لطالما عرف العلماء أن الخلايا تتنفس إما باستخدام الأكسجين (التنفس الهوائي) أو باستخدام بدائل الأكسجين (التنفس اللاهوائي)، لكن المفاجأة التي يمكنها تغيير هذه القاعدة العلمية وقلبها رأسا على عقب جاءت من جامعة ولاية مونتانا الأميركية.

فقد تمكنت باحثة الدكتوراة ليزا كيلر من قسم علم الأحياء الدقيقة وعلم الخلايا، بالتعاون مع مشرفها وأستاذها إريك بويد، من اكتشاف كائن حي في ينابيع متنزه يلوستون الوطني بالولاية يمكنه أن يقوم بكلا العمليتين في الوقت نفسه، وأعلن هذا الاكتشاف المهم بدورية "نيتشر كوميونيكيشنز".

وتقول كيلر في تصريحات خاصة للجزيرة نت إن الكائنات الحية من رتبة "صانعيات الماء" التي تعيش في الينابيع الحارة مثل تلك الموجودة في يلوستون "يمكن أن تنمو باستخدام الكبريت والهيدروجين والأكسجين، وذهبت دراسات سابقة إلى أن هذه الكائنات يمكنها القيام بعمليات التنفس الهوائي (باستخدام الأكسجين) أو التنفس اللاهوائي (باستخدام الكبريت أو مواد أخرى) ولكن بشكل منفصل".

وتضيف "لكن الجديد الذي توصلنا له هو اكتشاف أن بكتيريا "هيدروجينوباكتر" من تلك العائلة قادرة على القيام بالتنفس الهوائي واللاهوائي في آن واحد، أو بمعنى آخر: يمكنها أن تتنفس الأكسجين وتختزل الكبريت في الوقت نفسه، وهو ما لم يكن معروفا أنه موجود من قبل".

البكتيريا اكتشفت في ينابيع متنزه يلوستون الوطني (ويكيميديا) كسر النظرية التقليدية

وتعمل الكائنات الحية التي تقوم باختزال الكبريت (تحويل الكبريت إلى شكل آخر مثل الكبريتيد) في بيئات خالية من الأكسجين، أي في الظروف اللاهوائية. لكن ما اكتشفته كيلر هو أن بكتيريا "هيدروجينوباكتر"، مع أنها تعيش في وجود الأكسجين الذي يدعم التنفس الهوائي، تستطيع أيضا أن تقوم بعملية التنفس اللاهوائي عن طريق اختزال الكبريت، وهو اكتشاف من شأنه أن يكسر الفكرة التقليدية بأن الخلايا تقوم إما بعملية تنفس هوائي أو لاهوائي، ويؤكد أن هذه البكتيريا يمكن أن تجمع بين العمليتين في اللحظة نفسها.

إعلان

والمثال الشهير الذي يستند إلى الفكرة التقليدية عن آليات التنفس هو أن الخلايا التي تشكل عضلاتنا تستخدم كثيرا من الأكسجين عندما نقوم بتمارين تحمّل، ولكن إذا كانت شدة التمرين عالية جدا لا يمكن لأجسامنا إيصال الأكسجين إلى خلايانا بالسرعة الكافية، وهكذا تتحول الخلايا إلى الأيض اللاهوائي، مما يسبب إحساسا بالحرق نتيجة تراكم حمض اللاكتيك، كما توضح كيلر في بيان أصدرته جامعة ولاية مونتانا.

وتضيف كيلر "من المعروف جيدا في ضوء ذلك أن الخلايا تتنقل بين الأيض الهوائي واللاهوائي، ولكنها المرة الأولى التي نكتشف فيها كائن يقوم بإجراء كلا الآليتين في الوقت نفسه".

باحثة الدكتوراه ليزا كيلر من قسم علم الأحياء الدقيقة وعلم الخلايا (جامعة ولاية مونتانا) تحدي القياس

وشرحت كيلر آلية هذا الاكتشاف الفريد، حيث زرعت البكتيريا في المختبر، وراقبت مستويات الكبريت والأكسجين خلال التجربة على مر الزمن، وكانت تعلم أن رتبة "صانعيات الماء" التي تنتمي لها البكتيريا تمتلك الجينات اللازمة لكل من الأيض الهوائي واللاهوائي، ولكن عندما قاست كميات الكبريت والأكسجين وجدت أنه بينما كان تركيز الكبريتيد يزداد، كان تركيز الأكسجين يتناقص، وهذا يعني أن البكتيريا كانت تنتج الكبريتيد، وهي عملية لاهوائية، وفي الوقت نفسه كانت تستخدم الأكسجين، مما يعني أن العمليتين كانتا تحدثان معا.

وتقول "لا يوجد تفسير آخر سوى أن هذه الخلايا تتنفس الأكسجين في الوقت نفسه الذي تتنفس فيه الكبريت العنصري".

وكان أحد التحديات التي واجهتها كيلر وفريقها للوصول إلى هذا الاكتشاف هو قياس استهلاك الأكسجين بدقة، وتقول كيلر للجزيرة نت "في البداية، كنا نواجه صعوبة في إيجاد طريقة دقيقة لقياس استهلاك الأكسجين، وجربنا العديد من الأساليب حتى استقر بنا الأمر على تقنية الكروماتوغرافيا الغازية التي أثبتت فاعليتها في قياس مستويات الأكسجين بشكل متكرر وموثوق". والكروماتوغرافيا الغازية تقنية تحليلية تُستخدم لفصل وتحليل المركبات المتطايرة وشبه المتطايرة في المخاليط.

إعلان تطبيقات متعددة

ويسعى الفريق البحثي لاحقا إلى العمل على معرفة الأسباب التي تدفع هذه البكتيريا إلى التعبير عن الإنزيمات المسؤولة عن التنفس الهوائي واللاهوائي في الوقت نفسه.

وتوضح كيلر أن البكتيريا تمتلك مجموعة من الإنزيمات التي تسمح لها بإجراء التنفس الهوائي واللاهوائي، إذ تحتوي على إنزيم يسمى "سلفور ريدوكتاز" هو المسؤول عن اختزال الكبريت "العملية اللاهوائية"، بالإضافة إلى 3 أنواع من "هيدروجيناز" هي التي تسهم في أكسدة الهيدروجين، مع وحدتين فرعيتين من إنزيم "سيتوكروم سي أوكسيداز" المسؤول عن اختزال الأكسجين (العملية الهوائية). وتضيف "رغم معرفة هذه الآليات، لا يزال من غير المعروف لماذا تعبر البكتيريا عن هذه الإنزيمات في الوقت نفسه".

ورغم عدم معرفة الأسباب، وهو ما ستسعى له كيلر لاحقا، فإن مجرد اكتشاف قدرة بكتيريا على إجراء التنفس الهوائي واللاهوائي في آن واحد قد يغير فهمنا لكيفية تفاعل الميكروبات في البيئات القاسية مثل الينابيع الساخنة.

وتقول كيلر "في البيئات الميكروبية، كنا نعتقد دائما أن الكائنات الهوائية واللاهوائية تتعايش بطرق منفصلة، حيث تستهلك الكائنات الهوائية الأكسجين وتتيح الفرصة للكائنات اللاهوائية للبقاء، لكن النتائج التي حصلنا عليها تشير إلى أن بعض الكائنات تستطيع استخدام كلا النوعين من التنفس في الوقت نفسه، مما يفتح آفاقا جديدة لدراسة كيفية تفاعل المجتمعات الميكروبية في البيئات القاسية".

وتضيف "نتائجنا تلقي الضوء أيضا على كيفية تكيف الكائنات القديمة مع الأكسجين الذي بدأ يظهر في الغلاف الجوي للأرض منذ 2.8 مليار سنة، كما أنها يمكن تلهم العلماء في مجالات أخرى مثل البيولوجيا الجزيئية، والجيوكيمياء، وحتى البحث عن الحياة في البيئات القاسية خارج كوكب الأرض".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان فی الوقت نفسه فی البیئات أن الخلایا

إقرأ أيضاً:

«بقيت في مرحلة وحشة».. هايدي موسى تكشف عن معاناتها بسبب التنفس

كشفت الفنانة هايدي موسى، عن تفاصيل أزمتها الصحية مع التنفس ومحاولاتها للعلاج، والتي تعاني منها منذ سنوات، بسبب الجيوب الأنفية وتضخمها، ما اضطرها للتنفس من الفم، وأدى إلى انقطاع النفس المؤقت أثناء النوم.

مرض هايدي موسى

ونشرت هايدي موسى، عبر خاصية الاستوري على حسابها الرسمي بموقع تداول الصور والفيديوهات «إنستجرام» أزمتها مع التنفس، قائلة: «عندي مشكلة بقالي سنين إني بتنفس من الفم، بسبب الجيوب الأنفية والتضخم، مشيرة إلى أنها عملت على تغير هذه العادة، ومحاولة التنفس من الأنف باللجوء إلى اليوجا».

هايدى موسى

وأضافت هايدي موسى: «أن هذا الموضوع أصبح متدهور بالنسبة لها، وذلك نتيجة انقطاع النفس المؤقت أثناء النوم وأصحبت في حالة سيئة، موضحة أنها اكتشفت فقد قدرتها على التنفس والدوخة، مشيرة إلى أنه ينبغي اللجوء إلى تمارين التنفس حتى نتخطي ذلك الأمر».

آخر أعمال هايدي موسى

ويذكر أن هايدي موسى طرحت في الأيام الماضية أغنية «حته من الجنة» عبر حسابها الرسمي بموقع الفيديوهات «يوتيوب»، وهي من كلمات سلمي رشيد، ألحان هايدي موسي، وتوزيع يحيي المالكي، مكس و ماستر: ماهر صلاح، جيتارات: محمد مغربي، صولو كيبورد: يوسف علاء علي.

هايدي موسى

هايدي موسى مغنية وممثلة، تخرجت عام 2018 من كلية الإعلام جامعة المنصورة، وترعرعت في دار الأوبرا المصرية وأنمت موهبتها بجانب المايسترو سليم سحاب، ونشأت هايدي وسط عائلة فنية فوالدها وشقيقها فنانين تشكيلين.

وشاركت هايدي في برنامجيّ المواهب أراب آيدول الموسم الثاني، ولكنها لم تنال شهرة واسعة بين الجمهور غير بعد ظهورها على مسرح ستار أكاديمي في موسمه الـ11، وخطفت أنظار الجميع بغنائها «أنا كلي ملكك» لشيرين عبد الوهاب.

هايدي موسى

استطاعت هايدي بموهبتها أن تحجز مكاناً لنفسها لتصبح من أكثر الطلاب تميزاً وشعبية في الموسم الحادي عشر من برنامج ستار أكاديمي، لتدخل في المرحلة النهائية للتنافس علي لقب ستار أكاديمي.

اقرأ أيضاً"خاص".. بعد أزمة ياسمين عز وإيقاف منى العمدة.. نقابة الإعلاميين تحذر هايدى موسي من إيقاف برنامجها

هايدي موسى تطرح أحدث أعمالها الغنائية «عزيز».. غدا

أحمد جمال وهايدي موسى يتألقان في فقرة غنائية باحتفالية «يوم الشهيد»

مقالات مشابهة

  • نقص الأكسجين فى الدم .. تطورات الحالة الصحية لنعيم عيسى|خاص
  • العاصمة: 6 مصابين إثر حريق شقة ببراقي
  • ما هو تشوه الأنف السرجي؟.. تعرف على الأسباب وأعراضه وطرق العلاج
  • عندما نُقدّس الروبوتات ونجعل منها أبطالًا خارقة
  • بورسعيد تتنفس جمالًا: تطوير شامل لكورنيش المدينة مع إبقائه مفتوحًا لأهلها
  • «بقيت في مرحلة وحشة».. هايدي موسى تكشف عن معاناتها بسبب التنفس
  • هايدي موسى تكشف تفاصيل أزمتها الصحية مع التنفس
  • وثائق سرية: كائنات فضائية حوّلت 23 جنديا سوفييتيا إلى أعمدة حجرية
  • وثائق سرية: كائنات فضائية حوّلت 23 جنديا سوفيتيا إلى أعمدة حجرية
  • هارفارد تتحدى إدارة ترامب وترفض مطالب تمس استقلالها الأكاديمي وتمويلها الفيدرالي