المرحلة الأخيرة.. هل نحن على أعتاب نهاية الحرب في السودان؟
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
كيكل، الانصرافي، الكيزان، درع السودان، العدل والمساواة، وبقية الحركات.. الخلافات التي نشهدها اليوم بين هذه الأطراف ليست سوى انعكاس طبيعي لما يحدث بعد تجاوز خطر مشترك، وهو في حالتنا “مليشيات الدعم السريع”.
أنا متفائل استراتيجيًا بظهور هذه الخلافات في هذا التوقيت المبكر، فهي مؤشر قوي على اقتراب الحرب من نهايتها، لكنها في الوقت ذاته تُحذّرنا مما قد يحدث في حال غياب التخطيط والتنبؤ بالمشكلات المقبلة.
التحدي الأكبر الآن هو كيفية إدارة هذه المرحلة الحساسة حتى لا تتحول هذه التباينات إلى انقسامات تُعيق الاستقرار وتعرقل عملية إعادة البناء والتعمير. التعامل مع مرحلة ما بعد الحرب يجب أن يبدأ الآن، قبل أن تضع الحرب أوزارها، عبر رؤية وطنية شاملة تتضمن:
-خطة توافقية مُعلنة لإعادة دمج القوات المساندة في منظومة أمنية وطنية وفق معايير واضحة.
-بناء مؤسسات سياسية قوية تستوعب الاختلافات وتحوّلها إلى فرص لحوار مثمر وبنّاء.
– وضع خطط اقتصادية تنموية تمنع نشوء نزاعات جديدة نتيجة التنافس على الموارد.
إن تم التخطيط بحكمة وعدالة وكثير من الوطنية، فستكون هذه لحظتنا التاريخية للانتقال إلى مرحلة البناء والتعمير بسلاسة، دون معوقات أمنية أو سياسية.
السؤال الأهم: هل نحن مستعدون لهذه المرحلة؟
ام ما زلنا ننجذب للتراشقات والأكشن والدراما والصراعات الشبيهة بصراعات القونات !
البعشوم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حرب اللصوص- الوجه الحقيقي للصراع في السودان
حرب اللصوص- الوجه الحقيقي للصراع في السودان
د. وجدي كامل
عندما اندلعت هذه الحرب في بداياتها، بدا الأمر وكأنه صراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ثم سرعان ما تكشفت حقيقتها لتصبح حربًا بين جنرالين لا يمتلكان أي حس بالمسؤولية الوطنية، يسعيان بكل ما أوتيا من قوة للاستئثار بالسلطة. ومع مرور الوقت، أدرك الناس أن هذه الحرب ليست سوى محاولة من المؤتمر الوطني وأجهزته العسكرية والأمنية لاستعادة الحكم الذي أسقطته ثورة الشعب.
كل ذلك صحيح بلا شك، لكنه ليس سوى جزء من المشهد. فمع توالي الأحداث، اتضح أن هذه الحرب لم تكن سوى غطاء لعمليات نهب منظم لموارد وثروات البلاد من ذهب، ومعادن اخرى، حيث شاركت جميع الأطراف المسلحة- الجيش والدعم السريع على حد سواء- في عمليات السلب والنهب، مستهدفين البنوك والمنازل والأسواق، وباطن الارض، دون أدنى اعتبار لحقوق المواطنين أو ممتلكاتهم. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كشفت التقارير الأخيرة عن تورط عناصر من الجيش في مواصلة عمليات النهب التي بدأتها قوات الدعم السريع، في ما أصبح يُعرف بـ”الشفشفة”، وهو مصطلح محلي يعبّر عن نهب ممتلكات النازحين بعد مغادرتهم قسرًا.
ولم تتوقف هذه الجرائم عند نهب الممتلكات الفردية، بل امتدت لتشمل عمليات تهريب للثروات الوطنية، مثل تصدير النحاس المستخرج بطريقة غير قانونية، في وقت يعاني فيه المواطنون من الجوع والفقر والتشريد. أصبح من الواضح أن هذه الحرب ليست سوى حرب لصوص، حيث تتنافس القوى المسلحة المختلفة على استغلال البلاد لصالحها، دون اعتبار لمصير الشعب أو مستقبل السودان.
لقد بات واضحًا أن الإطاحة بالمرحلة الانتقالية لم تكن سوى “كلمة سر” لفتح الأبواب أمام نهب منظم من قبل القادة العسكريين، وهو ما تؤكده المعلومات المتداولة حول تضخم ثرواتهم بطريقة يعجز العقل عن استيعابها. هذه الاستباحة للممتلكات العامة والخاصة، وهذا الاحتقار التام للحقوق العامة، ليسا سوى امتداد لثقافة الفساد التي عمّقها عقلية الإخوان المسلمين خلال سنوات حكمهم، حيث زرعوا فكرة أن الفساد ليس مجرد انحراف، بل ممارسة مشروعة بل ومطلوبة لتحقيق المصالح. وهكذا، أصبحت السرقة سلوكًا راسخًا، لا يقتصر على الأفراد بل يمتد إلى مؤسسات كاملة، تشمل الجيش، الدعم السريع، الحركات المسلحة المتحالفة، وحتى الكتائب الأمنية المختلفة. لقد فهم الناس ان الفضائح اخرجتها لجنة التفكيك كانت اجراءات مؤلمة وشديدة الصدمة للمدانين وان الحرب لم تعد سوى الوسيلة والاداة لرفض حكم القانون والافلات من العقاب والمحاسبة. الحرب والفساد دائرة جهنمية لا تنتهي، وان هذه الفوضى لا تقتصر على تدمير الاقتصاد ونهب الثروات، بل إنها تخلق واقعًا اجتماعيًا جديدًا تُطبع فيه اللصوصية كجزء من الحياة اليومية. كل يوم تستمر فيه الحرب، يتغلغل الفساد أكثر، ويصبح أكثر قبولًا كجزء من النسيج الاجتماعي، حتى يصل إلى مرحلة يستحيل فيها اقتلاعه دون ثمن باهظ.
من الواضح بات، ان النتائج ستكون كارثية، ليس فقط على الأوضاع الاقتصادية الحالية، ولكن على مستقبل البلاد والأجيال القادمة، التي ستجد نفسها مضطرة لدفع ثمن هذا الفساد المنهجي على “دائرة المليم”، كما يُقال. لقد أُبتلي السودان بحكام عسكريين، بتحالفات مدنية، لم يروا في الدولة سوى غنيمة، ولم يروا في الشعب سوى عقبة في طريقهم للثراء.
في ظل هذا الواقع المظلم، لا يمكن الخروج من هذه الدوامة إلا عبر وعي شعبي متزايد بحقيقة الصراع، ورفض تام لاستمرار سيطرة هذه القوى الفاسدة على مصير البلاد. لا بد من إعادة بناء السودان على أسس جديدة، يكون فيها القانون هو الحاكم وليس السلاح، وتكون فيها العدالة هي الميزان، وليس المصالح الشخصية لمن هم في السلطة.
إنها السرقة بأوامر عليا. انها السرقة التي كلف تنفيذ خطتها فض انعقاد الاجتماع المدني السوداني وتدمير الدولة والعبث بالحقائق والتاريخ. إنها حرب اللصوص، لكن الشعب، وحده قادر على إنهائها، طال الوقت، ام قصر.
[email protected]
الوسومالحرب السودان الفترة الانتقالية القوات المسلحة اللصوص الوعي الشعبي د. وجدي كامل قوات الدعم السريع