محمود التهامي.. صوتٌ عذب يلامس الأرواح
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
قبل أن يتم الإعلان عن البرنامج الرمضاني لدار الأوبرا السلطانية مسقط، لم أكن أعرف المنشد المصري "محمود التهامي"، الذي أحيى ليلة رمضانية إنشادية عذبة مساء أمس، أولى الليالي الرمضانية في الدار، إلا أن صوته المألوف قد بدا لي معروفًا وأنا أبحث في قنوات اليوتيوب عن اسمه، فلطالما سمعته دون أن أعرف اسمه، ليتضح لي أنني سأكون في موعد مع صوت عذب يلامس الأرواح، صوت يصدح بالذكر والمديح النبوي وأسمى آيات حب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولم يخب ظني، إذ بدا تأثير صوته واضحًا منذ أولى وصلاته الإنشادية إلى آخرها، التي اختتمت بالأنشودة الصوفية الرائعة "قمرٌ"، التي ناداها الجمهور عدة مرات لتكون مسك الختام.
انطلق الحفل بكلمات نابعة من القلب قدّمها التهامي للجمهور، شاكرًا إدارة دار الأوبرا السلطانية على تنظيم هذا الحفل الديني، وشاكرًا الجمهور على هذا الحضور الذي ملأ مسرح دار الفنون الموسيقية، قائلًا: "نلتقي اليوم في ليلة روحية مصرية شرقية عربية بموسيقى متطورة عالميًا، ونتمنى أن نلقى معًا الروح والمعنى في هذه السهرة الطيبة".
في الليلة الإنشادية، انحاز التهامي إلى مقام الكرد، فقدّم ست أنشودات على المقام، وهي: "شمس الحسن"، و"سلامي على المختار"، و"يا راحلين"، و"أيام عمري"، و"البردة"، و"تولى المصطفى أمري"، يليه مقام "البيات" بأربع أنشودات، هي: "يا رفاق الصبر"، و"حياتي"، و"أكاد من فرط الجمال"، و"قمرٌ"، وأنشودة واحدة "قاضي الغرام" بمقام "نهاوند"، وأنشودة "يا هو" بمقام "الحجاز".
ووفق ما جاء في الكتيب التعريفي، فإن المنشد محمود التهامي من أبرز رواد الإنشاد الديني في مصر والعالم العربي، إذ نشأ في أسرة عريقة في هذا الفن، وحفظ القرآن الكريم منذ صغره، وبدأ رحلته في الإنشاد في سن الحادية عشرة، ثم واصل دراسته في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، كما حصل على دراسات عليا من جامعة أسيوط، ما منح تجربته بُعدًا علميًا.
إلى جانب إنشاده، درس التهامي الموسيقى بشكل احترافي وأتقن العزف على آلات مثل العود والكمان والبيانو، ما مكّنه من تقديم أسلوب فريد يمزج بين الأصالة والتجديد، ولحّن أكثر من 400 قصيدة وأصدر أكثر من 70 ألبومًا، كما تعاون مع كبار الموسيقيين مثل عمار الشريعي وصلاح الشرنوبي، وأسهم في تحديث فن الإنشاد بإدخال الموسيقى الإلكترونية، كما أنشأ مدرسة للإنشاد استقطبت المئات من المواهب، وحصل على عدة ألقاب وجوائز، منها "سفير الثقافة في الوطن العربي"، واختير ضمن قائمة أفضل 100 شخصية عربية مؤثرة عام 2016.
امتدت شهرته عالميًا بإصدار ألبوم "أوريجين" مع الفنانة الأمريكية إلير ليبيك، والذي نال جائزة "جلوبال ميوزيك" ورُشّح لـ"جرامي" 2018، كما قدّم أعمالًا بارزة مثل "السيمفونية الثلاثية: سلام، حب، تسامح" ومشروعه الفني "أنين العاشق"، الذي يجسد جماليات اللغة العربية عبر الموسيقى.
اختتمت الأمسية الإنشادية ولا زال صوت التهامي وأداؤه القوي عالقًا في خيالي، فنَفَسه الطويل ذو المرونة في الأداء دفعنا إلى تصفيق دون شعور، وكلماته أثناء إلقاء القصائد على أنغام الموسيقى المصاحبة فاضت بالإحساس، وانتقالاته وتناغمه مع الفرقة الموسيقية تنم عن خبرة وتوافق كبير، وها أنا أختم ما أكتب ولا زال صوت المديح يتردد: "قمرٌ قمرٌ قمرٌ سيدنا النبي قمرٌ، وجميل وجميل وجميل سيدنا النبي وجميل".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
قطاع الموسيقى يسعى لمنع تجاوزات الذكاء الاصطناعي التوليدي
يبذل الفاعلون في القطاع الموسيقي جهدا في المنصات الرقمية والمحاكم لمنع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي من سرقة المحتوى الموسيقي، إلا أنّ النتائج لا تزال غير مرضية.
تشير شركة "سوني ميوزك" إلى أنها طلبت حذف 75 ألف مقطع فيديو مزيف من الإنترنت، وهو رقم يعكس حجم الظاهرة.
لكن كثرا يؤكدون أن التكنولوجيا قادرة على رصد هذه المقاطع التي أنتجتها برامج قائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي، من دون مشاركة الفنان المعني.
وتقول شركة "بيندروب" المتخصصة في التعرف على الأصوات "حتى لو أنها تبدو واقعية، تتضمن الأغاني التي يتم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي، أخطاء بسيطة في التردد والإيقاع والتوقيع الرقمي لا تُرصد في الأعمال التي يبتكرها بشر".
لا يحتاج الأمر سوى لبضع دقائق لرصد أغنية راب مزيفة وأغنية بصوت أريانا غراندي التي لم تؤدّها مطلقا في الحقيقة.
يقول سام دوبوف رئيس السياسة التنظيمية في منصة "سبوتيفاي"، في مقابلة مع قناة "إندي ميوزيك أكاديمي" عبر موقع يوتيوب: "نتعامل مع الأمر بجدية ونعمل على تطوير أدوات جديدة في هذا المجال لتحسين" رصد الأعمال المزيفة بالذكاء الاصطناعي.
وأكّدت يوتيوب أنها "تعمل على تحسين تقنيتها مع شركائها"، وقد تعلن عن مستجدات في هذا الخصوص خلال الأسابيع المقبلة.
ويشير جيريمي غولدمان، المحلل في شركة "إي ماركتر"، إلى أن "الجهات السيئة تتقدم بخطوة واحدة" على القطاع الذي عليه "الردّ".
ويضيف "إنّ يوتيوب لديها مليارات الدولارات على المحك. لذا، يُتوقَّع أنها ستنجح في حلّ المشكلة".
رفع الضوابط
بالإضافة إلى التزييف العميق، يظهر القطاع الموسيقي قلقا إزاء الاستخدام غير المسموح به لمحتواه بهدف إنشاء برامج متخصصة قائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.
في يونيو، رفعت شركات تسجيل كبرى دعاوى قضائية ضد الشركة الأم لـ"اوديو" أمام محكمة فدرالية في نيويورك، متهمة إياها بابتكار برنامجها مستخدمة "تسجيلات محمية بالملكية الفكرية بهدف جذب مستمعين ومعجبين ومستخدمين محتملين يدفعون مقابل الحصول على خدمتها".
بعد مرور أكثر من تسعة أشهر، لم يتم تحديد موعد لأي محاكمة محتملة، ولا لقضية مماثلة في "سونو" في ولاية ماساتشوستس.
وقد يحدّ مفهوم الاستخدام العادل (fair use)، الذي يخضع لجدل قانوني، من تطبيق حقوق الملكية الفكرية تحت شروط معينة.
يقول جوزف فيشمان، الأستاذ في القانون في جامعة فاندربيلت "نحن في حالة من الغموض" في ما يتعلق بالتفسير الذي سيعتمده القضاة لهذه المعايير.
لن تشكل الأحكام الأولى بالضرورة نهاية الفصل، لأن "المحاكم إذا بدأت تختلف" في آرائها، فقد تضطر المحكمة العليا إلى إصدار قرار، بحسب الأكاديمي.
في انتظار ذلك، يواصل اللاعبون الرئيسيون في مجال الذكاء الاصطناعي الموسيقي ملء نماذجهم بالبيانات المحمية، مما يثير تساؤلا بشأن ما إذا كانت المعركة قد خسرت أصلا.
ويقول جوزف فيشمان "لست متأكدا" مما إذا كان الأوان قد فات، مضيفا "جرى ابتكار عدد كبير من البرامج باستخدام مواد محمية بحقوق الطباعة والنشر، ولكن دائما ما تظهر أدوات جديدة"، على مبتكريها توقّع احتمال صدور حكم قضائي ملزم.
ولم تحقق شركات التسجيل أو الفنانون أو المنتجون حتى اليوم نجاحا كبيرا على الجبهة الثالثة من هذه المعركة، وهي المجال التشريعي.
وأقرّت ولايات أميركية عدة بينها تينيسي، قوانين تستهدف تحديدا التزييف العميق.
وترى العديد من شركات الذكاء الاصطناعي أنّ "الحكومة عليها أن توضح أنّ استخدام البيانات العامة لتطوير النماذج يندرج بشكل لا لبس فيه ضمن نطاق الاستخدام العادل".
والصورة ليست أفضل حال في المملكة المتحدة، إذ أطلقت الحكومة مشاورات بهدف تخفيف حدة قانون الملكية الفكرية لتسهيل عمل مبتكري برامج الذكاء الاصطناعي.