حكومة الفنادق.. استمرار اللعب بالورقة الاقتصادية والانهيار المأساوي
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
تقرير: جميل القشم
في خطوة تظهر المزيد من العجز والهشاشة، أقدمت حكومة الفنادق على التهديد بنقل “السوفت” من صنعاء إلى عدن في الثاني من أبريل المقبل، كمناورة تهدف إلى إخفاء فشلها المتواصل في إدارة الشؤون الاقتصادية، وتغطية على المشاكل الحقيقية التي تواجهها المناطق المحتلة.
هذا الفشل يأتي فيما تعيش المناطق المحتلة وضعا اقتصاديا متدهورا، وسط تصاعد المظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي تعكس حالة السخط العام تجاه الأوضاع المعيشية المتردية.
حيث لم يعد المواطنون في المناطق المحتلة قادرين على تحمل تداعيات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي يفرضه الارتفاع الجنوني للدولار، والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، إذ أصبح الحصول على أبسط الحقوق الأساسية كالماء والكهرباء، بعيد المنال.
ورغم الأزمة الاقتصادية الحادة في المحافظات المحتلة، فإن حكومة المرتزقة التي تروج لنفسها من فنادق الخارج، لا تزال تسعى لتبرير هذه الانتكاسات الاقتصادية وتحاول استثمار القرار الأمريكي للتغطية على فشلها وغياب أي حلول حقيقية للمشاكل الاقتصادية، حيث بدأت هذه الحكومة في استخدام هذا القرار كأداة لتحقيق أهداف سياسية انتقامية تضر بمصالح الشعب.
حكومة الفنادق لا تكتفي بذلك، بل تحاول الركوب على موجة الحظر الأمريكي، لأهداف سياسية ضيقة، بينما يزداد الفقر في مختلف المناطق، وتفضل استثمار الأزمات كالعادة لصالحها، على حساب معاناة الشعب وتدهور الوضع المعيشي.
هذه الخطوة تهدف إلى الضغط على البنوك والمصارف للانتقال إلى عدن، لكن ما تغفل عنه حكومة الفنادق هو أن هذا القرار لا يعدو كونه تهديدا فارغا ومبنيا على فشل ذريع في إدارة الملفات المالية، والاقتصادية، والشؤون الداخلية بشكل عام.
حكومة الفنادق، التي لا تكاد تتوقف عن ترويج الأكاذيب حول العقوبات الأمريكية وما سيحصل من تأثيرات على الاقتصاد، تحاول استخدام هذه الذرائع لتغطية عجزها في التعامل مع الأزمات المتتالية التي تعصف بالمواطنين في المناطق المحتلة.
عندما يتحدثون عن تأثير العقوبات الأمريكية على المشتقات النفطية، يغفلون عن حقيقة أن العقوبات ليست جديدة وأن اليمن قد تخطاها بنجاح طوال سنوات العدوان، كما أن هذه الحكومة لم تقدم أي حلول حقيقية للتخفيف من الأوضاع المعيشية الصعبة في المناطق التي تسيطر عليها، بل ظلوا يلهثون وراء شعارات فارغة في محاولة لتبرير فشلهم المستمر.
من جهة أخرى، ما يعتقده البعض من أن نقل “السوفت” سيكون له تأثير إيجابي على الوضع الاقتصادي في عدن هو محض أوهام، فحكومة المرتزقة التي تعاني من تدهور العملة وارتفاع الأسعار، لن تتمكن من تغيير واقعها بهذا القرار، الذي لن يزيد الوضع إلا تعقيدا.
المظاهرات الشعبية في المناطق المحتلة كانت بمثابة مؤشر قوي على حجم الفشل الذي تعيشه هذه الحكومة، وتأكيد على أن المواطنين قد فقدوا الثقة تماما في قدرتها على تقديم حلول حقيقية.
المعركة الاقتصادية في اليمن اليوم هي معركة إرادة، ومعركة تخطيط واستعداد لمواجهة التحديات، وهو ما أثبتته القيادة في صنعاء على مر السنوات، والتي اكتسبت خبرة واسعة في مواجهة الحصار والعقوبات، ولديها القدرة على التعامل مع أي تداعيات قد تنجم عن أي قرار اقتصادي، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولات للعب بالنار.
وفي الوقت الذي يسعى فيه المرتزقة إلى تصوير قرار نقل “السوفت” على أنه نصر اقتصادي سيقلب الموازين لصالحهم، فإن الواقع سيظل يثبت عكس ذلك، والفارق الكبير بين الواقع الاقتصادي في المناطق المحتلة وتلك التي تديرها صنعاء سيظل جليا أمام الجميع، كما أن محاولات حكومة الفنادق لتغطية فشلها الاقتصادي ستظل بلا جدوى.
ويؤكد خبراء اقتصاد أن محاولة نقل “السوفت” إلى عدن لن يكون إلا خطوة جديدة نحو الفشل، وأن صنعاء اليوم بما تملكه من القدرة على المواجهة والتخطيط، ستكون دائما في موقف أقوى من أي محاولة للضغط الاقتصادي على الشعب اليمني.
كما تشير تقارير، إلى أن الأزمة الاقتصادية التي يواجهها المواطن ليست مجرد تداعيات لحرب أو مؤامرة خارجية، بل هي نتيجة مباشرة للفساد المستشري في حكومة الفنادق التي تتحكم في الموارد في وقت تواجه موجة احتجاجات متواصلة تطالب بحياة كريمة وبسلطة حرة لتوفير الخدمات والحقوق بعيدا عن سيطرة الأجنبي وفساد المسؤولين.
إن الواقع الاقتصادي المرير الذي يعكسه تدهور الخدمات العامة في المناطق المحتلة يؤكد أن الأسباب الرئيسية وراء الأزمة هو الفشل الذريع لحكومة المرتزقة في إدارة الموارد وتحقيق التنمية الاقتصادية، إذ أن الاحتلال، الذي يفرض سيطرته على القرار الاقتصادي والسياسي في مناطقها، أصبح هو اللاعب الأساسي في تحديد السياسات الاقتصادية، دون أن تكون هناك إرادة حقيقية لتغيير الواقع أو تحسنه.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: فی المناطق المحتلة حکومة الفنادق
إقرأ أيضاً:
الحرب تقسو على أيتام غزة وجهود رعايتهم تصطدم بالواقع المأساوي
غزة- يستذكر الطفل باسم أحمد اللحظات الأخيرة التي سبقت فقدانه الوعي، بعد أن شعر بقوة رهيبة قذفته من نافذة منزل عائلته المكون من ثلاث طبقات، وألقت به في الشارع.
كان ذلك في الشهر الأول من الحرب الإسرائيلية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، عندما فقد الطفل أباه وأمه وشقيقه وعددا كبيرا من عائلته إثر سقوط صاروخ أطلقته الطائرات الحربية على رؤوسهم، وبقي وحيدا برفقة شقيقته التي تكبره قليلا.
يعيش الطفل ذو العشر سنوات حالة من شرود الذهن كما تصفها خالته التي ترعاه، وتزداد سوءا مع اشتداد القصف وهو يحاول الانزواء بعيدا، ويخشى أن يتعرض للقصف مرة أخرى.
وينطبق حال باسم على أكثر من 39 ألف طفل في غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما، حسب ما كشفه تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ويحتاجون رعاية خاصة.
ظروف مأساويةيفتقد الأيتام للرعاية التي تتناسب مع الظروف القاسية التي يحيونها مع استمرار القصف والنزوح، وهو ما يؤكده المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة بأن الأيتام يعيشون أوضاعا إنسانية مأساوية وغير مسبوقة.
وقال في حديث خاص للجزيرة نت إن العدوان الإسرائيلي أدى إلى استشهاد أكثر من 18 ألف طفل، وفقد أكثر من 39 ألفا و400 طفل أحد والديهم أو كليهما، من بينهم 17 ألف طفل حرموا كلا الوالدين، نتيجة قصف الاحتلال للمنازل فوق رؤوس ساكنيها، واستهداف العائلات الآمنة بشكل مباشر، مما أدى إلى محو أكثر من 2172 عائلة من السجل المدني بالكامل، وإبادة أكثر من 5070 عائلة لم يتبق منها سوى فرد واحد فقط.
إعلانوأوضح الثوابتة أن معظم الأطفال الأيتام يعانون من فقدان السكن، والرعاية، والتعليم، والغذاء، بل حتى الشعور بالأمان، ويواجهون صدمات نفسية عميقة في ظل انعدام البيئة الحاضنة وغياب الاستقرار.
وفي ما يتعلق بالجهود الحكومية لرعاية الأيتام، أضاف الثوابتة "رغم الظروف الكارثية وتدمير الاحتلال لأكثر من 224 مقرا حكوميا، فإن المؤسسات الحكومية، من خلال وزارة التنمية الاجتماعية ومؤسسات الرعاية المختصة، تبذل أقصى جهدها في ظل شُحّ الإمكانات، وتُوفّر رعاية أولية لهؤلاء الأطفال من خلال تسجيل بياناتهم وتوجيههم إلى أسر حاضنة، أو مراكز إيواء مؤقتة.
ولفت إلى أن المؤسسات الحكومية بغزة تحاول العمل على تأمين الاحتياجات العاجلة للأيتام من غذاء ودواء وخدمات نفسية قدر المستطاع، والتنسيق مع المؤسسات الشريكة ووكالات الأمم المتحدة رغم التضييق الإسرائيلي من أجل تقديم الإعانات والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الأيتام، في ظل انعدام مصادر الوقود، وإغلاق المخابز، ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
ونبه الثوابتة إلى أن الجهود لم تصل إلى كل الأيتام المذكورين، واستفاد أقل من 30% منهم بسبب ضخامة الملف وصعوبة السيطرة عليه حاليا في ظل استمرار الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي المستمر من دون توقف، ونتيجة خطورة وصعوبة الظروف الميدانية التي يعيشها قطاع غزة.
احتضان الأيتامويلعب المجتمع المحلي دورا جوهريا ومؤثرا في احتضان الأيتام، فقد بادرت عشرات الأسر الفلسطينية رغم نزوحها وتدمير منازلها إلى استضافة ورعاية الأطفال الأيتام ومحاولة توفير البيئة الدافئة لهم.
وأسهمت عشرات الجمعيات، والهيئات، والمبادرات المجتمعية، والمجموعات الشبابية التطوعية، في جمع التبرعات وتقديم الدعم النفسي والمعنوي والعيني للأيتام، وتنظيم أنشطة لمحاولة إخراجهم من دائرة الألم الذي يعيشونه.
إعلانوفي هذا السياق، تعتقد الاختصاصية النفسية أرجوان حسن أن اليتيم في غزة ليس من فقد أحد والديه فقط، وإنما يمتد لمعظم الأطفال الذين فقدوا أحباءهم وعايشوا وشاهدوا أجواء القصف والموت والدماء.
وقالت أرجوان في حديث خاص للجزيرة نت إن "أبسط احتياجات رعاية الأيتام من أكل وشرب ومأوى آمن ليست متاحة في غزة، وذلك نظرا للظروف الصعبة التي تعصف بالقطاع واستمرار النزوح وعدم الاستقرار".
وتشير الاختصاصية النفسية إلى أن الأيتام يبقون في رعاية الأقرب لهم في العائلة، لكنه يصعب احتضانهم بسبب الحرب، وبالتالي فهم يعانون من انعدام الرعاية النفسية والمجتمعية، ولا يجدون أشخاصا حولهم يستمعون لهم ويعالجون سلوكهم.
وشددت على أن البيئة غير مواتية لتأهيل الأيتام بما فيها استكمال تعليمهم، حيث كانت توجد مؤسسات عدة مخصصة لرعاية اليتيم وتوفر أماكن آمنة لإقامتهم، لكن الآن لا يوجد قدرة لأي من المؤسسات الحكومية والأهلية لاحتضانهم في ظل تواصل الحرب.
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، يقدر عدد الأطفال المنفصلين عن ذويهم في غزة بأكثر من 17 ألف طفل، وإضافة إلى معاناتهم النفسية، يواجه الأطفال في غزة ظروفا معيشية قاسية بسبب نقص المياه والغذاء والدواء.
وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، يعيش نحو 1.9 مليون شخص، أكثر من نصفهم أطفال، في ظروف مزرية داخل المخيمات في قطاع غزة، حيث تزداد معاناتهم اليومية مع استمرار الحرب.