معهد أمريكي يُحذّر من الأثر البيئي لحملة الحوثيين ضد الشحن بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
اعتبر معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) اعتداءات الحوثيين على حركة الملاحة في البحر الأحمر أعمال متعمدة لتلويث البحر وتدمير البيئة.
وقال المعهد في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه "في حين تصدرت الاعتبارات الأمنية والاقتصادية استراتيجيات الولايات المتحدة وأوروبا لمواجهة الحوثيين، فإن الاستهداف المتعمد للسفن التجارية من قبل الحوثيين يمثل تهديداً بيئياً غير مسبوق للبحر الأحمر وخليج عدن".
وحذر المعهد من مخاطر التلوث البيئي في البحر الأحمر جراء استهداف الحوثيين سفن النفط الخام. وقال إن "هجمات الحوثيين على حركة النقل البحري تعد أعمالًا متعمدة لتلويث البيئة البحرية، حيث يستخدمون ناقلات النفط وناقلات البضائع السائبة كسلاح لتحقيق أجندتهم السياسية والعسكرية.
نظام بيئي هش
وحسب التحليل فإن البحر الأحمر يعد منطقة بحرية ذات خصائص محيطية وبيئية فريدة. يمتد البحر الأحمر لمسافة 1200 ميل تقريبًا بين ممرين ضيقين - قناة السويس شمالًا ومضيق باب المندب جنوبًا. يُشكّل عمقه الكبير وموسمي الرياح الموسمية في المنطقة نمطًا مثاليًا لدوران المياه. تُوفّر درجة حرارة سطح البحر الأحمر الدافئة، إلى جانب ارتفاع ملوحته، بيئة مثالية لمئات من أشكال الحياة المائية ومجموعة واسعة من الموائل.
وفق التحليل تُعدّ الشعاب المرجانية في المنطقة، التي تضم حوالي 1200 نوع من الأسماك وأكثر من 350 نوعًا من المرجان، من أغنى النظم البيئية البحرية في العالم وأكثرها مرونة في مواجهة تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يُولّد التنوع البيولوجي البحري الكبير في البحر الأحمر تدفقات إيرادات بملايين الدولارات لقطاعي السياحة وصيد الأسماك في الدول الساحلية. غالبًا ما تُغفل موائل البحر الأحمر، مثل المروج البحرية وبحيرات المانغروف والمستنقعات المالحة، وهي بالغة الأهمية للرفاهية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية، إذ تُسهم في عزل الكربون، ومكافحة تآكل السواحل، وتعزيز الحفاظ على التنوع البيولوجي.
ومع ذلك، فإن التوسع الحضري السريع للمناطق الساحلية، والصيد الجائر، وتلوث حركة المرور البحرية، تُهدد بشدة هذه الموائل الهشة. وبينما يدعم نمط دوران المياه الفريد في البحر الأحمر بيئة بحرية صحية وحياة مائية غنية، إلا أنه قد يُصبح فخًا مميتًا في حالة المخاطر البيئية. وفق التحليل
الحوثيون كمجرمين بيئيين
"في 18 فبراير/شباط 2024، أصاب صاروخ باليستي حوثي مضاد للسفن ناقلة البضائع السائبة "إم في روبيمار" التي ترفع علم بليز، مما تسبب في بقعة نفطية بطول 18 ميلًا. أدت مخاطر انفجار حمولة السفينة وهجمات الحوثيين على عمليات القطر إلى تأخير مهام الإنقاذ. يقول التحليل.
وأشار المعهد الأمريكي إلى أنه وبعد اثني عشر يومًا، غرقت السفينة قبالة ساحل المخا. وتُشكل سفينة البضائع السائبة الغارقة، التي ترسو على عمق حوالي 330 قدمًا، تهديدًا بيئيًا مزدوجًا. أولًا، غرقت وهي تحمل حوالي 200 طن من زيت الوقود الثقيل و80 طنًا من الديزل البحري.
وأوضح أن بقع الزيت تشكل تهديدات متتالية للمجتمعات الساحلية والحياة البرية المائية والنظم البيئية شديدة الحساسية، مثل جزر فرسان اليمنية وأرخبيل دهلك الإريتري. ثانيًا، كانت السفينة تنقل حوالي 22000 طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم. وعلى الرغم من أن عنابر الشحن لا تزال مغلقة، فإن تسربًا هائلاً من الأسمدة إلى مياه البحر الأحمر من شأنه أن يُسبب ازدهارًا واسع النطاق للطحالب مع عواقب وخيمة على النظام البيئي بأكمله، بما في ذلك نفوق الأسماك على نطاق واسع وتلوث مياه البحر.
يضيف التحليل "دفع التخريب الحوثي لناقلة النفط المسجلة في اليونان "إم تي سونيون" البحر الأحمر إلى شفا كارثة بيئية على مستوى المنطقة. بعد مهاجمة ناقلة النفط في 21 أغسطس 2024، فجّر الحوثيون شحنات ناسفة فوق فتحات خزانات النفط الخاصة بالسفينة مرتين، مما تسبب في عدة حرائق، لكنهم فشلوا في إحداث أي خرق إضافي لهيكل السفينة.
ومع ذلك، ومع ارتفاع درجة حرارة النيران في هيكل السفينة، وفق التحليل خرج النفط الخام من خزانات الشحن عبر أنظمة التهوية على شكل أبخرة زيتية شديدة الاشتعال، مما أدى إلى تأجيج الحرائق وتسبب في تسربات نفطية محدودة بالقرب من خط مياه السفينة. بعد ترك السفينة مشتعلة لأكثر من أربعة أسابيع، سمح الحوثيون لعملية "أسبيدس" التابعة للاتحاد الأوروبي ببدء عملية إنقاذ، والتي نجحت في محاولتها الثانية في سحب "سونيون" إلى مياه آمنة. لو اخترق الحوثيون هيكل السفينة المزدوج، متسببين في تسرب 150 ألف طن من النفط الخام على متنها، لكانوا قد تسببوا في خامس أكبر تسرب نفطي في التاريخ.
وتابع "على الرغم من أن الحوثيين وافقوا في النهاية على عملية الإنقاذ التي قادها الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم سعوا عمدًا إلى التسبب في كارثة بيئية. تُعدّ هجمات الحوثيين على حركة النقل البحري أعمالًا متعمدة لتلويث البيئة البحرية، حيث يستخدمون ناقلات النفط وناقلات البضائع السائبة كسلاح لتحقيق أجندتهم السياسية والعسكرية".
درس ناقلة النفط صافر
وزاد معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) "في حين أن نطاق ووتيرة الهجوم البحري الحوثي الأخير غير مسبوقين، فقد حوّل الحوثيون مياه البحر الأحمر مرارًا وتكرارًا إلى ساحة معركة من خلال استهداف البنية التحتية للطاقة الساحلية السعودية والسفن التجارية.
وقال إن استخدام ناقلة النفط صافر كسلاح يعد مثالًا بارزًا على استخدام الحوثيين لخطر الكوارث البيئية كورقة مساومة لتحقيق غايات استراتيجية.
تهديد وشيك
واستطرد "على الرغم من عدم وقوع كارثة بيئية واسعة النطاق حتى الآن، إلا أن أي هجمات حوثية مستقبلية تحمل في طياتها خطرًا كبيرًا يتمثل في إحداث تلوث شامل، مما قد يُلحق أضرارًا لا رجعة فيها بمنطقة البحر الأحمر".
ورجح التحليل أن يواصل الحوثيون استغلال حركة الملاحة البحرية لأغراضهم الخاصة طالما أن ذلك يخدم أجندتهم.
وطبقا للمعهد فإن عمليات الإنقاذ وجهود التنظيف تستغرق وقتًا طويلاً وتكلف الكثير، كما أن الدول المطلة على البحر الأحمر غير مجهزة بما يكفي لتقديم استجابات كافية وسريعة للكوارث البيئية وحدها.
ودعا معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود المشتركة لتعزيز قدرات دول المنطقة على الاستجابة للكوارث والتخفيف من آثارها واستعادة النظم البيئية.
وقال "على سبيل المثال، يمكن للدول الغربية دعم عمل "بيرسجا"، المنظمة الإقليمية لحفظ بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وهي منظمة حكومية دولية تُركز على الحفاظ على الحياة البحرية، وتضم جميع الدول المطلة على البحر الأحمر باستثناء إسرائيل. منذ عام 1995، تُعدّ "بيرسجا" منطلقًا لجهود الحفاظ على البيئة البحرية الإقليمية من خلال إدارة مشاريع مشتركة لحماية البيئة البحرية والساحلية، وتنظيم دورات تدريبية وورش عمل".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر الحوثي الملاحة البحرية تلوث بيئي البضائع السائبة فی البحر الأحمر البیئة البحریة الحوثیین على ناقلة النفط
إقرأ أيضاً:
معهد إسرائيلي: الهجمات من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على غزة
الجديد برس|
في تحليل موسع نشره معهد الأمن القومي الإسرائيلي، تم التأكيد على أن التهديد الذي تمثله قوات صنعاء ضد “إسرائيل” ليس مجرد انعكاس للحرب في غزة، بل هو عنصر متداخل معها بشكل مباشر.
وأشار التقرير إلى أن الهجمات الصاروخية من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على قطاع غزة، وهو ما يضع تحديات جديدة على المستوى الأمني والاستراتيجي في المنطقة.
كما لفت المعهد إلى أن صنعاء تتمتع بقدرة كبيرة على المناورة والاستقلالية العسكرية، ما يجعلها قوة صاعدة يصعب ردعها أو إيقاف تصعيدها بالوسائل التقليدية.
ـ صنعاء: قوة غير قابلة للتوجيه أو الاحتواء:
وفقًا للتقرير، تبرز صنعاء كقوة إقليمية تتمتع بقدرة عالية على الاستقلال في اتخاذ القرارات العسكرية، مما يصعب على إيران أو أي قوى أخرى، حتى الحليفة لها، فرض سيطرتها أو توجيه سياساتها بشكل كامل.
وذكر التقرير أن هذه الاستقلالية هي ما يجعل محاولات إسرائيل وحلفائها للتصدي لأنشطة قوات صنعاء العسكرية في البحر الأحمر والمضائق المجاورة أكثر تعقيدًا.
فبينما كانت إسرائيل تأمل في تقليص نفوذ صنعاء من خلال استهدافها في أماكن معينة، كانت هناك محاولات لتطويق الأنشطة البحرية للحوثيين، إلا أن قوات صنعاء تمكنت من التصعيد بفعالية، لتظهر قدرتها على إزعاج العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر وتغيير مسارات السفن التجارية، بما في ذلك السفن الإسرائيلية.
هذا الوضع بات يشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل في وقت حساس بالنسبة لها، حيث ترى أن الحصار البحري الذي فرضته صنعاء على السفن الإسرائيلية يهدد ممرات التجارة الحيوية التي تمر عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي.
كما أن التهديدات الصاروخية الحوثية قد تستمر في التأثير على حركة السفن الإسرائيلية، مما يضع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية، في وقت يعاني فيه من تبعات الحرب في غزة.
ـ “إسرائيل” أمام معضلة استراتيجية مع صنعاء:
تعامل إسرائيل مع تهديد صنعاء يعكس مأزقًا استراتيجيًا كبيرًا، فهي تجد نفسها أمام معركة مزدوجة بين التصعيد العسكري أو الرضوخ لمطالب صنعاء. من جهة، تبقى إسرائيل على قناعة بأنها لا يمكن أن تتحمل تعطيل حركة التجارة البحرية في البحر الأحمر، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا لاقتصادها.
لكن من جهة أخرى، فإن زيادة التدخل العسكري ضد قوات صنعاء قد يعرضها لفتح جبهة جديدة يصعب احتواؤها في وقت حساس بالنسبة لتل أبيب، خاصة في ظل التحديات العسكرية التي تواجهها في غزة ولبنان.
التحليل الذي قدمه معهد الأمن القومي الإسرائيلي لم يغفل المأزق الذي تواجهه “إسرائيل” في هذا الصدد.
ففي أعقاب فشل محاولات البحرية الأمريكية في توفير حماية فعالة للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، بدأت تل أبيب في البحث عن حلول بديلة من خلال التنسيق مع الدول الخليجية التي تشاركها مخاوف من تصاعد تهديدات صنعاء.
كما أوصى المعهد بتوسيع نطاق التنسيق الإقليمي لمواجهة هذا التهديد المتزايد، وهو ما قد يتطلب استراتيجيات جديدة قد تشمل تحالفات متعددة وتعاون أمني موسع.
ـ تحولات استراتيجية: هل تجد “إسرائيل” الحل؟:
يبدو أن التهديد الذي تمثله صنعاء لا يقتصر على كونه تهديدًا عسكريًا فقط، بل يشمل أيضًا تداعياته الاقتصادية والسياسية. فالتأثير المباشر الذي فرضته الهجمات الصاروخية الحوثية على السفن الإسرائيلية، سواء عبر تعطيل التجارة أو من خلال محاولات الحد من حرية الملاحة في البحر الأحمر، قد يعيد التفكير في خيارات الرد الإسرائيلية.
وإذا كانت إسرائيل قد فشلت في ردع القوات الحوثية بالوسائل العسكرية التقليدية خلال الأشهر الماضية، فإنها قد تكون أمام خيارات محدودة في المستقبل.
ويشدد معهد الأمن القومي على أن أي تدخل عسكري ضد صنعاء قد يؤدي إلى تصعيد واسع في المنطقة.
فالحرب في غزة قد تكون قد أظهرت ضعفًا في الردع العسكري الإسرائيلي، في حين أن التصعيد ضد قوات صنعاء قد يُفضي إلى فتح جبهات متعددة تكون إسرائيل في غنى عنها، خاصة مع التوترات القائمة في جبهات أخرى مثل لبنان.
ومع ذلك، فإن إسرائيل لا يمكنها تجاهل تأثير الحصار البحري على اقتصادها، وهو ما يجعلها تبحث عن استراتيجية جديدة للحد من هذا التهديد، سواء عبر تكثيف التنسيق الإقليمي أو من خلال حلول عسكرية أكثر شمولًا.
ـ ماذا ينتظر “إسرائيل” في المستقبل؟:
في خضم هذا الواقع المعقد، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن إسرائيل من إيجاد استراتيجية فعالة لمواجهة تهديدات صنعاء، أم أن المنطقة ستشهد تصعيدًا أكبر يؤدي إلى توسيع دائرة الصراع؟. التحديات العسكرية والدبلوماسية في هذا السياق قد تكون أكبر من أي وقت مضى، خاصة إذا استمرت صنعاء في التصعيد والتمسك بمواقفها العسكرية.
ومع غياب ردع أمريكي فعال، وتزايد دعم القوى الإقليمية مثل إيران، قد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة خيارات صعبة قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة على الصعيدين العسكري والسياسي في المنطقة.