حرب خفية في أفريقيا.. كيف تنافس روسيا فرنسا على السيطرة؟
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
في سياق التوترات الجيوسياسية المتزايدة بين باريس وموسكو، أطلق برونو ريتايو، وزير الداخلية الفرنسي، تصريحات قوية اتهم فيها روسيا بشن "حرب غير تقليدية" لطرد بلاده من القارة الأفريقية.
ووفقا له، فإن موسكو لم تكتفِ بمجرد منافسة النفوذ الفرنسي، بل اتبعت إستراتيجية عدائية تهدف إلى إعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية في المنطقة، مستخدمة أدوات سياسية وعسكرية، واقتصادية، لتحقيق أهدافها.
في تصريحاته لإذاعة "آر تي إل" (RTL) الفرنسية، أكد ريتايو، أن روسيا تستخدم "أشكالا جديدة من الحرب"، تعتمد على التضليل الإعلامي والتحركات العسكرية غير المباشرة، والدعم السياسي للحكومات الأفريقية المناهضة لباريس.
إضعاف النفوذوأوضح وزير الداخلية الفرنسي، أن هذه الإستراتيجية ساعدت موسكو على إضعاف الوجود الفرنسي في مناطق حيوية مثل مالي، وبوركينا فاسو، وجمهورية أفريقيا الوسطى، حيث شهدت السنوات الأخيرة إلغاء اتفاقيات عسكرية مع باريس واستبدالها بشراكات أمنية مع روسيا.
وتحدث عن حملة دعاية منظمة قادتها موسكو لإقناع الرأي العام الأفريقي بأن فرنسا تستغل موارد القارة دون تقديم فوائد حقيقية لشعوبها، وهو ما ساهم في تأجيج المشاعر المعادية لباريس، ودفع بعض الدول إلى البحث عن بدائل أمنية واقتصادية، أبرزها روسيا.
إعلانإحدى أبرز الأدوات الروسية التي سلط عليها وزير الداخلية الفرنسي الضوء هي مجموعة فاغنر، القوة العسكرية الخاصة التي عملت كذراع غير رسمية لموسكو في أفريقيا. حيث قدمت هذه المجموعة، المرتبطة بالكرملين، خدمات أمنية لحكومات أفريقية مقابل حصولها على امتيازات اقتصادية، أبرزها استغلال الموارد الطبيعية كالذهب واليورانيوم.
وحسب ريتايو، فإن وجود فاغنر في أفريقيا لم يكن مجرد تعاون أمني، بل إستراتيجية متكاملة تهدف إلى إضعاف فرنسا، بتأليب الأنظمة الحاكمة عليها، وتقديم بدائل أمنية أكثر مرونة، دون فرض شروط دبلوماسية كما تفعل الدول الغربية.
تحدٍ متصاعدأمام هذا التحدي المتصاعد، تجد فرنسا نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها الأفريقية. فمنذ عقود، شكلت المستعمرات الفرنسية السابقة ركيزة أساسية في السياسة الخارجية لباريس، حيث اعتمدت على تحالفات عسكرية ودبلوماسية لضمان استمرار نفوذها، إلا أن التغيرات السياسية في أفريقيا، وظهور لاعبين دوليين جدد مثل روسيا والصين، قلص من هيمنة باريس التقليدية.
ووفقا لوزير الداخلية الفرنسي، فإن فقدان بلاده مراكز نفوذها في أفريقيا لم يكن لمجرد أخطاء سياسية داخلية، بل كان بفعل "حرب هجينة" قادتها روسيا، مستفيدة من التراجع الغربي العام في المنطقة، خاصة بعد التحولات التي شهدتها مالي وبوركينا فاسو.
هل خسرت فرنسا معركتها الأفريقية؟
من الواضح أن النفوذ الفرنسي في أفريقيا لم يعد كما كان، في ظل صعود قوى جديدة مثل روسيا والصين وتركيا. ومع تصاعد المنافسة الجيوسياسية، سيكون على باريس إعادة تشكيل إستراتيجيتها بعيدا عن إرثها الاستعماري، وإلا فقد تجد نفسها خارج اللعبة في هذه القارة.
ما هو مؤكد حتى الآن، أن أفريقيا لم تعد ساحة نفوذ فرنسي خالص، وأن التحدي الروسي أثبت قدرة موسكو على زعزعة التوازنات التقليدية في القارة، في معركة نفوذ لا يبدو أنها ستنتهي في القريب العاجل.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الداخلیة الفرنسی أفریقیا لم فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
روسيا تقترب من السيطرة على كورسك وتتهم الناتو بتكثيف هجماته الإلكترونية
أفادت وكالة تاس الروسية للأنباء اليوم الخميس نقلا عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بأن العملية الروسية لطرد القوات الأوكرانية من منطقة كورسك غربي روسيا دخلت مرحلتها الأخيرة، في حين قال مساعد الرئيس الروسي إن دول الناتو لديها نية تكثيف الهجمات الإلكترونية ضد موسكو.
وزار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كورسك أمس الأربعاء لأول مرة منذ سيطرة القوات الأوكرانية على أجزاء منها في أغسطس/آب الماضي.
وتأتي زيارة بوتين -التي ظهر فيها مرتديا الزي العسكري- بعد موافقة أوكرانيا على مقترح أميركي لهدنة مع روسيا تستمر شهرا.
وخلال زيارته المركز أكد بوتين على ضرورة هزيمة القوات الأوكرانية في كورسك بأسرع وقت ممكن واستعادة الحدود الدولية.
وتلقى بوتين معلومات عن الوضع في المنطقة من رئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف.
وأفاد غيراسيموف بأنه تم تحرير أكثر من 1100 كيلومتر مربع، وهو ما يعادل 86% من مساحة منطقة كورسك التي دخلها الجيش الأوكراني في أغسطس/آب العام الماضي.
وأضاف أن خسائر الجيش الأوكراني في منطقة كورسك تجاوزت 67 ألف جندي.
وأوضح رئيس الأركان الروسي أن القوات الأوكرانية في كورسك محاصرة ومعزولة وتتعرض للتدمير المستمر، في حين تواصل القوات الروسية تحرير الأراضي الروسية بهدف الوصول إلى الحدود في أقرب وقت.
من جهة أخرى، قال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي إن "معلوماتنا تفيد بنية دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) تكثيف الهجمات ضد أنابيبنا تحت الماء وناقلات نفطنا وسفننا".
إعلانوأضاف أن الناتو يهاجم إلكترونيا معدات الملاحة الروسية، مما يؤدي إلى حوادث، وهناك احتمال لتزايد تهديد الموانئ والملاحة في بحر البلطيق من دول أوروبية أعضاء في الناتو.
وأكد أن روسيا لم تسمح بأي مساس بمصالحها الوطنية في منطقة البلطيق، مشيرا إلى أن الجناح الأوروبي للناتو يواصل حصارنا بهذه المنطقة، متجاهلا الحوار بين موسكو وواشنطن.
وقال مساعد الرئيس الروسي إن التهديدات العسكرية ستزداد على خلفية قمة الاتحاد الأوروبي التي قررت عسكرة أوروبا بشكل واسع.
وتابع أن لندن مهتمة بتعطيل المفاوضات بشأن أوكرانيا، وكذلك تعطيل تطبيع العلاقات الروسية الأميركية، كما أن فنلندا تتحول مرة أخرى كما عام 1939 إلى نقطة انطلاق لعدوان محتمل على روسيا.
ومنذ 24 فبراير/شباط 2022 تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا تشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف تدخلا في شؤونها.