اسأل المفتي.. كيف اكتشف سيدنا إبراهيم أن هناك إلهًا واحدًا أزليًّا لا يتغير؟
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
كشف الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أنه حين نظر سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى الكواكب والنجوم والشمس، أدرك بعد تأمل عميق أنها ليست آلهة، لأنها تخضع لقوانين التغيير والتحول، فاستنتج أن هناك إلهًا واحدًا أزليًّا لا يتغير، هو الذي خلق هذه الأجرام وسائر المخلوقات".
وتابع خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق، مقدم برنامج اسأل المفتي، المذاع على قناة صدى البلد، أن الإنسان إذا تأمل في ملكوت السماوات والأرض سيدرك النظام البديع الذي وضعه الله في الكون، وسيكتشف الإتقان والإحكام الذي يؤكد الوجود الإلهي، مؤكدًا أن النظر في العالم العلوي والسفلي، وتأمل النفس البشرية.
وشدَّد فضيلة المفتي على أن الإسلام لم يضع العقل في مواجهة مع النصوص الدينية، بل جعله أداة لفهم هذه النصوص، مستشهدًا بما ذهب إليه العلماء من أن العقل والنقل يكمل أحدهما الآخر. وأوضح فضيلته أن بعض الناس قد يروجون لوجود تعارض بين المدرسة العقلية والمدرسة النقلية، وهذا غير صحيح، لأن الإسلام لا يقف ضد العقل، بل إن العقل يعد من مصادر التشريع الإسلامي، ويتجلى ذلك في القياس، وهو عمل عقلي يستند إلى أسس شرعية.
وأضاف فضيلة المفتي أن الفيلسوف الإسلامي ابن رشد أكَّد على العلاقة القوية بين النصوص الدينية والأدلة العقلية، موضحًا أن أي ادعاء بوجود تعارض بينهما يرجع إما إلى سوء الفهم، أو ضعف التأمل، أو الأهواء الشخصية. كما أشار فضيلته إلى أن العلماء اعتبروا أن الله تعالى أرسل نوعين من الرسل للبشرية: الأول هو الرسول الظاهر وهو النبي، والثاني هو العقل الذي يعد أداة داخلية للوصول إلى الحق، ولا يمكن أن يستقيم أحدهما دون الآخر، فكما أن اتباع النبي واجب، فإن استقامة العقل ضرورية لفهم الدين بشكل صحيح.
وأشار إلى أن بعض المغرضين قد يحاولون إحداث قطيعة بين العقل والنقل، عبر اجتزاء القراءة للنصوص الدينية، أو إخراجها عن سياقها، أو الترويج لشبهات قائمة على مغالطات، مستدلًّا بقوله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71]، مؤكدًا أن التأمل المنهجي في النصوص الدينية وَفْقَ الضوابط المعروفة يقود إلى إدراك أنها لا تتعارض مع العقل السليم، بل تتناغم معه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صدى البلد حمدي رزق سيدنا إبراهيم عليه السلام اسأل المفتي المزيد
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 36 من سورة يونس: “وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ”.
تأتي هذه الآية في سياق محاججة العقل المشرك الذي ضل عن معرفة الخالق، لكنه ولأنه مودع فيه فطرة البحث عنه، فقد توجه جهات شتى في ذلك، فمنهم من عميت بصيرته فأنكر وجوده كليا، ومنهم من قصر به عقله عن فهم علة أن الخالق أخفى عن الحواس البشرية ادراكه لحكمة أرادها، فاقتصر بحثه عنه على ما هو مدرك محسوس، فلم يجده فيها بالطبع، فانحرف الى التوسل بها لعلها تقربه زلفى لدى الأله الحقيقي، أما أغلب حالات الشرك فتكون طاعة مخلوق في معصية الخالق، اعتقادا بأن هذا المخلوق في يده النفع والضرر، أو تصور أن نواله رزقه معلق على رضائه أو سخطه.
ما يربك حجة المكذب بالدين ويسقط منطقية معتقده، وإن كانت الدلائل العقلية المنطقية تؤكد وجود خالق واستحالة الوجود بدونه، والعقبة الوحيدة أمام عقله أن هذا الخالق خفي عن إدراكه، ومع أن هذا العقل يؤمن بكثير من الأشياء الخفية عليه، ويقتنع بوجودها من إدراكه لآثارها، فالأوكسجين لا يراه ولا يحس بوجوده في الهواء، لكنه بناء على قاله العلماء مقتنع بوجوده، ولا يخطر بباله أن يكذبهم، لكنه يكذب الأنبياء الذين هم أصدق من العلماء، ويطلب منهم أن يروه الله جهرة.
تؤكد هذه الآية الحقيقة التي يحاول الضالون الالتفاف عليها، وهي أنهم لا يمتلكون أي دليل مادي يثبتون به عدم وجود خالق، بل يبنون تكذيبهم على الظن فقط.
المنطق السليم يفترض في أية مقولة جدلية كقضية وجود الخالق من عدم وجوده، أن يكون لها احتمالان لا ثالث لهما، وفي حالة عدم وجود دليل مادي على أي منهما ، تتحول المفاضلة الى أيهما أكثر منطقية ، وتصبح الأدلة العقلية هي الوسيلة المعتمدة، لكن أن يكون الظن الوسيلة الوحيدة، فذلك يعني ركوب العقل وليس اتباعا له، ولا يحق لمن يفعل ذلك ادعاء اتباع المنهج العلمي، بل المكابرة والتعصب.
ولو كان هؤلاء يبنون قناعاتهم على المنهج العلمي كما يدّعون، لما غلبوا الظن على الدليل المنطقي الذي يقول يقول بأن وجود الأثر المادي لما هو غير مرئي دليل على وجوده، وبلا حاجة لرؤيته.
ولو كانوا يبحثون عن الحقيقة حقا، لاكتفوا بدليل واحد من آلاف الأدلة المنطقية العقلية الدالة على أن هذا التنظيم الدقيق للكون وكافة مكوناته، ولكل الكائنات التي عرفها البشر، والتناسق بينها والتكامل في وظائف كل كائن فيها، وأداءها المتوازن، أنه لا يمكن أن يكون كل ذلك نتاج صدف عشوائية، اذ لا يمكن تتوافق صدفتان، فكيف تتوافق ملايين الصدف، وتأتني كل واحدة مكملة أو موائمة للأخرى!؟.
إذأ لا بد أن هنالك من أوجدهه قصدا وعن علم وتدبير دقيق، وعندما يثبت له أن ذلك التنظيم لا يمكن أن يوجد بشكل أمثل مما هو موجود، يستدل على أن هذا الموجد هو أقدر وأحكم ما يمكن تصوره.
وعندما يكتشف أن كل الموجودات من الجامدات والكائنات الحية بما فيها الإنسان، محكومة بنظام بنائي واحد على أساس الذرة، وبناؤها الحيوي موحد، ونظامها البيئي منضبط مع البيئة الأرضية، يستنتج أن خالقها واحد، وهو خالق الأشياء جميعا.
هنا نفهم علة العقل، فلم يهبه الخالق للبشرأصلا ليستخدموه في اختراع الآلات النافعة وتكديس الثروات ولا بناء ناطحات السحاب والمركبات الفضائية، فتلك مهام ثانوية للعقل، ومنتج ذو نفع آني قدم له تسهيلات لمعيشته، عاش الإنسان بدونها وبها.
لكن كون حياته سعيدة أو شقية، نافعة له في حياته الأخرى أم لا، هي بمقدار استخدامه العقل لما أوجد له أصلا وهي معرفة الله.
الشقي هو من اتبع هواه فانساق وراء شهوات نفسه، التي سولت له التكذيب بالدين، وتمادى في غيه فاستحمر عقله، فركبه وساقه وراء ضلاله، وسرعان ما انقضت حياته ومتعها، ليجد نفسه خسر الدنيا والآخرة.
أما من كان ذو حظ عظيم، فهو من استثمر عقله في ما ينفعه ، فسخر معرفته وعلمه في طاعة الله، اتبع منهجه، ودعا غيره لاتباعه، ففاز الفوز العظيم وأنجى غيره.