الجزيرة:
2025-03-14@05:03:55 GMT

قائمة أعداء ترامب الطويلة

تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT

قائمة أعداء ترامب الطويلة

حرب إدارة ترامب ضد الدولة العميقة ليست عملية تطهير تهدف إلى تحريرنا من استبداد أجهزة الاستخبارات، والشرطة العسكرية، وأكبر نظام سجون في العالم، والشركات الجشعة، أو إنهاء المراقبة الجماعية. لن تؤدي إلى استعادة سيادة القانون لمحاسبة الأقوياء والأثرياء، ولن تقلل من الإنفاق العسكري الهائل الذي يبلغ تريليون دولار تقريبًا سنويًا.

جميع الحركات الثورية، سواء من اليسار أو اليمين، تسعى إلى تفكيك الهياكل البيروقراطية القديمة.

الفاشيون في ألمانيا والبلاشفة في الاتحاد السوفياتي، بمجرد استيلائهم على السلطة، قاموا بتطهير الخدمة المدنية بقوة. لقد رأوا في هذه الهياكل عقبة أمام سيطرتهم المطلقة، وهو ما يحدث الآن في الولايات المتحدة، لكن بأسلوبها الخاص.

المعارك الخلفية- كما حدث في السنوات الأولى من الاتحاد السوفياتي وألمانيا النازية- تدور الآن في المحاكم ووسائل الإعلام المعارضة لترامب. في البداية، ستكون هناك انتصارات مؤقتة، كما واجه البلاشفة والنازيون مقاومة من القضاء والصحافة، لكن عمليات التطهير، المدعومة بليبرالية مفلسة لم تعد تدافع عن شيء، ستضمن في النهاية انتصار الحكام الجدد.

أقدمت إدارة ترامب على طرد أو إقالة مسؤولين كانوا يحققون في الفساد داخل الحكومة الفدرالية، بمن فيهم 17 مفتشًا عامًا. أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات الفدرالية، مثل مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) ووزارة الأمن الداخلي (DHS)، يتم تطهيرها من الأشخاص الذين يعتبرون معادين لترامب.

إعلان

سيتم تحويل المحاكم، مع تكديسها بقضاة موالين، إلى أدوات لملاحقة "أعداء الدولة"، وحماية الأثرياء وأصحاب النفوذ. المحكمة العليا، التي منحت ترامب حصانة قانونية، وصلت بالفعل إلى هذه المرحلة.

الهدف الحقيقي لإدارة ترامب ليس الدولة العميقة. الهدف هو القوانين واللوائح والبروتوكولات والأنظمة، وكذلك موظفو الخدمة المدنية الذين ينفذونها، لأنها تعيق السيطرة الدكتاتورية.

سيتم إلغاء الضوابط والتوازنات والمساءلة والسلطة المحدودة للحكومة. سيتم تطهير أي شخص يعتقد أن الحكومة يجب أن تخدم الصالح العام، وليس فقط أوامر الحاكم. ستُعاد هيكلة الدولة العميقة لخدمة عبادة القائد، وستصبح القوانين والحقوق الدستورية بلا معنى.

قال ترامب في منشور على منصتَي تروث سوشيال وإكس: "من ينقذ بلاده لا ينتهك أي قانون".

تم استبدال الفوضى التي ميزت إدارة ترامب الأولى بخطة منظمة لخنق ما تبقى من الديمقراطية الأميركية الضعيفة. تم إعداد مشاريع مثل "مشروع 2025" (Project 2025) ومركز تجديد أميركا (Center for Renewing America) ومعهد سياسة أميركا أولًا (America First Policy Institute) مسبقًا، حيث قدمت مخططات تفصيلية، ومقترحات تشريعية، وأوامر تنفيذية وسياسات تهدف إلى إعادة هيكلة الحكومة بالكامل.

الركيزة القانونية لهذا التفكيك، هي نظرية السلطة التنفيذية الموحدة، التي صاغها القاضي أنتونين سكاليا في رأيه المخالف في قضية Morrison v. Olson. وفقًا لسكاليا، فإن المادة الثانية من الدستور تمنح الرئيس السلطة المطلقة في كل ما لا يُصنف صراحة ضمن اختصاص الكونغرس أو القضاء. إنها تبرير قانوني للدكتاتورية.

رغم أن مشروع 2025، لم يذكر صراحة هذه النظرية، فإنه يروج لسياسات تتماشى مع مبادئها، مثل فصل عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين واستبدالهم بموالين لترامب، وإضعاف حقوق العمال الحكوميين لجعلهم أكثر عرضة للإقالة بناءً على رغبة السلطة التنفيذية. راسل فويت، أحد مهندسي مشروع 2025، عاد الآن ليشغل منصب مدير مكتب الإدارة والميزانية، وهو المنصب نفسه الذي شغله في الولاية الأولى لترامب.

إعلان

واحدة من آخر خطوات ترامب في ولايته الأولى كانت توقيع "أمر إنشاء الجدول F في الخدمة المستثناة"، الذي ألغى الحماية الوظيفية للبيروقراطيين الفدراليين. قام جو بايدن بإلغائه، لكنه عاد الآن بقوة.

تم فصل أكثر من 9.500 موظف فدرالي، مع قبول 75.000 آخرين لشراء تقاعد مبكر أقل حماية، بالإضافة إلى تخفيض 70٪ من الموظفين في وكالات حكومية مختلفة. في الوقت نفسه، يتم تجميد مليارات الدولارات من التمويل، وتستمر وزارة كفاءة الحكومة (Department of Government Efficiency – DOGE) التي يديرها إيلون ماسك في الاستيلاء على البيانات السرية.

لكن هذه التخفيضات لن تحد من الإنفاق الحكومي الفدرالي، خاصة إذا ظل الإنفاق العسكري مقدسًا، حيث يدعو الجمهوريون في الكونغرس إلى زيادة 100 مليار دولار إضافية في الميزانية العسكرية خلال العقد المقبل. وبينما يريد ترامب إنهاء الحرب في أوكرانيا ضمن إستراتيجيته لكسب ود بوتين، فإنه يدعم الإبادة الجماعية في غزة.

هذا التطهير يهدف إلى القضاء على الرقابة الحكومية، وتجاوز القوانين واللوائح التي تحكم عمل المؤسسات الفدرالية، وملء المناصب الحكومية بـ"موالين" تم اختيارهم عبر قاعدة بيانات أعدها معهد الشراكة المحافظة (Conservative Partnership Institute). كما أنه فرصة لإثراء الشركات الخاصة، بما في ذلك عدة شركات يملكها ماسك، التي سيتم منحها عقودًا حكومية مربحة.

إضافة إلى ذلك، يهدف ترامب إلى زيادة نفوذ ماسك في المجال الرقمي، حيث يسعى إلى تحويل منصة إكس إلى "التطبيق الشامل". وقد أعلن ماسك عن "X Money"، وهي محفظة رقمية تتيح تحويل الأموال بين المستخدمين. وبعد أسابيع قليلة من إعلان الشراكة مع Visa، طلبت وزارة كفاءة الحكومة الوصول إلى بيانات مصلحة الضرائب الأميركية، بما في ذلك أرقام الضمان الاجتماعي، والعناوين، والدخل، والعقارات المملوكة، واتفاقيات حضانة الأطفال.

إعلان

ترامب، ككل المستبدين، لديه قوائم طويلة من الأعداء. فقد سحب الحماية الأمنية من مسؤولين سابقين في إدارته، بمن في ذلك الجنرالان مارك ميلي ومايك بومبيو. كما هدد بإلغاء التصاريح الأمنية للرئيس بايدن ومسؤولين آخرين مثل أنتوني بلينكن وجيك سوليفان. كذلك، يمنع وسائل الإعلام المعارضة من تغطية الأحداث في البيت الأبيض، ويطرد مراسليها من البنتاغون.

بمجرد أن يترسخ هذا النظام الجديد، ستصبح القوانين واللوائح مجرد أدوات بيد البيت الأبيض. ستفقد الوكالات المستقلة مثل لجنة الانتخابات الفدرالية (Federal Election Commission – FEC)، ومكتب حماية المستهلك (Consumer Financial Protection Bureau – CFPB)، ونظام الاحتياطي الفدرالي (Federal Reserve System) استقلالها.

ستبدأ عمليات الترحيل الجماعي، وسيتم فرض التعليم القومي المسيحي في المدارس، مع تقليص البرامج الاجتماعية مثل الرعاية الطبية، والإسكان لذوي الدخل المنخفض، وبرامج التدريب المهني. ستتمكن الشركات الجشعة من استغلال الجمهور دون أي قيود.

النتيجة ستكون مجتمعًا من السادة والعبيد. وكما قالت روزا لوكسمبورغ: "إضفاء الطابع الوحشي على الحياة العامة".

المقاومة الأخلاقية ضرورة، حتى عندما تبدو الهزيمة أمرًا حتميًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان

إقرأ أيضاً:

لماذا منحت إدارة ترامب الضوء الأخضر لاتفاق الشرع وقسد؟

في خطوة تاريخية محفوفة بالأمل والمستقبل المشرق، تمّ في العاصمة دمشق، توقيع اتفاق تاريخي بين الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي يوم الاثنين، 10 مارس/ آذار 2025.

هذا الاتفاق يعد بمثابة نقطة تحول هامة في تاريخ سوريا المعاصر، كونه يوحد الفرقاء ويضع الأسس لمصالحة وطنية مستدامة، وهو بمثابة رسالة قوية لكل من راهن على فشل الشعب السوري في تحقيق وحدته وأمنه، بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وقد تزامن توقيع هذا الاتفاق مع لحظة فارقة في حياة الشعب السوري، بعد الأزمة الكبرى التي عصفت بمناطق الساحل السوري في محافظتي اللاذقية وطرطوس، حيث سعت الفلول الموالية للنظام السابق إلى إشعال فتنة طائفية تجرّ البلاد إلى حرب أهلية تهدد الجميع دون استثناء.

خلفية الاتفاق

 بلا شك، لم يكن الاتفاق وليد اللحظة التي أعلن فيها. فالواضح أنه مرّ بمخاضات عسيرة ومباحثات سرية مطولة بين الجانبين، استمرت منذ سقوط نظام الأسد، حيث تم استقبال قائد "قسد" مظلوم عبدي في دمشق بمعية جنرال أميركي، رفض الشرع اللقاء به في حينه، وتم الاتفاق مع الكرد على مجموعة نقاط، والاختلاف على نقاط أخرى تبين أنها، تفصيلية تعلق بعضها بدمج القوات الكردية بوزارة الدفاع السورية، ورغبة الكرد بالحصول على اعتراف الحكومة السورية بالهوية الكردية في سوريا.

إعلان

ولعل أعقد القضايا التي أجلت إعلان الاتفاق، كانت تتعلق بمستقبل سجون أفراد تنظيم الدولة الإسلامية، ولا سيما سجن "الهول" وسجن "الصناعة" في منطقة غويران بمدينة الحسكة، حيث يقبع الآلاف من أعضاء التنظيم، وبضمنهم قيادات مهمة في التنظيم، حيث بقي الموقف الكردي مترددًا في تسليم السجون، ومرتبطًا بموقف الإدارة الأميركية، والتي تعتقد أن النظام السوري الجديد، لم يقدم الضمانات الأمنية الكافية، التي تحمي تلك السجون وتمنع تعرضها لعمليات اختراق تؤدي لهروب مقاتلي تنظيم الدولة.

ولكن يبدو أن إعلان الإدارة الأميركية الجديدة عن نيتها سحب القوات الأميركية من شرق سوريا  وتأييدها اتفاق السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، قد خفف العبء عن قائد قوات "قسد" مظلوم عبدي، ودفعه للموافقة على تسليم السجون، بعد أن كان قراره في السابق مرهونًا بالموافقة الأميركية.

ولا شك أن الاتفاق ستكون له انعكاسات مؤثرة على وحدة سوريا الوطنية، فهو سيعزز من قدرة النظام الجديد التفاوضية في جذب جماعات محلية أخرى، ما زالت ترى فيه تهديدًا لوجودها وهويتها، ولا سيما في مناطق الساحل العلوي، وكذلك في جبل العرب في السويداء حيث يشكل الدروز غالبية سكانه.

فالمؤمل أن ينبه الاتفاق الدروز إلى أنهم يجب ألا يكونوا الجيب المتمرد الذي تمرق منه دعوات تفكيك سوريا، ولا سيما من إسرائيل التي أعلن رئيس وزرائها قبل أسبوعين عن دعم ما يسمى (تحالف الأقليات)، الذي يضم الأكراد والدروز والعلويين وربما يشمل المسيحيين، لمواجهة النظام السوري الجديد.

كما سيعزز الاتفاق الحضور الشعبي لنظام الشرع، كونه يتوافق بكل تفاصيله مع أهداف الثورة السورية، وسعي الشرع لاستعادة وحدة سوريا، والبدء بعملية سياسية تستوعب الجميع، كما أنه جاء تأكيدًا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في فبراير/ شباط 2025، والذي أكد على وحدة سوريا وشعبها، وعلى حق الدولة وحدها في احتكار السلاح، وبسط نفوذها على كامل التراب السوري، وبناء دولة القانون التي يتساوى في ظلها الجميع.

إعلان المواقف الإقليمية والدولية

لا شك أيضًا أن الاتفاق لم يكن وليد اتفاق داخلي بين الشرع ومظلوم عبدي فحسب. فالنوايا الصادقة لا تشفع في تمرير اتفاق تاريخي له انعكاساته الإقليمية والدولية.

وعليه، فإن الأجواء الدولية كانت من أهم العوامل التي ساندت الاتفاق الحكومي الكردي. فالولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لقائد قوات "قسد" بالمضي بالاتفاق، ودمج قواته في وزارة الدفاع السورية، كجزء من إستراتيجية ترامب في التخلص من الأعباء المالية لـ"قسد"، والتي تكلف الموازنة الأميركية ما يزيد عن 500 مليون دولار سنويًا، منذ تأسيسها أميركيًا عام 2015.

والواضح أن الرؤية الأميركية أخذت ومنذ سقوط الأسد، تركز على إعادة تأهيل سوريا لكي تكون فاعلًا أساسيًا في ترتيبات الشرق الأوسط الجديد، وأن إقامة نظام جديد في سوريا مرتبط، بتدفق النفوذ الأميركي في سوريا في المستقبل المنظور، لجهة التطبيع المستقبلي مع إسرائيل، ومحاصرة مهدداتها الأمنية المتمثلة بحزب الله اللبناني، أو لجهة تعزيز الامتيازات الاقتصادية للشركات الأميركية في سوريا، في قطاعي النفط والغاز والبنى التحتية.

وعليه، أعطت إدارة ترامب الضوء الأخضر لإعادة تأهيل ومساندة النظام السوري الجديد، وتسهيل سيطرة الجيش السوري على كامل الأراضي السورية، ولهذا فمن الراجح أن تشهد المرحلة المقبلة، توجهًا أميركيًا لتخفيف أو رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية والأوروبية، وبما يساعد في تسهيل تعاملات المصارف الدولية مع سوريا، والبدء بعلاقات دبلوماسية تمكن القيادة السورية من ضبط الواقع الأمني، وإعادة دمج سوريا في المنظومة الدولية، بعد أن تضمن أن النظام الجديد لن يكون محطة لتصدير الإرهاب، كما كان يفعل نظام بشار الأسد.

أما تركيا، فرغم قبولها الحذر بالاتفاق، إلا أن الواضح أن الاتفاق جاء كنتيجة مباشرة للإعلان التاريخي المهم لحزب العمال الكردستاني التركي، بوقف نشاطاته العسكرية ضد الجيش التركي، مما شكل دافعًا لقادة سوريا الديمقراطية، للمضي بتوقيع الاتفاق، وتسعى تركيا إلى ألا يَضمن الاتفاق مستقبلًا، أي سيطرة سياسية وأمنية لـ"قسد" في مناطق شمال وشرق سوريا، وألا يرسخ أي نوع للحكم الذاتي لأكراد سوريا، يمكن أن يهدد مستقبلًا الأمن القومي التركي.

إعلان ألغام في طريق الاتفاق

كما أسلفنا فإن الاتفاق خطوة تاريخية مهمة في سبيل استعادة وحدة سوريا، وتوحيد جيشها وتقوية اقتصادها، فانضمام قسد إلى الجيش السوري، سيعزز من قدرات الجيش القتالية، فالمقاتلون الأكراد مدربون تدريبًا عاليًا على يد القوات الأميركية، ومجهزون بأحدث الأسلحة، كما أن استعادة ما يزيد عن 27% من الأراضي السورية، وما تحوي من ثروات نفطية وحقول غاز ومعابر حدودية ومياه، ستمكن النظام السوري الجديد، اقتصاديًا، وتعينه في معالجة الكثير من مشكلات الفقر والبطالة وتنمية الاقتصاد السوري، عبر تنشيط صناعة النفط والغاز والزراعة والصناعة في مناطق شمال وشرق سوريا.

ولكن كما يقال فإن النوايا الطيبة في السياسة لا تصمد، وعليه فإن استمرار هذا الاتفاق إلى نهايته محفوف بجملة من المخاطر، لعل أهمها ما يتعلق بإعادة دمج قوات قسد في صفوف الجيش السوري، فهل سيتم دمج كل عناصرها البالغ عددهم 120 ألف مقاتل، أم سيتم قبول مجموعات وتسريح مجموعات أخرى وإحالتهم لوظائف مدنية؟

وهل سيتم قبول المقاتلين الأكراد وتسريح المقاتلين العرب في قسد؟ ثم ماذا بخصوص الأسلحة الأميركية، فهل سيقبل النظام الجديد وكذلك تركيا باحتفاظ "قسد"، بأسلحتها الأميركية المتطورة أم سيصار إلى نزعها وتحويلها لبقية فصائل الجيش السوري؟ وهل سيتم توزيع قوات "قسد" على وحدات ومناطق انتشار الجيش السوري، أم ستبقى القوات الكردية متمركزة في مناطقها الحالية؟

أما من الناحية الاقتصادية، فرغم أن الاتفاق سيفتح آفاقًا اقتصادية مهمة للاستثمار الأجنبي، ويعين في تغيير بنية الاقتصاد السوري، عبر إلغاء القوانين الاقتصادية الاشتراكية القديمة والمعرقلة للاستثمار، فإن انتزاع سيطرة قوات "قسد" على مصادر التمويل المالي الكبيرة المتحصلة من تهريب النفط والغاز والزراعة والمعابر، ليس بالأمر الهين، في ظل وجود مافيا السلاح والجريمة والمخدِرات، وفي ظل وجود جماعات كردية رافضة للاتفاق، ومجموعات منفلتة لمقاتلين أجانب، استمرأت تجارة المخدِرات وتهريب النفط والسلاح عبر الحدود.

إعلان

ولاشك أن التحدي الإسرائيلي لا يزال يشكل أهم العقبات المستقبلية لعرقلة الاتفاق، فالاتفاق أعاد الأكراد لحضن الدولة السورية، مما شكل ضربة لإستراتيجية تل أبيب في تحريك ملف الأقليات في سوريا، وإضعاف نظامها الجديد.

وعليه، فمن المرجح أن تعيد إسرائيل تفعيل إستراتيجيتها، عبر دعم بعض الأطراف الكردية وغير الكردية المتضررة من هذا الاتفاق.

ختامًا، يبقى هذا الاتفاق خطوة حذرة في مسار سياسي معقد، حيث سيتحدد مستقبله على قدرة الأطراف المعنية على الموازنة بين المصالح المتضاربة وإدارة التحديات الداخلية والخارجية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • آخر حلقات مسلسل غرينلاند.. ترامب يقترح ضم الجزيرة إلى حلف الناتو
  • الخارجية الروسية: موسكو وسعت قائمة عقوباتها ردا على حزمة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي
  • لماذا منحت إدارة ترامب الضوء الأخضر لاتفاق الشرع وقسد؟
  • الحزب المؤيد لاستقلال جرينلاند يفوز بأغلبية في البرلمان.. وسط سعي ترامب للسيطرة على الجزيرة
  • إعلان قائمة الأخضر لمواجهتي الصين واليابان
  • المعارضة في غرينلاند تفوز بالانتخابات وسط مساعي ترامب لشراء الجزيرة
  • مشكلة الحكومة أنها غير متمكنة من استعادة قرار الحرب والسلم
  • غرينلاند أمام انتخابات مصيرية قد تؤدي للاستقلال عن الدانمارك
  • كاساس يصل بغداد اليوم.. موعد إعلان قائمة المنتخب العراقي للتصفيات المونديالية