شهد معهد دار النجاح الإسلامي الثاني بمنطقة شبينينج بمدينة وجور بإندونيسيا استقبالًا حافلًا للعالم الأزهري المصري المفكر الإسلامي الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بجمهورية مصر العربية، أمس الخميس 13 رمضان 1446هـ / 13 مارس 2025م، في زيارة علمية تستهدف تعزيز التواصل العلمي وتبادل الخبرات بين المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي.

 

وفي مستهل اللقاء، ألقى الشيخ ناسخون، مدير رعاية الطلبة، كلمة الترحيب نيابة عن مجلس إدارة المعهد، معبرًا عن سعادته البالغة بهذه الزيارة التي تأتي في شهر رمضان المبارك، ومؤكدًا على أهميتها في دعم العملية التعليمية وتعزيز القيم الإسلامية بين الطلاب والمعلمين.  

من جانبه، أعرب المشرف العام على المعهد، الشيخ جمهاري عبد ذي الجلال، لدى استقباله الضيف الكبير عن اعتزاز إدارة المعهد بهذه الزيارة، مشيرًا إلى أن جميع أفراد معاهد دار النجاح في مختلف مناطق إندونيسيا يشعرون بالفخر بوجود فضيلة الشيخ الدكتور أحمد علي سليمان بينهم. كما استعرض برنامج الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام، وتتضمن لقاءات علمية مع المدرسين والطلاب، إضافةً إلى خطبة الجمعة، ومحاضرات وفعاليات علمية ودينية متنوعة.  

مكانة العلم في الإسلام ومنهج الأزهر في نشره  

خلال محاضرته، استهل الدكتور أحمد علي سليمان حديثه بالثناء على الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد ﷺ، معبرًا عن سعادته بزيارة إندونيسيا، مؤكدًا أن الأزهر الشريف هو هدية من الله لمصر والعالم الإسلامي، وله دور محوري في نشر منهجية علمية تُظهر جمال الإسلام وجلاله ورحمته وعزته ونوره.  

وأشار إلى أن الأزهر الشريف يتميز بمنهجية علمية تقي طلابه من الانحراف أو الانجراف أو الانجرار نحو التطرف أو التشدد، وهي منهجية علمية فريدة تميز الأزهر الشريف عن غيره، حيث يدرس الأزهر لطلابه العلوم النقلية (القرآن والسنة)، والعلوم العقلية (كالفلسفة)، وعلوم الآلة (كاللغة والبلاغة)، والعلوم العصرية الحديثة، ما يجعل طالب الأزهر  لديه الفهم العميق لعلوم الإسلام ومن ثم يتكون لديه تدريجيا ملكة حسن الفهم وحسن التعبير وحسن الأداء حتى يصبح موسوعة علمية متنقلة.  

الإسلام أكثر دين اهتم بالعلم: 

 
كما أكد أن الإسلام هو أكثر دين اهتم بالعلم والعلماء وطلاب العلم وأماكن العلم وطرق تدريس العلم وكتب العام ووسائل التعليم، موضحًا أن أول آية نزلت في القرآن الكريم لم تتحدث عن الصلاة أو الصيام أو الجهاد على الرغم من أهمية كل ما سبق، بل تحدثت عن العلم، حيث قال الله تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق"، في إشارة إلى أن كل ما سبق وغيره يحتاج إلى العلم.  

وأكد الدكتور أحمد علي سليمان، أنه لم يهتم دين من الأديان، ولا حضارة من الحضارات، بالعلم والعلماء وطلاب العلم وأوقات العلم ومؤسسات العلم، وطرق تدريس العلم، ومخرجات العلم، وتكامل العلوم، وتطبيق العلوم في هذه الحياة، مثلما اهتم الإسلام ورسول الإسلام وحضارة المسلمين عبر عصور التاريخ.  

وأشار إلى أن العلم في الإسلام نوعان:  
الأول: علم مكتسب يأتي بالجهد والتعب والسهر والتحصيل والمذاكرة.  
الثاني: علم لدني، وهو الذي يأتي بالمنح والإلهام من الله سبحانه وتعالى.  

ولفت إلى أن الله سبحانه وتعالى خلقنا في هذه الحياة، وحدد لنا ثلاث غايات من وجودنا فيها، وهي:  
1. عبادة الرحمن، وهي تحتاج إلى علم، فأحكام العبادات لها علوم كالفقه والمعاملات والأحوال الشخصية… إلخ.  
2. رعاية الإنسان، وهي تحتاج إلى علم.  
3. عمارة الأكوان، وهي تحتاج إلى علم.  

وفي أي حضارة من حضارات التاريخ الإنساني القديم والحديث، كان العلم أهم أركانها، وقد كان أساس الإعمار المادي، والإعمار المعنوي، والإعمار الحضاري، وأيضا إعمار العقل، وإعمار النفس، وإعمار القلب، وإعمار الحياة.  

وألمح إلى أن الله سبحانه وتعالى جعل العلم أيضًا أساس التجديد والتحديث والتطوير عبر التاريخ، فلولا العلم لما عرفنا ديننا، ولولا العلم لما عرفنا تاريخنا، ولولا العلم لما تناقلت الخبرات، ولولا العلم لما رأينا الطب، ولا الهندسة، ولا الزراعة، ولا التجارة، ولا وسائل النقل الحديثة من سيارات وطائرات وقطارات، ولا شبكة الإنترنت التي تنقل البيانات عبر أعماق المحيطات، ولا الأقمار الصناعية، ولا الاتصالات الفضائية.  

خير وأحب إلى الله.. د. أحمد علي سليمان يكشف الصفات المقصودة بـ المؤمن القويأحمد علي سليمان: المرأة المسلمة كانت دائمًا ركيزة أساسية في نهضة الأمة

ونبه الدكتور أحمد علي سليمان، على أنه في ديننا، فضل العالم يفوق فضل العابد، لأن العالم فضله للآخرين، وفي ديننا العلماء ورثة كم الأنبياء  فلهم أعظم ميراث، لأنهم ورثة الأنبياء.. وفي ديننا الإسلامي أيضًا، يُقدَّم العالم على غيره في الصلاة، وفي القيادة، وفي شتى أمور الحياة.. وفي ديننا طلب العلم بأنواعه المختلفة فريضة على كل مسلم ومسلمة، وهو واجب مستمر من المهد إلى اللحد.  

وواصل: وفي ديننا، يُطلب العلم مهما كان بعيدًا، حتى لو كان في الصين، وفي ديننا نحترم التخصص وأهل الخبرة، قال تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". فأهل الذكر في الطب هم الأطباء، وأهل الذكر في الهندسة هم المهندسون وهكذا.وفي ديننا، التعليم متاح للجميع، وليس حكرًا على الأغنياء أو على فئة دون أخرى، وفي ديننا هناك بون شاسع بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، قال الله تعالى: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات".  وفي الإسلام، أجر العلم النافع لا ينقطع بوفاة صاحبه، بل يمتد إلى يوم القيامة، كما قال النبي ﷺ: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له".  

واستطرد: وفي ديننا ومن عظمة اهتمام الإسلام بالعلم، أن الله سبحانه وتعالى أباح لنا أكل الصيد الذي جاء به الكلب المُعَلَّم، ولم يبح لنا أكل الصيد الذي جاء به الكلب العادي، في إشارة إلى قيمة التعليم حتى في عالم الحيوان، وفي ديننا أيضًا، فإن مخلوقات الله، من الملائكة، والحيتان في البحار، والدواب، وغيرها تستغفر لطالب العلم، وتدعو للعالم، تقديرًا لما يحملونه من نور المعرفة الذي ينفع البشرية جمعاء.  

العلوم الدينية والحديثة.. تكامل لا تناقض:

استشهد الشيخ الدكتور أحمد علي سليمان بقول الإمام المجدد التركي الراحل الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي، الذي أكد ضرورة الجمع بين العلوم الدينية والعلوم الحديثة، لأن الاقتصار على العلوم الشرعية فقط قد يُبقي الإنسان بعيدًا عن الواقع، بينما يواجه دارس العلوم الحديثة خطر الغرور إذا لم يقترن علمه بالدين.  

وأشار  إلى تجربته في تدريب أكثر من 6000 إمام وداعية في مصر ودول أخرى، موضحًا أنه كان يحرص على توجيههم للاطلاع على مبادئ العلوم الحديثة والعصرية بجانب العلوم الشرعية؛ حتى يتمكنوا من فهم الواقع بشكل أعمق وأدق ومن ثم تقديم خطاب ديني يتناسب مع متطلبات العصر.  

كما شدد على أهمية إجادة الدعاة والمربين لمهارات التأثير والفعالية ومهارات التنمية البشرية، فضلا عن لثلاثة أمور رئيسية:  
1. حُسن فهم النص الديني.  
2. حُسن فهم الواقع.  
3. حُسن تنزيل النص الديني على الواقع.  

وأكد أن الإسلام دين عالمي وخاتم، صالح لكل زمان ومكان، وأن الله جعل فيه قوة ذاتية تضمن تجديده واستيعابه للتطورات والمستجدات في كل زمان ومكان وحال.  

أهمية الخط العربي في حفظ القرآن ونقل العلوم  

بعد استراحة قصيرة، استأنف الدكتور  أحمد علي سليمان حديثه بجلسة خاصة حول **الخط العربي، موضحًا أنه كان وسيلة لحفظ القرآن الكريم وتدوينه عبر العصور.  

وبين أن الخط العربي ينقسم إلى نوعين:  

1. الخط الجامد: مثل أنواع الخط الكوفي والهندسي، الذي يكتب بالقلم والمسطرة.  
2. الخط المرن: مثل الرقعة والنسخ والديواني والفارسي والثلث، الذي يمتاز بجمالياته الفنية.  

كما تناول بعض الأخطاء الشائعة في الكتابة، مثل:  

- عدم الالتزام بالسطر بالصعود فوق السطر أو النزول تحت في الكتابة.  
- عدم تناسق الحروف فبعضها يُكتب بشكل كبير جدا وبعضها صغير للغاية.  
- المسافات غير الصحيحة بين الكلمات والمقاطع داخل الكلمات.  
- خلط أنواع مختلفة من الخطوط في نص واحد.  

وأكد أن الخط العربي هو مأثر عظيم من مآثر حضارة الإسلام، شرفه الله بكتابة القرآن العظيم، والخط الحسن يزيد الحق وضوحًا، موضحًا أن إتقان الخط العربي يعزز الفهم الصحيح للنصوص الإسلامية ويسهم في تطوير مهارات الطلاب، ودعا إلى التوسع في تعليم الخط العربي في معاهد إندونيسيا، وأعرب عن تبرعه بتدريسه لهم عبر التقنيات الحديثة.  

وفي ختام الجلسة، قام الدكتور أحمد علي سليمان بكتابة اسم "دار النجاح الثاني" بخطه الجميل على لوحة تذكارية، كما قدّم تمرينات عملية على على السبورة  بالخط العربي، شارحا قواعد وموازين ومبادئ خط الرقعة باعتباره أيسر الخطوط والبوابة الأولى لتعلم الخطوط مما لاقى إعجاب الحاضرين.  

ختام الزيارة والدعاء بالبركة والتوفيق  

اختتم  الدكتور أحمد علي سليمان محاضرته بالدعاء أن يبارك الله في معهد دار النجاح، وأن يرحم مؤسسه، ووأن يجزي القائمين عليه خير الجزاء، وأن ينفع الله بالعلم الذي يُنشر فيه، ويحفظ الأمة الإسلامية من الفتن، ويرزقها العلم النافع والعمل الصالح، ويجعل القرآن العظيم نورًا في قلوب المسلمين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر أحمد علي سليمان إندونيسيا المزيد الدکتور أحمد علی سلیمان الله سبحانه وتعالى الخط العربی دار النجاح العلم لما موضح ا أن فی دیننا أن الله الذی ی إلى أن

إقرأ أيضاً:

الإبادة التلمودية والحملات الصليبية اليهودية

 

 

اعتمد المشروع الاستيطاني الاستعماري على الجوانب الدينية من أجل الاستيلاء على أرض فلسطين، فتحوا -التوراة والإنجيل ووجدوا أن الله وعدهم بأرض فلسطين ولذلك فقد تكاتفت جهودهم على استقدام جميع اليهود وغيرهم من جميع أنحاء العالم للقدوم إليها لا للزيارة وأداء طقوس العبادة ولكن للاستيطان فيها وطرد سكانها بعد أن ضمنت لهم الإمبراطوريات الاستعمارية -آنذاك- تمكينهم باستخدام القوة من الأراضي والبيوت (في فلسطين) ومصادرتها وتسليمها لهم.
اليهود عاشوا في المجتمعات الإسلامية متمتعين بكامل حقوقهم الدينية والمدنية لم تخفر ذمتهم ولم يتم التعرض لهم بأي أذي واستعانت بهم الخلافة الإسلامية في كل المجالات حتى صار منهم الوزراء وغيرهم، منهم من أسلم وحسن إسلامه ومنهم من ظل على دينه وعقيدته اليهودية ومنهم من دخل في الإسلام “تُقية” لممارسة الطعن وتشويه (الإسلام) من خلال الانحرافات التي ينشرونها وأيضا تحطيم الإسلام والخلافة الإسلامية، كما فعل يهود الدونمة الذين تغلغلوا في أركان الخلافة الإسلامية وآخرها العثمانية وتعاونوا مع اليهود والنصارى على إسقاطها بعد أن نفذوا المكائد لتفتيت الروابط الاجتماعية بين مكونات المجتمع الإسلامي بإثارة العصبيات والقوميات والخلافات المذهبية والطائفية؛ فقد بلغ الحقد فيهم أن الطبيب الخاص للسلطان محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية هو من دس له السم وقتله من أجل منعه من مواصلة فتوحاته في أوروبا؛ ليتضح انه يهودي أعلن إسلامه وترقّى في المناصب ليصبح طبيب السلطان الخاص.
جرب الصليبيون الحملات الدينية من أجل الاستيلاء على بيت المقدس وفلسطين لأنهم ينظرون إلى المسلمين أنهم (كفار) وكانت التوراة والإنجيل بين أيديهم لم يكن هناك حديث عن وعد إلهي لليهود ولا للنصارى إلا أنهم يرغبون في السيطرة على بلاد الإسلام والمسلمين؛ ورغم أن اليهود كانوا يتمتعون بكامل حقوقهم إلا أنهم كانوا عونا لكل أعداء الأمتين العربية والإسلامية .
الحملات الصليبية تسقط واحدة وتقوم أخرى مرة بقيادة الملوك والأباطرة ومرة بقيادة القساوسة والرهبان من فرنسا وألمانيا وإنجلترا (واليوم بقيادة أمريكا) أو غيرها من دول أوروبا على اختلاف مذاهبها وصراعاتها إلا أنها تتوحد من أجل القضاء على المسلمين واسترداد بيت المقدس منهم .
ولم تبرز فكرة أرض الميعاد إلا مع تأسيس الحركة الصهيونية التي عملت على إزالة العداء بين اليهود والنصارى وتوحيدهم من أجل الحصول على أرض فلسطين كأرض ميعاد وهي فكرة لتوحيد الجهود بينهم والتخلص من اليهود والاستعانة بهم على تمزيق الأمة العربية والإسلامية واستمرار السيطرة عليها بعد أن فشلت كل المحاولات السابقة .
أحد رؤساء منظمة “ايباك” اليهودية التي تدير السياسة الأمريكية، تحدث عن حقيقة الصراع في فلسطين وانه صراع لن ينتهي طالما أن العرب والمسلمين لا يؤمنون بالتوراة وما فيها من الوعد لليهود، لكنه لم يستمر في كذبه حتى النهاية، فقد استدرك قائلا إن الغرب أعطاهم فلسطين كتكفير عن الآلام التي حدثت لهم من الأمم المسيحية (أوروبا) كان الأولى بالأمم المسيحية أن تعمل على تعويضهم في الأراضي التابعة لهم، لكنهم فضلوا أن يكون التعويض على حساب المسلمين (فعدو عدوي صديقي) .
في سفر التكوين الإصحاح الخامس عشر( 18) في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاق قائلا (لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات “19” القينيين والقنزيين والقدمونيين والحثيين والفرزيين والرفائيين والاموريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين)، التوراة تتحدث عن وعد الرب لأبي الأنبياء إبراهيم -عليه السلام- الذي ينتسب إليه العرب، لأنهم أبناء إسماعيل ومنهم النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم واليهود العرب ينتسبون إلى إسحاق والقبائل الكنعانية السبعة التي ورد ذكرها في التوراة قبائل عربية تابعت النبي موسى ودانت بديانته وتابعت عيسى لكنها استقرت على دين الإسلام بعد مجيء النبي الأعظم والرسالة الخاتمة .
وهناك قبائل عربية تأثرت بالوثنيات والشرك، لكنها دخلت في الإسلام، لأن الشرك كان عبادة طارئة على الجزيرة العربية؛ وهناك قبائل أسلمت وتركت النصرانية وهناك قلة من اليهود من التزم الإسلام ومعظمهم مكثوا على اليهودية بعد أن غاظهم أن يكون النبي الخاتم من سلالة النبي إسماعيل ومن الأمة العربية؛ حاول النبي الأعظم أن يتعاون معهم، لأنهم كانوا قوة عسكرية واقتصادية وسياسة مهيمنة في الجزيرة العربية، لكنهم نقضوا العهود والمواثيق واستمروا على ذلك حتى امر النبي بإجلائهم عن الجزيرة العربية لفسادهم وتآمرهم على الإسلام والمسلمين .
ما بين موت موسى والتوراة التي حرّفوها وبدلوها آلاف السنين والجزيرة العربية تتوالى عليها القبائل العربية بمختلف أديانها ومللها يهوداً ونصارى، لم تتم إثارة الأحقاد والضغائن إلا في القرون المتأخرة بسبب الأطماع الاستعمارية في الوطن العربي التي أججت الصراعات بين طوائف المجتمع العربي الإسلامي وحينما استولت ودخلت غازية قتلت اليهود والنصارى والمسلمين .
النصارى تحركوا بدوافع دينية للاستيلاء على فلسطين وبيت المقدس وأعطوا وعدا لليهود (وعد بلفور)، أما وعد الله وكما تنص التوراة فهو لإبراهيم أبي الأنبياء ولنسله من بعده والعرب هم أحفاد ابنه إسماعيل وإسحاق أيضا ومنهم اليهود الذين سكنوا الجزيرة العربية وليس يهود الاشكناز الذين ترجع أصولهم إلى دول أوروبا الشرقية؛ وأهل فلسطين هم من أولاد إبراهيم، فكيف يفهم أن يدعي من ليس له صلة بفلسطين حقا بطرد أهلها والاستيلاء عليها؟.
أحبار اليهود عند شرحهم لسفر التثنية الإصحاح الـ”20″ يوردون شروط الصلح التي يجب أن تكون مع الأمم الأخرى وهي :
1 -جحد العبادة الوثنية والدخول في عبادة الله الحي .
2 -الخضوع لليهود.
3 -دفع الجزية .
والشريعة الإسلامية تشترط أحد ثلاثة للصلح وهي :
1 -الاسلام؛ أو -2-دفع الجزية والبقاء على ديانتهم -3-الحرب.
لكن اليهود يشترطون الدخول في اليهودة والخضوع لليهود ودفع الجزية وهذه الشروط خلاف لما تنص عليه التوراة ذاتها التي تفرق بين الأمم السبع التي تعيش في الأرض المقدسة (الحثيين؛ والاموريين؛ والكنعانيين؛ والفرزيين؛ والحويين؛ واليبوسيين؛ والجرجاشيين)، فهؤلاء في نظرهم يجب إبادتهم للآتي: (حتى لا يكونون عثرة ويرجعونهم إلى عبادة الوثنية؛ ولأن تمتعهم بأرضهم يرمز إلى الخطيئة؛ وإبادتهم تحطيم لكل شر؛ ولأنهم شعوب عنيفة تقدم الأطفال محرقة للإلهة والنساء والفتيات للزنا لحساب الآلهة).
أما شروط التصالح مع الأمم البعيدة، فقتل الرجال بالسيف واستبقاء النساء والأطفال لاستعبادهم واسترقاقهم وكل شيء في تلك الأراضي يعتبر غنيمة حرب؛ حتى في شروحهم يكذبون ويخالفون الحقائق .
العالم يشهد أن أهل فلسطين مؤمنون موحدون يؤمنون بالله ويؤمنون بجميع الكتب المقدسة غير المحرفة ويؤمنون بالأنبياء جميعا؛ أما هؤلاء الذين يدعون أنهم شعب الله المختار وهم شذاذ الآفاق، يمارسون أبشع وأقذر الجرائم في كل حروبهم، اغتصاب السجناء وإبادة الأطفال والنساء والشيوخ والاستثمار في كل أشكال الرذيلة.
الأنظمة العربية المتصهينة التي دخلت في علاقات معهم، قننت كل المفاسد، حيث فتحت المراقص وأحلت العلاقات غير المشروعة واستوردت وأعادت عبادة الأصنام وأحلت الربا والخمور والقمار، فهل دخلوا في علاقات مع شعب الله المختار الذي يوحد الله أم دخلوا في شراكة مع الشيطان وحزبه وشركات الانحلال والحرام العالمية التي يديرونها؟
لم يكتفوا باليهودية ولا النصرانية، بل خلطوا الدينين معا وانتقلوا للدعوة إلى الديانة الإبراهيمية؛ إبراهيم -عليه السلام- كان حنيفا مسلما ولم يكن لا يهوديا ولا نصرانيا وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده؛ وهم يقننون عبادة الأوثان وينشرون الرذيلة ويعملون على إبادة وتهجير المؤمنين بالله ويستجلبون شذاذ الآفاق من اليهود وغيرهم إلى الأرض المقدسة، أما أهل فلسطين فيبيدونهم ويهجّرونهم ويستولون عليها .
المشروع الاستيطاني الاستعماري الجديد، لا علاقة له بالدين، بل هو مشروع إجرامي لتدمير الأمتين العربية والإسلامية وضمان استمرار الوصاية والسيطرة على الثروات وتفتيت الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس، لكن الله ابتلى هذه الأمة بشرار الخلق قال تعالى ((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)) الأنبياء 105، وحتى يتحقق ذلك لا بد من امتحان واختبار قال تعالى ((وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور)) آل عمران154 .

مقالات مشابهة

  • الإبادة التلمودية والحملات الصليبية اليهودية
  • خارج الأدب | علي جمعة يوجّه تنبيها مهمًا لهؤلاء الطلاب
  • علي جمعة: تخلصنا من عشوائيات السكن وباقي عشوائيات الفكر والتدين
  • إعلان مُلك المسيح للعالم .. في عظة الأحد للقس بولس حليم
  • عياد: التشدد في الدين نوع من التطرف.. و«المنصات الإلكترونية» جزء من فوضى الفتاوى
  • مفتي الجمهورية: المنصات الإلكترونية جزء من فوضى الفتاوى والتسيب الأخلاقي
  • "إعلان مُلك المسيح للعالم" عنوان عظة الأحد على قناة ON
  • مرصد الأزهر: تنظيم داعش يستخدم الفنون والإعلام المرئي لاستقطاب الشباب
  • تحدث عن فضل العلم..مفتي الهند يحضر مجلس حديث الرحمة
  • حكم القصاص في الإسلام وجزاء العفو.. دار الإفتاء توضح