الموقع بوست:
2025-03-14@13:48:46 GMT

ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟

تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT

ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟

خطا الرئيس السوري أحمد الشرع ثلاث خطوات مُهمة نحو إعادة توحيد سوريا، ومواجهة مشاريع تقسيمها. الأولى، إفشال التمرد المُسلّح الذي قادته خلايا النظام المخلوع في مناطق الساحل بهدف إسقاط الدولة الجديدة وإشعال حرب أهلية. والثانية، إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدمجها في الدولة الجديدة، والثالثة، الاتفاق مع أهالي ووجهاء محافظة السويداء الجنوبية على دمجها الكامل في مؤسسات الدولة.

 

مع ذلك، تبقى مُعضلة الجنوب السوري إشكالية ضاغطة على سوريا؛ بسبب التحركات التي بدأتها إسرائيل منذ الإطاحة بنظام الأسد واحتلالها أجزاء جديدة من الأراضي السورية ومحاولتها تأليب دروز الجنوب على إدارة الرئيس الشرع.

 

على الرغم من أن إسرائيل سعت في البداية إلى تسويق تحرّكاتها العدوانية في سوريا في إطار مواجهة مخاطر أمنية مزعومة تُهددها، فإن النهج الإسرائيلي أصبح بعد ذلك أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط الماضي عن نوايا إسرائيل الإستراتيجية في سوريا. وتتضمن هذه النوايا تحقيق أربعة أهداف متوسطة وبعيدة المدى.

 

أولًا، تكريس احتلال المنطقة العازلة في الجولان وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية كأمر واقع من خلال ربط التواجد الإسرائيلي فيهما بالتهديدات المزعومة بعيدة المدى التي تواجه إسرائيل من سوريا، وليس القريبة المدى. وبالنظر إلى أن المناطق المُحتلة الجديدة ليست كبيرة من حيث الحجم، فإن إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بها، إما بهدف ضمها لها بشكل نهائي، أو بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مُحتملة مع النظام الجديد في سوريا.

 

ثانيًا، محاولة إحداث شرخ كبير بين الدروز في جنوب سوريا والإدارة الجديدة كبوابة لتأسيس كيان درزي كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا. ولا تقتصر وسائل إسرائيل بهذا الخصوص على تشجيع النزعة الانفصالية بين الدروز، وتقديم نفسها كحامٍ لهم، بل تشمل كذلك طرح مطلب تحويل جنوب سوريا إلى منطقة منزوعة السلاح وعدم انتشار الجيش السوري الجديد فيها، فضلًا عن اعتزام السماح للدروز بالعمل داخل إسرائيل.

 

ثالثًا، تدمير ما تبقى من الأصول العسكرية التي أصبحت ملكًا للدولة السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد من أجل إضعاف القدرات العسكرية لهذه الدولة، وتقويض قدرتها على امتلاك عناصر القوة لبسط سيطرتها على كافة أراضيها وللتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها، خصوصًا مع الأطراف: (قسد، خلايا النظام في الساحل، والتشكيلات المسلحة في الجنوب). وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن أهداف إسرائيل في تشجيع النزعات الانفصالية على الأطراف لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.

 

رابعًا، تقويض قدرة تركيا على الاستفادة من التحول السوري لتعزيز دورها في سوريا، وفي المنافسة الجيوسياسية مع إسرائيل في الشرق الأوسط. ولهذه الغاية، تعمل إسرائيل على مسارات مُتعددة، ليس فقط محاولة إيجاد موطئ قدم لها بين الدروز في الجنوب، بل أيضًا شيطنة الإدارة السورية الجديدة للتأثير على القبول الدولي بها، والضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدم الاعتراف بالرئيس الشرع، وإبقاء العقوبات على سوريا كسيف مُصلت عليها لتحقيق مصالح إسرائيل، والضغط كذلك على واشنطن لإقناعها بالحاجة إلى بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا كضرورة لمواجهة نفوذ تركيا.

 

حتى في الوقت الذي يبدو فيه تقسيم سوريا أو فَدْرلتها أو تحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح (عدم وجود الجيش السوري فيها)، غير مُمكن وغير واقعي، فإنه من المرجح أن تحتفظ إسرائيل باحتلال المنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية لفترة طويلة.

 

كما ستسعى لاستثمار الفترة الطويلة التي ستستغرقها عملية بناء الدولة الجديدة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من أجل مواصلة شن ضربات على امتداد الأراضي السورية؛ بذريعة مواجهة تهديدات مُحتملة، أو خطر وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي جماعات تُشكل تهديدًا لإسرائيل.

 

إن هذا النهج الإسرائيلي المُحتمل ينطوي على مخاطر كبيرة على سوريا وإدارتها الجديدة، لأنه سيُقوض من قدرتها على تحقيق استقرار داخلي كامل وبناء مؤسسة عسكرية قوية. ولا تبدو احتمالية الدخول في حرب مع إسرائيل واردة على الإطلاق على جدول أعمال الرئيس الشرع، خصوصًا في هذه المرحلة التي تفرض عليه تركيز أولوياته على إنجاح المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وبناء علاقات جيدة مع الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا وإطلاق عملية إعادة الإعمار.

 

لقد شدد الشرع في القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في القاهرة، على ضرورة العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد. ويعمل الشرع على ثلاثة سياقات لمواجهة التحدي الإسرائيلي.

 

التأكيد على التزامه باتفاقية فض الاشتباك لإظهار رغبته في تجنب أي صدام عسكري مع إسرائيل.

 

تقويض قدرة إسرائيل على استثمار الانقسامات الطائفية والمجتمعية والعرقية في سوريا من خلال السعي لدمج الحالات على الأطراف: (الشمال الشرقي، الساحل، الجنوب) في الدولة الجديدة.

 

تعزيز القبول الدولي به لإقناع القوى الفاعلة في المجتمعين: الإقليمي والدولي بالضغط على إسرائيل للحد من اندفاعتها في سوريا، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في الجنوب قبل سقوط نظام بشار الأسد.

 

علاوة على ذلك، يُحاول الشرع توسيع هامش المناورة لديه في مواجهة التحدي الإسرائيلي من خلال تعميق الشراكة الجديدة لسوريا مع تركيا.

 

على الرغم من وجود مشروع لاتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فإن الشرع لا يزال متريثًا في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات مُتعددة. لكنه في حال تصاعد خطر التحدي الإسرائيلي على استقرار سوريا ووحدتها، فإنه قد يلجأ إلى هذه الاتفاقية للحصول على دعم تركي في تسليح الجيش السوري الجديد، وتعزيز قدرته على مواجهة هذا التحدي.

 

والخلاصة أن التحدي الإسرائيلي يُوجد عقبات كبيرة أمام نجاح التحول في سوريا، لكنه يُوجد في المقابل فرصًا للشرع لبلورة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا التحدي، وتعزيز القبول الدولي به كضمان لمنع اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: التحدی الإسرائیلی الدولة الجدیدة الرئیس الشرع على سوریا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

سوريا تقر إعلانا دستوريا لإدارة مرحلة انتقالية من خمس سنوات

أقرت السلطات السورية، الخميس، إعلانا دستوريا للمرحلة الانتقالية، يحدد مدتها بخمس سنوات يتولى خلالها الرئيس الانتقالي السلطة التنفيذية في البلاد، بعد ثلاثة أشهر من الإطاحة بالرئيس بشار الأسد .

وجاء توقيع الإعلان بعد أيام من أعمال عنف دامية في منطقة الساحل أوقعت 1476 قتيلا  وفق آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان. وشكل التصعيد، وفق محللين، اختبارا مبكرا للرئيس أحمد الشرع الساعي لتكريس سلطته في المرحلة الانتقالية على كامل التراب السوري.

وبعيد توليه السلطة في دمشق عقب الإطاحة بالأسد أواخر العام الماضي، أعلن الشرع عن سلسلة خطوات لإدارة المرحلة الانتقالية، من أبرزها « إعلان دستوري » وحل مجلس الشعب وتشكيل حكومة انتقالية كان يفترض أن تبصر النور مطلع مارس، بعدما تولت حكومة مؤقتة تسيير شؤون البلاد منذ ثلاثة أشهر.

وقال الشرع، الخميس، بعد توقيعه مسودة الإعلان الدستوري في القصر الرئاسي « هذا تاريخ جديد لسوريا، نستبدل فيه الظلم بالعدل »، آملا في أن يكون « فاتحة خير للأمة السورية على طريق البناء والتطور ».

وبعد يومين من توقيعها اتفاقا مع الشرع يقضي بدمج مؤسساتها المدنية والعسكرية في إطار مؤسسات الدولة، انتقدت الإدارة الذاتية الكردية الإعلان الدستوري، معتبرة أنه « يفتقر لمقاييس التنوع الوطني السوري، ويخلو من حالة المشاركة الفعلية لمكونات سوريا الوطنية ».

ورأت أن الإعلان الدستوري يعبر عن « العقلية الفردية والتي تعد امتدادا للحالة السابقة التي تواجدت في سوريا وانتفض الشعب ضدها »، مشيرة إلى « بنود ونمط تقليدي يتشابه مع المعايير والمقاييس المتبعة من قبل حكومة البعث »، الحزب الذي حكم البلاد لعقود.

ولم يدع الأكراد إلى مؤتمر الحوار الوطني، ولم يمثلوا في لجنة صياغة الدستور التي تم تكليفها، قبل التوصل إلى اتفاق مع دمشق.

وتتوزع بنود الإعلان المؤلف من 53 مادة على أربعة أبواب. ونص على مبادئ عدة من أبرزها « الفصل » بين السلطات، في بلاد شهدت اختزال موقع الرئاسة لمجمل الصلاحيات خلال العهود السابقة، والتشديد على جملة من الحقوق والحريات الأساسية، بينها حرية الرأي والتعبير وحق المرأة في المشاركة.

وتلا عضو لجنة صياغة الإعلان عبد الحميد العواك أبرز بنود المسودة خلال مؤتمر صحافي في القصر الرئاسي، قبل المصادقة عليها من الشرع.

وحدد الإعلان « المرحلة الانتقالية بخمس سنوات »، على أن يتم « إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية » بهدف « تحديد سبل المساءلة والحق في معرفة الحقيقة وإنصاف الضحايا والناجين » في النزاع المدمر الذي اندلع عام 2011.

وفي ما يتعلق بعمل السلطات، قال العواك « لأن مبدأ الفصل ما بين السلطات كان غائبا عن النظم السياسية، تعمدنا اللجوء إلى الفصل المطلق بين السلطات » بعدما عانى السوريون « سابقا من تغول رئيس الجمهورية على باقي السلطات ».

ويعود للرئيس الانتقالي « تعيين ثلث » أعضاء مجلس الشعب، الذي حددت ولايته بثلاثين شهرا قابلة للتجديد.

وبحسب نص الإعلان الدستوري الذي وزعته الرئاسة لاحقا، يتولى مجلس الشعب السلطة التشريعية حتى « اعتماد دستور دائم وإجراء انتخابات تشريعية جديدة وفقا له ».

وقال العواك إنه ستشكل في المرحلة المقبلة هيئة عليا للانتخابات ستتولى الإشراف على انتخابات اختيار أعضاء ثلثي مجلس الشعب.

ويتولى رئيس الجمهورية والوزراء السلطة التنفيذية، في خطوة قال العواك إنها تشكل « خيارا مناسبا مبنيا على ضرورة سرعة التحرك لمواجهة أي صعاب أو أحداث في المرحلة الانتقالية ».

ومنح الإعلان الرئيس صلاحية استثنائية واحدة، وهي إعلان حالة الطوارئ.

وأكد « استقلالية » السلطة القضائية و »منع إنشاء المحاكم الاستثنائية » التي عانى منها السوريون كثيرا في الحقبات الماضية.

ويرد في الإعلان الدستوري أن « الفقه الإسلامي… المصدر الرئيس » للتشريع والإسلام دين رئيس الدولة. وأقر راية الاستقلال ذات النجوم الثلاث، والتي رفعها معارضو الأسد خلال الاحتجاجات، علما للبلاد.

وبحسب النص، « تجرم الدولة تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، ويعد إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها جرائم يعاقب عليها القانون ».

كما نص الإعلان الدستوري، وفق العواك، « على مجموعة كبيرة من الحقوق والحريات منها حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة »، وحرية المعتقد، إضافة الى « حق » المرأة في التعليم والعمل، و »تكفل الدولة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمرأة ».

ويتضمن الإعلان الدستوري كذلك تجريم « دعوات التقسيم والانفصال وطلب التدخل الأجنبي أو الاستقواء بالخارج »، في حين تلتزم الدولة « بمكافحة جميع أنواع وأشكال التطرف العنيف ».

ويخصص الإعلان بندين مرتبطين بتداعيات النزاع. إذ تسعى الدولة « للتنسيق مع الدول والجهات ذات الصلة لدعم عملية إعادة الإعمار ». كما تعمل مع « الدول المنظمات الدولية ذات الصلة لتذليل عقبات العودة الطوعية للاجئين والنازحين » بعدما شردت الحرب أكثر من نصف عدد السكان.

ويصبح الإعلان الدستوري ساري المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية.

ولا يتيح الإعلان الدستوري، وفق ما قال العواك في مؤتمر صحافي عقده لاحقا، إمكانية عزل رئيس الجمهورية.

وقال ردا على سؤال صحافي « لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يعزل نائبا، ولا مجلس الشعب يعزل الرئيس، لأنه نظام رئاسي، هكذا هو نظامه، ومطبق في أمريكا وفي تركيا والعديد من الدول ».

وأمل الموفد الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن أن يشكل الإعلان الدستوري « إطارا قانونيا قويا لانتقال سياسي حقيقي وشامل »، معتبرا أن « التطبيق السليم يبقى الأمر الأساس ».

وأطاحت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام التي تزعمها الشرع، بحكم الأسد مع دخولها دمشق في الثامن من كانون ديسمبر إثر هجوم بدأته من معقلها في شمال غرب البلاد في أواخر نوفمبر.

وأعلنت السلطات الجديدة حينها تعيين حكومة تصريف أعمال لمدة ثلاثة اشهر، أي حتى مطلع مارس، إلا أنه لم يصار بعد إلى تشكيل حكومة انتقالية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان، الخميس، إن « الأمم المتحدة مستعدة للعمل جنبا إلى جنب مع الشعب السوري لدعم عملية انتقال سياسي تشمل الجميع وتضمن المحاسبة وتعزز التعافي على المستوى الوطني ».

وقال مع قرب إتمام النزاع عامه الرابع عشر « لا بد أن نضمن أن تخرج سوريا من ظلال الحرب نحو مستقبل يقوم على الكرامة وسيادة القانون، يصغى فيه إلى جميع الأصوات ولا يستثنى منه أحد ».

مقالات مشابهة

  • ما هو الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
  • ما الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
  • هذا ما سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل
  • ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
  • محلل إسرائيلي: الشرع يفسد خطط إسرائيل بشأن الأقليات في سوريا.. قد نعترف بحكمه
  • سوريا تقر إعلانا دستوريا لإدارة مرحلة انتقالية من خمس سنوات
  • دين الرئيس واسم الدولة وصلاحيات الشرع والمدة الانتقالية.. أبرز بنود الإعلان الدستوري في سوريا
  • قيادي بالجبهة الوطنية: دعم الرئيس السيسي واجب وطني لمواجهة التحديات
  • كاتس يوجه رسالة “نارية” للشرع ويؤكد بقاء الجيش الإسرائيلي في سوريا لفترة غير محدودة