قال المحلل السياسي كامل المرعاش،إن البعض يحاول إعطاء عملية اغتيال البيدجا بعدًا سياسيًا، لكن هذا غير صحيح، وهي أقرب إلى عملية تصفية حسابات بين قادة الميليشيات والصراع على تجارة الهجرة السرية، والأرباح الطائلة التي تُجنى من هذه التجارة.

المرعاش وفي تصريح خاص لموقع “إرم نيوز”،أضاف أن “المعقل الرئيس لهذه التجارة تحول من مدينة صبراتة بعد أن تمت تصفية ميليشيات العمو، انتقلت السيطرة عليها إلى مدينة الزاوية التي تعج بالمجرمين وقُطّاع الطرق، والذين يسيطرون على هذه المدينة، وحوّلوها إلى وكر لتهريب الوقود والهجرة السرية، وحيث إن هاتين التجارتين تجلبان المال الكثير، فإن الصراع عليها يصل أحيانًا إلى التصفيات والقتل والخطف، ومصير البيدجا لم يخرج عن هذا الإطار”.

وأكد أن حرب الاغتيالات ستتصاعد، وربما تأخذ أبعادًا أخرى، وتكون أداة ومثالاً يحتذى به للتخلص حتى من الخصوم بين السياسيين في الغرب الليبي، وعلى وجه الخصوص الانقسامات التي تعصف بمجلس الدولة الذي انقسم إلى مجلسين.

وأنهى المرعاش حديثه بالقول إن “هذه الاغتيالات هي نتيجة لحالة الفوضى الأمنية في كل مدن الغرب الليبي، وليست لها علاقة مباشرة بعرقلة الحل السياسي، رغم أنها تشكل أحد معرقليه، مع أسباب أخرى بالطبع”.

المصدر: قناة ليبيا الحدث

إقرأ أيضاً:

رحلة في اختبار الديمقراطية

سيظل سؤال الديمقراطية نظريةً وتطبيقًا، سؤال الأسئلة ومثار جدل دائم في كل محطة من محطات السياسة وتداعياتها حول العالم، فلا تزال الديمقراطية بعد كل ما قدّمت وتقدم محط سؤالٍ متوجّس بين حين وآخر مثيرٍ للأسئلة والأجوبة معًا.

فمن قائل إن الديمقراطية بما وصلت إليه اليوم من وضع لم تعد صالحة لتكون محط خيارات الناس ورضاهم كآلية تنظيمية للسياسة والاجتماع السياسي في ظل ما آلت إليه نتائجها في بعض المجتمعات من صعود اليمين المتطرف ومحاولته جعل الديمقراطية مجرد قنطرة عبور لتدمير تراكمات الحداثة السياسية للبشرية، من التعددية وحقوق الإنسان والكرامة.

ومن آخرين يرون في الديمقراطية آلية لإنتاج وحصر السلطة والنفوذ والمال في النخب البرجوازية كحال الديمقراطية الأميركية مثلًا التي تدور من خلفها صراعات مراكز المال ولوبيات الثراء والتجارة في العالم، مما جعلها مجرد أداة لتدوير النفوذ والمال بين مراكز النفوذ والبيوتات الثرية ونخب الثراء الفاحش، كما هو حال ديمقراطية ترامب وماسك اليوم.

وكما أن للفقراء مخاوفهم، فللبرجوازيين مخاوفهم أيضًا من الديمقراطية، كما طرحها سابقًا مؤرخ الديمقراطية الفرنسية بيار رونز فالون الذي أشار مبكرًا إلى مخاوف البرجوازية الفرنسية منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر والتي عارضت بشدة منح الحق بالانتخاب والمشاركة للجميع؛ خوفًا من امتلاء البرلمان بالفقراء الذين سيصوت لهم الفقراء الذين يشكلون الأغلبية في أي مجتمع، هذا على افتراض أن ثمة علاقة طردية بين الفقر والشعبوية، وهذا باعتقادي قد لا يكون صحيحًا، فأوروبا اليوم هي الأغنى، لكن هي أيضًا بلاد الشعبوية الأعلى صوتًا.

إعلان

علاوة على ذلك، ثمة تساؤلات راهنية عن مدى إيمان الغرب بالديمقراطية أصلًا في ظل موقفه اللاأخلاقي مما يجري في العالم الثالث، وتورطه الواضح في دعم الأنظمة الشمولية والانقلابية، وسعيه الدائم لإفشال أي تجربة ديمقراطية في العالم الثالث.

وهو ما يشكك ويضرب مصداقية الغرب، وأنه في الحقيقة لا يؤمن سوى بديمقراطية خاصة به دون غيره، وهي ديمقراطية الداخل الغربي باعتبارها ديكورًا أنيقًا يخفي همجيته الاستعمارية، واستبداده خارج حدوده الجغرافية.

تقود هذه المخاوف إلى نقاشات عميقة وحقيقية لدى جلّ النخب العلمية والأكاديمية والسياسية والثقافية المشتبكة مع قضايا مجتمعاتها، حول المأزق الذي تواجهه الديمقراطية ومستقبلها، وما بات يتهددها اليوم، خاصة من قبل الغرب نفسه قبل الشرق، الموئل الأول للديمقراطية بحسب جون كين، فيلسوف الديمقراطية الأبرز وصاحب "تاريخ موجز للديمقراطية" و"حياة الديمقراطية وموتها".

تتزايد المخاوف اليوم في ظل التراجع المخيف لمساحات الحرية الواسعة، حيث بات واضحًا أن الديمقراطية أصبحت محاصرة، حتى في الغرب نفسه، الذي طالما قدّم نفسه على مدى عقود كحامي الديمقراطية وحارسها الأمين.

غير أن ما نشهده اليوم في الغرب يناقض ذلك تمامًا، فقد رأينا خلال العقد الماضي، ومع تصاعد موجات الربيع العربي الديمقراطي، كيف انحاز الغرب الديمقراطي للثورات المضادة، وساهم في إسقاط ثورات الربيع العربي الديمقراطي، ووقف ضدها منذ اللحظة الأولى.

ليس هذا فحسب، فقد كشفت حرب غزة الراهنة وما تعرضت له المدينة وشعبها من دمار وإبادة جماعية، ما خفي من الوجه الغربي الاستبدادي المتناقض، حيث وقف الغرب بقوة ضد المعارضين لهذه الحرب، فزجّ بهم في المعتقلات، وفصلهم من جامعاتهم ووظائفهم، ومارس شتى أنواع القمع ضد كل من اعترض على الحرب الإسرائيلية على غزة.

إعلان

بالعودة إلى موضوعنا، وهو جدل مأزق الديمقراطية المتجدد، فقد حضرت وشاركت خلال الأشهر الثلاثة الماضية في عدة ورش عمل ومؤتمرات وندوات دولية، امتدت من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا، وضمت نخبًا عربية وغربية متعددة ذات اهتمام علمي وأكاديمي بالسؤال الديمقراطي.

وقد لاحظت مدى حيرة الجميع أمام الأسئلة المطروحة حول الديمقراطية، وما إذا كانت قد وصلت بالفعل إلى طريق مسدود، وأين يكمن القصور إن لم يكن الأمر كذلك، إضافة إلى التساؤل عن البدائل الممكنة للخيار الديمقراطي في هذه اللحظة المحيرة من تاريخ العالم، وسط صعود الشعبوية الكبير.

وفعلًا، دارت نقاشات عديدة عكست بدورها حالة الحيرة الواقعية السائدة، ليس بسبب الفقر المعرفي أو النظري حول الديمقراطية وحلولها، وإنما أيضًا نتيجة اضمحلال مساحة العقلانية والوعي الديمقراطي، وهيمنة التفاهة والشعبوية على العديد من التجارب الديمقراطية اليوم.

علاوة على الفعل المضاد الذي بدأ هو الآخر بالبروز، كما هو الحال في بعض البلدان الأفريقية التي شهدت عدة انقلابات، اتخذت من إصلاح ما أفسدته لعبة الديمقراطية في هذه المجتمعات مبررًا لها. والكثير الكثير من الأسئلة التي لا تزال تبحث عن إجابات.

ومن هذه الأسئلة التي بدأت تبرز، ما علاقة الديمقراطية بالتنمية؟ وهل هي علاقة عكسية أم طردية؟ وذلك في ظل بروز النموذج الصيني، الذي بات يشكل سؤالًا محيرًا للكثيرين إزاء هذه التجربة التي استطاعت أن تحقق قدرًا كبيرًا من التنمية في ظل سلطة الحزب الواحد والزعيم الأوحد أيضًا، وهي تجربة تستدعي مزيدًا من الدراسة والبحث عن تجربة ديمقراطية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.

فالديمقراطية اليوم بنسختها الليبرالية الغربية، ربما تكون أمام تحدٍّ حقيقي، يتعلق بمدى فشل الفلسفة الليبرالية. لكن ثمة مجتمعات لم تعرف الديمقراطية بعد، ولم يتسنَ لها أن تجربها أو تحقق شيئًا ولو يسيرًا منها، فمن أين لها أن تشكل رؤية ما عن هذه الديمقراطية؟

إعلان

وذلك هو حال معظم دول العالمين العربي والإسلامي اللذين يملكان قدرًا من جذور فلسفة ديمقراطية، أو ما يسمى شورى أهل الحل والعقد والتي بدأت بعض الآراء تعتبرها خيارًا مناسبًا للسياق الثقافي العربي، وهو ما يستدعي نقاشًا مستفيضًا عن ميكانيزمات هذه البذرة التي لم يتم الاشتغال عليها حتى الآن، وظلت مجرد شذرات متطايرة لم يتم البناء عليها وتطويرها حتى تملك قدرة تفسيرية أكبر لمضمون الفلسفة السياسية في الإسلام.

في العموم، الديمقراطية ككل الأفكار البشرية السياسية هي أفكار تجريبية اجتهادية، وليست قوالب جامدة مقدّسة غير قابلة للنقاش والتغيير.

وهي واحدة من الأفكار التي قد تحتاج مجتمعات اليوم إلى إعادة النظر بها من زاوية البدائل والسياقات الثقافية المختلفة، وكيفية إعادة إنتاج نماذج ديمقراطية حسب كل سياق ثقافي، فينتج كل سياق ديمقراطيته الخاصة به، مما قد يدفع للقول إن ديمقراطية الحزب الشيوعي الصيني هي ديمقراطية تناسب السياق الثقافي الصيني مثلًا، أو أن ديمقراطية ولاية الفقيه في إيران هي ما يناسبهم وهكذا، وهو ما قد يحتم على كل سياق ثقافي أن ينتج تجربته الديمقراطية الخاصة به.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • شاهد بالصورة والفيديو.. بالتهليل والتكبير.. الفنان طه سليمان يصل مدينة بحري ويختبر معدات الصوت التي استجلبها لخدمة مساجد المدينة
  • العواك: النظام السياسي الرئاسي ضمن مسودة الإعلان الدستوري لا يسمح أن تقوم سلطة بعزل سلطة أخرى
  • قد تأخذ وقتا.. بلدية الناصرية تضع خطة لإزالة النفايات وتنظيف الطرق
  • “هيئة النقل”: غرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف ريال على الشركات التي لا تلتزم بتوصيل الشحنات البريدية للمستفيدين في المواقع المتفق عليها مسبقًا
  • أحمد التهامي: ركوب الخيل من الرياضات التي حثّ عليها النبي
  • هل تأخذ المرأة أجرًا على ارتداء الطرحة؟.. علي جمعة يحدد 3 شروط
  • “هيئة النقل”: غرامة 5 آلاف ريال على الشركات التي لا تلتزم بتوصيل الشحنات البريدية للمستفيدين في المواقع المتفق عليها مسبقًا
  • حرب قادمة وإخبارها مبهمة
  • رحلة في اختبار الديمقراطية