#الإعلان_الدستوري_السوري: خطوة على طريق #بناء_الدولة_الديمقراطية

بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

وسط الخراب الذي خلّفه النظام المستبد الذي حكم سوريا لعقود، جاء الإعلان الدستوري السوري ليضع حجر الأساس لمستقبل جديد، يحمل معه قيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، ووحدة التراب السوري، ومدنية الدولة. هذا الإعلان ليس مجرد وثيقة قانونية، بل هو تعبير صادق عن تطلعات شعبٍ قدّم تضحيات جسامًا لينتزع حريته، ويؤسس لدولة قائمة على العدالة والمساواة، بعيدًا عن الاستبداد والهيمنة الفردية.

من أبرز ما يميّز الإعلان الدستوري أنه يعكس إرادة شعبية حقيقية تسعى إلى إقامة دولة حديثة تُحترم فيها الحقوق والحريات، ويتساوى فيها المواطنون أمام القانون دون تمييز. لقد أرسى الإعلان مبادئ الديمقراطية كركيزة أساسية للحكم، من خلال التأكيد على سيادة الشعب، وحقه في اختيار ممثليه بحرية، وإنشاء مؤسسات ديمقراطية قادرة على إدارة الدولة وفقًا لإرادة الشعب، وليس وفقًا لرغبات فردٍ أو حزبٍ متسلط.

مقالات ذات صلة تصاعد الخلافات بين نتنياهو ورئيس جهاز “الشاباك” بسبب هزيمة الـ”7 أكتوبر” 2025/03/14

كما شدد الإعلان على حماية حقوق الإنسان، وصون كرامة المواطن السوري، بعد عقودٍ من القمع والتهميش. لقد عانى السوريون من نظامٍ استبدادي صادر الحريات، وأقام دولته على الخوف والقمع، ولكن هذا الإعلان جاء ليعيد الاعتبار لكل من حُرم من حقوقه، ويؤسس لعهدٍ جديد تكون فيه الكلمة العليا للعدالة، وليس للأجهزة الأمنية القمعية.

لم يغفل الإعلان الدستوري عن أهمية وحدة سوريا، خاصة بعد محاولات التقسيم والتفتيت التي تعرضت لها البلاد خلال سنوات الحرب. فقد أكد الإعلان على أن سوريا دولة موحدة، لا تقبل التجزئة، وأن جميع مكوناتها متساوون في الحقوق والواجبات، مما يمهد الطريق لبناء دولة قوية متماسكة، لا مكان فيها للطائفية والانقسامات المصطنعة.

كما أرسى الإعلان مبدأ مدنية الدولة، وهو ما يشكّل قطيعة تامة مع النظام السابق الذي استغل الدين والطائفية لتعزيز سلطته. إن التأكيد على مدنية الدولة يعني أن سوريا الجديدة ستكون دولة يحكمها القانون، وتقوم على المواطنة، وتحترم التعددية، مما يفتح الباب أمام نظام ديمقراطي حديث، يستوعب الجميع دون إقصاء أو تهميش.

لقد كان أحد أكبر التحديات التي واجهت سوريا هو النظام البائد الذي دمّر المجتمع، وأضعف الدولة، وتركها عرضة للفوضى والانهيار. ولذلك، فإن الإعلان الدستوري يُعتبر خطوة أولى في اقتلاع جذور الاستبداد، وإقامة نظام جديد مبني على المؤسسات، وليس على حكم الفرد أو الحزب الواحد.

إن بناء مؤسسات الدولة الحديثة هو مفتاح الاستقرار والازدهار، وهذا الإعلان يضع اللبنة الأولى في هذا المسار. فبدون مؤسسات قوية، لا يمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية، ولا عن اقتصاد مزدهر، ولا عن مجتمع متماسك. ولهذا، فإن تطبيق المبادئ التي وردت في الإعلان الدستوري سيسهم في تأسيس دولة قانون، يكون فيها القضاء مستقلاً، والسلطة التنفيذية خاضعة للمحاسبة، والمجتمع المدني شريكًا أساسيًا في بناء المستقبل.

وبالنظر إلى المستقبل، فإن الدستور القادم يجب أن يأتي بصيغة أكثر ديمقراطية، تعكس بوضوح إرادة الشعب السوري، استنادًا إلى مبدأ أن السيادة للأمة باعتبارها مصدر السلطات. لا بد أن يكون هذا الدستور ضامنًا للفصل والتوازن بين السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، بحيث لا تتركز السلطة في يد جهة واحدة، مما يضمن عدم تكرار الاستبداد الذي حكم سوريا لعقود. إن تحقيق هذا التوازن هو السبيل الوحيد لمنع الطغيان، وضمان أن تكون الدولة قائمة على حكم القانون، وليس حكم الأفراد. يجب أن يتأسس الدستور الجديد على مبادئ الشفافية والمساءلة، بحيث يكون كل مسؤول في الدولة خاضعًا للمحاسبة، ولا يُسمح بأي شكل من أشكال الانفراد بالسلطة أو إعادة إنتاج أنظمة قمعية تحت أي مسمى.

إن هذا الإعلان، رغم كونه خطوة أولى، يمثل بارقة أمل لسوريا ولشعبها الذي عانى لسنوات طويلة. فهو يُعيد رسم ملامح المستقبل، ويضع خارطة طريق لبناء دولة تحترم حقوق مواطنيها، وتصون حرياتهم، وتحمي وحدتهم.

نأمل أن تكون سوريا الجديدة دولة يسودها العدل، وتُحترم فيها كرامة الإنسان، وتنطلق نحو مستقبل من التنمية والازدهار، بعيدًا عن الدمار الذي خلفه النظام البائد. إن بناء دولة حديثة ومستقرة يحتاج إلى جهود الجميع، وإلى إيمان راسخ بالمبادئ الديمقراطية التي أرساها هذا الإعلان.

سوريا اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، والمسؤولية كبيرة في تحويل هذه المبادئ إلى واقع ملموس. فالإعلان الدستوري هو البداية، ولكنه يحتاج إلى إرادة حقيقية لترسيخ قيمه، وتحقيق أحلام السوريين في دولة عادلة، ديمقراطية، ومستقرة.
[10:25 م، 2025/3/14] د محمد تركي بني سلامة: عندما يصبح الفساد قاعدة والصمت الرسمي فضيحة أكبر!
بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة

في زمنٍ يُكافأ فيه الفاسد، ويُحارب فيه الشرفاء، نقرأ عن فضيحة مدوية تهز جامعة …، فتُضاف حلقة جديدة إلى مسلسل الانهيار الممنهج لمؤسساتنا الوطنية. جامعة … التي شُيّدت بدماء الأردنيين وعرقهم، والتي كانت يومًا منارة للعلم والفكر، تُساق اليوم إلى غرفة الإنعاش بسبب إدارة لا تُجيد سوى تكديس الديون، وإغراق المؤسسة في مستنقع المحسوبية والفساد.

رئيسٌ يدير جامعة … كما لو كانت مزرعته الخاصة، ديون تتضاعف بشكل مخيف، تعيينات مشبوهة، وابتعاثات تُفصّل على مقاس المحاسيب والأقارب، بينما يُحرم المستحقون الحقيقيون لأنهم لا يملكون واسطة أو اسمًا عائليًا نافذًا. والأدهى من ذلك، أن هذه القرارات تُصاغ في غرف مغلقة، لا تمر عبر المجالس الأكاديمية، وكأننا في دولة لا مؤسسات فيها، وكأن النزاهة أصبحت تهمة، والاستحقاق أصبح جريمة!

أما الدولة، فصامتة صمت القبور! هل هو العجز أم التواطؤ؟ هل هو الإهمال أم رسالة بأن الفساد مسموح، بل وربما مرحّب به؟! كيف تُترك جامعة … بهذا الحجم لتنهار أمام أعين الجميع دون مساءلة؟ كيف يتم تعيينات وابتعاثات على أسس الكيدية والمحسوبية دون تدخل؟

أمام هذه الكارثة، لدينا خياران لا ثالث لهما: إما أن تتحرك الدولة فورًا للتحقيق في هذه الفضيحة، وكشف جميع المتورطين، وتحويلهم إلى القضاء، أو أن يتم تكريمهم ومنحهم أوسمة في زمن الرداءة والتفاهة، كما يُفعل مع المفسدين في عصور الانحطاط. في كلتا الحالتين، نحن أمام لحظة فارقة؛ إما أن تُثبت الدولة أن هناك قانونًا يُطبّق، وأن المؤسسات الوطنية ليست للبيع، أو أن تُعلن صراحة أن الفساد هو النهج الرسمي، وأن على الأردنيين التعايش مع واقعٍ جديد عنوانه “البقاء للأكثر فسادًا.”

المؤلم أن جامعة … ليست وحدها في هذا النفق المظلم، بل هي نموذج لحالة عامة تسود مؤسسات الدولة، حيث يُكافأ الوصولي والانتهازي، ويُهمّش أصحاب الكفاءة. وما يحدث اليوم في هذه المؤسسة العريقة هو ليس مجرد فساد مالي أو إداري، بل هو اغتيالٌ لمستقبل أجيال قادمة، كانت تحلم بمؤسسة تنصفهم بالعلم والعدالة، لا بصفقاتٍ مشبوهة وابتعاثات على مقاس أبناء الذوات.

إذا لم تتحرك الجهات الرسمية اليوم، فإن الغد سيكون أسوأ، وسنقرأ عن مؤسسات أخرى تُدار بالعقلية نفسها، وسنشهد انهيارًا متسارعًا لمنظومة التعليم العالي بأكملها. فهل ننتظر حتى يتحول الفساد إلى عرف؟ أم أن هناك بقية من ضمير، بقية من دولة، قادرة على وقف هذا النزيف قبل فوات الأوان؟

جامعة … اليوم ليست مجرد مؤسسة، بل اختبار للدولة كلها. فإما أن تنتصر العدالة، أو أن نترحّم على آخر ما تبقى من مؤسساتنا الوطنية.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الإعلان الدستوري السوري بناء الدولة الديمقراطية الإعلان الدستوری هذا الإعلان

إقرأ أيضاً:

رئيس اللجنة المختصة بإتمام الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية الأستاذ حسين السلامة لـ سانا: عُقدت يوم السبت جلسة بين اللجنة وقائد قوات سوريا الديمقراطية، السيد مظلوم عبدي، وذلك في مدينة الحسكة شرق سوريا

2025-04-13mohamadسابق محافظة دمشق تزيل إشغالات عشوائية في مناطق عدة بالمدينة انظر ايضاً محافظة دمشق تزيل إشغالات عشوائية في مناطق عدة بالمدينة

دمشق-سانا أزالت محافظة دمشق اليوم الإشغالات العشوائية /البسطات/ المنتشرة على الطرقات والأرصفة والأملاك العامة في …

آخر الأخبار 2025-04-13رئيس اللجنة المختصة بإتمام الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية الأستاذ حسين السلامة لـ سانا: عُقدت يوم السبت جلسة بين اللجنة وقائد قوات سوريا الديمقراطية، السيد مظلوم عبدي، وذلك في مدينة الحسكة شرق سوريا 2025-04-13محافظة دمشق تزيل إشغالات عشوائية في مناطق عدة بالمدينة 2025-04-13رئاسة الجمهورية: رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع ومعالي وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني يلتقيان برجال الأعمال السوريين في الإمارات العربية المتحدة 2025-04-13رئيس اتحاد الصحفيين: حزمة إصلاحات نوعية بهدف تعزيز مهنية العمل 2025-04-13الصحة تطلق حملة لتعزيز اللقاح الروتيني عند الأطفال في الـ 21 من نيسان ‏الجاري 2025-04-13منح السجل التجاري لثلاث منشآت جديدة في مدينة حسياء الصناعية 2025-04-13مصدر أمني بطرطوس لـ سانا: بعد ورود معلومات عن تجمع لفلول النظام البائد في قرية بقعو قرب منطقة دريكيش، تم نصب كمين محكم في المنطقة، ومن خلاله تم إلقاء القبض على العميد المجرم “حامد علي برهوم” وهو يحمل سلاحاً، وسيتم تحويله للقضاء المختص لاستكمال التحقيقات ولينال جزاءه العادل. 2025-04-13قوات الأمن العام تبدأ الانتشار على مداخل حيي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب 2025-04-13الأمن العام في حلب يعلن القبض على عصابة إجرامية 2025-04-13تشيلسي يسقط بفخ التعادل مع إيبسويتش تاون في الدوري الإنكليزي

صور من سورية منوعات أول سماعة طبية رقمية في اليابان تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل نبضات القلب 2025-04-10 أول دراسة سريرية بالعالم… زراعة الخلايا الجذعية تحسن الوظائف الحركية لمرضى الشلل 2025-03-26فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • 5 تحديات صعبة أمام حكومة الشرع في سوريا.. ما هي؟
  • الغرف السياحية: تطوير منطقة نزلة السمان خطوة مهمة على طريق الـ30 مليون سائح
  • رئيس اللجنة المختصة بإتمام الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية الأستاذ حسين السلامة لـ سانا: عُقدت يوم السبت جلسة بين اللجنة وقائد قوات سوريا الديمقراطية، السيد مظلوم عبدي، وذلك في مدينة الحسكة شرق سوريا
  • رئيس الدولة: استقرار سوريا وتعزيز أمنها مصلحة للمنطقة كلها
  • محمد بن زايد يستقبل الشرع ويؤكد على دعم استقرار سوريا
  • رئيس الدولة يؤكد خلال استقباله أحمد الشرع دعم الإمارات كل ما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو الاستقرار والتنمية
  • محمد بن زايد خلال استقباله أحمد الشرع: ندعم كل ما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق
  • بدء فتح الطرقات المؤدية إلى حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب، تنفيذاً للاتفاق الموقع بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية.
  • صابري يشرف على توقيع اتفاقية الشغل الجماعية بين فيكتاليا و المنظمة الديمقراطية للشغل
  • من هو شيخ الإسلام البريطاني الذي بنى أول مسجد فيها؟