الرقم الصعب .. ما أوراق دمشق للضغط على الموحدين الدروز؟
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
سرايا - وسط التغييرات الدراماتيكية التي تعيشها سوريا منذ سقوط النظام السابق، والانشغال باستحقاقات العملية الانتقالية، تم تسليط الضوء على نحو مفاجئ الشهر الماضي على طائفة الموحدين .
ففي 23 فبراير/شباط، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بحماية الدروز في سوريا وإقامة منطقة آمنة في محافظات الجنوب السوري الثلاث، القنيطرة ودرعا والسويداء.
وبعد عدة أيام من ذلك تفجرت الاضطرابات في مدينة جرمانا، ذات الغالبية الدرزية في محافظة ريف دمشق، فأعلن الإسرائيليون مرة أخرى استعدادهم للتدخل لحماية الدروز في مواجهة الإدارة السورية الجديدة.
الموحدون الدروز، الذين يناهزون المليون نسمة في سوريا، لم يكن لهم موقف واحد من العلاقة مع الإدارة السورية الجديدة.
بل يمكن القول إن كل تحرك قام به بعض الدروز للتقارب مع دمشق الجديدة، قابله موقف درزي أعلى صوتًا يدعو للابتعاد عنها وللتحوط للتطورات المختلفة التي يمكن أن تهدد وجود طائفة الموحدين الدروز في سورية، وخصوصًا في الجنوب السوري.
آخر التطورات شملت ظهور تسريبات، في 11 مارس/آذار، عن اتفاق بين الإدارة السورية ووجهاء وفصائل من محافظة السويداء على تسوية الخلافات ودخول ممثلي السلطات السورية إلى المحافظة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية.
وفي 12 مارس/آذار، أعيد رفع العلم السوري على مبنى المحافظة في السويداء.
ولكن في 13 مارس/آذار، أعلن الزعيم الأعلى الشيخ حكمت الهجري أنه ما من وفاق أو توافق مع دمشق، والتي وصف حكومتها الحالية بالمتطرفة والمطلوبة دوليًا.
تصريحات الهجري هي الأقسى حتى الآن، وتأتي بمثابة فتوى تقطع الطريق على أي قيادة درزية تحاول عقد توافقات مع دمشق.
وفي 14 مارس/آذار، قام وفد من حوالي مئة رجل دين درزي سوري بعبور الحدود إلى داخل إسرائيل في زيارة هي الأولى من نوعها، وذلك تحت غطاء زيارة مقامات دينية درزية.
تأتي هذه التطورات بالتزامن مع توسع الحركة العسكرية الإسرائيلية، ووصولها إلى دمشق، وتقديم إسرائيل مساعدات غذائية بكميات كبيرة للدروز السوريين، بينما تبدو الإدارة السورية الجديدة محدودة الخيارات والقدرات وشبه عاجزة عن الحفاظ على الجنوب السوري.
تباينات المجتمع الدرزي السوري
عند الحديث مع ممثلي المجتمع الدرزي في محافظة السويداء نجد قراءات مختلفة حول مستقبل العلاقة مع دمشق، والموقف من الفيدرالية والحكم الذاتي وحتى فيما يخص العلاقة مع إسرائيل.
بعض هذه التوجهات يقودها رجال دين بارزون، وصولًا لمرتبة شيوخ العقل، أعلى مراتب المرجعيات الدينية الدرزية، وكذلك قيادات سياسية ووجهاء.
التيار الأبرز حاليًا هو تيار الشيخ حكمت الهجري، شيخ العقل الأول للطائفة.
ويمكن وصف تيار الشيخ الهجري بالتيار القلق إزاء وجود الطائفة ومستقبلها.
تيار الهجري يعتقد بوجود تهديدات استثنائية تواجه طائفة الموحدين الدروز، وأن هذه التهديدات تتطلب المضي نحو خيارات غير مسبوقة بما في ذلك قبول الحماية الدولية.
هذا التفكير ليس بالطارئ. وقد ظهر منذ عدة سنوات، وحاولت بعض القيادات الدرزية، في داخل وخارج سوريا، لفت انتباه القوى الدولية، والترتيب لاتصالات بين القيادات الروحية للطائفة الدرزية مع المسؤولين الأجانب.
وأبرز هذه الاتصالات حصلت في سبتمبر/أيلول 2023، وذلك عندما اتصل هاتفيًا، بشكل متفرق، ثلاثة من أعضاء الكونغرس من الحزبين، وكذلك مسؤول في الخارجية الأمريكية، بالشيخ حكمت الهجري، وأبدوا الدعم له وللانتفاضة التي يقودها أبناء محافظة السويداء ضد نظام بشار الأسد.
يرى المنتمون لهذا التيار أخطار عدة تحيط بالسويداء، فهناك علاقة متوترة تعود لعقود مع القبائل البدوية في محافظة السويداء.
وأخيرًا، في 8 مارس/آذار، حشد المقاتلون الدروز تحسبًا لهجوم بدوي كبير، إلا أن الهجوم لم يحصل.
وهناك أيضًا المخاوف إزاء هجمات الجماعات الإسلامية المتطرفة، ففي يوليو/تموز 2018 شن تنظيم "داعش" سلسلة من الهجمات والتفجيرات استهدفت الدروز في السويداء، وأدت إلى مقتل 221 وجرح أكثر من 200 آخرين، فضلًا عن اختطاف 35 مدنيًا.
تنظيم "داعش" لا يزال ينشط في الصحراء التي تحاذي السويداء، والفوضى الأمنية في البلاد قد تؤدي إلى ظهور تنظيمات أخرى أو لحصول أعمال عنف عشوائية، والتي تزعم الإدارة السورية الجديدة أنها سبب مجازر الساحل السوري الأخيرة.
ريبة الشيخ الهجري تجاه الإدارة السورية ظهرت بجلاء بعد مجازر الساحل، إذ اعتبر أن حكومة دمشق متطرفة ومطلوبة دوليًا.
تيار الشيخ الهجري يعتبر ضمنًا أن الخيارات كلها متاحة في سبيل حماية الطائفة. الشيخ الهجري لم يعلن القبول بالمساعدة الإسرائيلية، إلا أنه كذلك لم يرفضها على نحو صريح.
مقابل تيار الشيخ الهجري، هناك ما يمكن وصفه بالتيار الوطني البراغماتي الذي يخشى الطموحات الإسرائيلية وتأثيراتها على وحدة الأراضي السورية.
وأبرز ممثلي هذا التيار هم "حركة أحرار جبل العرب"، بقيادة سليمان عبد الباقي، والتي كان أفرادها هم من رفع العلم السوري، في 12 مارس/آذار، على مبنى المحافظة في مدينة السويداء.
وهناك أيضًا "حركة رجال الكرامة" التي يقودها ليث البلعوس، تأسست هذه الحركة في 2013 على يد الشيخ وحيد البلعوس (الذي اغتيل في 2015) بهدف مقاومة الخدمة العسكرية الإلزامية وتجنيب الطائفة الدرزية نيران الحرب الأهلية السورية.
ونصف هذا التيار بالبراغماتي لأنه يغض النظر عن الكثير من الملفات الخلافية مع الإدارة السورية الجديدة، الإسلامية الهوى، من منطلق وجود مصالح وضرورات.
فيرى هذا التيار، على سبيل المثال، أنه من غير المنطقي أن تبقى محافظة السويداء من دون أجهزة أمنية نظامية تعمل في كامل المحافظة.
كما أن القطاع العام السوري لا يزال من أكبر مجالات العمل في محافظة السويداء المحدودة الموارد.
ومن الصعب تلبية متطلبات محافظة السويداء دون دمشق.
شيخ العقل الثاني حمود الحناوي يعتبر من المقربين من هذا التيار الوطني البراغماتي.
ففي 13 مارس/آذار، صرح الحناوي أن الموحدين الدروز لم يطلبوا حماية أحد، وأنه يجب أن يأخذ أحمد الشرع فرصته، وأنه – أي الحناوي – لديه اتصال عبر محافظ السويداء مع أحمد الشرع.
ولكن المرجح هو أن موقف الشيخ الهجري سيبقى الأقوى بين هذه التيارات.
فمن ناحية أولى، يحرص القادة الدينيون والوجهاء في المجتمع الدرزي على الحفاظ على وحدة الصف و"إجماع المشايخ".
ولهذا من المألوف أن يتم الالتزام بتوجيهات شيخ العقل الأول، حول أي ملف كان، وأن يتجنب أصحاب الآراء المخالفة تحديه بشكل صريح.
فعلى سبيل المثال، بالرغم من أن شيخ العقل الثاني حمود الحناوي يتحدث عن ضرورة الحفاظ على العلاقة مع الشرع، إلا أنه لم ينتقد الشيخ الهجري
أما شيخ العقل الثالث يوسف الجربوع، فبقيت مواقفه محايدة، بين موقفي الهجري والحناوي، إزاء العلاقة مع دمشق.
وبهذا يبقى صوت الشيخ الهجري من دون منافس قوي.
التباين في مواقف الدروز السوريين يعكس أيضًا التباين في مواقف الدروز في عموم بلاد الشام. ففي إسرائيل، تميل الغالبية الساحقة من الدروز للاعتراف بإسرائيل والانخراط في مؤسساتها.
ويبرز الشيخ موفق طريف باعتباره من أعلى الأصوات الداعية للتعاون مع إسرائيل والاستعانة بها لحماية طائفة الموحدين الدروز.
وفي السنوات الأخيرة بات للشيخ طريف تأثير كبير على تفكير الدروز السوريين. أما في لبنان فتظهر تباينات، وإن كان الموقف الإجمالي لرجال الدين يجنح نحو رفض الاستعانة بإسرائيل والتطبيع معها.
فردًا على زيارة بعض رجال الدين الدروز السوريين لإسرائيل، أصدرت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان بيانًا يحذر اللبنانيين من أبناء الطائفة من المشاركة في هذه الزيارة ومع التهديد بـ"رفع الغطاء بالكامل عن كل مخالف"، بحسب بيان مشيخة العقل.
وعلى مستوى السياسيين من الدروز اللبنانيين لا يزال وليد جنبلاط هو الأكثر نفوذًا وموقفه متطابق مع موقف مشيخة العقل في لبنان. إلا أن زعامة جنبلاط في لبنان تتعرض للمنافسة.
أما نفوذه على الدروز في سورية فيبدو محدودًا. فلم تسجل استجابة لدعوته في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2024 أبناء الطائفة لتسليم السلاح والتعاون مع الإدارة السورية. جنبلاط كان وجه هذه الدعوة خلال زيارته، برفقة وفد كبير من شيوخ الطائفة اللبنانيين، إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري أحمد الشرع.
ما سبق يعني أن الإدارة السورية الجديدة لا تجد الكثير من الأنصار الأقوياء داخل الطائفة الدرزية، وهذا يضعف من موقفها في مواجهة التطورات الدراماتيكية في الملف الدرزي.
أوراق دمشق
مقابل هذا المشهد المعقد في السويداء، وتوسع التحركات الإسرائيلية، تفتقر دمشق للأوراق القوية فضلًا عن أنها تعاني مشاكل متنامية في ملفات الاقتصاد والأمن والإدارة في عموم البلاد.
يفترض أن أهم الأوراق في يد دمشق هي ورقة الخطاب الوطني الساعي لإبقاء سورية موحدة. نظريًا، يمكن أن يجذب هذا الخطاب شرائح مهمة من الدروز في السويداء وجرمانا وغيرها من المناطق.
إلا أن استخدام هذه الورقة ليس بالأمر السهل بالنسبة للإدارة السورية الجديدة التي لا تخفي أنها إسلامية الهوى، وتسعى إلى أدلجة المؤسسات الحكومية والعمل السياسي في البلاد. وهذا ما يمكن أن يثير حفيظة حتى أكثر الدروز حرصًا على وحدة الأراضي السورية.
فضلًا عن أن فعالية هذه الورقة في جعبة الإدارة السورية الحالية باتت موضع شك، وذلك في أعقاب المجازر التي شهدها الساحل السوري هذا الشهر. فالدروز يشتركون مع العلويين في أنهم خرجوا من رحم المذهب الشيعي الجعفري. ولهذا يكن الإسلاميون السلفيون عداءً عميقاً لهاتين الطائفتين.
ومن المرجح أن الموحدين الدروز قلقون بشكل أكبر إزاء ضعف الإدارة السورية في ضبط الأصوات المتطرفة ومنع تكرار تحركات غير منضبطة تدعو للجهاد واستخدام العنف، كما حصل خلال مجازر الساحل.
الورقة الثانية القوية لدى الإدارة السورية الحالية هي ورقة دور الدولة.
فأهالي السويداء بحاجة إلى الخدمات الأمنية والرواتب الحكومية والوثائق الرسمية، وعلى رأسها جوازات السفر.
النظام السابق استفاد من هذه العوامل للحفاظ على بعض نفوذه في السويداء في السنوات الأخيرة.
إلا أن الإدارة السورية الحالية تبدو أضعف من النظام حتى فيما يخص الاحتفاظ بهذه الورقة واستخدامها، فالإدارة السورية الحالية تسعى لفصل غالبية الموظفين الحكوميين.
والسويداء كانت من أولى المحافظات التي فصل الموظفون فيها.
كما أن الإدارة السورية الحالية لا تمتلك ما يكفي من موارد لتحسين الخدمات المقدمة للسوريين في عموم البلاد، وفي السويداء خصوصًا وهي التي عانت لسنوات من تراجع الخدمات الحكومية.
ويشير بعض المطلعين إلى ورقة ثالثة وهي العلاقة البراغماتية القديمة التي نشأت منذ بداية الحرب السورية بين "جبهة النصرة" – التي تحولت أخيرًا إلى "هيئة تحرير الشام" – وبعض الفصائل المسلحة في السويداء، وذلك عندما كانت "جبهة النصرة" تنشط في محافظة درعا المجاورة.
المطلعون على هذه العلاقة يشيرون إلى أنها شملت التعاون في عمليات التهريب. وهذه العلاقة البراغماتية القديمة تسمح بفتح حوار حول مستقبل علاقة الجنوب السوري بدمشق، إلا أن هذه العلاقة لا تستطيع تحدي نفوذ شيخ العقل الهجري.
كما أن السكان المحليين لا ينظرون بكثير من الاحترام للكثير من هذه الفصائل التي انخرطت في أنشطة جنائية مشبوهة طوال سنوات الحرب.
الخلاصة المؤسفة هي أن حظوظ دمشق ضعيفة للغاية فيما يخص إقناع الدروز السوريين بالانضواء تحت مظلتها والاعتراف بشرعيتها.إقرأ أيضاً : دمشق تحيي للمرة الأولى الذكرى الـ14 للاحتجاجات الشعبية بعد الإطاحة بالأسدإقرأ أيضاً : بالفيديو .. الجيش الأمريكي ينشر لحظة اغتيال "أبو خديجة" الرجل الثاني في تنظيم "داعش" في محافظة الأنبار بالعراقإقرأ أيضاً : الأونروا:" انهيار الوكالة يهدد بضياع جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين"
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #قيادة#لبنان#مدينة#دينية#سوريا#الكونغرس#السفر#الدولة#العمل#أحمد#الثاني#جبل#رئيس#الوزراء#الرئيس#القطاع#وليد#صوت
طباعة المشاهدات: 1082
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 15-03-2025 03:07 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: سوريا رئيس الوزراء سوريا مدينة قيادة دينية الكونغرس جبل مدينة القطاع العمل الثاني أحمد أحمد الثاني صوت لبنان لبنان وليد لبنان الرئيس أحمد قيادة لبنان مدينة دينية سوريا الكونغرس السفر الدولة العمل أحمد الثاني جبل رئيس الوزراء الرئيس القطاع وليد صوت الإدارة السوریة الجدیدة الإدارة السوریة الحالیة طائفة الموحدین الدروز الدروز السوریین محافظة السویداء الجنوب السوری الشیخ الهجری فی السویداء العلاقة مع هذا التیار شیخ العقل مارس آذار الدروز فی فی محافظة فی لبنان مع دمشق إلا أن
إقرأ أيضاً:
ماذا قال دروز السويداء عن زيارة إسرائيل؟
سوريا- لم تلقَ دعوة إسرائيل رجال الدين الدروز في السويداء، أمس الجمعة، لزيارة مقام "النبي شعيب" في قرية حطين شمال فلسطين المحتلة قبولا لديهم، لكنها أثارت تساؤلات، في ظل مشهد سياسي سوري متأزم أصلا.
ونفى الشيخ سعيد البكفاني، أحد شيوخ الدروز في السويداء، مشاركة أحد منهم في الزيارة، وقال للجزيرة نت إن من زار مقام النبي شعيب "هم رجال دين من القنيطرة وريف دمشق".
وهذا ما أكده الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي لدروز فلسطين، عندما نفى عبر تصريحات إعلامية قدوم رجال دين من السويداء تلبية لدعوة وجهها لهم لزيارة مقام النبي شعيب.
رفض الاتهاماتوتنتظم هذه الزيارة سنويا، في الفترة الممتدة بين 25 و28 أبريل/نيسان، لكن الدعوة الإسرائيلية لزيارة المقام بغير الموعد المعلوم، قد تحمل -حسب البعض- دلالات سياسية وتوددا إسرائيليا تجاه دروز السويداء.
ونفى الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل الدروز في السويداء، معرفته أو تدخله بهذه الزيارة، وأشار إلى أنه رأى الإعلان عنها كأي شخص آخر.
وقال للجزيرة نت "الزيارة قد تكون سابقة لوقتها بظل الظروف المتسارعة داخل سوريا، ولا علم لي إن شارك بها أحد مشايخ السويداء، وإن حدث، فهي تحمل صفة دينية تقليدية، لا شأن للسياسة بها".
إعلانوندّد الشيخ الحناوي بالاتهامات لسكان السويداء بـ"العمالة الخارجية"، ورغبتهم "بالانفصال عن الوطن الأم"، وأكد أن السويداء "كانت وستبقى جزءا لا يتجزأ من سوريا".
وذكر الشيخ يوسف جربوع، شيخ عقل الدروز في السويداء، أن الزيارة، تُعد الأولى من نوعها منذ عام 1973. وقال للجزيرة نت "قد تكون الزيارة مبادرة من الشيخ موفق طريف، بهدف إعادة الروابط، واستئناف الزيارات الدينية، لتعزيز اللحمة الوطنية وتحقيق التوافق والمحبة بين أبناء الوطن من كلا الجانبين".
وأوضح جربوع أن الاعتراض على الزيارة جاء لاعتبارات عديدة، أهمها، عدم ملاءمة التوقيت السياسي الحالي لها، بظل التحديات التي تواجه سوريا عموما، ومنطقة جبل العرب والطائفة الدرزية خاصة، بالإضافة لعدم وجود سلام بين سوريا وإسرائيل، على حد تعبيره.
وأضاف "نحن ملتزمون بالقوانين السورية، وبانتمائنا القومي والعربي وبسوريتنا". وتوقع أن "تتفهم الدولة السورية الزيارة، باعتبارها تعبيرا عن مشاعر الشوق للقاء الأهل، وليس محاولة للتطبيع مع إسرائيل، أو تحقيق أهداف سياسية".
ويحظى "النبي شعيب" بمكانة خاصة لدى كلّ الدروز، لدرجة أن دروز السويداء أنشؤوا مقاما رمزيا يحمل اسم النبي شعيب في قرية قيصما، "كمكرمة" من المقام الحقيقي في فلسطين، ولأجل التبرّك بالاسم.
انعكاسات التوقيتويرى مروان حمزة، الناشط السياسي السوري، أن هذه الزيارة "دينية تقليدية تخلو من أي دلالات سياسية". وقال للجزيرة نت "المشاركون بالزيارة ليسوا من أبناء السويداء، بل من دروز فلسطين المحتلة والجولان والجليل".
وفي السابق -يضيف حمزة مقارنا- "كان دروز الجولان وفلسطين المحتلة يزورون الأماكن المقدسة في جبل العرب، ويلتقون الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وينظمون رحلات لمناطق مختلفة في سوريا".
إعلانوعن توقيت الزيارة والتشنج القائم بين بعض مشايخ الجبل والإدارة الجديدة في سوريا، يقول حمزة إنها أثارت تساؤلات تؤدي إلى "زيادة التوتر الطائفي بالمنطقة، وبسوريا عموما، ولذلك هي غير مناسبة بهذا الظرف".
أما مفيد أبو عمار، رئيس المكتب الإداري للهيئة العامة لحراك السويداء، فرأى أن الزيارة "ودية بين الأهل"، من باب "الصلة وعلاقات القربى، وأن الدروز طائفة واحدة بكل بلاد الشام، لكن العلاقات الأسرية انقطعت بين الأهل في فلسطين وباقي مكونات الطائفة سواء في سوريا ولبنان والأردن منذ 1948″.
وعن موعد الزيارة، يقول أبو عمار إنه "جاء بوقت نعيش فيه الكثير من الإرهاصات السياسية، وشرع البعض يبني عليها مواقف سياسية، وأخذ آخرون بالاصطياد بالماء العكر".
ونفى جازما أن يكون لهذه الزيارة "الدينية الودية" أي هدف سياسي، إذ لم يرافق الزائرين أي وفد سياسي أو عسكري، وأضاف "جميع الزوار كانوا من أهلنا بجبل الشيخ، وهم رجال دين لا سياسة".
وشدد أبو عمار على أن هدف الزيارة "ليس الانفصال عن الوطن"، مستدلا برفض الدروز قيام الدولة الدرزية أثناء الاحتلال الفرنسي لسوريا، وأن هذا المشروع أجهضه سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى.
كما قدّم الدروز -حسب أبو عمار- شهداء كثر أثناء الاحتلال الفرنسي لسوريا، وقدمت الطائفة 75% من الشهداء السوريين.
وأجهض كمال جنبلاط، وكمال أبو صالح، وكمال كنج (الكمالات الثلاثة) مشروع الدولة الدرزية في ستينيات القرن الماضي.
"الحافلات سلكت طريقًا عسكريًا أنشأه جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد 8 ديسمبر داخل #سوريا".. دخول العشرات من رجال الدين الدروز السوريين إلى #الجولان المحتل لزيارة "قبر النبي شعيب"#فيديو pic.twitter.com/KmSuhZSh3h
— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) March 14, 2025
زيارة دينيةمن جهته، رأى الناشط السياسي نضال عامر أنها مجرد زيارة دينية طقسية، لكن توقيتها يبدو مستفزا من الناحية السياسية، نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية.
إعلانوقال عامر للجزيرة نت إن "طائفة كل سوري شريف هي (سوريا)، وانتفاضة السويداء كانت بمثابة إعادة الروح للثورة السورية، ولم تحمل أي هتافات تدعو للطائفية أو التقسيم، بل شملت جميع أبناء المحافظة بمختلف انتماءاتهم". وتابع "يفتخر أهالي السويداء بسوريتهم ووطنيتهم، وبأنهم جزء من النسيج السوري الواحد".
وتحظى المقامات الدينية -حسب أبو عامر- بمكانة خاصة لدى الطائفة الدرزية، وهي بالعشرات على امتداد الجغرافيا التي قطنها الدروز في بلاد الشام، و"تحاول إسرائيل الاستثمار السياسي داخل النسيج الدرزي الواحد، والعابر لحدود سايكس بيكو، وكسب ولائه لها، ولو تسوّلت ذلك من خلال النبي شعيب".