الثورة /
في 21 فبراير 2025م، صدم رأفت الغوطي باستشهاد زوجته هناء داخل منزلها في الحي الإداري، على بعد حوالي 800 متر من الشريط الحدودي مع مصر جنوب مدينة رفح.
كانت هناء حسنين، 47 عاماً، في المطبخ حين باغتها قناص إسرائيلي برصاصة استقرت في القلب، وقد شكل الحادث الذي وقع بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير 2025م، صدمة للحكيم في مستشفى غزة الأوروبي وأبنائه الأربعة.


يقول الغوطي: “عدت إلى منزلي مع زوجتي وأبنائي الأربعة بعد مرور أسبوعين من توقيع وقف النار، كنت نازحاً عند أقارب زوجتي في مخيم البريج وسط قطاع غزة طوال الهجوم البري في رفح. وبعد عودتنا قمنا بتنظيف المنزل وأجرينا فيه تصليحات بسيطة وسريعة جراء تعرضه للحرق والتدمير الجزئي”.
ويضيف: “خلال تواجدنا كنا نسمع صوت إطلاق النار من دبابات الاحتلال على مدار ساعات النهار والليل، وفي حوالي الساعة 10:00 صباح يوم الجمعة 21 فبراير، شاهدت زوجتي تسقط على الأرض أثناء تواجدها في المطبخ في الطابق الأول داخل منزلنا”.
توجه الحكيم الغوطي مسرعاً نحوها ولاحظ أنها فاقدة للوعي ولا تظهر عليها أي علامات حيوية، “فبدأت بعمل تنفس صناعي لها ولكنها لم تستجب. حملتها ونزلت بها إلى الشارع ووضعتها في سيارة جاري وتوجهنا إلى مستشفى غزة الأوروبي. ومن خلال فحوصات الأطباء وصور الأشعة، تبين إصابتها بعيار ناري دخل في الصدر واستقر في القلب وهو ما تسبب في نزيف داخلي واستشهادها”.
ولم تكن حادثة الغوطي هي الوحيدة، إذ استشهد الطفل محمود مدحت أبو حرب، 17 عاماً، فوق سطح منزل عائلته بجوار صالة السلام، جنوب الحي الإداري في رفح، على بعد حوالي 700 متر من الشريط الحدودي مع مصر جنوب مدينة رفح، في الثاني من مارس.
في حين أصيبت الطفلة تالا حمادة أبو شاويش، 13 عاماً، بجراح خطيرة، وشلل في الجانب الأيسر من جسدها، جراء استهداف من طائرة “كواد كابتر” أمام منزلها في مخيم رفح (الشابورة) الواقع على بعد حوالي 1500 متر من الشريط الحدودي.
وكان يفترض بسكان المناطق القريبة من محور صلاح الدين “فيلاديلفيا” العودة إلى منازلهم أو ما بقي منها بعد عمليات التدمير الواسعة التي نفذتها قوات جيش الاحتلال، حسب الجدول للاتفاق الزمني المعلن، غير أن ذلك لم يحدث حتى اللحظة بسبب تنصل الاحتلال من بنود الاتفاق وتهربه من دفع كثير من استحقاقاته.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركز على الشريط الحدودي مع مصر منع آلاف المواطنين في رفح من العودة إلى منازلهم المحاذية للمحور الذي يسيطر عليه جيش الاحتلال بالقوة النارية وينشر آليات على طوله، في واحدة من أبرز الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.
ولم يكن عدم الالتزام جيش الاحتلال بالانسحاب، الانتهاك الوحيد لاتفاق وقف النار بغزة، إذ تعيش رفح منذ إعلانه أوضاعًا إنسانية صعبة للغاية في ظل الدمار الكبير الذي خلفه الاجتياح الإسرائيلي للمدينة، واستمرار عمليات إطلاق النار على السكان، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العديد من المواطنين.
ووفقا للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل التمركز على الشريط الحدودي مع مصر وخارجه بمسافات تقدر ما بين 400 إلى 1000 متر، وتمنع السكان من الوصول إلى منازلهم، وتطلق تجاههم نيران أسلحتها الرشاشة وقذائفها ما أدى إلى مقتل 10 من السكان أحدهم طفل وإصابة آخرين بجراح متفاوتة، في اليوم الأول للعودة.

واقع كارثي
ويصف المركز في تقرير أصدره يوم 12 مارس الجاري، الواقع الإنساني في رفح بأنه كارثي جراء الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الاحتلال في رفح، بعد أكثر من 10 أشهر على اجتياحها الشامل، وقرابة 17 شهرًا على بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
ويوضح أن قوات الاحتلال أطلقت نيران أسلحتها الرشاشة وقذائفها، والصواريخ من الطائرات المسيرة تجاه السكان الذين عادوا إلى منازلهم واستقروا فيها ضمن الأحياء التي تبعد في بعض الحالات أكثر من 1000 متر عن الشريط الحدودي مع مصر، ما أدى ذلك إلى استشهاد 45 مواطنًا فلسطينيًّا، بينهم 7 أطفال وامرأة.
ويشير التقرير إلى من بين الشهداء 11 مواطنًا استهدفوا من طائرات مسيّرة، منهم 3 من أفراد الشرطة وحماية شاحنات المساعدات. كما أصيب حوالي 150 آخرون بجراح متفاوتة، حتى تاريخ صدور التقرير.

تجربة قاسية
ورغم خطورة الأوضاع في رفح، اضطرت العديد من العائلات إلى السكن في منازلها المحترقة أو المدمرة بشكل جزئي والمصنفة بأنها غير صالحة للسكن.
ومن هؤلاء الشاب خالد خليل فرج عرادة، 41 عاماً، من سكان شارع عائد البشيتي في الحي الإداري في مدينة رفح، الذي يقول إنه فضل السكن مع عائلته ووالده ووالدته وإخوانه الخمسة وعائلاتهم وعددهم 29 فرداً، بينهم 14 طفلاً، و8 نساء في منزلهم المحترق والمدمر جزئياً، على الإقامة في الخيام خلال النزوح في مواصي خان يونس.
ويضيف: “كانت تجربة قاسية ومريرة تمثلت في غياب الخصوصية والازدحام الشديد، وانتشار الأمراض المعدية. كما أن الخيام لا تقي ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، أو انخفاضها في فصل الشتاء”.
وتقع مدينة رفح على الحدود الفلسطينية المصرية أقصى جنوب قطاع غزة، وتبلغ مساحتها 63.1 كم2، وتقع ضمن حدود المحافظة 3 بلديات وهي بلدية مدينة رفح، وفيها مخيم رفح للاجئين بشطريه (الشابورة ويبنا)، و16 حيًّا آخر، وبلدية الشوكة شرقاً، وبلدية النصر شمالاً، ويقدر عدد سكانها حالياً بحوالي 290 ألف نسمة.

دمار واسع وتعطل الخدمات
وبسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في المحافظة، تحجم غالبية المؤسسات الدولية والإغاثية عن تقديم خدماتها للسكان في المحافظة، حسبما يقول رئيس بلدية رفح د. أحمد الصوفي.
ويبين أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تسيطر على حوالي 60% من مساحة رفح رفح سواء بالتمركز خارج الحدود الفاصلة بين قطاع غزة ومصر أو بالسيطرة النارية.
ويضيف الصوفي أن حجم الدمار والخراب في المحافظة يزيد عن 60% في المنازل والمؤسسات والبنى التحتية والمرافق العامة والمساجد والشوارع، حيث دمرت 5 أحياء والمخيم تدميراً كلياً، وفي الأحياء الأخرى يتراوح التدمير ما بين 40% إلى 80%.
ويشير إلى أن البلديات الثلاث بالمحافظة (رفح، الشوكة، النصر)، ومصلحة مياه بلديات الساحل، تحاول تقديم الخدمات الأساسية للسكان، لكنها تواجه صعوبات بالغة في ذلك، حيث طال التدمير والتخريب والقصف البنية التحتية بالكامل من شبكات ومرافق المياه والصرف الصحي، والكهرباء، والانترنت.
ويوضح الصوفي أن شبكات الكهرباء مدمرة بالكامل وكذلك شبكات الهاتف الأرضي والانترنت، و70% من شبكات المياه و3 من الخزانات الرئيسية و17 بئراً للمياه مدمرة كلياً، لافتاً إلى أن السكان يحصلون على المياه بصعوبة بالغة وبمشقة في النقل للمنازل بواسطة الدلاء أو الجالونات عن طريق المركبات المحملة بخزانات المياه، فضلاً عن ارتفاع سعر كوب المياه إلى حوالي 80 شيكلا (الدولار 3.64 شيكل) وهي أسعار فوق طاقة السكان.
كما أن شبكات ومضخات الصرف الصحي مدمرة بنسبة 70% ولا تستطيع الطواقم الفنية الوصول إليها من أجل إصلاحها، وبركة تجميع مياه الأمطار في حي الجنينة ممتلئة ويمكن أن تغرق المنازل حولها بمياه الصرف الصحي بسبب عدم تشغيل المضخة فيها.

جريمة حرب
وتزامن عدم الانسحاب من محور صلاح الدين مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار في الثاني من مارس، ورفض حكومة الاحتلال الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، وطلبتها تمديد المرحلة الأولى 42 يوماً أخرى، وهو ما ترفضه حركة حماس.
وتواجه سلطات الاحتلال هذا الرفض بفرض حصار على غزة منذ 12 يوماً، عبر إغلاق معبر كرم أو سالم المنفذ التجاري الوحيد إلى القطاع، حيث تمنع عبور المساعدات والبضائع والوقود.
وأعلنت بلدية رفح عن توقفها عن تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين العائدين إلى المدينة المنكوبة؛ بسبب أزمة الوقود التي يعاني منها القطاع.
ويقول الصوفي، إن الهيئة المحلية تواجه أزمة وقود حادة أدت إلى شلل كامل في عملها، وعدم قدرة طواقم البلدية على تشغيل آليات جمع النفايات أو ضخ المياه أو حتى تشغيل مولدات الكهرباء في المرافق الحيوية.
ويصف الصوفي الوضع في المدينة بأنه “كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى”، مشيرا إلى إن الاحتلال يرفض الانسحاب من محور فيلادلفيا، ويستمر في تدمير البنية التحتية للمدينة، بينما نحن عاجزون عن تقديم أبسط الخدمات للمواطنين بسبب الحصار وأزمة الوقود.
ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لتوفير الوقود والمواد الأساسية لإنقاذ المدينة من كارثة إنسانية.
وتمثل رفح نموذج على استمرار الإبادة على قطاع غزة بأشكال مختلفة، حيث يعاني القطاع بأكمله نتيجة الحصار الإسرائيلي، ما دفع بمؤسسات دولية إلى وصف ما يجري بأنها عملية ابتزاز واستخدم غير قانوني للمساعدات الإنسانية كأداة للحرب، وهي جريمة يحظرها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
*المركز الفلسطيني للإعلام

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

هذا ما تريده إسرائيل من تطويق رفح وضمها للمنطقة العازلة

غزة- لا يشعر الشاب الفلسطيني مهند قشطة -أحد نشطاء مدينة رفح والنازح عنها- أن هناك عودة قريبة للمدينة، بعدما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تطويقها وعزلها كليا عن باقي قطاع غزة عبر إنشاء "محور موراغ"، الذي يفصلها عن مدينة خان يونس المجاورة.

وأعلن جيش الاحتلال، السبت الماضي، استكماله فتح "محور موراغ"، وسبق ذلك ما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية، الأربعاء الماضي، أن الجيش يستعد لضم منطقة رفح التي تشكل خمس أراضي القطاع (تقدر مساحته بـ365 كيلو مترا مربعا) "للمنطقة الأمنية العازلة" التي يحظر على الفلسطينيين الوصول إليها.

ويترجم هذا التطور واقع رفح منذ اجتياح الاحتلال لها في 6 مايو/أيار 2024، وإجبار نحو 300 ألف من سكانها وزهاء مليون من النازحين فيها على إخلائها والنزوح عنها. ومنذ ذلك الحين، لم تشهد رفح، صغرى محافظات القطاع الخمس، أي فترات هدوء.

منطقة "حمراء"

يقول قشطة للجزيرة نت "حتى خلال وقف إطلاق النار كانت رفح تتعرض لحرب خاصة بها، وظل الاحتلال يسيطر على محور فيلادلفيا مع مصر، ويمنع العودة لأكثر من نصف مساحة المدينة النازفة بالشهداء والجرحى".

وحسب معلومات "هآرتس"، التي أكدتها لاحقا بيانات عسكرية وتصريحات لوزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، فإن مساحة المنطقة العازلة تبلغ 75 كيلومترا مربعا، وتقع بين محوري فيلادلفيا وموراغ، وتضم رفح والأحياء المجاورة لها.

إعلان

وإزاء ذلك انتاب قشطة شعور بالحزن والصدمة، ولكنه لم يتفاجأ بما حل بمدينته، ويقول، "كان الاحتلال يخطط لأمر خبيث تجاه رفح منذ أن تحدى العالم كله واجتاحها عسكريا".

وبعد اندلاع الحرب عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان لرفح "وضعها الخاص" بوصف قشطة، "ولم تشهد فترة هدوء، ولم يعد إليها سكانها كباقي مناطق القطاع حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار".

كان قشطة مع أسرته الصغيرة المكونة من 6 أفراد ووالديه وأشقائه وأسرهم (35 فردا)، من بين كثيرين نزحوا عن رفح، ولم يعودوا إليها مطلقا، لوقوع مساكنهم -المدمرة كليا- ضمن مناطق يصنفها الاحتلال "حمراء"، متاخمة لمحور فيلادلفيا ويحظر دخولها.

ويقول قشطة "كل رفح الآن حمراء ومحتلة بالكامل، وأخشى أن لا تكون عودتنا إليها قريبة"، ويعتقد أن إسرائيل تريد استخدام احتلالها للمدينة وعزلها "كورقة ضغط" في المفاوضات مع المقاومة.

الاحتلال دمر أكثر من 90% من رفح وهجر سكانها الذين يقدرون بأكثر من 300 ألف نسمة (الجزيرة) إبادة وتهجير

وإثر إعلان احتلال رفح، زعم الوزير كاتس أن الوصول لهذه المرحلة بمثابة "اللحظة الأخيرة لإزالة حماس، وإطلاق سراح جميع المحتجزين وإنهاء الحرب". وهدد الغزيين بأنه "قريبا تتوسع عمليات الجيش وتتكثف بمعظم قطاع غزة، وستضطرون لإخلاء مناطق القتال".

ويجاهر أن ما يحدث برفح يندرج تحت "خطة تهجير الغزيين طواعية وفق رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي نعمل على تحقيقها".

وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في بيان لها، إن ما يقوم به الاحتلال "لفرض أمر واقع في رفح، وتهجير سكانها قسرا، وضمها للمنطقة العازلة على الحدود مع مصر الشقيقة، يؤكد هدفه بعزل غزة بالكامل عن عمقها العربي".

واعتبرت الحركة أن ما يجري في رفح "تصعيد خطير وحرب إبادة، ومحاولة بائسة لتسجيل إنجاز عسكري بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية".

تطويق الاحتلال لرفح وضمها للمنطقة العازلة يهدد مصير أهلها النازحين (الجزيرة)

ويسمَع يوميا ومن مسافات بعيدة أصوات "انفجارات هائلة" بفعل نسف الاحتلال ما تبقى من منازل شمال رفح والقريبة من "محور موراغ" الممتد من السياج الأمني الإسرائيلي شرق المدينة وحتى ساحل البحر غربا.

إعلان

وتقول النازحة الخمسينية أم يوسف مطر للجزيرة نت، إن الاحتلال دمر منزلها بمخيم الشابورة للاجئين خلال الاجتياح الأول للمدينة، ولم تتمكن وأسرتها (10 أفراد)، منذ مايو/أيار 2024 وبفعل خطورة الوضع، من العودة.

وتشاطر مطر الشاب قشطة، مشاعر الحزن والغضب إزاء ما تعرضت له رفح من تدمير ممنهج وواسع، انتهى باحتلالها وعزلها بالكامل عن القطاع.

وتضيف مطر التي تقيم وعائلتها بمدرسة في خان يونس "الاحتلال ينتقم من رفح وكأن له ثأرا معها، ويبدو من أصوات الانفجارات الضخمة التي نسمعها ليلا نهارا أنه لم يبق حجرا على آخر، وتحولت المدينة لأكوام من الركام والأنقاض".

إسرائيل تواصل عملية عسكرية مدمرة على رفح منذ مطلع الشهر الجاري (الجزيرة) شموخ مدينة

وحتى بدء الاحتلال عمليته العسكرية الأخيرة، مطلع الشهر الجاري، كانت بلدية رفح تقدر نسبة الدمار بها بأكثر من 90%.

ويقول رئيس البلدية الدكتور أحمد الصوفي، للجزيرة نت، "لم تتوقف الحرب يوما على رفح"، ويضيف "حتى خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار واصل الاحتلال جرائم القتل والتدمير، والتي منعت عودة سكانها لأكثر من 60% من مساحتها الإجمالية".

وبفعل هذه الجرائم -يضيف الصوفي- فإن أقل من 30% فقط من سكان المدينة قرروا العودة لها، خلال وقف إطلاق النار، وأقاموا بمنازلهم المتضررة بالنصف الشمالي منها، أو بخيام مترامية ببعض المناطق هناك، حتى أعاد الاحتلال السيطرة عليها وإخلائها بالكامل ثانية وضمها للمنطقة العازلة.

وشدد الصوفي على أن "فرض الوقائع بالقوة لن يصنع شرعية ولن يحقق أمنا مستداما بل يزيد معاناة المدنيين ويزيد من عدم الاستقرار".

وقال إن "رفح تاريخ يمتد لخمسة آلاف عام، وجغرافيا تربط الشرق بالغرب، لقد مر عليها الرومان والفراعنة والآشوريون وكل المستعمرين، وذهب الجميع وبقيت رفح شامخة، بوابة صلاح الدين وطريق النصر، لن تمحوها يد المحتلين".

إعلان لماذا رفح؟

من جهته، يضع مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة، احتلال رفح وضمها للمنطقة العازلة، في سياق ما يقول للجزيرة نت إنه "مشروع استعماري إحلالي قائم على التهجير القسري وتغيير معالم الجغرافيا والديموغرافيا بقطاع غزة".

كما أن ما يحدث برفح "يكشف بوضوح نوايا الاحتلال لفرض وقائع ميدانية تخدم أجندته التوسعية، ويؤكد مضيه في تنفيذ مخطط فصل قطاع غزة عن عمقه وإبقائه تحت حصار دائم، عبر السيطرة على المنطقة الحدودية الجنوبية بكاملها".

ويشكل ذلك -حسب الثوابتة- تهديدا مباشرا لنحو 300 ألف من سكان رفح، تقطعت بهم السبل، ويضيّق الاحتلال عليهم عبر دفعهم للمجهول، ويتعامل معهم "كأهداف متحركة" ويلاحقهم حتى في الخيام ومراكز الإيواء.

وحسب رأي الثوابتة فإن الاحتلال يعتبر رفح هدفا إستراتيجيا، لموقعها كبوابة حدودية جنوبية للقطاع، وتتمتع برمزية جغرافية وسياسية وإنسانية، ويسعى بالسيطرة عليها لتحقيق عدة أهداف، أبرزها:

 خنق قطاع غزة نهائيا من خلال قطع التواصل البري مع العالم الخارجي، بالسيطرة على معبر رفح البري، الوحيد لنحو مليونين و400 ألف فلسطيني. التحكم بحركة الإمدادات والمساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد، وبالتالي فرض شروطه الميدانية والسياسية على الفلسطينيين والمجتمع الدولي.  فرض منطقة عازلة ممتدة على طول حدود القطاع، كخطوة نحو تنفيذ خطة فصل غزة بالكامل، وتكريس واقع التجويع والعزل والتهجير والحصار المستدام.  تحقيق "نصر وهمي" أمام جمهوره الداخلي بعد فشله في تحقيق أهدافه المعلنة بالحرب، عبر تصوير السيطرة على رفح كإنجاز عسكري. ما يجري في رفح ليس مجرد تحرك عسكري، بل تنفيذ فعلي "لمخطط تهجيريّ واستيطاني" لكسر إرادة الفلسطينيين وعزيمتهم، وفرض "تسوية قسرية" تحت النار والحصار. إعلان وسيلة للضغط

ويتفق الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم مع الثوابتة في كثير مما ذهب إليه، ويقول للجزيرة نت، إن للتحرك الإسرائيلي الواسع في رفح أبعادا وأهدافا سياسية، مرتبطة بمفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، وحتى الرؤية من اليوم التالي للحرب.

ولا يستبعد إبراهيم -وهو ابن عائلة لاجئة من قرية "برير" وأقامت في مخيم اللاجئين في رفح منذ عام 1948- أن تعيد إسرائيل ما فعلته برفح بمناطق أخرى وتعزلها لتقليص مساحة القطاع وزيادة الضغط على المدنيين بالقتل والتجويع، في مخطط تهجير لم يعد سرا، وتصرح به مستويات إسرائيلية سياسية وعسكرية رفيعة.

مقالات مشابهة

  • هذا ما تريده إسرائيل من تطويق رفح وضمها للمنطقة العازلة
  • التجويع والتعطيش .. سلاح صهيوني يفاقم مأساة غزة
  • الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من غزة
  • قوات الاحتلال تقتحم مدينة طوباس
  • كاتس: غزة ستصبح أصغر وسيضطر المزيد من سكانها إلى الإخلاء
  • تضامنا مع غزة.. مدينة صور تحيي أسبوع السينما الفلسطينية
  • طيران الاحتلال الإسرائيلي يقصف المستشفى المعمداني في مدينة غزة
  • شهداء ومصابون إثر استهداف الاحتلال لمواطنين في مدينة غزة ودير البلح
  • تصعيد يفاقم الأزمة الإنسانية.. إسرائيل تعتزم توسيع عمليات الاجتياح في غزة
  • وسائل إعلام فلسطينية: غارات إسرائيلية عنيفة شرقي مدينة غزة و"بيت لاهيا"