دراسة حديثة: مشاهدة التلفزيون لفترات طويلة تزيد من خطر أمراض القلب
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت دراسة طبية حديثة أجراها فريق من الباحثين بجامعة هونغ كونغ أن وقت مشاهدة التلفزيون يرتبط بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، خاصة بين أولئك الذين لديهم استعداد جيني للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وفقا لما نشرته مجلة ديلى ميل .
وأفاد الباحثون بأن مشاهدة التلفزيون لمدة لا تزيد عن ساعة يوميا قد تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية بين الأشخاص الذين لديهم مستويات مختلفة من المخاطر الجينية للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
وتعد أمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية (ASCVD) والتي تشمل أمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الشرايين الطرفية ناتجة عن تراكم اللويحات في جدران الشرايين ويمكن أن تؤدي هذه الحالات إلى عواقب وخيمة مثل تدهور جودة الحياة وجراحات القلب المفتوح وعمليات تركيب الدعامات و البتر وحتى الوفاة المبكرة.
وهذه الدراسة هي واحدة من أولى الدراسات التي تبحث في كيفية تفاعل المخاطر الجينية لمرض السكري من النوع الثاني مع عادة مشاهدة التلفزيون فيما يتعلق بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية.
وقال يونغوون كيم أستاذ في كلية الصحة العامة بجامعة هونغ كونغ: أن مرض السكري من النوع الثاني هونمط الحياة الخامل وأن عوامل الخطر هى الجلوس لفترات طويلة ومشاهدة التلفزيون يساعد فى تفعيل أكثر من نصف السلوكيات الخاملة اليومية والتى ترتبط بشكل متسق بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري وتصلب الشرايين، حيث تقدم دراستنا رؤى جديدة حول دور الحد من وقت مشاهدة التلفزيون في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية للجميع وخاصة للأشخاص الذين لديهم استعداد جيني عالي للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
وفحصت الدراسة بيانات من قاعدة بيانات طبية حيوية كبيرة تحتوي على معلومات جينية ونمط حياة وسجلات طبية لـ 346916 بالغا من المملكة المتحدة، بمتوسط عمر 56 عاما، و45% منهم من الذكور وخلال متابعة استمرت قرابة 14 عامم تم تحديد 21265 شخصا أصيبوا بأمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية.
وقام الباحثون بحساب درجة المخاطر الجينية لمرض السكري من النوع الثاني لكل مشارك بناء على 138 متغيرا جينيا مرتبطا بالحالة.
وتم تصنيف المشاركين إلى مجموعات بناء على وقت مشاهدة التلفزيون (ساعة أو أقل يوميا مقابل ساعتين أو أكثر يوميا) ودرجة المخاطر الجينية (منخفضة، متوسطة، عالية).
وأفاد نحو 21% من المشاركين بمشاهدة التلفزيون لمدة ساعة أو أقل يوميا بينما أفاد أكثر من 79% بمشاهدة التلفزيون لمدة ساعتين أو أكثر يوميا.
ومقارنة بمشاهدة التلفزيون لمدة ساعة أو أقل يوميا ارتبطت مشاهدة التلفزيون لمدة ساعتين أو أكثر يوميا بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية بنسبة 12% بغض النظر عن المخاطر الجينية لمرض السكري من النوع الثاني.
وأظهرت التقييمات أن المشاركين الذين لديهم مخاطر جينية متوسطة وعالية للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني لم يكونوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية طالما أن مشاهدة التلفزيون كانت محدودة بساعة أو أقل يوميا.
وكان خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التصلبية على مدى 10 سنوات أقل (2.13%) للأشخاص الذين لديهم مخاطر جينية عالية للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني ومشاهدة التلفزيون لمدة ساعة أو أقل يوميا مقارنة بالأشخاص الذين لديهم مخاطر جينية منخفضة ومشاهدة التلفزيون لمدة ساعتين أو أكثر يوميا (2.46%).
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: دراسة أمراض القلب خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعیة الدمویة المخاطر الجینیة الذین لدیهم
إقرأ أيضاً:
يوم في الجحيم من قلب مباني التلفزيون
كتب الاخ عادل عوض المخرج بالتلفزيون
يوم في الجحيم
—————————
من قلب مباني التلفزيون
لم تكن مجرد ساعات، بل هو يوم أسود طويل ابتلع داخله أياما كثيرة، وما زالت بقايا من نهاراته ولياليه، تتدثر بعباءته السوداء المظلمة.
كنت أحد العالقين في مباني الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، صباح السبت 15 أبريل 2023. هذا هو توثيقي لتلك اللحظات، شهادة أدوّنها بقلب مرتجف وذاكرة متعبة، آملاً أن تساهم في رسم صورة لما حدث في ذلك اليوم العصيب، يوم استمر معنا حتى الخامسة مساءا… أو ربما إلى ما بعد ذلك بكثير، كثير جدا .
خرجت صباحا بلا سيارة، إذ أن اليوم يوم عطلة، والعربة المخصصة لترحيلي لم تكن متوفرة. كنت قد بعت سيارتي قبل فترة، فاضطررت للجوء إلى المواصلات العامة. سبق وان تم تكليفي بإنتاج سهرة من سهرات عيد الفطر – الذي لم يكن يفصلنا عنه سوى أسبوع. السهرة كنت قد سجلتها من قبل في مدينة الأبيض، وكان من المفترض أن يعينني الأخ طارق مريود في المونتاج، لكن الأقدار سبقت، ورحل عن الدنيا قبل أيام فقط من اليوم المشؤوم. له الرحمة من الله والمغفرة. فقررت أن أتحمّل المونتاج وحدي.
في موقف المواصلات، التقطت أذني نداء من احد الواقفين :
“يا جماعة هوي، الماشي الخرطوم أحسن ما يمشي… في ضرب بين الجيش والدعم السريع.”
، بدا لي الكلام مبالغا فيه نوعا ما. حاولت الاتصال بزملاء في الخرطوم، لكن كل المحاولات فشلت. ومع تزايد الحديث داخل الحافلة، بدأت ملامح الخطر تتشكل في ذهني. كان الركاب يجرون اتصالات مع ذويهم، وأكد كثيرون أن هناك بالفعل معارك تدور. بعض الركاب ترجلوا، أما أنا، فقد واصلت الطريق رد علي أحد الزملاء من قاطني الخرطوم يبلغني ان الاقتتال بدء فى المدينة الرياضية لكنه انتقل الى مواقع اخرى.
عند ‘صينية’ الزعيم إسماعيل الأزهري، حوالي الساعة العاشرة، تناهى إلى سمعي دوي قذائف من جهة بحري. نزلت، حاولت إيقاف “ركشة”، لكن السائقين كانوا يرفضون. الزحام كان خانقا، إذ كان القتال قد وصل إلى منطقة المظلات. قررت أن أكمل الطريق إلى التلفزيون راجلاً، فيما كانت أصوات الرصاص تتعالى .
حين وصلت إلى الارتكاز القريب من سجن أم درمان، بالقرب من الفنون الشعبية أوقفني أحد أفراد الاستخبارات:
“ماشي وين يا اخينا؟” أجبته وانا اريه البطاقة : “ماشي التلفزيون.” نظر إليّ بحدة دون الاطلاع على البطاقة ثم قال: “والله ان بنصحك انو ترجع الوضع ما كويس .” لكن حين رأى إصراري، اكتفى بالقول: “على كيفك.”
مشيت. وكان كل شيء حولي ساكنا الشارع خالى من المارة تماما .
وكانه ينذرني بأن المكان الذي أعتزم الوصول إليه يوشك ان يمسى ساحة حرب. . كل خطوة كنت أخطوها كانت تقترب بي من المجهول… وربما الموت.
تجاوزت الارتكاز في طريقي الى البوابة ، كان كل شيء يبدو في وضعه الطبيعي، لكن داخلي كان مضطرباً.
كانت ملامح الجنود في الارتكاز غير تلك التي اعتدنا عليها طوال فترات سابقة. كانو يقومون بتغيبر ازيائهم وتجهيز اسلحتهم. التفت إلى مبنى المصنفات ووجدت ان الدبابة التى كانت ببوابة الاذاعة الغربية غير موجودة ورأيت زيت ماكنتها قد ملأ الأرض. كل خطوة اخطوها كانت تزداد معها ضربات قلبى . وبالفعل دخلت بباب الاذاعة و وجدته خاليا من الموظفين تقريباً. فقط موظف الاستقبال وبعض افراد المباحث .
عندما وصلت إلى مبنى الأخبار وجدت الاخوة الفنيين لم يكن بينهم أي محرر . إذ أن واحدة من المحررات تمت اعادتها فى نفس العربة التي احضرتها بعد تحذير رجال الامن والاستخبارات لهم . فعادت كل العربات وعليها الموظفين عدا فريق الاخبار والمهندسين .
أول من قابلت كان الأخوة عمر محمد صالح والأخ مبارك خاطر ثم الأخ علاء الدين محمود. عند دخولي غرفة الكنترول كانت هناك المخرجة تغريد حسن برفقة محرر الصورة وليد زروق. وأحد الشباب يدعى معز يعمل في جهاز مولد الحروف والملقن .وكان هناك عدد من المهندسين فى المبنى. منهم محمد العبيد والأخ محمد بشير فني الكهرباء.
عدت وجلست مع الاخوة عمر ومبارك وعلاء. وجعلنا نحكي حكايات تدور حول مبارك خاطر الذي صادف أكثر من انقلاب داخل مباني الاذاعة والتلفزيون. ظللنا على هذا الحال حتى الساعة الساعة الثانية عشر.
في تلك الأثناء، كانت أصوات الرصاص تتردد من بعيد، تقترب أحيانا و تعلو و تخفت أحيانًا أخرى، وكلما مر الوقت ازداد شعوري بعدم الأمان. لم نكن نعلم ما إذا كان من الأفضل المغادرة أم البقاء. كان الهاتف المحمول يفقد الإشارة من حين إلى آخر،
بدأ القلق يتصاعد، ليس فقط بسبب الأصوات، بل بسبب الغموض. لا أحد يعرف من يسيطر على ماذا، ولا إلى أين تتجه الأمور. لم يكن هناك إعلان رسمي ولا توجيهات واضحة، وكل ما حولنا يوحي بأننا نعيش لحظة استثنائية، لكنها غير مفهومة بالكامل.
قمت باخراج الكاميرا من الاستديو لتصوير الاحداث المتوقعة لكني أعدتها مرة اخرى عند اعتراض عمر وتغريد خوفا من ان تتسبب هذه ‘الحركة’ في مقتلنا . كان صوت الرصاص قد اصبح قريبا جدا من نبنى الاخبار .
عدت إلى غرفة الكنترول، فوجدت وليد زروق يحاول الاتصال بأحد الأرقام التي أعطاها له مبارك خاطر، وكان الرقم يخص ضابطا برتبة عميد. نجح الاتصال، وتم تشغيل الشعار، وبدأ مبارك تقديم البرنامج بكلمات جميلة وهادئة، رغم وقع الرصاص المتصاعد من حولنا.
وقبل ان يشرع العميد في الحديث، انقطع الخط فجأة. حاول وليد إعادة الاتصال، لكن دون جدوى. وفي اللحظة ذاتها، دوى الرصاص كالسيل الجارف داخل غرفة التحكم، وتحطمت نوافذ الزجاج من فوقنا ومن حولنا، وسرت رجفة في الأجساد، دب الرعب في قلوبنا، لا نعلم من أين تأتي الطلقات، ولا إلى أين نركض.
ركضنا جميعا إلى الممر، وتجمعنا أسفل السلم، ظنا أنه أكثر الأماكن أمانا. كنا محاصَرين بين قوتين: قوات الدعم السريع داخل مباني التلفزيون، والقوات المسلحة من الخارج. كانت دبابة الجيش قد تمركزت خلف مبنى الأخبار على شارع النيل كانت على بعد ثلاثين مترا منا، يقودها النقيب عبد القادر، رجل نبيل صاحب وجه مألوف، ومعه أحد أفراد الاستخبارات يدعى حسين.
فجأة، انطلقت قذيفة من تلك الدبابة، ويبدو انها كانت خطأ ولشدة دويها تهشمت النوافذ، وسقط الزجاج متناثرا من قناة النيل الأزرق التي تقع في الطابق العلوي من مبنى الاخبار . ، فيما تواصل إطلاق النار بلا انقطاع، لأكثر من ساعة ونصف، ونحن نرتجف تحت السلم. بعضنا حاول مدارة خوفه بالثرثرة، وبعضنا ظل يرفع صوته بالحديث مع ذويه عبر الهاتف، لعل في ذلك طمأنينة.
تذكرت أنني لم أتصل بأهلي. تسللت إلى غرفة الكنترول، والتقطت سماعة الهاتف الأرضي. كنت أتكلم بسرعة، أشرح ما يحدث وأطلب منهم الدعاء. وما إن هممت بوضع السماعة، التفتُّ عبر الزجاج المظلل ناحية الشارع، فرأيت من يصوّب سلاحه نحوي مباشرة. ربما لمح ظلي، أو أنها محض صدفة. تراجعت بسرعة، وفي اللحظة ذاتها دوّى طلق ناري، اخترق الزجاج، وتجاوزني ليستقر في إحدى الشاشات.
ركضت عائدا نحو السلم، والسماعة ما زالت تتأرجح تنقل أصوات الرصاص إلى زوجتي وابني. الذين ايقنوا بأنني قد قُتلت. بعد قليل، عدت ورفعت السماعة، فسمعت صراخ ولدي وهو يصرخ: “أبوي… أبوي!” وصوت زوجتي يتردد بوجل: “يا عادل… يا عادل!” فطمأنتهم بصوت مرتجف: “أنا كويس… الحمد لله، ما في عوجة.” ثم أغلقت الخط وعدت إلى زملائي.
كان أحدهم في حالة من الارتباك، لا يدري ما يفعل، فأشرت إليه أن يقرأ القرآن. بدأت أردد: “حسبنا الله ونعم الوكيل”، ثم آية الكرسي، وآيات الحفظ. كان الموت يحوم حولنا، نشعر به يمر بيننا، يراقبنا، ويختار. ويبدو أن الجميع كان يلوذ بالدعاء مثلي.
احترقت الدبابة التي خلفنا. استشهد المقدم عبد القادر، وكان يمكن رؤية النار تلتهم طرفا من ملابسه عبر الزجاج. كما استشهد الصول حسين بجانبه. بفعل النيران، بدأت قذائف الدبابة تنفجر واحدة تلو الأخرى، كنا نظن أن الجيش ما زال يطلقها. تساقط الزجاج مجددا، وزاد رعبنا.
كنت احاول جاهدا ان اتماسك وابعد الخوف قدر المستطاع
هدأ صوت الرصاص قليلًا، فتخيلنا أن الجيش قد سيطر، وأن الأمر انتهى. لكن فجأة، دخل علينا جندي من قوات الدعم السريع يحمل بندقية كلاشنكوف. رأيته قبل أن يراه الآخرون، وسكن داخلي إحباط قاتل. شعرت أن النهاية قد حانت. بدأت أتشهد.
نواصل