قادة الاتصالات العالميون يبحثون تحول قطاع التسويق الرقمي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
مارس 13, 2025آخر تحديث: مارس 13, 2025
المستقلة/- سجّلت قمة “الذكاء الاصطناعي بلا حدود” حضوراً قوياً خلال فعاليات “المؤتمر العالمي للجوال 2025″، حيث جمعت نخبة من روّاد قطاع الاتصالات العالميين لاستشراف فرص جديدة في قطاع التسويق التجاري بين الشركات (B2B) في عصر الذكاء الاصطناعي. وركزت القمة على تحويل شركات الاتصالات التقليدية إلى شركات تكنولوجية، لافتة إلى الدور الجوهري للذكاء الاصطناعي، وتقنية الجيل الخامس، والبيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، وتقنيات الحوسبة المتقدمة، في دفع عجلة الابتكار والكفاءة عبر مختلف القطاعات.
وفي خطوة فارقة على طريق التحول السريع لقطاع الاتصالات، قام خبراء الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول وممثلو القطاع بإصدار ورقة عمل مشتركة تهدف إلى تسريع التحول الذكي لمشغلي الاتصالات، بعنوان “اتخاذ القرار: التحول إلى شركات تكنولوجية معتمدة على الذكاء الاصطناعي هو الضمانة لقطاع التسويق التجاري بين الشركات”. وقدمها كل من “ألين تانج”، رئيس قسم تسويق حلول تقنية المعلومات والاتصالات لدى هواوي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ووانج يونجد، المدير العام لتطوير حلول التقنيات الأخرى لشبكات الاتصالات المتنقلة للشركات لدى هواوي.
وأكدت ورقة العمل ضرورة تبني مشغلو الاتصالات لـ “تحول ثلاثي الأبعاد” للحفاظ على قدرتهم التنافسية، تزامناً مع تزايد طلب الشركات على خدمات الحوسبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال تطوير القدرات بالاعتماد على بنى تحتية من الجيل القادم، مثل مصانع الذكاء الاصطناعي، ووحدات معالجة الرسومات كخدمة، بما يضمن تحويل موارد الشبكة إلى أصول ذكية مُتسقة.
كما ركزت على أهمية ابتكار الخدمات من خلال تطوير خدمات فارقة مدعومة بتقنية الجيل الخامس في مجال الألعاب، والوسائط المتدفقة، والتكنولوجيا المالية، مما يؤسس لسلسلة قيمة متكاملة مكونة من “الاتصال + القوة الحوسبية + الخوارزمية”.
وتناولت أيضاً إعادة بناء منظومة الاتصالات عبر توظيف المنصات الرقمية لدمج خدمات الشركات وتقنيات الجيل الخامس، بحيث يتحول مشغلو الاتصالات من “مُزود خدمة اتصال” إلى “معزز لمنظومة الاتصالات “.
واستعرضت ورقة العمل نموذج هواوي المرجعي “Techo 1.0″، الذي يعتمد نهجاً مدروساً للتحول ثلاثي الأبعاد لتمكين مشغلي الاتصالات من التحول إلى شركات تكنولوجية من خلال “تخديم العمل”، و”منصات الخدمات”، و”المنصة الذكية”. وتفتح هذه المفاهيم أمام مشغلي الاتصالات مجالات أساسية للتطور، ومسارات جديدة لدخول السوق، وذلك بالارتكاز على شبكات متطورة لدفع عجلة نمو الشركات في العصر الذكي.
كما وتم تقديم أمثلة ملموسة لشركات اتصالات حققت نجاحات ملحوظة من خلال تبني استراتيجيات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة التشغيلية وخدمات الشركات، ومن بينها:
مركز التشغيل والصيانة الذكي: ساعدت الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تحسين دقة التنبؤ بأعطال الشبكة بما يزيد على 98%. منصة الصناعة المتقدمة: عززت حلول التوأم الرقمي في قطاع التصنيع كفاءة التشغيل والصيانة للشركات بنسبة 40%. سوق تداول أسهم الحوسبة: أدت جدولة موارد وحدة معالجة الرسومات المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى خفض زمن انتظار المعاملات عالية التردد في الأسواق المالية إلى أجزاء من الثانية فقط.وأوضح بيتر جاريتش، رئيس الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA): “إن التحول التكنولوجي ليس مجرد تحسينات تقنية نقوم بها، وإنما تحول جذري في استراتيجية الأعمال. ولكي تمتلك الريادة في سوق الذكاء الاصطناعي الذي تقدر قيمته بنحو تريليون دولار، فإنه يتعين على شركات الاتصالات أن تتبنى ذهنية عقلية قائمة على توظيف المنصات الذكية، وأن تنظم سلسلة القيمة بأكملها، ابتداء من التكهن بالطلب، وتجميع القدرات، وانتهاء بتحقيق القيمة”.
وتتوفر “ورقة عمل تحول تكنولوجيا الاتصالات” الآن عالمياً على الموقع الرسمي للجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA)، وتتضمن رؤى وأطر عمل ميدانية، ودراسات حالة، وأدوات عملية لمشغلي الاتصالات في رحلة تحولهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: المدعومة بالذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی من خلال
إقرأ أيضاً:
التحول الرقمي.. إما أن تواكب أو تتلاشى!
د. ذياب بن سالم العبري
يشهد العالم تحولات رقمية متسارعة، أعادت تشكيل ملامح الاقتصاد وأساليب الإدارة، وأصبحت التكنولوجيا محورًا رئيسيًا في تعزيز الإنتاجية وتحسين الخدمات. لم تعد المؤسسات العُمانية بمنأى عن هذا التطور، بل أصبح التحول الرقمي ضرورة استراتيجية، وليس مجرد خيار، لمواكبة التغيرات وتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية "عُمان 2040" التي تسعى إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار والتقنيات الحديثة.
التحول الرقمي لا يقتصر على إدخال التكنولوجيا، بل هو تحول شامل في طريقة التفكير والإدارة واتخاذ القرارات. إنه رحلة تتطلب قيادة واعية تمتلك المرونة والقدرة على توظيف البيانات في صناعة القرار، لضمان تحقيق الأهداف المنشودة وتعزيز الكفاءة التشغيلية. كما إن مفهوم "التحول الرقمي اليومي" أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا؛ حيث تؤثر التكنولوجيا على كل جانب من جوانب الأعمال والخدمات، من المعاملات المصرفية إلى التجارة الإلكترونية والرعاية الصحية، مما يفرض على المؤسسات تبني استراتيجيات جديدة لمواكبة التغيرات المتسارعة.
لضمان نجاح هذا التحول، لا بُد أن تكون الرؤية واضحة بحيث تتكامل المبادرات الرقمية مع الأهداف التنموية للسلطنة، وتسهم في بناء اقتصاد رقمي متقدم. وهذا يتطلب قدرة عالية على التكيف مع التقنيات الحديثة، وإعادة تعريف طرق العمل، والتفاعل مع العملاء بوسائل أكثر سرعة وكفاءة. وعلى سبيل المثال، أصبح العملاء في القطاع المصرفي يفضلون التعاملات الرقمية بدلًا من زيارة الفروع التقليدية؛ مما دفع البنوك إلى تطوير تطبيقات مبتكرة تسهل عمليات التحويل المالي والاستشارات الذكية. وفي قطاع التجارة، أصبحت المنصات الإلكترونية أساسًا لنجاح المؤسسات؛ حيث توفر للزبائن تجربة تسوق أكثر سهولة وأمانًا.
لكن نجاح التحول الرقمي لا يرتبط فقط بتبني التكنولوجيا؛ بل يتطلب تحولًا ثقافيًا داخل المؤسسات؛ حيث ينبغي تشجيع الموظفين على التكيف مع الأدوات الرقمية الجديدة، وتعزيز بيئة الابتكار والتجربة المستمرة. فالمؤسسات التي لا تستثمر في تطوير مهارات كوادرها ستجد نفسها متأخرة في سباق التنافسية، مما يستلزم تكثيف التدريب والتأهيل لضمان الجاهزية لاستخدام التقنيات الحديثة بكفاءة.
إلى جانب ذلك، أصبحت القرارات المستندة إلى البيانات عاملًا حاسمًا في نجاح المؤسسات، حيث تتيح التحليلات الرقمية تحسين التخطيط الاستراتيجي، وفهم اتجاهات السوق، والتعرف على احتياجات العملاء بدقة أكبر. كما أن التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة أصبح ضرورة لكسر الحواجز الإدارية وتحقيق تكامل رقمي يسهم في تحسين جودة الخدمات وزيادة الإنتاجية. فعلى سبيل المثال، يمكن ربط أنظمة الصحة الإلكترونية بالمستشفيات والمراكز الصحية لتوفير خدمات طبية أكثر دقة وفاعلية، تعتمد على الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر وتحليل البيانات الصحية.
ورغم هذه الفرص، فإن التحديات لا تزال قائمة، وأبرزها مقاومة التغيير. ولا يزال البعض يفضل الطرق التقليدية في العمل، مما يستدعي تكثيف البرامج التوعوية والتدريبية لإبراز فوائد التحول الرقمي، وتعزيز تقبل المجتمع لهذه التغيرات. كما أن بعض المؤسسات تعتمد على أنظمة قديمة تعيق الرقمنة؛ مما يتطلب وضع خطط تحديث تدريجية لضمان الانتقال السلس دون التأثير على استمرارية العمل. بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص الكفاءات المتخصصة في التقنيات الحديثة يمثل تحديًا آخر، مما يستوجب الاستثمار في التعليم والتدريب المهني لضمان استدامة الكفاءات الرقمية في مختلف القطاعات. ولا يمكن إغفال أهمية الأمن السيبراني؛ حيث يجب وضع استراتيجيات متكاملة لحماية البيانات وضمان الامتثال للمعايير الأمنية المحلية والدولية.
ولضمان نجاح القادة في قيادة التحول الرقمي، لا بُد من تعزيز ثقافة الابتكار، والقدرة على التكيف مع التطورات المتسارعة، وتمكين الكفاءات الوطنية. كما إن تحسين تجربة المواطن أصبح ضرورة مُلحَّة؛ حيث توفر الحلول الرقمية فرصًا هائلة لتطوير الخدمات الحكومية وجعلها أكثر كفاءة وذكاء. على سبيل المثال، يمكن للجهات الحكومية الاستفادة من تقنيات الهوية الرقمية والتوقيع الإلكتروني لتقديم خدمات أسرع وأكثر أمانًا، مما يسهم في تقليل الإجراءات الورقية ورفع كفاءة الأداء.
إنَّ مستقبل سلطنة عُمان يعتمد بشكل أساسي على قدرة مؤسساتها وقياداتها على تبني التحول الرقمي كعنصر جوهري في استراتيجياتها؛ فالتحول الرقمي ليس مجرد تحديث للأنظمة؛ بل هو نقلة نوعية في طريقة التفكير والإدارة، وهو اليوم مسألة بقاء واستمرار، وليس مجرد تحسين وتطوير. فإمَّا أن نواكب هذا التغيير ونسابق الزمن، أو نجد أنفسنا متأخرين في عالم يتجه بسرعة نحو المستقبل الرقمي.