مظاهرة حاشدة في لندن تؤيد فلسطين وتطالب برفع حصار غزة.. تواجد أمني مكثف
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
شهدت العاصمة البريطانية، لندن، اليوم السبت مسيرة جماهيرية حاشدة مؤيدة لفلسطين، مطالبة بوقف الإبادة الجماعية بحق أهالي غزة من خلال رفع الحصار والسماح بإدخال المساعدات الغذائية والطبية.
انطلقت المسيرة التي دعا لها ائتلاف التضامن مع فلسطين، من محطة غرين بارك في شارع بيكاديلي واتجهت إلى وايتهول، حيث مقر الحكومة احتجاجا على استمرار فرض حصار خانق على قطاع غزة.
وقال بن جمال، مدير حملة التضامن مع فلسطين: إن المسيرة تهدف إلى تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية في غزة والضفة الغربية، مؤكدًا أن "الحصار لا يزال قائمًا، وأن هناك محاولات لتغيير الواقع الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية".
ونظمت مجموعة "أوقفوا الكراهية" احتجاجًا مضادا في شارع كوفنتري بالقرب من ميدان بيكاديللي سيركس، حيث قال المنظمون أن مظاهرتهم تهدف إلى التعبير عن "موقف مختلف" تجاه الأوضاع في الشرق الأوسط.
وقد فرضت شرطة لندن قيودا أمنية مشددة تحسبًا لحدوث اضطرابات، بموجب قانون النظام العام، بهدف "ضمان عدم وقوع تجاوزات أو تصادم بين المشاركين في المظاهرتين"، وذلك وسط حملة قمع أوسع تستهدف أشكال دعم فلسطين في البلاد في يناير، شهدت لندن اعتقال أكثر من 70 متظاهرًا مؤيدًا لفلسطين خلال مسيرة مماثلة بسبب مزاعم بانتهاك الشروط الأمنية، فيما جرت ثمانية اعتقالات خلال مظاهرة الشهر الماضي.
وتتزامن المظاهرات مع وصول عشرات الآلاف من مشجعي كرة القدم إلى العاصمة البريطانية لندن قبل نهائي كأس كاراباو غدا الأحد بين نيوكاسل يونايتد وليفربول في ملعب ويمبلي.
وتشرف الشرطة أيضًا على مظاهرة منفصلة بالقرب من دار صك العملة الملكية، احتجاجًا على خطط بناء سفارة صينية جديدة. يُنظّم الاحتجاج التحالف البرلماني الدولي بشأن الصين.
وكانت حملة التضامن مع فلسطين التي تضم: المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، وحملة التضامن مع فلسطين، ومجموعة أصدقاء الأقصى، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، وتحالف أوقفوا الحرب، قد حذّرت في وقت سابق من قمع المظاهرة، وأوضح التحالف أنه أبلغ الشرطة قبل ثلاثة أسابيع بنيّته تنظيم المسيرة والمسار المقترح لها، إلا أن الشرطة سعت منذ ذلك الحين إلى فرض شروط غير معلنة، ما خلق حالة من الغموض كان من شأنها تعريض المشاركين لخطر الاعتقال.
وأكد أن هذا التكتيك يعكس تصاعد القمع الذي تمارسه السلطات ضد المظاهرات الداعمة لحقوق الفلسطينيين.
وأشار التحالف إلى أن الشرطة وافقت أخيرًا على المسار، لكنها فرضت قيودًا تمنع التجمع في "بارك لين" كما كان مخططًا، وذلك استجابةً لمطالب مجموعات مؤيدة لإسرائيل. ولفت إلى أن هذه المجموعات زعمت وجود مخاوف تتعلق بمعابد يهودية، رغم أنها تقع خارج مسار المظاهرة وعلى بُعد أكثر من 12 دقيقة من نقطة التجمع.عقبات لوجستية وتأثير على المشاركينالتحالف المؤيد لفلسطين في بريطانيا يدين ملاحقات الشرطة لنشطائهوانتقد التحالف ما وصفه بالتأخير المتعمد من قبل الشرطة، معتبرًا أنه تسبب في إرباك المنظمين وأعاق مشاركة العديد من الأشخاص، لا سيما القادمين من خارج لندن، والمسلمين الذين يحتاجون إلى ترتيبات خاصة للصلاة والإفطار خلال شهر رمضان، إضافة إلى ذوي الإعاقة الذين يسعون إلى تحديد مسار مناسب للوصول إلى نقطة التجمع.
وشدّد على أن الشرطة كانت على دراية بهذه التحديات لكنها اختارت تجاهلها، ما يعزز الشكوك حول الدوافع السياسية لهذا القرار.وأكد التحالف أن المظاهرة تكتسب أهمية متزايدة في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن إسرائيل ترفض الالتزام بوقف إطلاق النار، وتفرض عقوبات جماعية على الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك إعادة فرض الحصار الكامل وقطع الكهرباء عن محطة تحلية المياه الوحيدة في القطاع، ما يزيد من معاناة السكان.
وطالبت الحملة الحكومة البريطانية بوقف دعمها لإسرائيل وإنهاء تواطئها في هذه الانتهاكات، تحت شعارات: "الحرية لفلسطين"، "لا للتطهير العرقي"، و"أوقفوا تسليح إسرائيل".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية التضامن فلسطين مظاهرة بريطانيا بريطانيا فلسطين تضامن مظاهرة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التضامن مع فلسطین
إقرأ أيضاً:
حصار غزة: مأسسة الموت
على مرّ التاريخ، شكّلت الحروب أدواتٍ للصراع بين الدول والجماعات، حيث تطورت استراتيجياتها من المواجهات العسكرية المباشرة إلى وسائل غير تقليدية تهدف إلى إنهاك الخصم دون استخدام السلاح التقليدي. ومن أبرز هذه الوسائل، يبرز الحصار والتجويع ومنع المساعدات الإنسانية كأشدّ الأدوات وحشية ولا إنسانية، إذ تُمارَس كعقوبات جماعية ممنهجة تستهدف المدنيين بالدرجة الأولى، من خلال تحويل الغذاء والماء والدواء إلى أدوات تفاوض وابتزاز سياسي، ما يجعلها سلاحا بطيئا ولكنه فعّال في تفكيك المجتمعات وإخضاعها دون إطلاق رصاصة واحدة. وإن ترافق هذا الحصار مع حرب عسكرية شاملة تهدف إلى الإبادة، فإن الصورة تصبح أكثر ظلاما، إذ يتحوّل الحصار من أداة خنق تدريجي إلى عنصر مكمل في منظومة تدمير ممنهج، تُحرم فيها الضحايا من النجاة، ويُسدّ أمامهم باب الحياة من كل اتجاه.
وتُجسّد إسرائيل هذا النهج بوضوح، مستخدمة الحصار وحرمان سكان غزة من المساعدات الأساسية كورقة ضغط لتحسين شروط إطلاق سراح المحتجزين لديها وتحقيق مكاسب سياسية مرتبطة بإدارة القطاع. وقد فرضت سلسلة من الإجراءات العقابية الجماعية التي طالت نحو 2.2 مليون فلسطيني، شملت قطع الكهرباء، وإغلاق المعابر، ومنع إدخال المواد الغذائية والطبية، في محاولة لفرض تنازلات سياسية وعسكرية تتجاوز حتى ما يُسمّى بالردع العسكري، لتطال أبسط مقومات الحياة.
ولم يكن الحصار ومنع المساعدات أداة معزولة، بل ترافق مع حرب إبادة أودت بحياة أكثر من 200,000 فلسطيني وأصابت أضعافهم، معظمهم من المدنيين. ومع انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في آذار/ مارس 2025، صعّدت إسرائيل من استخدام المساعدات كسلاح تفاوضي، مانعة دخول أي إمدادات غذائية أو طبية إلى القطاع، مما فاقم الأزمة الإنسانية وهدّد حياة مئات الآلاف من المدنيين، خاصة الأطفال والمرضى والمسنين، وأدى إلى انهيار شبه كامل في البنية التحتية الصحية، وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع.
يشكّل استخدام المساعدات كأداة ضغط جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، بل وقد يرقى إلى جريمة إبادة جماعية. فحرمان المدنيين من الغذاء والدواء والمياه في سياق الحصار يشكّل انتهاكا جسيما للقانون الدولي، حيث يُوظَّف التجويع كوسيلة ضغط سياسي وعسكري
ومن المهم التذكير بأن قصة الحصار في غزة بدأت عام 2007، بعد فوز حركة حماس في الانتخابات وإدارتها للقطاع، حين فرضت إسرائيل حصارا خانقا شمل قيودا صارمة على حركة الأفراد والبضائع، ما أدى إلى تدهور كارثي في الأوضاع المعيشية، وخلق واقعا من الفقر والعوز الدائم، دفع بالسكان إلى الاعتماد شبه الكامل على المساعدات الدولية التي أصبحت لاحقا أداة عقاب وجزاء جماعي.
وليس الحصار مجرد وسيلة ضغط سياسي أو أداة عقاب جماعي، بل يبدو من خلال تصريحات العديد من قادة الاحتلال أنه يحمل هدفا أعمق يتمثل في تهجير الفلسطينيين قسرا من قطاع غزة. فقد صدرت مواقف رسمية ووثائق إعلامية تدعو صراحة إلى دفع السكان نحو الهجرة الجماعية، من خلال خلق ظروف معيشية غير قابلة للحياة. وهذا يُشير إلى بُعدٍ استراتيجي في الحصار، يتجاوز السيطرة العسكرية، ليصبح أداة هندسة ديموغرافية ترمي إلى تفريغ الأرض من أهلها، وهو ما يرقى إلى سياسة تطهير سكاني ممنهجة.
التكييف القانوني للحصار الإسرائيلي على غزة:
يشكّل استخدام المساعدات كأداة ضغط جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، بل وقد يرقى إلى جريمة إبادة جماعية. فحرمان المدنيين من الغذاء والدواء والمياه في سياق الحصار يشكّل انتهاكا جسيما للقانون الدولي، حيث يُوظَّف التجويع كوسيلة ضغط سياسي وعسكري، مع سبق الإصرار والتصميم، بما يعكس نمطا مؤسسا من الاستهداف غير الإنساني.
1- جريمة حرب وفقا للقانون الدولي الإنساني: منع دخول المساعدات الإنسانية يُعدّ انتهاكا للمادة 55 من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف، والتي تلزم الدولة المحتلة بتأمين الإمدادات الأساسية للمدنيين. استخدام المساعدات كأداة حرب يتناقض مع المبادئ الجوهرية للقانون الدولي الإنساني، الذي يمنع استهداف المدنيين أو تعريضهم لمعاناة مفرطة، وينص على ضرورة احترام كرامتهم وإنسانيتهم، حتى في أوقات النزاع.
2- جريمة ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي: تنص المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن أي سياسة ممنهجة تُسبب معاناة مفرطة أو تهديدا مباشرا للحياة تُعدّ جريمة ضد الإنسانية. ويُجسّد الحصار الإسرائيلي ذلك من خلال خلق ظروف معيشية لا تُطاق تُشكّل اضطهادا جماعيا بحق المدنيين، ويُعتبر ذلك شكلا من أشكال التمييز الممنهج، وانتهاكا صريحا لحق الشعوب في الحياة الكريمة.
3- جريمة حرب عبر العقاب الجماعي: يصنّف الحصار كعقاب جماعي محظور بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة. فرض القيود الجماعية على 2.2 مليون فلسطيني لا يمكن تبريره عسكريا، ويُعدّ انتقاما من المدنيين، ما يجعله جريمة حرب وفقا للمادة 8 من نظام روما الأساسي، خاصة إذا ترافق مع استهداف متعمّد للمرافق المدنية والبنية الصحية والبيئية.
4- جريمة إبادة جماعية عبر التجويع: في حال ثبت تعمّد استخدام الحصار لإحداث دمار شامل أو القضاء على جزء من السكان، فإن ذلك يُشكّل إبادة جماعية بموجب المادة 2 من اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي تشمل إلحاق ضرر جسدي أو نفسي جسيم بجماعة بهدف تدميرها كليا أو جزئيا. استمرار القصف ومنع المساعدات يعزّزان هذا التكييف القانوني، لا سيما مع تزايد أعداد الضحايا المدنيين، وانهيار القطاعات الأساسية التي تحفظ الحياة.
إن هذا التكييف القانوني للحصار الإسرائيلي على غزة لا يقتصر على تحليل نظري، بل يُحمّل المجتمع الدولي مسؤولية قانونية وأخلاقية مباشرة. فحين تتحقق عناصر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بل وجريمة الإبادة، فإن الصمت أو التهاون إزاءها يُعتبر تواطؤا ضمنيا. ويجب تفعيل أدوات المساءلة، سواء من خلال المحكمة الجنائية الدولية أو آليات القانون الدولي العام، وفرض عقوبات ومساءلة القادة المتورطين، وإنهاء الحصانة السياسية والدبلوماسية التي تحميهم. كما تقع على عاتق الدول والمنظمات الدولية مسؤولية التحرك الفوري لرفع الحصار، وتقديم المساعدات دون قيد أو شرط، باعتبارها التزاما قانونيا لا خيارا سياسيا.
مأسسة الموت البطيء:
استمرار الحصار لا يمثّل فقط فشلا دبلوماسيا، بل إدانة صامتة للمجتمع الدولي بأسره. فالخطيئة ليست فقط في ارتكاب الجريمة، بل أيضا في الصمت عنها. وإذا كان القانون بلا إرادة مجرد حبر، فإن الإدانة بلا فعل ليست سوى شهادة نفاق أخرى تضاف إلى سجل الإنسانية المعطَّلة
رغم وضوح التكييف القانوني للحصار، تبقى العدالة رهينة الزمن. فالإجراءات القضائية، سواء في محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، بطيئة إلى حدّ العجز، فيسقط الضحايا يوما بعد يوم، بينما تُناقش المحاكم حيثيات قانونية قد تستغرق سنوات، غالبا من دون نتائج ملزمة أو آليات تنفيذ فعالة. وهذا البطء في الإجراءات لا يُفسَّر فقط كتقصير، بل كعامل مساهم في استمرار الجريمة.
والأخطر، أن هذا البطء يُفسَّر أحيانا كضوء أخضر غير مباشر لاستمرار الجريمة، حيث يدرك الجاني أن المحاسبة -إن حدثت- ستكون مؤجلة، ما يجعل من القانون الدولي مظلة واهية تمنح الجريمة فرصة للتمادي. وحين يعجز المجتمع الدولي عن فرض تدابير فورية، فإن تقاعسه يُعادل التواطؤ. والتأخير في إحقاق العدالة لا يقلّ خطورة عن الجريمة نفسها، إذ يكرّس مناخ الإفلات من العقاب.
فإذا كانت النصوص القانونية واضحة، وردود الفعل الدولية تُندد، فما الذي يمنع من كسر الحصار؟ هل نحن أمام عجز القانون أمام سطوة القوة؟ أم أن الإرادة السياسية لم تبلغ بعد مستوى الالتزام الأخلاقي المطلوب؟ وهل باتت المواقف الرسمية تنتظر تغير التوازنات الدولية بدلا من الاستناد إلى مبادئ القانون والإنسانية؟
والقانون الدولي ليس نصوصا جامدة، بل منظومة قيم تُلزم الجميع دون استثناء. أما إذا تُرك الحصار ليفرض واقعا ثابتا دون تدخل، فإن ذلك يكشف عن الفجوة العميقة بين القانون كنظرية، والقوة التي تعيد صياغة العدالة بما يخدم مصالحها، وتحوّل النصوص إلى أداة تجميلية في يد الأقوى.
وما يزيد من فداحة المأساة، أن مشاهد الموت البطيء باتت مألوفة: أطفال يموتون جوعا أمام الكاميرات، مستشفيات تتحول إلى مقابر، وطوابير تبحث عن شربة ماء أو لقمة تسد الرمق. لقد أصبح الحصار جزءا من الروتين الفلسطيني اليومي، تحت أنظار عالم يراقب، يدين، ثم ينصرف، مكتفيا بالإدانة اللفظية التي لا توقف النزيف.
إن استمرار الحصار لا يمثّل فقط فشلا دبلوماسيا، بل إدانة صامتة للمجتمع الدولي بأسره. فالخطيئة ليست فقط في ارتكاب الجريمة، بل أيضا في الصمت عنها. وإذا كان القانون بلا إرادة مجرد حبر، فإن الإدانة بلا فعل ليست سوى شهادة نفاق أخرى تضاف إلى سجل الإنسانية المعطَّلة. وهذا ما يجعلنا نتساءل بمرارة: هل تحوّلت منظومة العدالة الدولية إلى ديكور أخلاقي يجمّل واقعا داميا؟