أثار اقتراح الرئيس دونالد ترامب طرح تأشيرة "البطاقة الذهبية" للأثرياء بقيمة 5 ملايين دولار جدلا واسعا، لكن هناك أمرا واحدا واضحا، وهو إعلان قوي عن انفتاح الولايات المتحدة على أصحاب الثروات الكبيرة الذين يرغبون في الاستثمار والمساهمة في الاقتصاد الأميركي.

ويرى رياز جعفري المحامي المتخصص بالهجرة والمستشار في التنقل العالمي للعائلات فائقة الثراء، أن هذه المبادرة خطوة إيجابية إلى الأمام.

تاريخيا، كانت الولايات المتحدة الوجهة الأولى للموهوبين والأثرياء والطموحين الذين يبحثون عن الفرص الاقتصادية والأمن.

وكان برنامج تأشيرة المستثمر المهاجر EB-5، الذي تم إطلاقه في عام 1990، أحد هذه المسارات التي أتاحت للمستثمرين الأجانب الحصول على الإقامة من خلال ضخ رأس المال في الاقتصاد الأميركي.

ولكن مع مرور الوقت، غرق البرنامج في روتين البيروقراطية وادعاءات الاحتيال وعدم الكفاءة، مما جعله أقل جاذبية للمستثمرين.

لذلك، يمكن لاقتراح ترامب، إذا تمت هيكلته بشكل صحيح، أن يقدّم بديلا جديدا ويوفر تعزيزا مباشرا للاقتصاد.

نهج اقتصادي سليم

نظريا، يمكن لبرنامج تأشيرة "البطاقة الذهبية" الذي طرحه ترامب أن يولد تريليونات الدولارات من الإيرادات، "إذا قمنا ببيع مليون، فهذا يعني 5 تريليونات دولار"، هكذا صرّح ترامب من المكتب البيضاوي في 25 فبراير.

وبالرغم من أن احتمال الوصول إلى مثل هذه الأرقام محل جدل، فإن الفكرة نفسها تمثّل حجة مقنعة: لماذا لا ندعو أثرى أثرياء العالم للاستثمار في الولايات المتحدة مقابل الحصول على الإقامة الدائمة؟.

على عكس أنواع التأشيرات الأخرى التي تتطلب مبررات واسعة تستند إلى المهارات، أو إيجاد فرص العمل، أو لمّ شمل الأسرة، أو الأسباب الإنسانية، فإن برنامج "البطاقة الذهبية" بسيط: ادفع 5 ملايين دولار واضمن الحصول على مكان في الولايات المتحدة.

هذا يلغي المراحل البيروقراطية والذاتية التي عانت منها برامج الهجرة الأخرى لمدة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، عند مقارنة البرنامج مع نظم الهجرة الاستثمارية الأخرى في أماكن مختلفة من العالم، مثل مالطا أو البرتغال أو اليونان، فإن "البطاقة الذهبية" الأميركية تُعَدّ من بين أكثر البرامج المرموقة والمرغوبة.

انتصار للاقتصاد الأميركي

جلب الأفراد ذوي الثروات الفائقة لا يتعلق فقط بمبلغ الخمسة ملايين دولار المدفوع مسبقا، فهؤلاء المستثمرون يجلبون أعمالهم وشبكات علاقاتهم وإمكانيات خلق فرص العمل. يشترون المنازل، وينفقون على المنتجات الفاخرة، ويستثمرون في الشركات الناشئة، ويساهمون في الأعمال الخيرية. لذا، فإن التأثير الاقتصادي المضاعف للسماح لمزيد من الأثرياء بالاستقرار في الولايات المتحدة هائل.

في الوقت الذي تلوح فيه مخاوف الديون الوطنية في الأفق، فإن طرح برنامج يضخ المليارات، وربما حتى تريليونات الدولارات، مباشرة في الاقتصاد دون زيادة الضرائب هو حل عملي ومبتكر. وهذه سردية مختلفة بشكل ملحوظ عن تصريحات ترامب السابقة حول الهجرة، التي غالبًا ما ركزت على القيود والضوابط. فعوضًا عن ذلك، يرسل هذا البرنامج رسالة واضحة: أميركا ترحب بالأعمال التجارية.

رسالة أكثر إيجابية لإفريقيا والأسواق الناشئة

أثارت تصريحات ترامب الأخيرة، التي أشار فيها إلى إمكانية قدوم الأفارقة إلى الولايات المتحدة كلاجئين، انتقادات لكونها غير ملائمة ومتعالية. بدلًا من ربط الهجرة بالأزمات واليأس، قدّم برنامج "البطاقة الذهبية" مسارًا طموحًا للأفارقة ومواطني الأسواق الناشئة الأخرى.

في جميع أرجاء أميركا اللاتينية وآسيا وآسيا الوسطى وإفريقيا، هناك فئة متنامية من الأفراد ذوي الثروات الكبيرة الذين يبحثون عن بيئات مستقرة للاستثمار فيها وتربية جيلهم القادم. لطالما كانت أميركا الخيار الأول، متقدمة على كندا والمملكة المتحدة وأوروبا وأستراليا في جذب هذه المجموعة، لكن الأفكار المسبقة حول أجزاء من عالمهم حالت دون منحهم الضوء الأخضر. يمكن لبرنامج "الإقامة الذهبية" المنظم بشكل جيد أن يغيّر هذه الديناميكية.

على سبيل المثال، يستثمر العديد من الأفارقة الأثرياء بالفعل في العقارات وشركات التكنولوجيا والشركات الناشئة في الولايات المتحدة. لذا، فإن توفير مسار مبسط لحصولهم على الإقامة الدائمة من شأنه أن يعزز التزامهم بأميركا كمركز لأعمالهم ووطن ثانٍ، كما أنه سيعاكس الروايات القائلة بأن الولايات المتحدة أصبحت أقل ترحيبًا بالأجانب.

التحديات والاعتبارات

بالطبع، هناك مخاوف مشروعة حول برنامج "الإقامة الذهبية". أحد الأسئلة الرئيسية هو كيفية تدقيق حكومة الولايات المتحدة للمتقدمين.

أشار ترامب إلى أنه لن يكون هناك الكثير من القيود على الطلبات بحسب الجنسية أو العرق، على الرغم من أن أشخاصًا محددين قد يواجهون التدقيق. في حين أن الانفتاح أمر يستحق الثناء، فإن ضمان عدم تحول البرنامج إلى باب لدخول الأموال غير المشروعة أو الأشخاص ذوي الأجندات المريبة يعد أمرًا بالغ الأهمية.

بالإضافة إلى ذلك، ستكون الاعتبارات الضريبية عاملًا مهمًا في تحديد نجاح هذا البرنامج. قد يحتاج العديد من الأفراد ذوي الثروات الكبيرة إلى مساعدة قانونية إضافية إذا أصبحوا خاضعين للضرائب الأميركية في جميع أرجاء العالم.

إن هيكلة "البطاقة الذهبية" مثل التأشيرات الذهبية الشهيرة في أوروبا قد تكون تذكرة ترامب الرابحة. عندما أعلن ترامب عن "البطاقة الذهبية" في 25 فبراير، ألمح إلى أن هؤلاء الأفراد سيكونون معفيين من الضرائب الأميركية على الدخل غير الأميركي، تمامًا مثل نظام غير المقيم الملغى في المملكة المتحدة. إذا كانت المعاملة الضريبية الملائمة جزءًا من عرض "البطاقة الذهبية"، فسيكون ذلك بمثابة تغيير هائل، وبلا شك سيكون جذابًا جدًا لأثرى العائلات في العالم.

سواء على أساس الجدارة أم لا، فإن الحصول على جنسية ثانية ليس أمرًا جديدًا، ولكن خلال العقدين الماضيين تمت مناقشته بصورة أكثر علنية، وحتى الترويج له بهدوء في بعض "الوجهات المرموقة الأوروبية".

كوني ساعدت المئات من أصحاب الثروات الضخمة في الحصول على الإقامة والجنسية في جميع أنحاء العالم، أعتقد أن "البطاقة الذهبية" هي في الأساس فكرة جيدة جدًا. إنها تُقر بأن الهجرة ليست لعبة محصلتها صفر، بل هي أداة يمكن، عند استخدامها بشكل استراتيجي، أن تعزز صورة الاقتصاد وتخلق مجالات جديدة لفرص واعدة ومزدهرة.

بالنسبة للعائلات التي تبحث عن بيئة حديثة ومبتكرة مثل الولايات المتحدة، حيث يتوفر تعليم عالٍ من المستوى الأعلى إلى جانب الوصول إلى أسواق رأس المال لتوسيع أعمالهم، فإن هذا البرنامج يمثل دعوة متجددة. لطالما كانت أميركا أرض الفرص، وإذا تم تنفيذ هذا البرنامج بشكل جيد، فقد يعزز هذا الإرث بطريقة تعود بالنفع على كل من الولايات المتحدة وأولئك الذين اكتشفوا مؤخرًا مزايا الرأسمالية.

بدلًا من رفض هذه المبادرة بشكل قاطع، ينبغي على صناع السياسات العمل على تحسينها، وضمان أن تكون شفافة وعادلة ومتوافقة مع المصالح الاقتصادية طويلة الأجل لأميركا. وإذا تم تنفيذها بشكل صحيح، فقد يمثل برنامج "البطاقة الذهبية" تحولًا جذريًا في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الهجرة ذات القيمة العالية، تحولًا يعزز مكانتها كوجهة رائدة لأفضل العقول والكفاءات في العالم.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات البيروقراطية البطاقة الذهبية الولايات المتحدة كندا أميركا الإقامة الذهبية ترامب البيروقراطية البطاقة الذهبية الولايات المتحدة كندا أخبار العالم فی الولایات المتحدة البطاقة الذهبیة هذا البرنامج على الإقامة الحصول على

إقرأ أيضاً:

الصين تدعو أوروبا للمشاركة في مقاومة سياسة الإكراه الأميركية

دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم الجمعة الاتحاد الأوروبي إلى الانضمام إلى بلاده في "مقاومة سياسة الإكراه" على خلفية حرب الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة الأميركية، وفق ما ذكرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).

وقال الرئيس الصيني أثناء اجتماع في بكين مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز "يجب على الصين والاتحاد الأوروبي تحمل مسؤولياتهما الدولية، وحماية العولمة الاقتصادية وبيئة الأعمال الدولية بشكل مشترك، ومقاومة سياسة الإكراه الأحادي بشكل مشترك".

وشدد الرئيس الصيني على أن هذا لن "يحمي حقوقهما ومصالحهما المشروعة فحسب، بل سيحمي أيضا.. العدالة والإنصاف الدوليين".

من جهته، قال رئيس الوزراء الإسباني الجمعة إن التوترات التجارية مع بكين يجب ألا "تعيق" التعاون مع الاتحاد الأوروبي، عقب اجتماعه مع الرئيس الصيني في بكين.

وقال سانشيز في مؤتمر صحفي "إسبانيا وأوروبا لديهما عجز تجاري كبير مع الصين يجب أن نسعى جاهدين لتصحيحه، ويجب ألا نسمح للتوترات التجارية بإعاقة إمكانات نمو العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي".

وتأتي زيارة سانشيز في حين يعيد الاتحاد الأوروبي النظر في علاقاته التجارية الدولية أمام "الفوضى" الناجمة عن رسوم الاستيراد الأميركية التي أُعلنت الأسبوع الماضي وتسببت بهبوط أسواق المال العالمية.

إعلان

كما رفض المسؤولون الإسبان في وقت سابق تحذيرا من واشنطن من أن التقارب مع الصين سيكون "بمثابة انتحار".

رد مماثل

واليوم، قالت وكالة رويترز إن وزارة المالية الصينية ترفع الرسوم الجمركية على سلع أميركية من 84% إلى 125%.

ونقلت رويترز عن وزارة المالية الصينية قولها "إذا واصلت واشنطن تقويض مصالحنا سنتخذ إجراءات مضادة ونقاتل حتى النهاية".

وكانت الخارجية الصينية أعربت عن رفضها لما وصفتها بالضغوط وممارسات الابتزازات والتهديدات الأميركية لها. وقالت إن إجراءات واشنطن لا تظهر استعدادها لمحادثات جادة، ووصفت الرسوم الجمركية الأخيرة بأنها حرب تجارية. 

وقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أول أمس قرارا جديدا برفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125% على أن يدخل حيز التنفيذ فورا.

واعتبر ترامب أن هذه الخطوة تأتي لعدم احترام الصين للأسواق العالمية، مشيرا إلى أنه يأمل أن تدرك الصين قريبا أن أيام "تمزيق الولايات المتحدة ودول أخرى لم تعد مقبولة أو قابلة للاستمرار".

وكشف ترامب أن أكثر من 75 دولة تواصلت مع واشنطن للتفاوض بشأن الرسوم الجمركية وبأنه سمح بوقف مؤقت للرسوم الجمركية لمدة 90 يوما على الدول التي لم تقم بأي "رد انتقامي" ضد الولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال.

وكانت وزارة المالية الصينية أعلنت رفع التعريفات الجمركية على السلع الأميركية إلى 84%، ردا على الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها واشنطن على جميع السلع الصينية دون استثناء.

أما الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فقد وافقت على اقتراح المفوضية الأوروبية فرض رسوم جمركية على الولايات المتحدة بنسبة 25، ردا على الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن على صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبية.

ومن المقرر بدء سريان القرار في 15 مايو/أيار القادم على عدد من المنتجات الأميركية، بقيمة تصل إلى 21 مليار يورو من المنتجات.

إعلان

وأضاف بيان الاتحاد أنه يمكن تعليق هذه الرسوم في أي وقت، إذا تم التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن مع واشنطن. واعتبر الاتحاد الأوروبي أن الرسوم الأميركية غير مبررة، وتُلحِق ضررا اقتصاديا بكلا الجانبين، وبالاقتصاد العالمي.

مقالات مشابهة

  • الصين تدعو الولايات المتحدة الى إلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة بشكل كامل
  • الصين تدعو أمريكا لإلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة بشكل كامل
  • صادرات الخدمات الأميركية تتضرر من رسوم ترامب على الصين
  • محمد عباس ناجي: الولايات المتحدة تمزج بين الدبلوماسية والتهديدات والعقوبات
  • القضاء يطلق يد إدارة ترامب في معاقبة المتعاطفين مع فلسطين
  • السودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية.. خطوة جريئة نحو المساءلة الدولية؟
  • بطاقة ترامب الذهبية تفتح أبواب أمريكا للأثرياء.. هذا موعد استخدمها
  • ترامب: سياسة الرسوم الجمركية تسير على ما يرام
  • الصين ترفع الرسوم الجمركية على السلع الأميركية إلى 125%
  • الصين تدعو أوروبا للمشاركة في مقاومة سياسة الإكراه الأميركية