أمريكا تطرد الحقيقة.. إبراهيم رسول جريمة دبلوماسية بلا عقاب!
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
#سواليف
#أمريكا تطرد الحقيقة.. #إبراهيم_رسول #جريمة_دبلوماسية بلا عقاب!
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في عالم تدّعي فيه أمريكا أنها مهد الديمقراطية وعرّابة حقوق الإنسان، يظهر الواقع بشكل مغاير تمامًا عندما يتعلق الأمر بمن يجرؤ على قول الحقيقة، وخاصة إن كان مسلمًا لا يخضع لإملاءاتها. لقد قررت واشنطن، وبمنتهى “الشفافية الديمقراطية”، أن تطرد سفير جنوب أفريقيا في واشنطن، إبراهيم رسول، وتعتبره شخصًا غير مرغوب فيه.
إبراهيم رسول ليس دبلوماسيًا تقليديًا جاء من خلفية مترفة، بل هو مناضلٌ حقيقي ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. نشأ في بيئة مسلمة، وتعلم في جامعة كيب تاون، حيث بدأ مسيرته في مقاومة الظلم، غير آبهٍ بالاعتقالات والتضييق، مؤمنًا بأن الحق لا يُقهر حتى لو اجتمع العالم ضده. انضم رسول إلى “حركة الوعي الإسلامي” و”المؤتمر الوطني الأفريقي”، ولعب دورًا محوريًا في إسقاط نظام الأبارتهايد، وأثبت أن النضال الحقيقي لا تحدّه الجغرافيا، ولا يمكن إسكات أصحابه مهما طال الزمن. شغل عدة مناصب قيادية في جنوب أفريقيا، منها وزارة الصحة ورئاسة وزراء مقاطعة كيب الغربية، حيث عمل على تعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية. وعندما عُيّن سفيرًا لبلاده في الولايات المتحدة بين عامي 2010 و2015، لم يكن مجرد دبلوماسي يمارس المجاملات السياسية، بل كان صوتًا للحق في قلب واشنطن، يواجه سياسات التمييز، وينتقد بشجاعة انحياز أمريكا الأعمى لإسرائيل، وهو ما لم تستطع الإدارة الأمريكية تحمله.
مقالات ذات صلة 5 شهداء بينهم صحفي بقصف إسرائيلي شمال قطاع غزة 2025/03/15كم هو مثير للسخرية أن الولايات المتحدة، التي لا تملّ من بيع خطابات الديمقراطية، قررت فجأة أن هذا الرجل يشكّل “خطرًا” على أمنها القومي! هل كان رسول يدبّر لانقلاب في البيت الأبيض؟ هل كان يقود حركة تحرر داخل الكونغرس؟ لا، كل ما فعله أنه رفض المشاركة في مسرحية الصمت الدولي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي. بل الأكثر سخرية أن التهم الموجهة إليه كانت “التحريض العرقي”، وكأن أمريكا – التي قامت على إبادة السكان الأصليين واستعباد الأفارقة – هي آخر من يحق له الحديث عن العنصرية!
إن هذا القرار ليس مفاجئًا، بل هو جزء من السياسة الأمريكية المعتادة التي تقوم على ازدواجية المعايير. فبينما تدّعي دعم الحريات، تمارس أشد أنواع القمع ضد كل من يجرؤ على تحدي هيمنتها، وخاصة إذا كان مسلمًا، أو ينتمي لدولة لا تسبح في فلكها السياسي. لقد دعمت أمريكا نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا حتى اللحظة الأخيرة، وها هي اليوم تطرد أحد أبطال النضال ضده، وكأنها لم تتغير إلا في خطاباتها الدعائية. كما أنها لا تزال تساند الأنظمة القمعية التي تخدم مصالحها، وتفرض عقوبات وحصارًا على الدول التي تحاول أن تكون مستقلة في قرارها السياسي.
لم يكن سفير جنوب أفريقيا في واشنطن دبلوماسيًا “مدجّنًا” كما تحب واشنطن، بل كان مناضلًا حقيقيًا ضد الفصل العنصري، رجلًا لم يعرف سوى طريق النضال، منذ أن كان شابًا يكافح ضد الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، وحتى أصبح سياسيًا بارزًا حمل راية العدل والمساواة. شغل مناصب وزارية، ورأس حكومة مقاطعة كيب الغربية، ثم أصبح سفيرًا لبلاده في الولايات المتحدة. لم يكن ذلك السفير الذي يجيد الابتسامات الدبلوماسية الفارغة، بل كان صوتًا حيًا ضد الظلم، وهذا ما لم تستطع واشنطن تحمله.
الرسالة التي توجهها واشنطن من خلال هذه الفضيحة الدبلوماسية واضحة تمامًا: “نحن نؤمن بحرية التعبير، لكن فقط إن كنتم تعبرون عما نريده. نحن نؤمن بحقوق الإنسان، لكن فقط إن كان هذا الإنسان ليس فلسطينيًا أو مسلمًا أو مناضلًا ضد الاحتلال”. أما من يجرؤ على تحدي هذه القواعد، فمصيره الطرد، العزل، والتشهير، وربما لاحقًا “العقوبات”.
لكن إن كانت أمريكا تعتقد أنها بقرارها هذا أسقطت إبراهيم رسول، فهي لم تفعل سوى أنها أسقطت القناع عن وجهها الحقيقي. لقد كشفت مرة أخرى أنها ليست سوى دولة بوليسية على نطاق عالمي، تتحدث عن الحريات بينما تمارس القمع، تدّعي أنها ضد العنصرية بينما تطرد دبلوماسيًا فقط لأنه مسلم، وترفع راية الديمقراطية بينما تدعم الاحتلال والاستعمار بكل أشكاله.
سفير جنوب أفريقيا في واشنطن قد يكون قد غادر منصبه، لكن الحقيقة التي نطق بها لن تغادر، وصوته الذي أزعج أمريكا لن يُخمده قرار طرد. ربما لم تعد واشنطن ترغب في سماع هذا الصوت، لكنها لا تستطيع محو أثره، ولا تستطيع خداع العالم إلى الأبد. أما إبراهيم رسول، فقد خرج من هذه المواجهة أكثر شرفًا، وأكثر صدقًا، وأكثر احترامًا، بينما بقيت أمريكا مجرد إمبراطورية كاذبة، تخشى كلمة الحق أكثر مما تخشى أي شيء آخر.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف إبراهيم رسول فی جنوب أفریقیا إبراهیم رسول
إقرأ أيضاً:
غير مرغوب فيه..واشنطن تطرد سفير جنوب إفريقيا
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أمس الجمعة، إن الولايات المتحدة أطردت سفير جنوب إفريقيا لدى واشنطن، والذي اتهمه بكره البلاد ورئيسها دونالد ترامب.
وقال روبيو عبر إكس: "ليس لدينا ما نناقشه معه، وبالتالي فهو يعتبر شخصاً غير مرغوب فيه"، في إشارة إلى السفير إبراهيم رسول. ووصف روبيو سفير جنوب إفريقيا بـ "سياسي يؤجج التوترات العرقية".South Africa's Ambassador to the United States is no longer welcome in our great country.
Ebrahim Rasool is a race-baiting politician who hates America and hates @POTUS.
We have nothing to discuss with him and so he is considered PERSONA NON GRATA.https://t.co/mnUnwGOQdx
ويندرج الطرد في سياق توتر متصاعد بين واشنطن وبريتوريا، بعد أن جمد ترامب في فبراير (شباط) الماضي، المساعدات الأمريكية لجنوب إفريقيا، بسبب قانون لمصادرة الممتلكات، اعتبر ضد المزارعين البيض.
وأحد أقرب حلفاء ترامبمن أصل جنوب إفريقي، وهو إيلون ماسك، الذي اتّهم حكومة الرئيس سيريل رامافوزا، باتباع "قوانين ملكية عنصرية علنية". وتعد ملكية الأراضي في جنوب إفريقيا قضية مثيرة للانقسام، إذ تثير الجهود المبذولة لمعالجة التفاوت الموروث من نظام الفصل العنصري انتقادات.
رئيس جنوب أفريقيا يرغب في حل الخلافات مع ترامب - موقع 24قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا، اليوم الخميس، إنه يريد "إبرام صفقة" مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لحل خلاف بشأن سياسة بلاده الخاصة بالأراضي، وقضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.وعند استضافته اجتماعاً لوزراء خارجية مجموعة الـ 20 في فبراير (شباط) الماضي، وصف رامافوزا بـ"الرائع" اتصالاً مع ترامب، بعيد تولي الأخير سدّة الرئاسة الأمريكية لولاية ثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي. إلا أنه لفت إلى أن العلاقات بعد ذلك "بدا أنها خرجت قليلاً عن مسارها".