مفتي الجمهورية: السنة النبوية ليست كلامًا بشريًّا مجردًا بل وحيٌا من عند الله
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
أكّد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن السنة النبوية تدخل في إطار الوحي الإلهي، وليست مقصورة على القرآن الكريم فقط.
وأشار إلى أن هذا السؤال من القضايا القديمة المتجددة، إذ لم تخلُ العصور من محاولات الطعن في السنة والسعي إلى إخراجها من دائرة الوحي، بالرغم من تعارض هذا الطرح مع ما جاء في القرآن الكريم، الذي يُستند إليه في كثير من الأحيان للتشكيك بها.
جاء ذلك خلال حديثه الرمضاني، حيث أوضح أن السنة النبوية هي وحي من عند الله، وأن العلاقة بينها وبين القرآن الكريم علاقة وثيقة، مشيرًا إلى قول الله تعالى:
{هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} [الجمعة: 2]، وقال العلماء إن المقصود بـ"الكتاب" هو القرآن الكريم، أما "الحكمة" فهي السنة النبوية.
وأضاف أن هذا المعنى يتأكد أيضًا في قوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علّمه شديد القوى} [النجم: 3-5]، ما يدل على أن كل ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم هو وحي محفوظ من الله تعالى.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن السنة تأتي مفسِّرة للقرآن الكريم، بل إن النظر إليها يتم في ضوء ما أُضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، أو حتى من صفاته الخُلقية والخَلقية، وما صدر عنه في اليقظة أو في المنام، سواء قبل البعثة أو بعدها.
وبيّن أن من أبرز ما يدل على أن السنة وحي إلهي العلاقة الوطيدة بينها وبين القرآن الكريم، حيث إنها تؤكد ما جاء فيه، وتشرح المجمل، وتقيِّد المطلق، وتخصص العام، وتزيل الإشكالات، بل قد تنفرد أحيانًا بتأسيس أحكام جديدة، ويأتي ذلك في ضوء قوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7].
وفيما يتعلق بكتابة السنة وتدوينها، أوضح أن من يشكك في حجية السنة بحجة أنها لم تدوَّن في بداياتها، يتناقض حين يقبل بصحة القرآن، رغم أن نقلة القرآن هم أنفسهم من نقلوا السنة ووثقوها. ولفت الانتباه إلى أهمية التفريق بين مرحلتين: مرحلة الكتابة والتدوين التي بدأت منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومرحلة الجمع والتأليف التي جاءت لاحقًا، وخضعت لمنهج علمي دقيق ميّز الأمة الإسلامية بعلمين فريدين هما: علم الجرح والتعديل، وعلم أصول الفقه.
وأكد أن عملية النقد والتمحيص لنصوص السنة بدأت مبكرًا، وهو ما يدل على وعي العلماء بأهمية هذه المهمة، وإدراكهم لمسؤوليتهم العلمية والدينية.
وفي ختام حديثه، أشار مفتي الجمهورية إلى أن من أبرز أسباب الطعن في السنة اليوم: سوء الفهم، وقلة العلم، وعدم إدراك السياقات والدلالات النصية، وهي أمور لا يتقنها إلا من راسخ في العلم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الوحي السنة النبوية الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية القرآن الكريم المزيد مفتی الجمهوریة السنة النبویة القرآن الکریم أن السنة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الإسلام حدد 3 أنواع من حقوق الجوار
أكَّد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أهميةَ الحديث عن حقوق الجار في الوقت الحالي، مشددًا على أن الشريعة الإسلامية أكدت قدسية هذه العلاقة وضرورة مراعاة حقوق الجار، كما أن الشرائع السماوية والحضارات الإنسانية المتعاقبة أجمعت على احترام هذا الحق.
وأشار فضيلة المفتي، خلال لقائه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على فضائية “صدى البلد”، إلى أن الإحسان إلى الجار من القيم المشتركة بين الأديان، مدلِّلًا على ذلك بقول الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ}.
مفتي الجمهورية: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل لهذه الأسباب
لماذا يحاسبنا الله طالما أقدارنا مكتوبة؟.. مفتي الجمهورية يوضح الحقيقة
مفتي الجمهورية: العزوف عن الزواج أزمة أخلاقية تهدد المجتمع
مفتي الجمهورية: الله منح الإنسان العقل وأنزل إليه الرسل حتى تقوم عليه الحجة
وأشار إلى أن الوصايا العشر في التوراة تضمَّنت الإحسان إلى الجار، وأنَّ الحضارة المصرية القديمة أكدت ذلك في محاكم العالم الآخر، حيث كان المتوفى يعلن براءته من إيذاء جاره.
وأوضح الدكتور نظير عيَّاد، أن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ في التوصية بالجار حتى ظنَّ الصحابة أنه سيورثه، حيث قال: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»، مؤكدًا أن إيذاء الجار ليس فقط ماديًّا بل قد يكون معنويًّا بنظرة ازدراء أو تمنِّي زوال النعمة عنه.
وساق مفتي الجمهورية، مثالًا من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان جاره اليهودي يؤذيه، فلما مرض زاره النبي واطمأنَّ عليه، مشيرًا إلى أنَّ هذه الأخلاق الرفيعة تشمل التعامل مع جميع الجيران بغضِّ النظر عن دينهم.
وبيَّن فضيلة المفتي أن الإسلام يحدِّد ثلاثة أنواع من حقوق الجوار؛ الأول: جار غير مسلم وله حق الجوار، والثاني: جار مسلم وله حق الجوار وحق الإسلام، والثالث: جار مسلم من الأقارب وله ثلاثة حقوق؛ الجوار، والإسلام، والقرابة.
وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي بإطعام الجار، حتى إنه أمر بالإكثار من المرق عند طهو اللحم لإهدائه للجيران، كما نهى عن التفاخر أمام الجيران بامتلاك شيء قد لا يقدرون عليه.
وأكَّد مفتي الجمهورية أن مصر تزخر بصور المحبة الشعبية التي تعكس روح التعايش بين المسلمين وغيرهم، مشيرًا إلى أن التوعية والثقافة التنويرية تعزِّز هذه الروح، وتؤكد أنَّ التعدد والتنوع لا يتعارضان مع التعايش والتحاور، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}.