استجوابات المسؤولين والوزراء .. بين ألف ليلة وليلة وعلامات الاستفهام الثلاث - عاجل
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
وصفت النائب سوزان منصور، اليوم الخميس (13 آذار 2025)، توقيت استجوابات الوزراء في العراق بأنه يسير وفق مبدأ “ألف ليلة وليلة”، مؤكدة أن هذه الآلية تثير علامات استفهام عديدة، فيما دعت رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى التدخل لكسر الجمود الحاصل.
وقالت منصور في حديث لـ”بغداد اليوم” إن: “الاستجواب يمثل أحد أهم أدوات الرقابة البرلمانية، ويهدف إلى كشف الحقائق أمام الرأي العام وضمان الشفافية في عمل المؤسسات الحكومية”.
وأشارت إلى أنها “خاضت مسارا معقدا منذ ثلاث سنوات لاستجواب رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، ورغم استيفاء جميع الإجراءات ومرور الملف عبر عدة لجان، فإنه لا يزال معلقا منذ ثلاثة أشهر في انتظار توقيع النائب الأول والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب”.
وأضافت منصور أن “التأخير الممنهج للاستجوابات يثير الشكوك، خاصة مع تزايد الاتهامات بالابتزاز كلما تم فتح ملف رقابي”، معتبرة أن “هذه الاتهامات تهدف إلى شل دور البرلمان وتضليل الرأي العام”.
كما دعت رئيس الوزراء إلى “التدخل القانوني ضد محاولات عرقلة الاستجوابات وعدم السماح بالتلاعب بهذه الأداة الدستورية”، متسائلة: “إذا كانت أوراق الشركات والمقاولين سليمة، فلماذا يخضعون للابتزاز كما يُزعم؟”.
وأوضحت أن “النواب يسعون لأداء دورهم الرقابي وفق القانون، لكن الاستجوابات أصبحت تخضع لمعادلة أضعف الإيمان والتمني، في ظل وجود فيتو غير معلن يمنع مساءلة بعض الوزراء والمديرين”، مطالبة بـ”الوضوح في هذا الملف حتى لا يُهدر جهد النواب لسنوات في انتظار قرارات قد لا تأتي”.
وأكدت منصور أنها ماضية في استجواب رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار رغم العراقيل، مستندة إلى الملفات التي جمعتها خلال السنوات الثلاث الماضية.
ويُعد الاستجواب البرلماني أحد أهم الأدوات الدستورية التي تمتلكها السلطة التشريعية لمساءلة الحكومة وكشف مواطن الخلل في أداء الوزارات والمؤسسات الرسمية. ومع ذلك، يواجه هذا الإجراء في العراق تحديات كبيرة تتراوح بين العرقلة السياسية والتدخلات الخارجية، مما يفرغه من محتواه الرقابي.
التأخير والتعقيدات البيروقراطية
منذ سنوات، باتت استجوابات الوزراء والمسؤولين الكبار تمر بمسار طويل مليء بالتعقيدات، إذ تُحال الطلبات إلى عدة لجان، وتُراجع من قبل هيئة رئاسة البرلمان، قبل أن يُسمح بإدراجها على جدول الأعمال. هذا المسار غالبا ما يتوقف عند نقطة انتظار موافقات رسمية قد تستغرق شهورا أو حتى سنوات، مما يعطل الدور الرقابي للبرلمان.
اتهامات بالابتزاز وتصفية الحسابات
أصبحت استجوابات بعض المسؤولين في العراق محل جدل، حيث يُتهم بعض النواب باستخدامها كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية أو شخصية، بينما يرى آخرون أن هذه الادعاءات مجرد وسيلة لتعطيل الدور الرقابي للبرلمان وحماية شخصيات نافذة من المساءلة. هذه الاتهامات المتبادلة، وفقا لمراقبين، تضعف ثقة الشارع العراقي في جدية الاستجوابات ومدى استقلاليتها.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
شوارع بغداد تغرق.. سنوات من الوعود لا حساب ولا نتيجة تُذكر - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
في ظل موجة انتقادات واسعة من قبل المواطنين والإعلام، أعلن مجلس محافظة بغداد عن بدء تقييم شامل لأداء المسؤولين المحليين، وخاصة أولئك العاملين في قطاع البلدية، وذلك بعد الأزمة الكبيرة التي خلّفتها موجة الأمطار الغزيرة التي ضربت العاصمة العراقية الأسبوع الماضي.
هذه الأزمة أدت إلى غرق أجزاء كبيرة من شوارع بغداد، مما كشف عن إخفاقات كبيرة في إدارة البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على قضية الفساد المزمن الذي يعاني منه القطاع.
تفاصيل الأزمة: الأمطار تكشف هشاشة البنية التحتية
شهدت بغداد خلال الأيام الماضية هطول أمطار غزيرة وغير متوقعة، تسببت في فيضانات مفاجئة في العديد من المناطق الحيوية بالعاصمة. ومن بين المناطق الأكثر تضررًا كانت المناطق والتقاطعات الرئيسية في الكرخ والرصافة، حيث تحولت الشوارع إلى أنهار صغيرة، مما أدى إلى تعطيل حركة المرور بشكل كامل. كما تأثرت مناطق سكنية عديدة بغمر المياه، مما تسبب في أضرار مادية للمنازل والممتلكات.
وقد أظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حجم الكارثة، حيث ظهرت السيارات وهي تغوص في المياه، والمواطنون وهم يحاولون عبور الشوارع الغارقة. كما تعرضت بعض المناطق إلى انقطاع في التيار الكهربائي وخدمات المياه، مما زاد من معاناة السكان.
تصريحات المسؤولين: مجلس بغداد يعلن عن تقييم شامل
في رد فعل سريع على هذه الأزمة، صرّح نجم عبد، عضو مجلس محافظة بغداد، لـ"بغداد اليوم" بأن "موجة الأمطار الأخيرة كشفت عن وجود خلل كبير في أداء الجهات البلدية المسؤولة عن إدارة البنية التحتية للعاصمة". وأضاف عبد أن "غرق أغلب شوارع بغداد يُعد دليلاً واضحًا على الإخفاق في تنفيذ المهام الموكلة إلى هذه الجهات، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة".
وأوضح عبد أن مجلس محافظة بغداد بدأ عملية تقييم شاملة لأداء المسؤولين المحليين، وخاصة أولئك العاملين في قطاع البلدية، بهدف تحديد أوجه القصور واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. كما دعا رئيس الوزراء إلى التدخل واتخاذ القرارات اللازمة التي تدخل ضمن صلاحياته، خاصة فيما يتعلق بأمانة بغداد ومسؤوليتها عن إدارة الأزمة.
ردود الفعل الشعبية: غضب عارم على وسائل التواصل الاجتماعي
تصاعدت الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر المواطنون عن غضبهم من تكرار مثل هذه الأزمات دون وجود حلول جذرية. وانتشرت هاشتاغات مثل #بغداد_تغرق و#بلدية_بغداد_تتقاعس، حيث طالب المواطنون بمحاسبة المسؤولين عن التقصير في أداء مهامهم.
كما أشار العديد من النشطاء إلى أن هذه الأزمة ليست جديدة، بل تتكرر كل عام مع موسم الأمطار، مما يدل على عدم وجود استراتيجية واضحة لمعالجة مشاكل البنية التحتية في العاصمة. وطالبوا بضرورة تحسين شبكات الصرف الصحي وتنظيف الشوارع بشكل دوري لتجنب تكرار هذه الكوارث.
خلفية الأزمة: الفساد والإهمال المزمن
تُعد مشكلة غرق الشوارع في بغداد أثناء مواسم الأمطار من المشكلات المتكررة التي تواجهها المدينة منذ سنوات. ويعزو الخبراء هذه المشكلة إلى عدة عوامل، منها:
1. سوء تصميم شبكات الصرف الصحي: تعاني بغداد من شبكات صرف صحي قديمة وغير قادرة على استيعاب كميات المياه الكبيرة التي تتساقط خلال مواسم الأمطار الغزيرة.
2. تراكم النفايات: يؤدي تراكم النفايات في الشوارع إلى سدّ فتحات الصرف الصحي، مما يمنع تصريف المياه بشكل صحيح.
3. عدم وجود صيانة دورية: تفتقر البنية التحتية في بغداد إلى الصيانة الدورية، مما يجعلها غير قادرة على مواجهة التحديات الجوية المفاجئة.
4. الفساد المالي والإداري: يشير مراقبون إلى أن الفساد المستشري في قطاع البلدية والجهات المسؤولة عن البنية التحتية هو أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه الأزمات المتكررة. حيث يتم تحويل الأموال المخصصة لصيانة وتطوير البنية التحتية إلى مشاريع وهمية أو يتم إهدارها بشكل غير قانوني.
السياسيون يتهمون بعضهم: اتهامات متبادلة دون محاسبة
في ظل هذه الأزمة، برزت ظاهرة اتهامات متبادلة بين السياسيين دون وجود إجراءات حقيقية لمحاسبة المتورطين. فقد وجه بعض أعضاء البرلمان اتهامات لمسؤولين في أمانة بغداد بتقاعسهم عن أداء مهامهم، بينما ردّ آخرون بالقول إن المشكلة تكمن في نقص التمويل والإمكانيات.
وقال عضو مجلس النواب علي الربيعي في تصريح صحفي: "الفساد هو السبب الرئيسي وراء هذه الأزمة، ولكن للأسف لا نرى أي إجراءات جادة لمحاسبة الفاسدين". وأضاف أن "السياسيين يتهمون بعضهم البعض، ولكن في النهاية لا يتم إدانة أحد، مما يجعل المواطن هو الضحية الوحيدة".
مستقبل الإجراءات: خطط عاجلة ومراجعة شاملة
من المتوقع أن يعلن مجلس محافظة بغداد عن نتائج التقييم في الأيام القليلة المقبلة، مع احتمال اتخاذ إجراءات تأديبية ضد المسؤولين الذين ثبت تقصيرهم في أداء مهامهم. كما يُتوقع أن تقدم الحكومة المحلية خطة عاجلة لتحسين البنية التحتية، تشمل:
- تحديث شبكات الصرف الصحي: من خلال إنشاء شبكات جديدة قادرة على استيعاب كميات المياه الكبيرة.
- تنظيف الشوارع بشكل دوري: لتجنب تراكم النفايات التي تسدّ فتحات الصرف.
- تعزيز الاستعدادات لمواسم الأمطار: من خلال توفير مضخات مياه إضافية وفرق عمل جاهزة للتدخل السريع في حالات الطوارئ.
- محاربة الفساد: من خلال تشكيل لجان تحقيق مستقلة لمراجعة العقود والمشاريع المالية المتعلقة بقطاع البلدية.
أزمة تكشف عن تحديات أكبر
تُسلط هذه الأزمة الضوء مرة أخرى على التحديات الكبيرة التي تواجهها بغداد في مجال إدارة البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية. وعلى الرغم من أن موجة الأمطار كانت السبب المباشر في غرق الشوارع، إلا أن الجذور الحقيقية للأزمة تكمن في الإهمال المزمن لصيانة البنية التحتية وعدم وجود استراتيجية واضحة لمواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية.
يُنتظر أن تكون هذه الأزمة نقطة تحول في إدارة العاصمة، حيث يتعين على المسؤولين اتخاذ إجراءات جذرية لتحسين الخدمات وتجنب تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل. وفي الوقت نفسه، يبقى المواطنون في انتظار رؤية نتائج ملموسة على الأرض، بعيدًا عن التصريحات والوعود التي اعتادوا سماعها كل عام.