجنة بدينه حتى يقضى عنه.
* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا، خطبة الجمعة اليوم، وافتتحها بتوصية المسلمين بالتفكّر في حال الدنيا وفنائها، وتبدّل أحوالها، واتخاذ أسباب الثبات على الحق، والمنهج القويم، باتباع ما جاء في كتاب ربنا، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن يسأل العبدُ ربّه الهدى والتقى، ويستعيذ به من هوى النفس، وزيغ القلوب، وزوال النعمة، وسوء الخاتمة.
وأوضح الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا في خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي أن الله تعالى تفضّل على أهل هذه الأمة بفضائل لا تُحصى، وأنعم عليهم نعمًا لا تُستقصى، أكمل لهم دينهم، وأتمّ عليهم نعمته، ورضي لهم الإسلام دينًا، فما أوتي أحدٌ نعمةً -بعد الإسلام- خير من الثبات على الدين، ولُزوم السنّة، حتى يلقى العبد ربّه غير مبدّل ولا زائغ، ويُبشّر برضوان الله وكرامته عند موته، وتلك هي المنزلةُ الشريفة، والمرتبة المُنيفة التي يُكرِمُ الله بها من عباده من آمن به، ويمُنُّ بها على من استهداه من أوليائه.
وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي أنه لما كانت العبرة بالخواتيم كان عباد الله المتقون وأولياؤه الصالحون أخوفَ الناس من سوء الخاتمة، ومن الزيغ بعد الهدى، لا تغرُّهم طاعةٌ عملوها، ولا توبةٌ أحدثوها، أحوالهم مع ربهم بين خوفٍ بلا قنوط، ورجاء بلا إهمال.
وحذّر فضيلته من سوء خاتمة من زاغ بعمله عن المنهج القويم، قائلًا: كم من عامل بطاعة الله ختم له بخاتمة السوء نعوذ بالله، والله حكَمٌ عدلٌ، لا يظلمُ الناس شيئًا، ولكن الناس أنفسهم يظلمون، فذاك يعمل الطاعة وجُلّ همّه نظر الناس إليه، وثناؤهم عليه، وآخر يستبطئ الحسنة على طاعته، يرجو بها عرض الحياة الدنيا، وثالث يُعجَبُ بعمله.. وهلم جرا، وإنما حسن الختام لمن أحسن العمل، فإن الله تعالى هو الكريم الأكرم، الغفور الشكور، لا يخذل عبدًا عبَدَه مخلصًا له، مقتفيًا في عبادته أثر نبيه، ثابتًا على دينه حتى يوم يلقى مولاه.
وأكّد إمام وخطيب المسجد النبوي أن للثبات على الحق حتى الممات أسبابًا أرشد إليها الحقُّ المبين سبحانه، وعلّمها المُرسل رحمةً للعالمين أمته، وعمل بها سلفُ هذه الأمة وتمسكوا بها، فمن أجلها وأعظمها غناءً عن العبد، موضحًا أن أسباب الثبات على الحق تشمل ملازمة الدعاء بالهدى إلى الصراط المستقيم والثبات عليه، إذ شرع الله هذا الدعاء لعباده، وذلك في فاتحة الكتاب العزيز في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، ومن أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعائه، ومنها قوله “اللهم إني أسألك الهدى والتقى”.
وتابع فضيلته مبينًا أن من أصول أسباب الثبات على الدين اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولزوم سنته، والاقتداء به، والحذر من تتبع الأهواء المُضلة، وظلمات البدع، كما أن من أعظم أسباب الثبات كثرة ذكر الله سبحانه، والإقبال على كتاب الله تعالى، تلاوةً وتدبرًا، وأداء طاعات الخلوات، وهي أن يكون للعبد عملٌ صالح لا يطّلع عليه إلا الله جلّ جلاله، فذاك أصل الثبات، لأنه علامة الإخلاص، وبُرهان صدق الإيمان.
وأفاد بأن مما يُثبّت العبد على طاعة مولاه دوام تذكُّر الآخرة، وما يُذكّر بها، من ذكر الموت، وزيارة القبور، لأنه يقصُر الأمل، ويبعث على حسن العمل، إضافة إلى صُحبة الأخيار الأتقياء، الذين يذكّرون بالله، ويهدون بأمره، ويتواصون بالحقّ، والصبر عليه، ويحتسبون أخوّتهم محبةً في الله ربهم، فينتفعون بها في الدنيا وفي يوم الحساب، فذلك من أبين سبل الثبات على الحق.
ودعا الشيخ خالد المهنا إلى التفكّر في فناء الدنيا وزوال نعيمها، وتغيّر أحوالها، وتقليب الفكر في معاني انقطاع لذاتها ومنعها، مبينًا أن من حِكمة ذلك تثبيت قلوب العباد على الرغبة في النعيم المقيم الذي لا يُدرك -بعد رحمة الله- إلا بالثبات على الحق والصبر عليه.
وختم فضيلته خطبة الجمعة مذكرًا العباد بملازمة الصلاة على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في كل وقت وحين، وأن يناجي العبد ربّه ويسأله الثبات على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يتوفاه مسلمًا، ويُلحقه بالصالحين، داعيًا الله جلّ جلاله أن يُعزّ الإسلام والمسلمين، وينصُر عباده الموحّدين، وأن يحفظ بلادنا وبلدان المسلمين، وأن يغيث إخواننا المستضعفين المظلومين في فلسطين، ويكون لهم معينًا وظهيرًا، ووليًا ونصيرًا، وينصرهم على المعتدين الظالمين.