قفزة تاريخية للذهب.. ما الأسباب الخفية وراء الارتفاع الجنوني؟
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
للمرة الأولى في التاريخ، تخطت أسعار الذهب حاجز 3000 دولار للأونصة، في قفزة غير مسبوقة تعكس حالة التوتر والاضطراب التي تعيشها الأسواق العالمية.
لم يكن هذا الصعود مفاجئا إذ إن سلسلة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية والاجتماعية مهدت الطريق لهذه المستويات القياسية، وجاء صعود الذهب القوي مدفوعاً بحالة الضبابية المرتبطة بقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع الرسوم الجمركية ما شكل مخاوف من تلك التوترات التجارية.
ومن المتوقع أن تؤدي أزمة الرسوم الجمركية إلى تأجيج التضخم وعدم اليقين الاقتصادي، وقد دفعت الذهب للوصول إلى مستويات قياسية متعددة في عام 2025. وتنتظر الأسواق اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياط يوم الأربعاء المقبل. ومن المتوقع أن يبقي البنك المركزي على سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة في نطاق 4.25 بالمئة إلى 4.50 بالمئة.
الذهب.. ملاذ الأزمات ومرآة المخاوف
ولطالما اعتُبر الذهب ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات، وملجأ للمستثمرين عندما تهتز الثقة في الأسواق المالية، غير أن الارتفاع الأخير جاء مدفوعًا بمجموعة من التطورات التي زادت من إقبال الأفراد والمؤسسات وحتى البنوك المركزية على شراء الذهب بوتيرة غير مسبوقة.
ومنذ بداية العام الجاري، ارتفع الطلب على الذهب بشكل ملحوظ، سواء من قبل المستثمرين الأفراد الباحثين عن ملاذ آمن وسط التقلبات الاقتصادية، أو من قبل الحكومات التي تسعى لتنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي.
وبحسب رويترز قال محلل السوق في "آي جي" ييب جون رونغ إن "موقف السوق يعكس توقعات المستثمرين بأن التوترات التجارية من المرجح أن تتفاقم قبل أن تهدأ.
وتابع قائلاً: "أصبح المستوى النفسي ثلاثة آلاف دولار الآن في الأفق بالنسبة لأسعار الذهب، ومع اقترابنا من الربع الثاني، حيث يمكن أن تؤدي الرسوم الجمركية المتبادلة إلى موجة أخرى من الاضطرابات في السوق، يظل الذهب أصلاً آمناً مقنعاً في بيئة حيث البدائل نادرة".
أسباب الارتفاع.. لماذا قفز الذهب بهذا الشكل؟
الصعود التاريخي لأسعار الذهب لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تراكم عدة عوامل خلال الأشهر الماضية، أبرزها:
التوترات الجيوسياسية وتصاعد الأزمات العالمية
الحرب في أوكرانيا، التصعيد المستمر في الشرق الأوسط، والتوترات المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة وقرارات الرئيس الأمريكي بزيادة الرسوم الجمركية لعدد من الدول الحلفاء والمتنافسين، كلها عوامل جعلت الأسواق أكثر اضطرابًا، ودفع المستثمرين إلى البحث عن أصول آمنة، وفي مقدمتها الذهب.
كلما زادت المخاوف بشأن استقرار النظام العالمي، ارتفع الطلب على الذهب باعتباره أحد الأصول القليلة التي لا تتأثر بشكل مباشر بالتقلبات السياسية والاقتصادية.
سياسات البنوك المركزية وتزايد الطلب الحكومي
العديد من البنوك المركزية حول العالم، وخاصة في الصين وروسيا، ضاعفت مشترياتها من الذهب في محاولة للحد من اعتمادها على الدولار الأمريكي، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على المعدن النفيس بشكل كبير.
وتشير التقارير إلى أن البنك المركزي الصيني اشترى مئات الأطنان من الذهب خلال الأشهر الماضية، وهو ما ساهم في دعم الأسعار ودفعها نحو مستويات قياسية.
توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية
مع تزايد التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، بدأ المستثمرون في الابتعاد عن الأصول ذات العوائد المرتفعة مثل السندات، والتوجه نحو الذهب.
وتعد العلاقة العكسية بين أسعار الفائدة والذهب معروفة، فكلما انخفضت الفائدة، زادت جاذبية المعدن النفيس كأداة استثمارية لا تفقد قيمتها بمرور الوقت.
التضخم العالمي والقلق من الركود
على الرغم من محاولات الحكومات السيطرة على التضخم، فإن الأسعار لا تزال مرتفعة في العديد من الدول، ما عزز المخاوف من استمرار فقدان العملات الورقية لقيمتها، وينظر للذهب دائمًا على أنه وسيلة تحوط ضد التضخم، ومع تزايد القلق من دخول الاقتصادات الكبرى في حالة ركود، ازداد الإقبال على المعدن الأصفر كوسيلة لحماية الثروات.
الأزمات المصرفية وانعدام الثقة في النظام المالي
تكرار الأزمات المصرفية، مثل الانهيار الذي شهدته بعض البنوك الكبرى خلال العام الماضي، زاد من شكوك المستثمرين في استقرار النظام المالي. هذا الأمر دفع الكثيرين إلى البحث عن بدائل آمنة، ومع فقدان الثقة في العملات الرقمية التي شهدت تقلبات حادة، عاد الذهب ليصبح الخيار الأول للحفاظ على القيمة والاستثمار طويل الأجل.
هل يستمر الارتفاع أم أننا أمام فقاعة سعرية؟
مع تجاوز الذهب حاجز 3000 دولار للأونصة، يتساءل الكثيرون عن مستقبل الأسعار وما إذا كان المعدن النفيس في طريقه لمزيد من الصعود، أم أن الأسواق ستشهد تصحيحًا قريبًا. التوقعات الحالية تشير إلى عدة سيناريوهات محتملة:
إذا استمرت البنوك المركزية في شراء الذهب، وواصل المستثمرون ضخه في محافظهم الاستثمارية كتحوط ضد الأزمات، فقد نرى مستويات قياسية جديدة تصل إلى 3500 دولار للأونصة أو حتى أكثر خلال العام المقبل.
في المقابل، إذا نجحت الحكومات في احتواء التضخم، وتحسنت مؤشرات الاقتصاد العالمي، وبدأت أسواق الأسهم والسندات في استعادة جاذبيتها، فقد نشهد موجة تصحيحية تدفع الأسعار إلى مستويات أقل من 2500 دولار.
عامل آخر قد يؤثر في مسار الأسعار هو سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، فإذا فاجأ الأسواق برفع جديد في أسعار الفائدة بدلاً من خفضها، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض أسعار الذهب بشكل حاد.
وقال المحلل ماركوس غارفي في مذكرة إن متوسط سعر السبائك قد يبلغ 3150 دولارا للأوقية خلال تلك الفترة، مضيفا أن المعدن النفيس -الذي كان يُتداول عند نحو 2947.50 دولارا للأوقية في أحدث تعاملات- سيتلقى مزيدا من الدعم من المخاوف بشأن عجز الموازنة الأميركي المتزايد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الذهب أسعار الذهب امريكا الذهب أسعار الذهب المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرسوم الجمرکیة البنوک المرکزیة المعدن النفیس أسعار الفائدة أسعار الذهب
إقرأ أيضاً:
أسعار الذهب تقفز إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق
صعدت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق مسجلة نحو 3,000 دولار للأوقية القياسية، بفعل المخاوف المتعلقة بتداعيات الرسوم الجمركية الأميركية، ما يعزز الطلب على المعدن الأصفر كمخزن آمن للقيمة. وارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.6% ليصل إلى 2,983.24 دولارًا للأونصة، في حين صعدت العقود الأميركية الآجلة بنسبة 1.7% إلى 2,996.60 دولارًا. وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد أطلق خلال الشهر الجاري جولة جديدة من التوترات التجارية، عبر رفع الرسوم الجمركية بنسبة 20% على الواردات الصينية، وفرض رسوم إضافية بنسبة 25% على سلع مستوردة من كندا والمكسيك. لكنه عاد لاحقًا وعلّق تنفيذ بعض هذه الإجراءات، مانحًا إعفاءً مؤقتًا لمدة شهر لعدد من السلع التي تستوفي شروط المنشأ بموجب اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا. وفي خطوة مفاجئة، تراجع ترامب أيضًا بعد ظهر الثلاثاء عن قراره بمضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من كندا إلى 50%، بعد ساعات فقط من إعلانه عن القرار. تشير أحدث توقعات المحللين، استنادًا إلى أداة CME FedWatch، إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيُبقي أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المقبل في 19 مارس/آذار. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد أبقى على أسعار الفائدة دون تعديل في اجتماعه الأخير في يناير/كانون الثاني، بعد أن خفضها في ديسمبر/كانون الأول إلى نطاق يتراوح بين 4.25% و4.50%. ويؤثر خفض أسعار الفائدة أو تثبيتها على أسعار الذهب، إذ يؤدي إلى تراجع الدولار وعوائد السندات، ما يرفع من جاذبية الذهب كأداة لحفظ القيمة. وكان رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، قد أكد الأسبوع الماضي أن البنك المركزي لن يتعجل في خفض الفائدة، في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي الناتجة عن السياسات التجارية للرئيس ترامب. وقال باول، في كلمة ألقاها في نيويورك يوم الجمعة: “لا حاجة للاستعجال… نحن في موقع جيد يسمح لنا بالانتظار حتى تتضح الصورة”، مشيرًا إلى أن السياسات الحالية تؤثر على الاقتصاد ومسار السياسة النقدية. |