في الوقت الذي يواجه فيه الاحتلال إرباكا أمنياً عسكرياً أمام المقاومة الفلسطينية المتصاعدة، فإنه يشهد حالة من تبادل الاتهامات بين المعارضة والائتلاف، وداخل الائتلاف ذاته، بالعجز أمام تصاعد الهجمات الفدائية.

يوفال كارني مراسل الشؤون الحزبية بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد أن "ما يشهده الاحتلال من موجة واسعة من الهجمات الفلسطينية قتلت 70 إسرائيليا منذ بداية 2022، أكثر من نصفهم في 2023، تسبب بإحراج الشخصيات الكبيرة في الحكومة الحالية، الذين هاجم العديد منهم بشدة سلوك حكومة نفتالي بينيت- يائير لابيد، واصفين إياها بأنها "متساهلة وخاضعة وخطيرة"، واستغلوا الهجمات بشكل ساخر لتحقيق مكاسب سياسية، وهذه هي ردود الحكومة الحالية على موجة العمليات التي تضرب الاحتلال، مقارنة بهجماتها المتكررة على سابقتها".



وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "ما لا يُنسى من المشاهد بشكل رئيسي ما دأب وزير الأمن القومي الحالي إيتمار بن غفير على إطلاقه من تصريحات، فهو لم يفوت أي مشهد من الهجمات لاستهداف حكومة بينيت- لابيد، خاصة سلفه عومر بارليف، مع أنه باستثناء عام 2006، التي قتل فيها 165 إسرائيليا خلال حرب لبنان الثانية، وحرب 2014 التي سقط فيها 75 قتيلًا في غزة، فإن 2023 هو الأكثر دموية منذ الانتفاضة الثانية، التي استمرت ست سنوات، وقتل فيها أكثر من ألف إسرائيلي، وخلفت الهجمات الحالية سقوط عدد كبير من القتلى، وإصابة 140 آخرين، بعضهم في حالة خطيرة، والبعض الآخر لا يزال في طور التعافي".


ونقل عن "يائير لابيد زعيم المعارضة أن حكومته كانت أفضل في مواجهة العمليات من الحكومة اليمينية الحالية، مع أنه لم تكن حرب كبيرة، ولم تتغير الشخصيات المهنية من حيث قادة الشرطة والشاباك ورئيس الدولة، لكن اختلافا واحدا مهمّا حصل بين الأشهر السبعة الأخيرة من 2022 والأشهر السبعة الأولى من عام 2023 أن هذه ليست نفس الحكومة، مما يؤكد أن العمليات الأخيرة تثبت أنه حان الوقت لأن تعترف الحكومة الحالية بأن وعدها الانتخابي الرئيسي باستعادة الأمن الشخصي للإسرائيليين فشل فشلاً ذريعاً".

وأضاف أنه "في فترات التوتر الأمني خلال ولايته لم تكن هناك فرصة للمستوى السياسي من الوزراء وأعضاء الكنيست للهجوم على المستوى المهني من الجيش والأمن، بعكس الوضع القائم اليوم، ولم يكن أحد منا يفكر بالتشكيك في مهنية أو دوافع رئيسي الأركان والشاباك".

ونقل عن "المسؤولين في حكومة بينيت أنه عندما بدأت موجة الهجمات في شباط/ فبراير 2022، فقد وقف رئيس الوزراء بجانب وزير الحرب ورئيسي الأركان والشاباك، وتصرف بمهنية وثبات لمحاربة المقاومة حتى انكسرت الموجة، لكن من الواضح اليوم أن الحكومة لا تعمل على الإطلاق، فوزير الأمن القومي يغرد بنفسه، والحكومة تهاجم رئيسي الأركان والشاباك باستمرار، والتسريبات متواصلة من داخل مجلس الوزراء، وهذه ليست الطريقة التي تحارب بها عمليات المقاومة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة المقاومة الفلسطينية فلسطين مقاومة نتنياهو صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

هل ينتزع نتنياهو بالقمة ما عجز عنه بالقنابل؟

يجتمع اليوم قادة العرب وملوكهم في القاهرة، حيث تنعقد قمة عربية يُرتقب أن تصدر عنها قرارات مصيرية تتعلق بأخطر القضايا وأشدها حساسية، وفي مقدمتها المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، وتحويل القطاع إلى “ريفيرا” سياحية، في إطار رؤية تتغذى على العدوان والاستيطان والتهويد. هذه القمة تُعقد في ظل ضغوط أمريكية وإسرائيلية هائلة، تهدف إلى فرض واقع جديد يُقصي المقاومة ويعيد رسم خريطة فلسطين وفق أجندات الاحتلال، بينما تقف الأنظمة العربية أمام اختبار تاريخي مفصلي: بين الإذعان أو المواجهة، بين الإرادة أو الخضوع.

نحن أمام مشروع استعماري جديد، امتداد لوعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، يراد منه طيّ صفحة القضية الفلسطينية إلى الأبد، وتشتيت الفلسطينيين في دول الجوار، وإعادة رسم الخرائط والحدود عبر اقتطاع المزيد من الأراضي العربية في فلسطين ولبنان وسوريا والأردن ومصر، وربما حتى داخل العمق الخليجي. إنه مخطط يستهدف ليس فقط الشعب الفلسطيني، بل الأمن الإقليمي العربي برمّته.

لم يكن الطريق إلى القاهرة معبّدًا ولا خاليًا من التوترات، فقد سبقته قمة مصغرة في الرياض، جمعت دول مجلس التعاون الخليجي ومصر تحت مسمى “الاجتماع الأخوي”، لكنه بدا في مضمونه خطوة لتهميش الجزائر، التي رأت في استبعادها تجاوزًا لدورها السياسي، فجاء ردها صارمًا برفض الرئيس عبد المجيد تبون الحضور، مكتفيًا بإرسال وزير خارجيته، في موقف يعكس التصدع العميق في الصف العربي، الذي لم يستطع حتى الاتفاق على مبدأ موحّد قبل القمة.

في المقابل، كان بنيامين نتنياهو أكثر وضوحًا في رسائله، إذ استبق القمة بتشديد الحصار على غزة، ملوّحًا بتجديد العدوان، في إشارة إلى أن القادة العرب لن يكون أمامهم سوى الإذعان، وأنهم، مهما ارتفعت أصواتهم، سيعودون إلى قيودهم، ويسيرون في المسار المرسوم لهم. يدرك نتنياهو أن الأنظمة العربية، رغم مواقفها المعلنة، ستجد نفسها عاجزة عن تجاوز الخطوط الحمراء التي ترسمها واشنطن، مهما أبدت من رفض واستنكار.

وفي الظاهر، يتجه الموقف العربي إلى رفض التهجير، كما عبّرت عنه مصر والأردن والسعودية، إذ إن هذا السيناريو لا يهدد فلسطين وحدها، بل يهزّ استقرار الأنظمة نفسها، التي تدرك أن تهجير الفلسطينيين يعني خلق قنبلة ديموغرافية وسياسية قد تعصف بها. غير أن هذا الرفض، مهما بدا حاسمًا، يظل موقفًا تكتيكيًا في لعبة أكبر، حيث لا يقتصر المخطط على التهجير، بل يمتد إلى تنفيذ “اليوم الموالي”، وفق الرؤية الأمريكية - الإسرائيلية، التي تسعى إلى اجتثاث المقاومة، وإعادة بناء غزة وفق أسس تضمن ألا يكون فيها صوت يعترض، ولا يد تقاوم، ولا إرادة ترفض الهيمنة. ذلك كله تمهيدٌ لمرحلة جديدة من التمدد الاستيطاني، وصولًا إلى تحقيق الحلم الصهيوني بإسرائيل الكبرى، التي لم تعد مجرد رؤية متطرفة، بل مشروعًا ممهورًا بمباركة أمريكية علنية.

بعد أكثر من عام ونصف من حرب ضارية، وقفت إسرائيل أمام حقيقة مريرة حاولت إنكارها طويلًا: عجزها عن تحقيق أهدافها الكبرى بالقوة العسكرية. فشلت في القضاء على المقاومة، وفي استعادة أسراها عبر القوة المسلحة، وفي بسط سيطرتها المطلقة على غزة كما خططت في بداية العدوان. لكنها، وكعادتها، لا تعترف بالفشل، بل تعيد ترتيب أدواتها، مستندة إلى نهج قديم جديد: ما لا يُفرض بالقوة، يُنتزع بالدبلوماسية، وما لا يأتي بالحصار، يُفرض بالإملاءات والتنازلات المدعومة بغطاء أمريكي غير محدود.

وهنا يأتي الدور المطلوب من الأنظمة العربية، إذ يُراد لها أن تحقق لإسرائيل ما لم تستطع تحقيقه بالقوة، أن تنفذ أجنداتها عبر السياسة، فتكون الجسر الذي تعبر من خلاله المشاريع الصهيونية، لا السد الذي يصدّها. لكن هذه الأنظمة، في جوهرها، مكبّلة بالتبعية، عاجزة عن اتخاذ قرارات تتعارض مع الإرادة الأمريكية. بعضها يحتضن القواعد العسكرية الغربية، وبعضها يعتمد في اقتصاده على المساعدات الأجنبية، وأغلبها أنظمة استبدادية تخشى شعوبها أكثر مما تخشى أعداءها، وتخوض معاركها الحقيقية داخل حدودها، وليس خارجها.

ولذا، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا أن تخرج قمة القاهرة بموقف مزدوج: رفض التهجير في العلن، والقبول الضمني بمخطط “اليوم الموالي”، من خلال إعادة إعمار غزة وفق الشروط الأمريكية - الإسرائيلية، بما يضمن القضاء على المقاومة، ويفتح الطريق أمام الهيمنة المطلقة للاحتلال. وهذا بالضبط ما يريده ترامب وإدارته، برفع سقف المطالب إلى التهجير، ليحصل على تنازلات أقل، لكنها كافية لإخضاع غزة وتوسيع النفوذ الإسرائيلي في المنطقة.

غير أن هذه التسوية، إن تمت، لن تضمن استقرار الأنظمة العربية، بل ستضعها في مواجهة مباشرة مع الشارع العربي، الذي لا يزال يرى في القضية الفلسطينية معيار الشرعية الأهم، واختبار المصداقية الحقيقي. فالأنظمة التي تفرّط بفلسطين لا تفرّط في قضية بعيدة، بل في شرعيتها ووجودها ذاته، وتفتح على نفسها أبواب الغضب الشعبي، الذي وإن بدا صامتًا اليوم، فهو لا ينسى، ولا يغفر.

قمة القاهرة ليست مجرد اجتماع عربي عابر، بل لحظة مفصلية تحدد مستقبل المنطقة: إما أن يثبت العرب أنهم ما زالوا أصحاب قرار، أو أن يكرّسوا تبعيتهم المطلقة، ويوقعوا بأيديهم شهادة عجزهم.
لكن، ومهما تكن مخرجات القمة، فإن التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تغفر، والحقائق لا تُطمس، حتى لو تواطأ العالم بأسره. ففلسطين ستبقى بوصلة الأمة، ومن يفرّط بها، يكون قد فرّط بوجوده وبأساس شرعيته.

مقالات مشابهة

  • محللون إسرائيليون: أي لجنة تحقيق مستقلة ستحمّل نتنياهو مسؤولية 7 أكتوبر
  • التهديدات التي تقلق “الكيان الصهيوني”
  • طبيبة تكشف عن المدة التي ينبغي أن ترتدي فيها مثبت الأسنان بعد التقويم
  • هيئة البث: نتنياهو أجل انشاء "اللجنة" التي أجرت تحقيقات الشاباك
  • الشاباك يقر بفشله في منع هجوم 7 أكتوبر.. ويلقي باللوم على حكومة نتنياهو
  • هل ينتزع نتنياهو بالقمة ما عجز عنه بالقنابل؟
  • هكذا تفاعل إسرائيليون مع جلسة الكنيست العاصفة وخطاب نتنياهو
  • «الرئيس السيسي»: مصر تعكف على تدريب الكوادر الفلسطينية الأمنية التي ستتولى الأمن في غزة
  • فيما القسام تنشر فيديو “الوقت ينفد”.. حكومة نتنياهو تتقدّم خطوة وتتراجع خطوتين
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يماطل حفاظا على حكومته والعودة للحرب ليست خيارا