موجة تظاهرات ليلية جديدة تغلق الشوارع المؤدية إلى القصر الرئاسي في عدن والانتقالي يحذر من ”الحرب”
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
تشهد العاصمة المؤقتة عدن، موجة تظاهرات ليلية جديدة، احتجاجا على تردي خدمة الكهرباء.
وأفادت مصادر محلية لـ " المشهد اليمني "، بأن محتجون غاضبون بدأوا بالنزول الى شوراع المدينة، في موجة جديدة من التظاهرات الليلية احتجاجاً على استمرار انقطاع الكهرباء وتردي الخدمات.
وبينت المصادر بأن عدد من المواطنين قاموا بإغلاق الشوارع المؤدية إلى قصر معاشيق الرئاسي، تنديداً باستمرار أزمة انقطاع الكهرباء وتردي الأوضاع الاقتصادية.
وحسب المصادر، طالب المحتجين مجلس القياظة الرئاسي اليمني وحكومته المعترف بها بتحمل المسؤولية واتخاذ حلول لمشكلة الكهرباء.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، أكد وقوفه إلى جانب حق "شعب الجنوب" في التعبير السلمي ضد ما أسماها "سياسة التجويع" التي تمارسها الحكومة وطريقة إدارتها للملف الاقتصادي من خلال "حرب الخدمات"، غداة تصاعد موجة الاحتجاجات والغضب الشعبي في العاصمة المؤقتة عدن ولحج جراء انهيار خدمات الكهرباء في ذروة اشتداد حرارة فصل الصيف.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
حكايات مدن لا تعرف المستحيل «حرب من أجل إنهاء الحرب».. شعار دمر دولا وأنهى حياة مدن.. قصر برلين من رمز للمحبة ومشفى للجنود المصابين.. إلى حطام دمرته الغارات الجوية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كيف يمكن أن تعود الحياة للأماكن بعد موتها؟ تساؤلات كثيرة تسببت فيها الحروب، والتي قضت على أماكن ومدن وميادين كانت تعج بالحياة والثقافة والفن، لن تثير التساؤلات فضولك كثيرًا إذا ما عرفت أن الحرب العالمية الثانية قد اتخذت شعارًا أغرب من تلك الأسئلة، وهو: «حرب من أجل إنهاء الحرب»، ذاك الشعار الذي اختفت أو تغيرت معه وبسببه مدن ودول وبشر، مثل لندن برلين ووارسو وباريس، وهي أبرز المدن التي شهدت على الحرب وتأثرت بها.
حكايات القصور والبشر وممالك وسرديات لا يمكن نكرانها ولا محوها من التاريخ على الرغم من محو الأماكن بفعل الحرب، ومحاولات عزل كل ما كان، لتأتي الطائرات والمدافع والدبابات والجنود لتمحو جزء من تاريخ عريق، لأهم المعالم التاريخية وتمحو ملامح المدن حتى لا يتبقى منها سوى حطام وبواقي مبانى وأماكن وأحجار تحمل معها بصمات من عاشوا فيها.
وتعد الحرب العالمية الثانية، التي اندلعت في الفترة من عام 1939 إلى 1945، واحدة من أكثر الأحداث تأثيرًا في التاريخ الإنساني الحديث، وبعد انتهائها، وقفت المدن الأوروبية كأشباح مدمرة، تحمل على أكتافها آثار الدمار والخراب، ففقدت الكثير من العواصم الأوروبية كل ما هو نفيس وغال، ما بين أرواح البشر والكثير من الأماكن التاريخية والتراثية، وقفت الحرب تشاهد ترسم على وجهها ضحكة اللا منتصر.
برج كنيسة القيصر فليلهم الممزق شاهد على الخراب والصمود.. واختفاء أثمن القطع الأثرية من متحف بيرجامون
وارسو تخرج من رماد الحرب والأشباح إلى النور مع إعادة بنائها من جديد
فقدت مدينة برلين بريقها وآثارها وحياتها وحكايات قصص من عاشوا فيها، كما شهدت مدينة دريسدن، تلك المدينة التي كانت تُعرف بجمالها، ليلة من النار والدمار، وفي لحظات، اختفت المباني التاريخية تحت سحابة من الدخان والنيران.
وفي وسط هذا الدمار، كانت القصص عن الأمل تتجدد، فنجد "فليهلم" هذا الرجل البسيط، الذي كان يسير في شوارع المدينة محاولًا جمع ما تبقى من الذكريات، يلتقط الطوب المكسور، ويزرع الأزهار حيثما استطاع، كان يحمل معه نظرة تُشع بالأمل، وكأنه رافع شعار «سنعود أقوى».
وفي يوم 19 من إبريل عام 1945 أعلنت موسكو بداية الهجوم الواسع على برلين، حيث تقيم قوات جبهة بيلوروسيا الثانية على رؤوس جسور ما وراء الأوردر بقيادة "روكوسوفسكي" ورؤوس جسور أخرى جنوبي ستاتين ما وراء نييس، تنطلق قوات جوكوف من رأس الجسر غربي كويسترين وتتقدم باتجاه برلين، وبعدما تقطع نييس تتقدم قوات أخرى باتجاه "درسد" بعد أن تسيطر على غورليتنز وكوتبوس، وفي شمال – غربي جورليتز يحتل الجيش البولوني الثاني روتانبرج بمعاونة كونييف، لتستمر المعارك حتى يوم 22 أبريل من نفس العام والتي تصل فيها قوات "جوكوف" إلى ضواحي برلين على خط فورستنوا- ستروسبرج برنو، وفي الجنوب تتوجه قوات جبهة أوكرانيا الأولى شمالا باتجاه برلين وغربا باتجاه درسد، ليعترف الألمان في ذلك الوقت بحدوث اختراقات في الدفاعات الخارجية للمدينة.
ليطبق السوفيت قبضتهم وحصارهم لمدينة برلين، حيث تتقدم قوات "جوكوف" من سبريمبرج، وتصل إلى الحدود الشرقية لبرلين، فيما يتدفق جيوش كونييف في ناحية الجنوب، وتستطيع جيوش "كونييف كوتبوس من احتلالها، كما تتمكن قوات "جوكوف" أيضًا من الاستيلاء على أورانيانبورج شمالي برلين، وتقع هناك معارك عنيفة جنوبي بوتسدام وجنوبي شرق برامدبورغ في الضاحية الشرقية والغربية لبرلين.
كل تلك المعارك أدت إلى فقد المدينة التاريخية برلين العديد من الآثار والمباني الأثرية التي كانت تجسد جوهرها التاريخي والثقافي، ويُسلب منها جزءا من ذاكرتها التاريخية، ومن بين تلك الكنوز قصر برلين، في تلك العاصمة التي كانت تعج بالحركة والحياة، شهدت في قلبها صراعات مدمرة خلال الحرب العالمية الثانية، وفي خضم هذا الدمار، فقدت المدينة جمالها وآثارها.
قصر برلين.. حكايات من زمن الملوكوفي قلب جزيرة المتاحف في برلين كان يقف هنا شامخًا رمزًا لزمن كانت تتحدث فيه أساطير وحكايات الملوك «قصر برلين» الذي محت ملامحه الحرب العالمية الثانية، لتتطاير معه ذكريات لعشرات بل ومئات السنوات، فهو أحد أهم الشواهد العريقة على عبقرية العمارة والتاريخ الغني الذي حمله القصر بين جدرانه، ليست فقط الزخارف المعمارية النادرة ولكنه حمل معه أيضًا حكايات الملوك والأمراء.
فلم يكن قصر برلين مجرد قصر أو بناء حجري، بل كان يحمل بداخله الصراعات والأحلام الإنسانية وحكايات لكل من عاشوا به أو مروا بجانبه، فقد بُني القصر في القرن الثامن عشر، وكان شاهدًا على لحظات تاريخية لا تُنسى، إذ احتضن بين جدرانه أحلام الملوك ومكائد السياسة، ففي أروقته كانت الشخصيات المؤثرة تتبادل الأفكار والمشاعر، مما يعكس تأثيرها العميق على مسيرتها الشخصية، فحمل معه حكايات الشخصيات وقصص الحنين والندم والقوة والضعف وكل ما تحمله النفس الإنسانية من صراعات، لتنتهي تلك الصراعات بصراعات أكبر في حرب اتخذت من "الحرب" شعارًا لإنهاء الحرب لتدمر بعدها مدنا وآثارا وتذهب معها أرواح بشر.
وتم بناء القصر بين عامي 1695 و1699، وصممت حديقته على نمط حدائق قصر فرساي الفرنسي "النمط الباروكي"، وبعد تولي الملك فريدريك الحكم عام 1701، قام باستكمال بناء القصر لزوجته صوفي شارلوت، وأضاف القبة الكبيرة للقلعة، والتي تتميز بطرازها المعماري المتميز.
وبعد وفاة زوجة الملك حزن عليها بشدة وقرر تسمية القلعة باسمها، كما تم بناء الجناح الشرقي للقصر بين عامي 1740 و1746 ليكون مماثلًا لنظيره الجناح الغربي القديم، وكانت آخر الإضافات للقصر عام 1791 «مسرح» القصر.
وكان القصر في البداية عبارة عن مخطوطة معماري، حتى مطلع القرن الثامن عشر، وكلف فريدريك الثالث، المهندس المعماري والنحات أندرياس شلوتر، بتحويل ذلك القصر المجزأ الذي يعود إلى العصور الوسطى وعصر النهضة إلى مقر ملكي غاية في التناسق والعظمة وصُمم القصر الجديد لدعم سلطة «فريدريك» الملكية المكتسبة.
وبعد أن كان القصر رمزًا للمحبة تم استخدامه في الحرب العالمية الأولى كمشفى للجنود المصابين، وفي الحرب العالمية الثانية، تعرض القصر لضرر كبير وانهارت قبته نتيجة القصف، ولم يتبق منه سوى حطام ليعاد بناؤه مرة أخرى في فترة الخمسينيات من القرن العشرين، على يد النظام الاشتراكي في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، ويحمل المبنى الذي يقام الآن في مكانه اسم "منتدى هومبولت"، تكريمًا للأخوين الموسوعيين ألكسندر فون هومبولت المستكشف وويلهلم الدبلوماسي.
كنائس ومتاحفولم يقتصر التدمير على قصر برلين وإنما طال الكثير من الأماكن والمباني التراثية، ومنها كنيسة القيصر "فليهلم" التذكارية، والتي تُعتبر منارة للروح الدينية والفنية في برلين، وعلى الرغم من أنها لم تُدمر بالكامل، إلا أن البرج الممزق بقي شاهدًا على الخراب، ورمزًا لصمود وتحمل المدينة أمام هول الحرب، وفي جانب آخر من المدينة كان هناك متحف بيرجامون الذي تعرض لأضرار كبيرة، حيث فقدت بعضا من أثمن القطع الأثرية التي كانت تجسد حكايات الإمبراطوريات القديمة.
وارسو رمز الصمود والإرادةومن بين المدن التي شهدت تدميرًا كبيرًا خلال الحرب العالمية الثانية هي مدينة وارسو عاصمة بولندا والتي خرجت من رماد الحرب إلى النور وتمت إعادة بنائها من جديد بعد أن كانت منارة ثقافية وفنية وحضارية.
تلك العاصمة التي باتت رمزًا للصمود والإرادة، فهي قصة من قصص الحياة الإنسانية، والتي رفضت أن تموت وتخرج مرة أخرى من تحت الرماد حاملة معها الصمود والكفاح لتخرج من جديد باحثة عن النور وتبعث للحياة مرة أخرى.
فحينما يتجول المرء فى شوارع وارسو، تتجسد الذكريات في كل زاوية وكل ركن من أركانها فقد كانت شاهدة على مر العصور على مزيج من الحضارات والثقافات، لتتحول بعد ذلك إلى صفحة من صفحات الألم والدمار خلال الحرب العالمية الثانية.
فقد أصبحت مبانيها مجرد أطلال تروي قصصًا صامتة عن حكايات بشر عاشوا هنا، فلم يعد الدمار الذي شمل المدينة بعد الحرب العالمية الثانية مجرد حدث تاريخي؛ بل كان فصلًا مظلمًا في قصة الإنسانية، حيث تلاشت المدينة تحت وطأة القصف بعد أن كانت تضج بالحياة والثقافة، وأصداء الموسيقى في شوارعها وتتناغم الأضواء مع ابتسامات ساكنيها، لتتلاشى تلك الأصوات، وتختفي الابتسامات، وتحل محلها صرخات الألم والخراب، لولا وجود بعض الأصوات التي شهدت الحدث وعملت على بنائها مثل جان كوفسكي، الذي شهد بعينيه انهيار مدينته، ولكنه لم يفقد الأمل، وكان يرى في كل لبنة مدمرة فرصة لبناء مستقبل جديد.
هذه المدينة البولندية التي أصبحت إحدى حكايات التاريخ من تحت الرماد وتعيد بناء نفسها مرة أخرى لتصبح قبلة للسائحين من كل أنحاء العالم، فهي تعتبر واحدة من أبرز المدن الأوروبية وتحمل في طياتها قصة صراع وإعادة بناء فريدة من نوعها.
وتعرضت هذه المدينة البولندية إلى دمار هائل، وحولتها الغارات الجوية والقصف إلى مدينة أشباح. إذ تم تدمير حوالي 85% من المدينة، بما في ذلك القصور والقلاع والكنائس والأحياء السكنية، وبالرغم من ذلك استطاعت وارسو أن تنهض من جديد، لتتحول إلى مدينة حديثة نابضة بالحياة، تجمع بين تراثها العريق وهندستها المعمارية المعاصرة.
وتتميز وارسو بتاريخ عريق حيث كانت مركزًا سياسيًا وثقافيًا مهمًا في بولندا، وبعد انتهاء الحرب، بدأت عملية شاقة وطويلة لإعادة بنائها، إذ واجهت المدينة العديد من التحديات، منها نقص المواد والبنية التحتية، فضلًا عن الخسائر البشرية الفادحة، وبفضل العزيمة والإصرار تمكن البولنديون من إعادة بناء مدينتهم والحفاظ على تراثهم الحضاري والثقافي.
كما تتميز المدينة بمزيج فريد بين التراث الثقافي والهندسة المعمارية الحديثة، فقد تم إعادة بناء العديد من المباني التاريخية، مثل الساحة القديمة والقصر الملكي، كما ظهرت العديد من المباني الحديثة التي تعكس روح العصر وتضفي على المدينة طابعًا معاصرًا.
قلب المدينة النابضكما تعتبر الساحة القديمة بمثابة قلب مدينة وارسو التاريخي، فهي مثال رائع على عملية إعادة البناء الدقيقة، حيث تم إعادة بناء كل مبنى تقريبًا وفقًا للتصميمات الأصلية، تتميز الساحة القديمة بأزقتها المرصوفة بالحصى، ومبانيها الملونة، وكنائسها التاريخية، مما يجعلها وجهة سياحية شهيرة.
ويعد قصر الثقافة والعلوم أحد أبرز المعالم المعمارية في وارسو. تم بناؤه في فترة الحكم الشيوعي، وهو يعتبر رمزا للسيطرة السوفيتية على بولندا، وعلى الرغم من الجدل الذي يحيط به، إلا أنه أصبح أيقونة للمدينة، كما تضم وارسو العديد من المتاحف التي تعرض تاريخ المدينة وثقافتها، مثل المتحف الوطني، ومتحف شوبان، ومتحف التاريخ البولندي، كما تضم المدينة العديد من المعارض الفنية التي تستضيف أعمالًا فنية من جميع أنحاء العالم، لتجسد مدينة وارسو درسا في الإصرار والمثابرة.
وعلى الرغم من الدمار الذي خلفته الحروب إلا أن المدن تُعيد إحياء نفسها بالبشر الذين يعيشون فيها، ليسجل التاريخ حكايات جديدة في الصبر والإصرار والصمود، ويقف العالم أمام المعجزات للحفاظ على الهوية والثقافة والحضارة، وأن الحروب لا يمكن أن تمحو ذاكرة البشر مهما كان الغرض منها، ولا يمكن لشعار مثل الشعار الذي أطلقته الحرب العالمية الثانية وتحدث عنها الزعماء فلن يكون الحرب هو شعار لإنهاء الحرب ولكن السلم وإعادة البناء والتآخي هي السبيل الوحيد لكي نحيا سويًا، ونبني الحضارات والمدن ونحكي حكايات البشر الذين عاشوا بيننا.
قصر برلين