فى رأيى أن مصر تنتظر هدية ربما يكون لها مفعول السحر فى تخليصها من ذلك الأخطبوط المسمى بالدولار، الذى يلتف حول رقبتها ويضغط إلى حد خنقها تماما وتحويلها إلى دولة فاشلة، أو على الأقل دولة مفلسة.
الهدية التى أقصدها هنا هى الموافقة على طلب مصر بالانضمام إلى مجموعة بريكس.
وقبل الدخول إلى ما ينتظر مصر من مكاسب أدعوكم إلى سطور تكشف ما هى بريكس واللاعبون الأساسيون بها، وكيف أدخلت الرعب إلى قلب إمبراطورية الرأسمالية بالولايات المتحدة الأمريكية.
بريكس هو مختصر للحروف الأولى باللغة اللاتتينية BRICS/المكونة لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادى بالعالم، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. عقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع المؤسسة فى يكاترينبورغ بروسيا فى حزيران 2009 حيث تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمى ثنائى القطبية. وعقدت أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول «بركس» فى يوليو عام 2008، وذلك فى جزيرة هوكايدو اليابانية، حيث اجتمعت آنذاك قمة «الثمانى الكبرى». وشارك فى قمة «بركس» رئيس روسيا فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية الصين الشعبية هو جين تاو ورئيس وزراء الهند مانموهان سينغ ورئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. واتفق رؤساء الدول على مواصلة التنسيق فى أكثر القضايا الاقتصادية العالمية آنية، بما فيها التعاون فى المجال المالى وحل المسألة الغذائية. انضمت دولة جنوب أفريقيا إلى المجموعة عام 2010، فأصبحت تسمى بريكس بدلًا من بريك سابقا. ونشأت بريكس فى الأساس لكسر فكرة القطب الأوحد ومجموعة السبع الصناعية الكبرى.
وتشكل دول البريكس 40% من مساحة العالم.
وفى تصريح لرئيس البرازيل دى سيلفا فى افتتاح القمة أمس الأول قال إن المجموعة تمثل 42% من الناتج المحلى العالمى، وفى تصريح للرئيس الروسى فلاديمير بوتين قال إن قرار التخلى عن الدولار لا رجعة فيه،
صحيح أن دول بريكس الخمس ليس لها عملة موحدة حتى الآن، ولكنها حسمت أمرها فى التعامل فيما بينها بالعملة المحلية لكل دولة تمهيدًا لتوجيه ضربة قاضية للدولار وأنشأت المجموعة بنكًا بديلًا للبنك الدولى يسمى بنك التنمية لا يتعامل بشروط البنك الدولى التى أفقرت العديد من الدول.
إذن ما هى مكاسب مصر وخسائرها من الانضمام لبريكس؟
مبدئيا ليست مصر وحدها التى تقدمت بطلب للانضمام لبريكس، ولكن هناك أكثر من عشرين دولة تنتظر الموافقة للانضمام فى القمة الحالية، على رأس هذه الدول مصر والسعودية والإمارات والجزائر، وهذه الأربع تمتلك كافة الحظوظ للانضمام خلال الساعات القادمة فى الجلسة الختامية التى تعقد غدا ٢٤ اغسطس.
ما يعنينا هنا هو انضمام مصر، وكل المؤشرات تقول إنها الأكثر حظا على اعتبار أنها بوابة أفريقيا التى تهتم بها دول بريكس.
خسارة مصر الوحيدة تتمثل فى خسارة الولايات المتحدة الأمريكية، وهى خسارة هينة بالمقارنة بالمكاسب التى سوف تتحقق وأهمها انتهاء أزمة الدولار وارتفاعه للأبد، فبعد الانضمام سيكون من حق مصر استيراد أى شيء من دول بريكس بالجنيه المصرى، ولا ننسى أن من ضمن دول بريكس روسيا أكبر مصدر للحبوب والغذاء فى العالم، ومن ضمنها الصين أكبر مصدر للتكنولوجيا فى العالم.
بجانب ذلك الفوائد الاقتصادية والاستثمارات وتوطين التكنولوجيا الصينية والروسية خاصة فى المنطقة الاقتصادية بقناة السويس. هذا غيض من فيض من المكاسب الكبيرة التى تنتظر مصر من الانضمام إلى ذلك العملاق الاقتصادى الجديد والنظام العالمى الذى يتم رسمه وتدشينه فى هذه اللحظات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بريكس مفعول السحر الموافقة مصر مجموعة بريكس دول بریکس
إقرأ أيضاً:
المقاطعة الاقتصادية.. سلاح الشعوب في وجه الطغيان
ماجد حميد الكحلاني
من اليمن إلى غزة… موقف الكرامة لا يُساوَم عليه ففي زمن تتكالب فيه قوى الاستكبار على الشعوب الحرة، لا يمكننا أن نقف صامتين أمام مشهد العدوان المتكرر على اليمن، الذي لم يرتكب ذنباً سوى أنه أعلن وقوفه مع غزة ومع قضايا أمته بوضوح لا لبس فيه. لقد واجهت بلادنا، في الأيام القليلة الماضية، عدواناً أمريكياً غادراً، راح ضحيته أبرياء من الأطفال والنساء، والسبب أن اليمن لم يخضع، ولم يسكت، بل صرخ في وجه الظلم: “أنا مع فلسطين”.
لكن الموقف الرسمي هذه المرة لم يكن صمتاً ولا إدانةً عابرة، بل كان قراراً جريئاً وموقفاً عملياً. ففي زيارة استثنائية لوزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار، أعلن فخامة المشير الركن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى-يحفظه الله- عن منع دخول المنتجات الأمريكية والإسرائيلية إلى اليمن، ومنح مهلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر لتطبيق القرار بشكل كامل.. مؤكداً أن المقاطعة ليست خياراً عاطفياً، بل واجب شرعي، يستند إلى نصوص صريحة من القرآن الكريم.
لقد استشهد فخامة الرئيس بالآية الكريمة: “لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا”، وهي دعوة قرآنية لمقاطعة كلمة واحدة كان يستخدمها اليهود لما تحمله من نية سخرية وخبث. فإن كان الإسلام قد أمر بمقاطعة كلمة لما فيها من إهانة، فكيف لا يُلزمنا بمقاطعة منتجات تُستخدم في تمويل الحروب، وشراء الصواريخ، وصناعة الأسلحة التي تزهق أرواح المسلمين في اليمن وفلسطين على حدّ سواء؟
المعركة اليوم لم تعد محصورة في ميادين القتال، بل امتدت إلى ساحة الاقتصاد. ففي كل مرة نشتري فيها منتجاً أمريكياً أو صهيونياً، فإننا نساهم دون أن نشعر في تقوية آلة القتل التي تستهدف شعوبنا. في المقابل، فإن قرار المقاطعة ليس فقط امتناعاً عن الشراء، بل هو موقف أخلاقي، وثورة هادئة، وسلاح بأيدي الشعوب حين تُمنع عنها البنادق.
إن ما يميز هذا القرار اليمني أنه لم يصدر استجابة للغضب الشعبي فقط، بل جاء منسجماً مع هوية الشعب ومبادئه الدينية والإنسانية. هو تأكيد أن الكرامة الوطنية لا يمكن أن تباع أو تُساوَم مقابل رفاهية مزيفة توفرها بضائع العدو. وهو أيضاً تذكير لكل من يتهاون في أمر المقاطعة أن الموقف لم يعد يحتمل التردد، وأن القادم سيكون أشد على من لا يلتزم بهذا الواجب.
إن منح مهلة لثلاثة أشهر هو اختبار للوعي العام، ولضمير كل تاجر ومواطن. فمن يصرّ على الاستيراد أو البيع أو الشراء بعد ذلك، فإنه يصطف بشكل واضح في الصف المقابل للأمة، صف المجرمين والغزاة. وهذا ما أشار إليه فخامة الرئيس بوضوح حين قال: “من لا يقاطع، فليقاطَع من الناس، وقد تُتخذ بحقه إجراءات صارمة.”
اليوم، تُكتب صفحة جديدة من صفحات العزة في تاريخ اليمن. هذه المقاطعة ليست مجرد رد فعل عاطفي، بل معركة وعي وشرف، وأداة مقاومة حضارية. إنها الرسالة التي تقول للعدو: لسنا بحاجة إلى منتجاتكم… كرامتنا أغلى.
ليعلم الجميع ان المقاطعة ليست شعاراً، ولا صيحة لحظية. إنها اختبار حقيقي للإيمان والولاء، امتحانٌ لمدى ارتباطنا بديننا، بقرآننا، بقضايانا. فإما أن نقف في صف الشهداء، أو نكون ممن يموّل قتلتهم.
“إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم” [الممتحنة: 9]
وها هم قد قاتلونا، وأخرجوا أهلنا من فلسطين، وتآمروا على اليمن.
فهل نبقى متفرجين؟ أم نردّ بالوعي… وبالمقاطعة؟