«المركب الشراعي» رحلة عبر الزمن
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةيأخذنا كتاب «حياة المركب الشراعي في البحر الأحمر: تاريخ ثقافي للاستكشاف المحمول بحراً في العالم الإسلامي» في رحلة عبر الزمن، مستعرضاً الدور الحيوي الذي لعبته المراكب الشراعية في تشكيل هوية المجتمعات الساحلية على ضفاف البحر الأحمر.
ترجم الكتاب د. أحمد إيبش، الباحث والمؤرخ المتخصّص في التاريخ الإسلامي والتاريخ الحديث، وصدر الكتاب عن مشروع «كلمة»، التابع لمركز أبوظبي للغة العربية، ويتميز الكتاب بأسلوبه التحليلي الذي لا يقتصر على البعد التاريخي للمراكب الشراعية، بل يدمج بين الجغرافيا، والثقافة، والتجارة، والمعتقدات التقليدية، ليرسم صورة متكاملة عن هذا العالم البحري. كما أنه يُعدُّ أول دراسة من نوعها تُسلِّط الضوء على المركب الشراعي كوسيلة للتبادل الثقافي، وليس مجرد أداة للنقل أو التجارة.
رحلة بحرية
يركز المؤلف في كتابه على أن البحر الأحمر لم يكن مجرد ممر مائي، بل كان مسرحاً لحركة دائمة من التجار، والصيادين، والحجاج، والبحارة الذين لعبوا دوراً أساسياً في بناء الهوية الثقافية للمنطقة. ومن خلال 18 فصلاً، يستعرض الكتاب تطور المراكب الشراعية، وأشكالها المختلفة، وأساليب بنائها، إضافة إلى الطقوس والعادات المرتبطة بالملاحة البحرية.
يبدأ الكتاب باستعراض الذكريات الثقافية للمراكب الشراعية، حيث يجمع شهادات حيَّة من سكان السواحل حول دور البحر في حياتهم اليومية. ويوضح المؤلف أن المراكب الشراعية لم تكن وسيلةَ نقلٍ فحسب، بل كانت جزءاً من نسيج الحياة الاجتماعية والاقتصادية، حيث شكَّلت وسيلة لنقل البضائع، وتيسير رحلات الحج، وممارسة الصيد واللؤلؤ.
في هذا الإطار، يخصِّص الكاتب فصولاً لدراسة السياق الجغرافي والمناخي للبحر الأحمر، ويقدم وصفاً دقيقاً لطبيعته البحرية، والتيارات، والرياح الموسمية التي حدَّدَت مواسم الإبحار عبر العصور، كما يتطرق إلى العلاقة بين البحر والتجارة، خاصة خلال الفترة العثمانية والاستعمارية، حين أصبحت موانئ مثل جدة، وعدن، والمخا مراكز رئيسة لتجارة البن والسلع الشرقية.
أنواع المراكب
من الفصول المهمة في الكتاب، ذلك الذي يتناول أنواع المراكب الشراعية في البحر الأحمر، مثل السَّنبوك، والزاروك، والفلوكة، والدَّاو، حيث يسجل المؤلف أوصافها، وتصاميمها، والتغيرات التي طرأت عليها عبر الزمن، ليُظهر الكتاب كيف أن بناء السفن كان يعتمد على الخبرة المتوارثة دون الحاجة إلى مخططات مكتوبة، مما جعل لكل مجتمع ساحلي بصمته الخاصة في صناعة السفن. كما يتناول الكتاب حياة البحارة على متن هذه المراكب، وأغاني البحر التي كانت تُنشَد أثناء الإبحار، مما يعكس التقاليد البحرية العريقة التي كادت تندثر.
تحولات وتحديات
لا يغفل الكتاب التحولات التي طرأت على البحر الأحمر مع دخول السفن البخارية، وافتتاح قناة السويس عام 1869، حيث أدَّى ذلك إلى تراجع دور المراكب الشراعية لصالح النقل البحري الحديث، كما يتطرق إلى التحديات التي تواجه المجتمعات البحرية اليوم، مثل التغيرات البيئية، واندثار الحرف التقليدية، وتأثير العولمة على هوية البحر الأحمر.
وثيقة تاريخية
يُعد هذا الكتاب وثيقة ثقافية وتاريخية فريدة، حيث يجمع بين البحث الأكاديمي والعمل الميداني، ليقدم رؤية شاملة حول الدور الذي لعبته المراكب الشراعية في تاريخ البحر الأحمر، فمن خلال هذا السرد العميق، يدعونا ديونيسيوس آجيوس إلى إعادة اكتشاف تراث بحري مهدد بالاندثار، والتأمل في العلاقة بين الإنسان والبحر كقوة دافعة للتاريخ والتفاعل الثقافي.
«حياة المركب الشراعي في البحر الأحمر» ليس مجرد كتاب تاريخي، بل هو شهادة حيَّة على تراث بحري غني، ونافذة تطلُّ على عالم كان فيه البحر أكثر من مجرد طريق، بل حياة بحدِّ ذاتها.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: المراکب الشراعیة البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
قلق بريطاني من استهداف حاملة الطائرات بالبحر الأحمر
وبحسب صحيفة التايمز البريطانية، فإن لندن تخشى من هجوم بالمسيرات والصواريخ خلال عبور الحاملة مضيق باب المندب، الذي شهد في الأشهر الماضية ضربات نوعية استهدفت سفناً حربية تابعة للولايات المتحدة وبريطانيا، رداً على دعمهما المباشر للعدوان الصهيوني على غزة.
وتعد الحاملة البريطانية السفينة الرئيسية في الأسطول الملكي، وقد أُرسلت لتنفيذ مهام عسكرية في المحيطين الهندي والهادئ، إلا أن مرورها عبر البحر الأحمر الذي تسيطر عليه القوات المسلحة اليمنية، يعرضها للخطر.
وكانت بريطانيا قد نشرت المدمرة “إتش إم إس دايموند” في المنطقة، حيث تعرضت سابقًا لهجمات بمسيرات وصواريخ بحرية، في عمليات أكدت القوات المسلحة اليمنية نجاحها، بينما حاولت بريطانيا إخفاء خسائرها.
ويؤكد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) أن حركة الملاحة في البحر الأحمر تأثرت بشدة بفعل العمليات اليمنية، التي أثبتت فشل التحالف الأمريكي البريطاني في حماية سفنه.
من جهتها، زعمت وزارة الدفاع البريطانية أنها سترد على أي تهديد، متحدثةً عن إجراءات لحماية حاملة الطائرات، إلا أن الوقائع الميدانية تؤكد عجزها عن مواجهة القدرات النوعية للقوات المسلحة اليمنية، التي فرضت معادلة جديدة في البحر الأحمر، ونجحت في إجبار السفن الحربية الغربية على الفرار من المنطقة.