قال الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن التَّصوفُ في مصر هو تصوف العلْمِ والعَمَل، تصوُّفُ السالكين على نهْجِ الكتابِ والسُّنَّةِ، تصوف القلوب العامرة بالمحبة والإخلاص، البعيدة عن الغُلوّ والتطرف. 

وأضاف فى بيان له، أن في مصر اجتمع الفقهُ والتزكية، فتربَّى الناسُ على معاني الرحمة والسكينة، ولم يكن التصوف فيها انغلاقًا، بل كان بابًا لفهم الدين بعمق، ونشر الخير بين العباد.

 

اللهم اجعل قلوبَنا معمورةً بحبك، وأرواحَنا متَّصلةً بك، وبارك في علماء الأزهر ودعاته الصادقين.

فى سياق اخر، قال  إن من بين الأسئلة المحورية التي ينشغل بها الباحثون عن الحقيقة سؤال: ما هي مصادر المعرفة؟.

وأوضح فضيلته، خلال حديثه الرمضاني على قناتَي DMC والناس الفضائيتين، أن هذا السؤال يُطرح رغبةً في الكشف عن السُّبل الصحيحة التي يتوصل بها الإنسان إلى المعارف المتعلقة بدينه ودنياه، موضحًا أن مصادر المعرفة في التصور الإسلامي تقوم على ثلاثة عناصر أساسية، هي: الأخبار الصادقة المتمثلة في الوحي، والعقل السليم، والتجربة أو الحوادث الظاهرة.

وأضاف فضيلته أن بعض أهل السلوك والعرفان يشيرون إلى مصدر رابع يتمثل في الذوق، أو الكشف، أو الإلهام، أو الإشراق، أو العرفان، وهو مصدر يُستأنس به في مجال التزكية والتربية الروحية، لا في بناء الأحكام الشرعية.

وأكد فضيلته أن الأخبار الصادقة تشمل القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، حيث يقف المتأمل فيهما على كنوز عظيمة من المعرفة، تتصل بالخالق والمخلوق والعلاقات بينهما، واستشهد بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2]، وقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59]، وقوله سبحانه: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
كما استشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، و«خذوا عني مناسككم» مبينًا أن السنة النبوية شارحة ومبينة للقرآن، ومفسرة لأحكامه.

وأوضح مفتي الجمهورية أن الوحي مصدر شامل للمعرفة، لا يقتصر على الأمور التعبدية فقط، بل يشمل تنظيم المجتمع، وضبط الأخلاق، وتأسيس القيم، ووضع التشريعات التي تنظم حياة الإنسان.

وفي حديثه عن العقل، أشار إلى أنه من أعظم النعم الإلهية، ودعا إلى التأمل في النفس والكون، مستشهدًا بقوله تعالى:
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53]، وقوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، وقوله سبحانه: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا...} [الروم: 42]، كما لفت إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تفكروا في آلاء الله»، مبينًا أن التفكر لا يكون إلا بالعقل.

ونوَّه فضيلته بأهمية التفرقة بين ما يمكن للعقل إدراكه بالتوافق مع النصوص، وبين ما يتوقف عند حدود السمع والنقل، كالغيبيات التي لا سبيل لمعرفتها إلا من خلال الوحي.

أما فيما يخص التجربة، فأوضح أنها وسيلة معرفية مهمة، خصوصًا في مجالات العلوم التطبيقية، وتُعد مكملة للوحي والعقل في إدراك الواقع وفهم قوانينه.

وفي حديثه عن الكشف والذوق والإلهام، أشار مفتي الجمهورية إلى أنها من المقامات الروحية التي تخص أهل التزكية والسلوك، ولا يُبنى عليها حكم شرعي، بل يُستأنس بها ما دامت لا تُخالف النصوص الشرعية.

وختم فضيلته حديثَه بالإشارة إلى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال: «قد كان في الأمم محدثون، فإن يكُ في أمتي أحد فعمر»، مشيرًا إلى قصة "يا سارية الجبل"، على أنها من الكرامات التي يُستأنس بها، ولا يُحتج بها تشريعيًّا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التصوف مفتي الجمهورية ما هو التصوف مفهوم التصوف المزيد مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: القرآن نهى عن التنازع والتفرق لأنه يضعف الوطن

قال الدكتور عبد الفتاح العواري، من علماء الأزهر الشريف، إن القرآن الكريم نهى عن التنازع الذي يؤدي إلى الاختلاف والتفرقة وبالتالي يضعف بسبب ذلك الوطن ويفقد تماسكه.

خطيب الجامع الأزهر: حب الوطن غريزة والنبي كان يحب بلده.. فيديووكيل الأزهر والمفتي يتقدمان تشييع جنـازة والد رئيس جامعة الأزهر بكفر الشيخ | شاهد

وأضاف العواري، في خطبة الجمعة اليوم، من الجامع الأزهر، أن الله تعالى قال في كتابه العزيز (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أي تذهب قوتكم وجماعتكم وتذهب دولتكم بسبب التنازع والتفرقة والفشل.

وأشار إلى أن العدو يحرص على إثارة النزاعات والخلافات ليتفتت الوطن ويصبح أمام العدو ضعيف، والقرآن يأمرنا أمرا أكيدا بالاعتصام في قوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).

وأكد أن الاعتصام بحبل الله وكلمة الله، وبالأمانة لقيادة الوطن إلى بر الأمان بكتاب الله وسنة رسول الله.

وأشار إلى أنه على أمة الإسلام أن تنهض وتستعين بالله وتعتصم بالله تعالى خاصة ونحن في وقت تتآلب علينا قوى الشر من كل حدب وصوب، كشروا عن أنيابهم ولا يبالون بقيمنا ولا أخلاقنا ولا ديننا ولا شرعنا، وعلينا أن نفيق من الغفلة ونعد العدة لمواجهة العدو.

مقالات مشابهة

  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة مكة المكرمة
  • الداخلية: تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بجانٍ في منطقة مكة
  • كان الله في عون الوالدين
  • علي جمعة: التمكين الدنيوي للظالمين لا يعني رضا الله عنهم فلا تيأس وثق فى الله
  • ضرب هدفين عسكريين في يافا المحتلة بطائرتين نوع (يافا)
  • خطيب المسجد الحرام: الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان وعقد بالجنان
  • خطيب الجامع الأزهر: القرآن نهى عن التنازع والتفرق لأنه يضعف الوطن
  • مفتي الجمهورية: هناك محاولات ممنهجة لطمس الهوية الوطنية تستوجب وقفةً واعية
  • مفتي الجمهورية: نواجه تحديات فكرية وثقافية تسعى لهدم القيم وتفكيك الأسرة
  • مفتي الجمهورية: نعيش حالة من الترويج المنظم للباطل تحت مسميات براقة