جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-14@20:34:16 GMT

حرب تجارية تُشعل العالم

تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT

حرب تجارية تُشعل العالم

حاتم الطائي

الحرب التجارية الشعواء ستأكل الأخضر واليابس وسيكتوي الجميع بنيرانها

◄ خسائر تريليونية للشركات الأمريكية في أقل من 4 أسابيع

◄ سياسات ترامب المتطرفة تقضي على فكرة "العولمة الاقتصادية" والسوق المفتوح

 

لن تسلم أي دولة في العالم من نيران الحرب التجارية التي يُشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويُخطئ من يظن أنَّه في منأى عن تداعيات مثل هذه السياسات الحمائية المتطرفة التي تنطلق من دوافع سياسية في الأساس، وليست اقتصادية، كما تزعم الإدارة الأمريكية الجديدة، إذ إنَّ جميع المؤشرات تُؤكد أن شظايا القصف المُتبادل في الحرب التجارية الجارية حاليًا بين أمريكا وعدد من دول العالم، وأهمها: الصين وكندا والمكسيك، ستطال كل الاقتصادات حول العالم، لا سيما وأن التقديرات تُشير إلى أنَّ النمو الاقتصادي العالمي قد ينخفض هذا العام فقط بنحو 0.

75%، بينما ستفقد التجارة الدولية 3% من قيمتها.

قد يُجادل بعض الاقتصاديين في مصطلح "الحرب التجارية"، لكن المُؤكد أننا أمام أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، بينما لم يتعافى الاقتصاد العالمي بصورة كاملة، بعد سنوات عجاف تسببت فيها جائحة كورونا والركود الذي ضرب أنحاء العالم. ومن المفارقات أنَّ هذه الحرب التجارية ليست وليدة اللحظة؛ بل كانت نيّة مُبيّتة لدى الرئيس الأمريكي خلال فترة ترشحه للانتخابات؛ حيث ظل يستخدم ورقة التهديد بالرسوم الجمركية لاكتساب المزيد من الأصوات، وخاصة الأصوات اليمينية، واستغل ذلك برفع شعار "أمريكا أولًا" و"لنجعل أمريكا عظيمة مُجددًا"، وهي شعارات منفصلة تمامًا عن الواقع الذي نعيشه اليوم، فالولايات المتحدة ليست مجرد دولة عادية في هذا العالم، بل إنها أكبر اقتصاد بقيمة لا تقل عن 28.7 تريليون دولار، وهو ما يمثل ربع الاقتصاد العالمي البالغ 110 تريليونات دولار، ولذا فإنَّ أي اهتزاز لهذا الاقتصاد يضر بالعالم من حوله.

ويكفي أن نعلم أنه منذ أن بدأ الرئيس ترامب شن حرب الرسوم الجمركية، تكبدت البورصة الأمريكية خسائر فاقت 5.5 تريليون دولار في أقل من 30 يومًا، والتوقعات تُرجِّح اضطرابات في الدورة الاقتصادية العالمية، وموجات من التقلبات في حركة التجارة العالمية، ولا ننسى أنه في المقابل أن الدول التي تتعرض لرسوم جمركية مرتفعة، سلسلة من الرسوم المضادة، من باب المعاملة بالمثل، وسنظل في دوامة من الرسوم والرسوم المضادة، حتى تضع هذه الحرب أزارها، ومرة أخرى سيلحق الضرر الجميع.

ترامب بطبيعته الشعبوية واليمينية المتطرفة، لن يتراجع عن فرض المزيد من الرسوم، خاصة وأنها تُحقق له أهدافه الأخرى، وتسمح له بتنفيذ أجندته، لكن من المدهش أن ترامب لا يعي بالدرجة الكافية أنَّ هذه الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، فهي من جهة قد تحقق له أهدافه أو تساعده في الضغط على خصومه، لكن من جهة أخرى، ستتسبب في موجة تضخم نتيجة ارتفاع أسعار الواردات من الدول المفروض عليها هذه الرسوم، ومن ثم انخفاض التضخم، وهذه عوامل ضارة للغاية بالاقتصاد الأمريكي ومن ثم الاقتصاد العالمي بالتبعية. لذلك ترامب لا يرى سوى بعين واحدة، وهي عين تركيع الخصوم وإذلالهم، لكن المؤكد أنَّ الدول الأخرى لن ترضخ لمثل هذه الضغوط الاقتصادية، فمثلا كل من كندا والمكسيك تُصدِّران إلى أمريكا سلعًا بما قيمته 893 مليار دولار، ومع فرض رسوم بنحو 25% فإن ثمة مخاطر اقتصادية وتجارية هائلة ستضُر بالاقتصاد الأمريكي الذي يعتمد على هذه الواردات في الكثير من الصناعات، علاوة على ما ستُحدثه من تضخم في الأسعار يكتوي به المستهلك الأمريكي.

مثل هذه السياسات الحمائية المتطرفة تتنافى تمامًا مع قواعد منظمة التجارة الدولية، وتتعارض مع النهج الرأسمالي الليبرالي الذي تجسده الولايات المتحدة الأمريكية، بل وكانت قائدة له، فضلًا عن تسبب مثل هذه الممارسات في نسف فكرة "العولمة الاقتصادية" واقتصادات السوق المفتوح، وتداعيات ذلك على النمو الاقتصادي في البلدان الأخرى.

ويبقى القول.. إنَّ العالم اليوم لن يحتمل تبعات مثل هذه الحرب التجارية الشعواء، لا سيما في ظل الظروف العصيبة التي تعصف بالكثير من المناطق والصراعات المشتعلة في أرجائه، والولايات المتحدة باعتبارها أكبر اقتصاد في العالم، يتعين عليها التحلي بالمسؤولية وتهدئة المخاوف العالمية؛ إذ لا ريب أنَّ الاقتصادي سيكون المتضرر الأكبر من تبعات هذه الحرب، وعلى الرئيس ترامب أن يُدرك أن سياسات فرض الأمر الواقع بالقوة المُتغطرِسة لن تُجدي نفعًا، ولن تُفيد أي طرف مهما كان، فما أحوجنا اليوم إلى التكاتف في مواجهة التحديات، والعمل المشترك من أجل خير البشرية والناس أجمعين.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الحرب التجاریة مثل هذه

إقرأ أيضاً:

تصعيد "التعريفات الجمركية" يُشعل الحرب التجارية بين أمريكا والصين.. وسط تساؤلات حول التأثير على اقتصادات الخليج

 

 

 

◄ عقل: الرسوم الأمريكية ستؤثر على الاقتصاد الخليجي بشكل مباشر وغير مباشر

◄ أمريكا راعت بعض السلع المتعلقة بالقطاعات الأمريكية الحساسة

الصين تصف القرارات الأمريكية بـ"التنمر الاقتصادي"

◄ الخارجية الصينية: مستعدون للقتال حتى النهاية في حرب التعريفات الجمركية

الرؤية- سارة العبرية

"لا يُوجد فائز في حرب تجارية".. هكذا لخص مسؤول بوزارة التجارة الصينية أزمة الرسوم الجمركية التي أشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسط ترقب عالمي لما ستؤول إليه الأمور بين أكبر دولتين اقتصاديتين في العالم.

ولقد أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية إضافية على السلع الصينية بنسبة 125%، لترتفع نسبة الرسوم الكلية إلى 145%.  وبرر ترامب هذه الخطوة بأنها "ضرورة لمعالجة ممارسات تجارية غير عادلة من قبل الصين"، خاصة في ما يتعلق بدعمها المفرط للشركات الحكومية واتهامها بتصدير مواد أفيونية كالفنتانيل، التي تلقي واشنطن عليها اللوم في أزمة صحية خانقة داخل الأراضي الأمريكية.

ورغم ما تحمله هذه الخطوة من لهجة عدائية واضحة، فإنها لم تكن شاملة تمامًا؛ إذ استثنى البيت الأبيض من هذه الرسوم عددًا من المنتجات الحيوية والاستراتيجية مثل النحاس، الأدوية، أشباه الموصلات، الأخشاب، ومنتجات الطاقة. كما أشار البيان الرئاسي إلى أن السيارات والصلب والألمنيوم خضعت لتعريفات منفصلة بنسبة 25%، وهو ما يعكس أن التصعيد رغم شدته كان محسوبًا بدقة، بحيث لا يضر القطاعات الأمريكية الحساسة التي تعتمد بشكل كبير على هذه الواردات.

وعلى الرغم من أنَّ الخطاب الرسمي الأمريكي يركز على حماية الاقتصاد الوطني من الممارسات التجارية "غير العادلة"، فإن دوافع إدارة ترامب وراء تصعيد الحرب التجارية مع الصين تتجاوز هذا الإطار المعلن، ويكمن في جوهرها الضغط المباشر على بكين لتغيير سياساتها الاقتصادية، لا سيما فيما يتعلق بدعم الشركات الحكومية بشكل يمنع المنافسة العادلة، إلى جانب فرض قيود معقدة أمام دخول الشركات الأجنبية إلى السوق الصينية، كما أن العامل السياسي الداخلي يحتل حيزًا مهمًا في خلفية هذا القرار؛ إذ يسعى ترامب إلى توظيف التصعيد التجاري لتعزيز صورته الانتخابية كرجل قوي وحازم في الدفاع عن المصالح الاقتصادية الأمريكية.

ومن الأهداف الجوهرية كذلك، تقليص العجز الهائل في الميزان التجاري مع الصين، والذي بلغ في عام 2024 نحو 295.4 مليار دولار بزيادة قدرها 5.8% عن العام السابق، ما يزيد من الضغوط على الصناعة الأمريكية ويضعف القدرة التنافسية للمنتج المحلي.

 إلى جانب ذلك، ربطت الإدارة الأمريكية هذه الرسوم بمسائل الأمن القومي، خصوصًا ما يتعلق بتدفق مادة الفنتانيل من الصين، وهي مادة أفيونية خطيرة تتسبب في أزمة صحية متفاقمة داخل الولايات المتحدة، كما أن استثناء واشنطن لبعض القطاعات التكنولوجية من الرسوم يشي بأن هناك حسابات استراتيجية تهدف إلى كبح تمدد الصين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.

رد صيني حاسم

وفي المقابل، قالت وزارة المالية الصينية، الجمعة، إن "بكين ستفرض رسوما جمركية بنسبة 125 بالمئة على السلع الأمريكية اعتبارا من يوم السبت الموافق 12 أبريل، ارتفاعاً من 84 بالمئة التي أعلنتها في وقت سابق"، الأمر الذي يزيد من حدة حرب تجارية تنذر باضطراب سلاسل التوريد حول العالم.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقفاً مؤقتاً، لمدة 90 يوماً، بشأن زيادة الرسوم الجمركية، على عشرات الدول، لكنه رفع الرسوم على الصين إلى 125 بالمئة.

وأضافت الوزارة الصينية أن "بكين ستتجاهل أي رسوم جمركية إضافية من الولايات المتحدة على المنتجات الصينية".

والصين لم تقف مكتوفة الأيدي، فقد أصدرت وزارة التجارة الصينية بيانات شديدة اللهجة، وصفت الإجراءات الأمريكية بأنها "تنمر اقتصادي" وانتهاك صارخ لقواعد التجارة الدولية.

وكانت الصين قد تعهدت باتخاذ تدابير مضادة في أعقاب إعلان زيادة الولايات المتحدة رسومها الجمركية على السلع الصينية، ولكنها حثت على الحوار لتسوية الملفات المتبادلة واستقرار العلاقات بين البلدين.

وقال وزير التجارة الصيني "إن ما تسمى الرسوم الأمريكية المضادة تعدّ انتهاكا خطيرا للمصالح المشروعة لكل الدول، وأضاف أن بلاده ترغب في حل الخلافات من خلال التشاور والمفاوضات ولكن إذا مضى الجانب الأميركي في طريقه فإنَّ الصين ستقاتل للنهاية"، بحسب ما أوردت وكالة رويترز.

من جهته، قال مسؤول بوزارة التجارة الصينية -في بيان- يوم الأربعاء "أريد أن أؤكد أنه لا يوجد فائز في حرب تجارية، ولا تريد الصين حربا تجارية. ولكن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي بأي حال من الأحوال عندما تتضرر وتنتهك الحقوق والمصالح المشروعة لشعبها".

وأضاف المسؤول الصيني أنَّ استخدام الولايات المتحدة للتعريفات الجمركية سلاحا لممارسة أقصى قدر من الضغط والسعي لتحقيق مصالحها الذاتية عمل نموذجي للأحادية والحمائية والتنمر الاقتصادي، بحسب ما نقلت وكالة شينخوا الرسمية.

وأشار إلى أن بلاده على استعداد للتواصل مع الجانب الأميركي بشأن القضايا الاقتصادية والتجارية الثنائية الرئيسية، ومعالجة اهتمامات كل منهما من خلال الحوار والمشاورات على قدم المساواة.

ومن جانبه، قال لين جيان، المتحدث باسم الخارجية الصينية -خلال مؤتمر صحفي- الأربعاء "إذا كانت الولايات المتحدة عازمة على شن حرب تعريفات جمركية أو حرب تجارية، فإن الصين مستعدة للقتال حتى النهاية"، مؤكدا أن بلاده تمتلك القدرة والثقة للتعامل مع مختلف المخاطر والتحديات.

وفي ظل التوتر الحاصل بين البلدين، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه "يرغب في التوصل إلى اتفاق مع الصين لإنهاء الحرب التجارية المتصاعدة".

التأثير على اقتصاد الخليج

وحول التأثير على الأسواق الخليجية: قال أحمد عقل الخبير المالي ومحلل الأسواق "إن فرض الرسوم الجمركية الأمريكية ستكون له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الخليجي، خاصة على أسواق المال والعملات".

وأوضح عقل أنَّ العملات الخليجية مربوطة بشكل وثيق بالدولار الأمريكي، مما يعني أن أي تقلبات في قيمة العملة الأمريكية ستُؤثر بشكل مُباشر على قوة هذه العملات، متوقعاً أن يشهد الدولار تراجعاً في قيمته خلال الفترة المقبلة إذا استمرت الحرب الجمركية، مما سيرفع تكلفة الصادرات الأميركية إلى الخليج، وينتج عنه أعباء إضافية على أسعار الهواتف الذكية والسيارات، والأجهزة الإلكترونية.

وفيما يتعلق بأسواق المال الخليجية، قال الخبير المالي ومحلل الأسواق "إن هناك ركودا ملحوظا في حركة الأسهم بالمنطقة في الوقت الراهن، موضحا أن الشركات القيادية في البورصات الخليجية ستكون الأكثر عرضة للخطر بسبب هذه التغيرات، خصوصا في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على النفط أو المنتجات المرتبطة بالدولار".

وتوقع عقل أن تتأثر أرباح الشركات النفطية وخاصة البتروكيميائية بشكل كبير إذا استمر التراجع في الطلب على النفط، مشيرا إلى أن "هناك فرصة للمستثمرين الخليجيين للاستفادة من انهيار الأسهم العالمية وشرائها بأسعار منخفضة، مما قد يحقق عوائد كبيرة في المستقبل حين تتحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية".

حجم التجارة بين الصين وأمريكا

تشير بيانات مكتب التمثل التجاري الأمريكي "يو إس تي آر " (USTR) إلى أن حجم التبادل التجاري في السلع مع الصين في عام 2024 بلغ نحو 582.4 مليار دولار، موزعة على النحو التالي: الصادرات الأمريكية إلى الصين: 143.5 مليار دولار، بانخفاض قدره 2.9% مقارنة بعام 2023، والواردات الأمريكية من الصين: 438.9 مليار دولار، بزيادة قدرها 2.8% عن العام السابق، والعجز التجاري لمصلحة الصين: 295.4 مليار دولار، ويمثل ارتفاعًا بنسبة 5.8% عن عام 2023.

 

مقالات مشابهة

  • بين برميل النفط وأونصة الذهب… الأسواق تترقب الحرب التجارية بين ترامب وبكين!
  • د. أحمد فارس يكتب: ترامب يترنح.. هل تنتهي الحرب التجارية مع الصين ؟
  • خريف السياسة التجارية الأمريكية
  • ترامب يعفي الإلكترونيات من الرسوم الجمركية وسط احتدام الحرب التجارية
  • القاهرة الإخبارية: الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين تشعل الحرب التجارية
  • تصعيد "التعريفات الجمركية" يُشعل الحرب التجارية بين أمريكا والصين.. وسط تساؤلات حول التأثير على اقتصادات الخليج
  • الرسوم الجمركية الصينية تشعل الحرب التجارية مع أمريكا.. ماذا قال ترامب؟
  • إدارة ترامب تسعى لإبرام 90 اتفاقية تجارية خلال 90 يوما.. مهمة ضخمة
  • مرتاح للغاية.. الرئيس الأمريكي: شيء إيجابي سيخرج من الحرب التجارية مع الصين
  • الصين: لا رابح في الحرب التجارية ومعاداة العالم ستؤدي للعزلة الذاتية