تناول مقال في مجلة إيكونوميست البريطانية بالتحليل قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الخامس من الشهر الجاري، فتح نقاش إستراتيجي حول إمكانية استخدام بلده قوتها الرادعة لحماية حلفائها في أوروبا في ظل التهديدات التي تواجه القارة من قِبل روسيا.

وفي خطاب متلفز في ذلك اليوم، أكد ماكرون التزام بلاده بحلف شمال الأطلسي (ناتو) والشراكة مع الولايات المتحدة، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة أن تبذل أوروبا جهودا أكبر لتعزيز استقلالها الدفاعي والأمني، ونقلت عنه قناة فرانس 24 القول "يجب ألا يُحدّد مستقبل أوروبا في واشنطن أو موسكو".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت جورنال: هل تستطيع أوروبا مواجهة روسيا بدون دعم أميركي؟list 2 of 2صحف عالمية: حماس لا تزال تحكم غزة والحوثيون شددوا إجراءات حماية زعيمهمend of list

لكن إيكونوميست تقول إن النقاش الذي أعلن عنه الرئيس الفرنسي يواجه مشكلتين تتعلقان بالمصداقية والإمكانيات، مشيرة إلى أن أوروبا ظلت تعتمد طيلة ما يقرب من 80 عاما على المظلة النووية الأميركية.

حريق دبلوماسي

وقد التقط رئيس وزراء بولندا دونالد تاسك الفكرة بعد يومين من خطاب ماكرون، حيث قال في كلمة أمام البرلمان "سنكون أكثر أمنا إذا كانت لدينا ترسانتنا النووية الخاصة بنا"، مبررا ذلك بـ"التغيير العميق الذي يحدث في الجغرافيا السياسية الأميركية"، وهو تعبير مخفف لما تصفه إيكونوميست بـ"الحريق الدبلوماسي" الذي أشعله رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.

إعلان

وجاء في المقال أن تاسك لم يكن يقترح أن تمتلك بلاده قنبلة نووية، بل كان يستجيب لدعوة رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريش ميرتس، إجراء محادثات مع بريطانيا وفرنسا حول "إضافة قوة مكمِّلة للدرع النووي الأميركي".

ومع ذلك، تصف المجلة البريطانية الردع النووي الموسّع بأنه أمر غريب وغير طبيعي، لأنه يتطلب من دولة ما التعهد باستخدام قواتها النووية وما قد يترتب عليها من إبادة، نيابة عن دولة أخرى.

ووفقا للمجلة، فإن صعوبة الوفاء بمثل هذا الوعد هو ما دفع أميركا إلى بناء ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية ونشرها في جميع أنحاء العالم، كما أن القوات النووية البريطانية، على الرغم من تواضعها، مكلَّفة هي الأخرى بالدفاع عن حلف الناتو.

ردع نووي

ولدى فرنسا -القوة النووية الوحيدة داخل الاتحاد الأوروبي بعد انسحاب بريطانيا منه- علاقة أكثر تعقيدا بالردع الموسع، فقد تبنت رادعا نوويا خاصا بها في خمسينيات القرن الماضي، افتراضا منها أن المظلة الأميركية لا يمكن الاعتماد عليها.

ولم تنضم فرنسا ولا تزال لا تشارك في مجموعة التخطيط النووي (NPG)، وهو منتدى لحلف شمال الأطلسي (الناتو) تناقش فيه الدول الأعضاء السياسة النووية.

وفي عام 1995، اتفقت بريطانيا وفرنسا على أن "المصالح الحيوية لإحداهما لا يمكن أن تكون مهددة دون أن تكون المصالح الحيوية للطرف الآخر معرضة للخطر بالقدر نفسه"، وهو ما عدّته إيكونوميست توسيعا مواربا لأفق الردع الفرنسي.

غير أن الرئيس ماكرون صرح في 2022 بأنه لن يرد بالمثل إذا استخدمت روسيا الأسلحة النووية في أوكرانيا، زاعما أن مصالح بلاده "لن تكون على المحك إذا كان هناك هجوم باليستي نووي في أوكرانيا أو في المنطقة".

وبدا أنه بهذه العبارة يستبعد من الحماية دول أوروبا الشرقية الحليفة للاتحاد الأوروبي والناتو، وفق المجلة البريطانية التي أشارت إلى أن ماكرون اتخذ -منذ ذلك الحين- منحى متشددا ونجح في إعادة بناء العلاقات مع تلك الدول.

إعلان تعاون نووي

ويتساءل الحلفاء الأوروبيون الآن عن المدى الذي قد يكون ماكرون على استعداد للذهاب إليه، إذ قال رئيس الوزراء البولندي للصحفيين إنه يريد أن يعرف تفاصيل ما يعنيه الرئيس الفرنسي في خطابه من إمكانية استخدامه الأسلحة النووية.

وفهمت المجلة من تصريحات دونالد تاسك تلك أنه ربما يلمّح إلى صيغة تمنح بلاده بعض الصلاحيات في إطلاق تلك الأسلحة.

ولكن ماكرون استبعد على ما يبدو أي احتمال لمنح دول أخرى مثل تلك الصلاحيات، مؤكدا بشكل جازم أن الرادع النووي الفرنسي "سلاح سيادي وفرنسي من بدايته إلى نهايته".

وثمة عقبات قانونية في هذا الصدد، فإذا أرادت بريطانيا أو فرنسا نقل الوصاية والسيطرة على أسلحتهما النووية، أو إذا رغبت دول غير نووية بناء أسلحة نووية جديدة، فسيتعين عليها الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أو انتهاكها.

وهناك مسار آخر -كما ورد في المقال- يتمثل في الاقتباس من النهج الأميركي للردع الموسع، فقد نشرت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة 180 قنبلة نووية تكتيكية من طراز (بي 61) أو نحو ذلك في أوروبا، ولا تزال هذه القنابل تحت السيطرة الأميركية.

ليس سهلا

لكن القوات الجوية في بلجيكا وألمانيا واليونان واليونان وإيطاليا وهولندا وتركيا تتدرب على حملها وتوصيلها باستخدام طائرات ذات قدرة مزدوجة.

ولعل أسوأ الاحتمالات -وهو ما يرجحه عدد قليل من المسؤولين- أن تقطع أميركا الدعم، وفي هذه الحالة يمكن لبريطانيا أن تحتفظ بالصواريخ التي بحوزتها، ربما لبضع سنوات.

بيد أن إيكونوميست تعتقد أن خطط بريطانيا المستقبلية للرؤوس الحربية والغواصات لن تكون قابلة للتطبيق، ولذلك فإن أحد الخيارات المتاحة أمام لندن هو إحياء فكرة التعاون مع فرنسا.

ولا يزال النقاش الإستراتيجي الذي يجريه ماكرون في مراحله المبكرة، كما تقول هيلواز فاييه من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في باريس، مضيفة أنه "لا حديث عن نشر الأسلحة النووية الفرنسية خارج الأراضي الفرنسية".

إعلان

وخلصت المجلة إلى أن هذا الكلام قد يحبط أمثال رئيس الوزراء البولندي، الذي يرى أن هناك أزمة على وشك الحدوث.

وختمت بالقول إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثار أكثر النقاشات عمقا حول استخدام القدرات النووية منذ خمسينيات القرن الماضي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات الأسلحة النوویة

إقرأ أيضاً:

أمريكا تسرع خططها لإنتاج قنبلة نووية.. أقوى بـ24 مرة من تأثير هيروشيما

تسابق الولايات المتحدة الزمن لإنتاج قنبلة نووية جديدة فائقة التدمير، وسط تصاعد التوترات العالمية مع الصين وروسيا، مع مخاوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة.

وكشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أن القنبلة النووية الجديدة (B61-13)، تفوق قوتها 24 من قنبلة "الولد الصغير" التي ألقيت على هيروشيما اليابانية، وتسببت في كارثة بشرية وبيئية.

وذكرت أنه تم تقديم الجدول الزمني لإنتاج هذه القنبلة من عام 2026 إلى نهاية عام 2025 بسبب "الحاجة الملحة"، مشيرة إلى أنها صُممت لتكون بديلاً للقنابل النووية القديمة وتبلغ قوتها التدميرية 360 كيلوطن.

وتعتمد القنبلة الجديدة على الرأس الحربي لقنبلة "B61-7 مع ميزات حديثة من قنبلة B61-12، بما في ذلك أنظمة أمان وتوجيه دقيق.

وفي توقعات لحجم تدميرها، قالت الصحيفة، إنها إذا أُلقيت القنبلة على مدينة مثل بكين، قد تُسبب في قتل 788 ألف قتيل، إضافة إلى 2.2 مليون جريح.


كما يمكن للقنبلة تدمير كامل لأي شيء ضمن دائرة نصف قطرها نصف ميل، مع أضرار جسيمة على مدى ميلين، مع مستويات إشعاع قاتلة قد تقتل الناجين في غضون شهر.

وحول دوافع إنتاج هذه القنبلة، تتخوف الولايات المتحدة من تصاعد التوترات مع الصين وروسيا، خاصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا، حيث تسود المخاوف من اندلاع صراع عالمي قد يتطلب استخدام رادع نووي جديد.

وقالت الصحيفة إن تسريع إنتاج قنبلة (B61-13) النووية يعكس تصاعد التوترات الجيوسياسية بين القوى العظمى، مع استعداد الولايات المتحدة لمواجهة تهديدات عسكرية محتملة. هذه الخطوة تزيد من المخاوف العالمية بشأن اندلاع صراع نووي مدمر.

وشنت الولايات المتحدة هجوما بقنبلة ذرية على هيروشيما في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، سميت بـ"الولد الصغير"، ثم تلاها إطلاق قنبلة الرجل البدين على مدينة ناغازاكي، ما تسبب في قتل ما يصل إلى 140 ألفا شخص في هيروشيما، و80 ألف شخص في ناغازاكي.

مقالات مشابهة

  • أقوى بـ«24 مرة» من قنبلة هيروشيما.. واشنطن تطوّر قنبلة نووية جديدة
  • الفرنسي ليتكسير حكماً لمباراة ريال مدريد وأرسنال في إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا
  • أمريكا تسرع خططها لإنتاج قنبلة نووية.. أقوى بـ24 مرة من قنبلة هيروشيما
  • أمريكا تسرع خططها لإنتاج قنبلة نووية.. أقوى بـ24 مرة من تأثير هيروشيما
  • واشنطن تطوّر قنبلة نووية.. أقوى بـ24 مرة من قنبلة هيروشيما
  • نتنياهو يهاجم الرئيس الفرنسي: الترويج لدولة فلسطينية خطأ فادح
  • نتنياهو: ماكرون يرتكب خطأ فادحا بالترويج لدولة فلسطينية
  • غذا الاثنين .. موجة إعلامية عالمية تحت شعار .. #لأجل_غزة #أوقفواالإبادة
  • الناتو يحذر من خطط روسيا لنقل الأسلحة النووية للفضاء
  • ليبيا تشدد على ضرورة التخلص من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل