ناسا تكشف دورة حياة النجوم من الميلاد.. وحتى الفناء
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
يقدر علماء الفلك أن الكون قد يحتوي على ما يصل إلى سبتليون نجم – أي واحد متبوعًا بـ 24 صفرًا، ومجرتنا درب التبانة وحدها تحتوي على أكثر من 100 مليار نجم، بما في ذلك نجمنا الأكثر دراسة، الشمس.
والنجوم كراتٌ عملاقة من الغاز الساخن، معظمها من الهيدروجين، مع بعض الهيليوم وكميات صغيرة من عناصر أخرى، ولكل نجم دورة حياته الخاصة، والتي تتراوح بين بضعة ملايين وتريليونات السنين، وتتغير خصائصه مع تقدمه في العمر.
تتكون النجوم في سحب كبيرة من الغاز والغبار تُسمى السحب الجزيئية، تتراوح كتلة هذه السحب بين 1000 و10 ملايين ضعف كتلة الشمس، ويمكن أن تمتد لمئات السنين الضوئية، تتميز السحب الجزيئية ببرودتها، مما يتسبب في تكتل الغاز، مكونةً جيوبًا عالية الكثافة، يمكن لبعض هذه التكتلات أن تصطدم ببعضها أو تجمع المزيد من المادة، مما يعزز قوتها التجاذبية مع نمو كتلتها، وفي النهاية، تتسبب الجاذبية في انهيار بعض هذه التكتلات، وعندما يحدث هذا، يتسبب الاحتكاك في تسخين المادة، مما يؤدي في النهاية إلى تطور نجم أولي – نجم وليد، غالبًا ما تُسمى مجموعات النجوم التي تشكلت مؤخرًا من السحب الجزيئية بالتجمعات النجمية، وتُسمى السحب الجزيئية المليئة بالتجمعات النجمية بالحضانات النجمية.
يقول تقرير ناسا عن تكون النجوم، في البداية، تأتي معظم طاقة النجم الأولي من الحرارة المنبعثة من انهياره الأولي، بعد ملايين السنين، تضغط الضغوط ودرجات الحرارة الهائلة في نواة النجم أنوية ذرات الهيدروجين معًا لتكوين الهيليوم، في عملية تُسمى الاندماج النووي، يُطلق الاندماج النووي طاقة تُسخن النجم وتمنعه من الانهيار أكثر تحت تأثير الجاذبية.
يُطلق علماء الفلك على النجوم التي تشهد اندماجًا نوويًا مستقرًا للهيدروجين وتحويله إلى هيليوم اسم ” نجوم النسق الرئيسي” ، وتُعد هذه المرحلة أطول مراحل حياة النجم، يتغير لمعان النجم وحجمه ودرجة حرارته ببطء على مدى ملايين أو مليارات السنين خلال هذه المرحلة، شمسنا الآن في منتصف مرحلة النسق الرئيسي تقريبًا.
يُوفّر غاز النجم وقوده، وتُحدّد كتلته سرعة نفاذه من مخزونه، فالنجوم ذات الكتلة الأقل تحترق لفترة أطول، وتكون أضعف، وأبرد من النجوم الضخمة جدًا. يجب على النجوم الضخمة حرق الوقود بمعدل أعلى لتوليد الطاقة التي تمنعها من الانهيار تحت وطأة وزنها، بعض النجوم ذات الكتلة المنخفضة ستُضيء لتريليونات السنين – أطول من عمر الكون الحالي – بينما تعيش بعض النجوم الضخمة لبضعة ملايين من السنين فقط.
في بداية نهاية حياة النجم، ينفد الهيدروجين من نواته ليتحول إلى هيليوم، تُولّد الطاقة الناتجة عن الاندماج ضغطًا داخل النجم يُوازن ميل الجاذبية لجذب المادة، فتبدأ النواة بالانهيار، لكن ضغط النواة يزيد أيضًا من درجة حرارتها وضغطها، مما يُسبب انتفاخ النجم تدريجيًا، مع ذلك، تعتمد تفاصيل المراحل الأخيرة من موت النجم بشكل كبير على كتلته.
يستمر الغلاف الجوي للنجم منخفض الكتلة في التمدد حتى يصبح نجمًا شبه عملاق أو عملاق، بينما يُحوّل الاندماج النووي الهيليوم إلى كربون في النواة. (سيكون هذا مصير شمسنا بعد مليارات السنين). تصبح بعض النجوم العملاقة غير مستقرة وتنبض، فتتضخم دوريًا وتقذف بعض أغلفتها الجوية، في النهاية، تنفجر جميع الطبقات الخارجية للنجم، مُشكّلةً سحابة متوسعة من الغبار والغاز تُسمى سديمًا كوكبيًا.
كل ما تبقى من النجم هو نواته، والتي تسمى الآن القزم الأبيض، وهو عبارة عن رماد نجمي بحجم الأرض تقريبًا والذي يبرد تدريجيًا على مدى مليارات السنين.
النجم عالي الكتلة يتقدم أكثر، يُحوّل الاندماج الكربون إلى عناصر أثقل مثل الأكسجين والنيون والمغنيسيوم، والتي ستصبح وقودًا مستقبليًا للنواة، بالنسبة للنجوم الأكبر حجمًا، تستمر هذه السلسلة حتى يندمج السيليكون مع الحديد. تُنتج هذه العمليات طاقةً تمنع انهيار النواة، لكن كل وقود جديد يُقلل من وقتها. تستغرق العملية بأكملها بضعة ملايين من السنين فقط. وبحلول الوقت الذي يندمج فيه السيليكون مع الحديد، ينفد وقود النجم في غضون أيام. الخطوة التالية هي دمج الحديد مع عنصر أثقل، لكن هذا يتطلب طاقةً بدلًا من إطلاقها.
ينهار قلب النجم الحديدي حتى تضغط القوى بين النوى على المكابح، ثم يرتد، يُحدث هذا التغيير موجة صدمة تنتقل إلى الخارج عبر النجم، والنتيجة انفجار هائل يُسمى المستعر الأعظم، يبقى القلب كبقايا كثيفة للغاية، إما نجم نيوتروني أو ثقب أسود .
ستعمل المواد التي ألقيت في الكون بواسطة المستعرات العظمى والأحداث النجمية الأخرى على إثراء السحب الجزيئية المستقبلية وتندمج في الجيل القادم من النجوم.
صحيفة البيان
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
نجوم بنات نعش
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
واليوم لا نتحدث عن نجم مفرد وإنما نتحدث عن أشهر كوكبة نجمية عند العرب وهي كوكبة «بنات نعش» التي يمكن رؤيتها في السماء الشمالية، وهي تُعتبر جزءًا من كوكبة الدب الأكبر، وتحتوي على مجموعة من النجوم اللامعة التي تتخذ شكلًا يشبه النعش أو العربة، وهو شكل سهل التعرف عليه، من المعروف أن هذه الكوكبة تُرى بشكل واضح من الربيع إلى الخريف، وتعتبر أكثر وضوحًا في سماء الليل بين شهري مارس وأغسطس، وعند النظر إليها، نجد أن النجوم السبعة تشكل مثلًا هندسيًا واضحًا، وهو السبب الذي جعلها تحظى بشعبية كبيرة في التقاليد الفلكية القديمة.
وسنتحدث في هذا المقال عن أبرز نجمين في كوكبة «بنات نعش»، نجم «الدُبَيان» الذي يبعد عن الأرض حوالي 123 سنة ضوئية، و»السُهَيل» الذي يبعد عن الأرض حوالي 104 سنوات ضوئية، ويعتبر نجم الدُبَيان من أهم النجوم في هذه الكوكبة، حيث إنه هو الذي يحدد الاتجاه العام للكوكبة، أما نجم السُهَيل فيُعد من النجوم الأكثر حرارة في المجموعة، حيث تبلغ درجة حرارته حوالي 13.000 درجة كلفن، بينما نجم الدُبَيان هو أكثر برودة قليلًا، حيث تصل درجة حرارته إلى 5000 درجة كلفن، أما من حيث الحجم، نجد أن السُهَيل أكبر من الشمس بحوالي 4 إلى 5 مرات في القطر، وهو ما يجعله أحد النجوم الأكثر تألقًا.
ومن الناحية التاريخية، كان للعرب دور كبير في استخدام كوكبة بنات نعش في حياتهم اليومية، فقد كانت هذه الكوكبة تُستخدم في تحديد المواسم الزراعية، فيعتمدون عليها كأداة في تحديد توقيت الزراعة والحصاد، حيث كان ظهور هذه الكوكبة في السماء يمثل بداية فصل الصيف، كانت البنات تعتبر بمثابة دليل على توقيت مناسب للموسم الزراعي، خاصة في المناطق الصحراوية التي كانت تعتمد على توقيت دقيق للأعمال الزراعية، وقد كانوا يراقبون موقع الكوكبة في السماء لتحديد أوقات الحرث والري، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من التقويم الزراعي عند العرب.
أما من حيث التسمية فقد كان للمخيلة العربية الخصبة نصيب في إطلاق أسطورة تبين موقع هذه النجوم وتوزيعها في السماء، فقالوا إن النجوم الأربعة التي تشكل المستطيل في بنات نعش الكبرى وهن «الدُبَيان، المئزر، الفخذ، والمراق» وهي تمثل النعش، وأما النجوم الثلاثة التي تشكل الذيل فهي «العناق، القائد، والسُهَيل» التي تمثل بنات الرجل المقتول، وهن يلاحقن القاتل انتقامًا لأبيهن.
وإذا أتينا إلى الشعر فنجد أن بنات نعش كان لهن نصيب وافر في الشعر العربي، فنجد أن الشاعر العماني المشهور اللواح الخروصي في قصيدة رثى بها أحدهم قال إنه الميت في سموه ورفعته تحمله بنات نعش فقال:
عجبًا لحامل نعشه ولنعشه
كبنات نعش في سمو سماء
وهو العظيم بأن يناقل منكب
عن منكب في آلة حدباء
ونجد أن الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد ذكر هذه الكوكبة السماوية، ولكن استبدل البنات بالبنين، فقال بنو نعش في قصيدته التي يقول فيها:
جَوَاهِرُهُ النُّجُومُ وَفِيهِ بَدْرٌ
أَقَلُّ صفَاتِ صورَتِهِ التَّمَامُ
بَنُو نَعْشٍ لِمَجْلِسهِ سرِيرٌ
عَلَيْهَا وَالسمَاوَاتُ الْخِيَامُ
كما نجد الشاعر الجاهلي الحارث بن حبيب الباهلي يذكر بنات نعش في بيت شعري له فيقول:
فَنِيتُ وَأَفْنانِي الزَّمانُ وَأَصْبَحَتْ
لِداتِي بَنُو نَعْشٍ وَزُهْرُ الْفَراقِدِ
أما الشاعر الأموي جرير فقد ذكر بنات نعش في معرض ذكر الجبناء الذين يهربون من الموت، ونصحهم سخرية بأن يتعلقوا ببنات نعش فقال:
قُلْ لِلْجَبَانِ إِذَا تَأَخَّرَ سرْجُهُ
هَلْ أَنْتَ مِنْ شَرَكِ الْمَنِيَّةِ نَاجِي
فَتَعَلَّقَنْ بِبَنَاتِ نَعْشٍ هَارِبًا
أَوْ بِالْبُحُورِ وَشدَّةِ الْأَمْوَاجِ
ومن الذين ذكروا بنات نعش في قصائدهم الشاعر العباسي أبو تمام الطائي فهو يقول:
إِنَّ الرِياحَ إِذا ما أَعصفَت قَصفَت
عيدانَ نَجدٍ وَلَم يَعبَأنَ بِالرَتَمِ
بَناتُ نَعشٍ وَنَعشٌ لا كُسوفَ لَها
وَالشَمسُ وَالبَدرُ مِنهُ الدَهرَ في الرَقِمِ
ومن محاسن الصدف أننا الآن في شهر الصيام وفي ذكر بنات نعش، ونجد أن الشاعر العباسي ابن المعتز يذكر الصيام ويذكر بنات نعش في نفس المقطع الشعري فيقول:
إِصرِف شَرابي قَد هَجَرتُ كُؤوسهُ
شَهرَ الصِيامِ وَإِعفُني مِن مائِهِ
فَأَراقَ مِن إِبريقِهِ لي شَربَةً
كَالنارِ تُشرِقُ في دُجى ظَلمائِهِ
وَهِلالُ شوّالٍ يَلوحُ ضيائُهُ
وَبناتُ نَعشٍ وَقَّفَت بِإِزائِهِ
ونجد الشاعر أبو العلاء المعري يذكر هذه النجوم في لزومياته المشهورة فيقول:
أَنَعشٌ في السَماءِ وَذاكَ أَمرٌ
يَدُلُّ عَلى هَلاكِ بَناتِ نَعشِ
أَلَم يَتَبَيَّنوا الخَطبَ المُوارى
بِجَهلٍ أَم قَضاءُ اللَهِ يُعشي